
سعدي الحديثي يغرد فـي شارع المتنبي
تصوير/ محمود رؤوف
احتفى بيت المدى في شارع المتنبي برمز جديد من رموز الثقافة والفن في العراق. وهو الباحث في التراث والفولكلورالبدوي الدكتور سعدي الحديثي. بحضور جمهور كبير غصت بهم مقاعد القاعة، اضافة الى الجمهور الذي ظل واقفا على قدميه طوال الجلسة. قدم للجلسة سامر المشعل وشارك فيها بعض الباحثين والمثقفين.
الحديثي هو حارس الذاكرة أكثر من كونه باحثا وهو باحث أكاديمي رصين أكثر من كونه مؤديا مفعما بأنغام تكاد تكون هاربة. يمكننا أن نقلب التسلسل، فيكون سعدي الحديثي مطربا من طراز فريد أهّله بحثه الأكاديمي ليكون حارسا للذاكرة، منفيا في متاهته. مقدم الجلسة قال:- بالرغم من ان الغناء البدوي غير مغر لكن الشخصية التراثية د.سعد الحديثي فرغ نفسه تماما للبحث في هذا المجال واعداد دراسات وافية عن الغناء البدوي والوانه المتعددة. وقد لاقى صعوبة في بحوثه لان هناك الكثير من تراثنا ضاع او فقد بسبب عدم وجود تسجيلات في الثلاثينيات ومابعدها، وكانت الحفلات والاغاني تبث من الاذاعة مباشرة على الهواء دون تسجيل مما تسبب بضياع ذلك التراث. والشيء الحضاري والتوثيقي الذي يحسب للدكتور الحديثي هو نجاحه في توثيق الالوان الغنائية لمدينته بالغناء والكتب وقد اصدر الكثير من الكتب عنها، اضافة الى توثيق هذا الغناء بالصوت والصورة عبر التسجيلات الغنائية وكذلك المحاضرات العلمية التي القاها في الكثير من المحافل وكان يحافظ جدا على تراث الاغنية البدوية، ولم يشوهها بتقنيات الحداثة من الاحهزة الموسيقية الحديثة، وبقي يغني مع الناي والمطبج والدمام.
اما المحتفى به الدكتور سعد الحديثي فقال:- منذ طفولتي وعيت على ماكنت اسمعه في الحفلات والتجمعات ومايغنى فيها من الدحى والعرضات وغيرها. وكذلك الجوبي الذي كانت تختص به القبائل المستقرة وليس البدو الرحل. وقد تعلمت الغناء كاداء منذ صغري بلا موسيقى بل اعتمادا على جماليات الصوت والاداء. فكنت حين اسبح مثلا ابدأ بالغناء بصوت عال وماهي الا فترة قليلة حتى ارى الشباب قد تجمعوا يسمعون ويرددون ما اقوله من اغاني. لكن سرعان مايظهر احد الاقارب او ابي فيشتمني على ذلك وسط ضحك الاخرين. واضاف: انني اعترض على الكثير ممن يؤدي الاغاني البدوية اليوم، لان طريقتهم غير صحيحة، بضمنهم المطرب سعدون جابر الذي غنى جماي مالي جماي، بطريقة مغايرة للاغنية الحقيقية التي تعتمد الرصانة في الاداء. ثم ادى الحديثي الاغنية بلونها الصحيح الذي يختلف عن الاخرين. واضاف ان من الموسيقيين الذين كنت استريح لهم هو عازف الطبلة سامي عبد الاحد الذي كان يفهم مغزى الغناء البدوي ويطبق اصوله بالطريقة الصحيحة. وشدد على ان ما يقدم من غناء بدوي باصوات الشباب وحتى المحترفين لا يمت بصلة للغناء البدوي الاصيل.
