الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الشق الاقتصادي من املاءات ترامب بقلم:د. محمد أبوكوش

تاريخ النشر : 2020-02-29
الشق الاقتصادي من املاءات ترامب
د. محمد أبوكوش

سفير فلسطين السابق لدى الأمم المتحدة في جنيف

في 28 يناير 2020 أعلن الرئيس الأمريكي " صفقة القرن " التي تتكون وثيقتها من شق سياسي ركز عليه في اعلانه، وشق اقتصادي سبق وأن قام مستشاره الصهيوني المعادي للشعب الفلسطيني وحقوقه، جاريد كوشنر، بعرض تفاصيلها في ورشة البحرين الفاشلة التي عقدت يومي 25 و26 يونيو 2019. وكان واضحا أن الاعلان عن الشق الاقتصادي أولا هو الترغيب أو التحفيز المالي لقبول الشق السياسي الذي يهدف لشرعنة وتجذير السيطرة الاسرائيلية خاصة على الضفة الغربية والقدس،  تمهيدا للمخطط  الصهيوني الرامي لأن تكون الدولة اليهودية قائمة على كامل فلسطين التاريخية ، أرضا وبحرا وجوا . لذا فان الشق الاقتصادي هو تسويق بل طعم لسم الشق السياسي الرامي لتصفية القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني . الأرض الفلسطينية محتلة بالقوة ، وقوة الاحتلال ، اسرائيل ، مسيطرة عليها ، لكن غير وارد لدى الشعب الفلسطيني أن يوافق على اضفاء الشرعية على الاحتلال وتوسعه مهما بلغت الوعود المالية ، فالأوطان ليست للبيع ، والتاريخ يؤكد أن امبراطوريات احتلالية توسعية قد زالت، واسرائيل ليست بالامبراطورية الرومانية أو البريطانية مثلا.

وثيقة الطعم الاقتصادي تنص على انشاء صندوق استثماري دولي يشرف على أكثر من 50 بليون دولار، من المنح والقروض الميسرة والاستثمارات، لتنفيذ مشاريع على مدى 10 سنوات، موزعة كالتالي:

27.5  بليون في الضفة وغزة (بمعدل 2.75   بليون سنويا كمبلغ اجمالي وليس صافي ) ،7.4  بليون في الأردن ، 9.1 بليون في مصر ، 6.3 بليون في لبنان ( المجموع 50.3 بليون). من الواضح أن المبالغ الموعودة للأردن ومصر ولبنان تهدف لتوطين لاجئي فلسطين فيها .

وتقدر الوثيقة ان تنفيذ المقترح الاقتصادي الوارد فيها قد يضاعف اجمالي الناتج المحلي الفلسطيني خلال عشر سنوات ( وهذا قد يتحقق)، ويوفر أكثر من مليون وظيفة جديدة (هذا رقم اعتباطي ، فعدد العاملين في فلسطين في 2018 هو 954 ألف عامل، أي حوالي مليون عامل ) ، ويخفض معدل البطالة الى أقل من 10 % ( نسبة البطالة في 2018  في الضفة 18% وفي غزة 52%) ومعدل الفقر بنسبة 50% ( نسبة الفقر في 2018 في الضفة 13.9%  وفي غزة 53%).

بعد توقيع اتفاق أوسلو في واشنطن في 13 سبتمبر 1993 كثرت الأبحاث الاقتصادية حول الوضع المستقبلي للاقتصاد الفلسطيني وقدمت للشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية حتى الآن منحا تفوق 30 بليون دولار منها أكثر من  5 بليون دولار مساعدات ثنائية من الولايات المتحدة عدا ما قدمته للأونروا ، ومنحا من الدول المتقدمة ،بما فيها الاتحاد الأوروبي، ومن الدول العربية والاسلامية وصناديقها . لكن ازدهار سنغافورة الموعود بعد اتفاق أوسلو لم يتحقق في الأرض الفلسطينية المحتلة، فالسلطة الفلسطينية مثقلة بالديون وموظف القطاع العام يحتفل بقدوم راتبه متأخرا ، وغالبية أفراد الشعب يعانون من مديونية القروض الميسرة ،التي فتح أبوابها سلام فياض، و التي غدت همهم الأكبر وليس هم الاحتلال والتحرر.

ولا تتضمن وثيقة كوشنر أي تعهدات أو تخصيصات مالية من أي طرف للمشاريع . ومشاريع الأرض الفلسطينية المحتلة ،بل مشاريع الدويلة المقترحة،  مرهون تنفيذها بموافقة قوة الاحتلال ، اسرائيل ، التي لم تلتزم حتى تاريخه بأي من الاتفاقيات التي وقعتها مع الجانب الفلسطيني بما فيها اتفاقية باريس الاقتصادية عام 1994 . ومن الصعب تصديق أن ادارة ترامب معنية بتوفير تمويل للاقتصاد الفلسطيني بعدما أوقفت المساعدات الأمريكية للسلطة الفلسطينية وللمؤسسات والمشاريع الفلسطينية، علاوة على حجبها التمويل للأونروا التي تقدم خدماتها للاجئين الفلسطينيين.