وعن علاقته الثنائية مع الشاعر الكبير مظفر النواب قال الحديثي:- تعرفت على النواب في مدرسة بالكاظمية، هو يدرس العربية وانا ادرس الانكليزية والرسم. وجاءنا النواب من النشاط الفني. واول يوم دوام سألني النواب عن المرسم فاخذته اليه لاني كنت مدرسا للرسم ايضا. فتعارفنا واخذته الى بيتي وتناولنا الغذاء واصبحنا صديقين من ذلك الوقت. وحين كنت اغني امامه اعجب بي كثيرا . وكنا نجتمع انا وهو وبلند الحيدري وجبرا ابراهيم لمرات عديدة في الاسبوع، وكانوا يسمعوني بلهفة وامعان. وكان النواب معجبا بالقطار وصوته حين يأتي الى المحطة، وقد وظف ذلك كثيرا في شعره. في السجن ايضا التقينا انا بتهمة تأسيس منظمة غير مجازة من الحكومة وحكمت 17 شهرا وهو بتهمة سياسية. واستمرت العلاقة بيننا وكنا نشكل لجانا ثقافية وسياسية في السجن لغرض التثقيف واصدرنا جريدة كنا نكتبها بخط اليد وننسخها لعدة نسخ. كما تناول الحديثي كيف جمع الاوربيون تراثهم من خلال شخصين فقط وحفظوه عبر التدوين، لكن اصول وجذور كل ماجمعوه كان للعرب سمة السبق فيها بمئات السنين.. وكان الحديثي يغني بصوته الجميل وراء كل معلومة عن الغناء البدوي مما خلق مناخا جميلا استحسنه الجمهور. واشار الحديثي الى: ان مايقدم من غناء بدوي عبر الاذاعة او التلفزيون خلق تشويهات كثيرة وبعيدا عن اللون الاصلي لهذا التراث لكن بحكم ترديده في الاذاعة خلق حالة تشويه لدى المستمعين - وردد قائلا بصوته المغرد:-
كوم درجني وامش كدامي ...... لا تخاف من هلي ولا عمامي
وقال ايضا انا بصدد جمع الكثير من الذكريات الطريفة غير السياسية مع الشاعر مظفر النواب واصدارها بكتاب خاص.




تصوير/ محمود رؤوف
احتفى بيت المدى في شارع المتنبي برمز جديد من رموز الثقافة والفن في العراق. وهو الباحث في التراث والفولكلورالبدوي الدكتور سعدي الحديثي. بحضور جمهور كبير غصت بهم مقاعد القاعة، اضافة الى الجمهور الذي ظل واقفا على قدميه طوال الجلسة. قدم للجلسة سامر المشعل وشارك فيها بعض الباحثين والمثقفين.
الحديثي هو حارس الذاكرة أكثر من كونه باحثا وهو باحث أكاديمي رصين أكثر من كونه مؤديا مفعما بأنغام تكاد تكون هاربة. يمكننا أن نقلب التسلسل، فيكون سعدي الحديثي مطربا من طراز فريد أهّله بحثه الأكاديمي ليكون حارسا للذاكرة، منفيا في متاهته. مقدم الجلسة قال:- بالرغم من ان الغناء البدوي غير مغر لكن الشخصية التراثية د.سعد الحديثي فرغ نفسه تماما للبحث في هذا المجال واعداد دراسات وافية عن الغناء البدوي والوانه المتعددة. وقد لاقى صعوبة في بحوثه لان هناك الكثير من تراثنا ضاع او فقد بسبب عدم وجود تسجيلات في الثلاثينيات ومابعدها، وكانت الحفلات والاغاني تبث من الاذاعة مباشرة على الهواء دون تسجيل مما تسبب بضياع ذلك التراث. والشيء الحضاري والتوثيقي الذي يحسب للدكتور الحديثي هو نجاحه في توثيق الالوان الغنائية لمدينته بالغناء والكتب وقد اصدر الكثير من الكتب عنها، اضافة الى توثيق هذا الغناء بالصوت والصورة عبر التسجيلات الغنائية وكذلك المحاضرات العلمية التي القاها في الكثير من المحافل وكان يحافظ جدا على تراث الاغنية البدوية، ولم يشوهها بتقنيات الحداثة من الاحهزة الموسيقية الحديثة، وبقي يغني مع الناي والمطبج والدمام.
اما المحتفى به الدكتور سعد الحديثي فقال:- منذ طفولتي وعيت على ماكنت اسمعه في الحفلات والتجمعات ومايغنى فيها من الدحى والعرضات وغيرها. وكذلك الجوبي الذي كانت تختص به القبائل المستقرة وليس البدو الرحل. وقد تعلمت الغناء كاداء منذ صغري بلا موسيقى بل اعتمادا على جماليات الصوت والاداء. فكنت حين اسبح مثلا ابدأ بالغناء بصوت عال وماهي الا فترة قليلة حتى ارى الشباب قد تجمعوا يسمعون ويرددون ما اقوله من اغاني. لكن سرعان مايظهر احد الاقارب او ابي فيشتمني على ذلك وسط ضحك الاخرين. واضاف: انني اعترض على الكثير ممن يؤدي الاغاني البدوية اليوم، لان طريقتهم غير صحيحة، بضمنهم المطرب سعدون جابر الذي غنى جماي مالي جماي، بطريقة مغايرة للاغنية الحقيقية التي تعتمد الرصانة في الاداء. ثم ادى الحديثي الاغنية بلونها الصحيح الذي يختلف عن الاخرين. واضاف ان من الموسيقيين الذين كنت استريح لهم هو عازف الطبلة سامي عبد الاحد الذي كان يفهم مغزى الغناء البدوي ويطبق اصوله بالطريقة الصحيحة. وشدد على ان ما يقدم من غناء بدوي باصوات الشباب وحتى المحترفين لا يمت بصلة للغناء البدوي الاصيل.
وعن علاقته الثنائية مع الشاعر الكبير مظفر النواب قال الحديثي:- تعرفت على النواب في مدرسة بالكاظمية، هو يدرس العربية وانا ادرس الانكليزية والرسم. وجاءنا النواب من النشاط الفني. واول يوم دوام سألني النواب عن المرسم فاخذته اليه لاني كنت مدرسا للرسم ايضا. فتعارفنا واخذته الى بيتي وتناولنا الغذاء واصبحنا صديقين من ذلك الوقت. وحين كنت اغني امامه اعجب بي كثيرا . وكنا نجتمع انا وهو وبلند الحيدري وجبرا ابراهيم لمرات عديدة في الاسبوع، وكانوا يسمعوني بلهفة وامعان. وكان النواب معجبا بالقطار وصوته حين يأتي الى المحطة، وقد وظف ذلك كثيرا في شعره. في السجن ايضا التقينا انا بتهمة تأسيس منظمة غير مجازة من الحكومة وحكمت 17 شهرا وهو بتهمة سياسية. واستمرت العلاقة بيننا وكنا نشكل لجانا ثقافية وسياسية في السجن لغرض التثقيف واصدرنا جريدة كنا نكتبها بخط اليد وننسخها لعدة نسخ. كما تناول الحديثي كيف جمع الاوربيون تراثهم من خلال شخصين فقط وحفظوه عبر التدوين، لكن اصول وجذور كل ماجمعوه كان للعرب سمة السبق فيها بمئات السنين.. وكان الحديثي يغني بصوته الجميل وراء كل معلومة عن الغناء البدوي مما خلق مناخا جميلا استحسنه الجمهور. واشار الحديثي الى: ان مايقدم من غناء بدوي عبر الاذاعة او التلفزيون خلق تشويهات كثيرة وبعيدا عن اللون الاصلي لهذا التراث لكن بحكم ترديده في الاذاعة خلق حالة تشويه لدى المستمعين - وردد قائلا بصوته المغرد:-
كوم درجني وامش كدامي ...... لا تخاف من هلي ولا عمامي
وقال ايضا انا بصدد جمع الكثير من الذكريات الطريفة غير السياسية مع الشاعر مظفر النواب واصدارها بكتاب خاص.