وتذكر وثيقة كوشنر تحت عنوان السياحة:

-          أن الخط الساحلي في غزة يمكن تطويره " إلى مدينة حضرية حديثة تطل على الشاطئ، مستوحاة من أمثلة مثل بيروت وهونج كونج ولشبونة وريو دي جانيرو وسنغافورة وتل أبيب. بنفس القدر فان المطبخ الفلسطيني التقليدي الواعد يختلف بين المناطق ويجذب الزوار. تفتخر كل مدينة فلسطينية بأطباقها ونكهاتها التجارية الخاصة بها، بدءًا من آيس كريم ركب في رام الله وحتى كنافة نابلس الشهيرة. توفر هذه المناطق السياحية للضفة الغربية وغزة معًا فرصًا غنية محتملة للسياحة."

هذا تسويق ساذج، فغزة لن تكون مثل المدن المذكورة في جذب السياح، وبالتأكيد لن يكون فيها ما يشبه كارنيفال ريو، كما أن السياحة في الضفة لا تقوم على الآيس كريم أو الكنافة، ولا حتى المنسف والمسخن! ومركز السياحة في فلسطين هي القدس المهداة لإسرائيل من قبل ترامب. 

وترتكز وثيقة كوشنر الاقتصادية على ثلاث مبادرات مبالغ فيها تتعلق بالاقتصاد والشعب والحكومة، وهذا يتضح من المقتطفات التالية من نصوصها:

"ستطلق المبادرة الأولى العنان للطاقات الاقتصادية للشعب الفلسطيني. من خلال تطوير حقوق الملكية والعقود، وسيادة القانون، وإجراءات مكافحة الفساد، وأسواق رأس المال، والهيكلية الضريبية الداعمة للنمو، وخطة منخفضة التعرفة مع انخفاض للقيود التجارية، تتوخى هذه المبادرة إصلاحات في السياسة إلى جانب الاستثمارات الاستراتيجية في البنية التحتية والتي ستعمل على تحسين بيئة الأعمال وتحفيز نمو القطاع الخاص. ستؤمّن المستشفيات والمدارس والمنازل والشركات وصولاً موثوقًا به إلى خدمات الكهرباء والمياه النظيفة والخدمات الرقمية."

"المبادرة الثانية ستمكّن الشعب الفلسطيني من تحقيق طموحاته. ستعزز هذه المبادرة من خلال خيارات التعليم الجديدة القائمة على النتائج في المنزل، ومنصات التعليم الموسعة عبر الإنترنت، وزيادة التدريب المهني والتقني، واحتمال التبادلات الدولية، وستوسع مجموعة متنوعة من البرامج التي ستحسن بشكل مباشر رفاهية الشعب الفلسطيني."

"ستعمل المبادرة الثالثة على تعزيز الحوكمة الفلسطينية، وتحسين قدرة القطاع العام على خدمة مواطنيه وتمكين نمو القطاع الخاص. ستدعم هذه المبادرة القطاع العام في إجراء التحسينات والإصلاحات اللازمة لتحقيق نجاح اقتصادي طويل الأجل. إن الالتزام بدعم حقوق الملكية، وتحسين الإطار القانوني والتنظيمي للشركات، واعتماد هيكلية ضريبية موجه نحو النمو، وقابلة للتنفيذ، وتطوير أسواق رأس مال قوي، سيزيد من الصادرات والاستثمار الأجنبي المباشر. سيضمن وجود الذراع القضائي العادل والمستقل حماية البيئة المؤيدة للنمو وازدهار المجتمع المدني. ستساعد الأنظمة والسياسات الجديدة في تعزيز شفافية الحكومة ومساءلتها."

من الواضح أن أهداف المبادرات المذكورة كثيرة ومبالغ فيها وليس من السهل تحقيق حتى أجزاء منها في غالبية الدول النامية المستقلة، ناهيك عن دويلة مقترحة مكونة من كنتونات غير متصلة في أجزاء من الضفة الغربية زائدا قطاع غزة الذي سيقيد بشروط جديدة وفترة اختبار، وتتحكم اسرائيل في بر وبحر وجو تلك الدويلة المنزوعة السيادة والسلاح.

الشق الاقتصادي من صفقة القرن المزعومة ليس بورقة اقتصادية علمية حتى يتم تحليل مكوناتها علميا ، بل وعود بأن  "فلسطين الصفقة" ستصبح مثل سنغافورة في ازدهارها في كل شئ . وهذا وعد سبق أن أطلق بشأن اتفاق أوسلو الذي لم تلتزم به اسرائيل بعد توقيعه بما في ذلك برتوكول باريس الاقتصادي . فاستمرت في بناء المستعمرات في الضفة الغربية وبنت جدار الفصل العنصري وفصلت القدس عن الضفة العربية وهدمت المنازل وصادرت الأراضي ووضعت الحواجز العسكرية والبوابات الحديدية على مداخل المدن والقرى الفلسطينية وهدمت المقاطعة في رام الله وسممت ياسر عرفات وقصفت أحمد ياسين وأبوعلي مصطفى وشنت الحروب على قطاع غزة المحاصر وجرفت مطاره ومنعت بناء ميناء فيه ، وتحكمت في معابره الاقتصادية.

ومن المعروف أن المساعدات الأجنبية وخاصة من الدول الصناعية المتقدمة مستمرة منذ سنين للعديد من الدول النامية المستقلة لكن وضعها الاقتصادي لم يتغير للأفضل. وبالاشارة الى وعدنا بازدهار سنغافورة، فان سنغافورة دولة المدينة التي لا يوجد فيها موارد طبيعية كانت تعاني من الفقر، لكنها بحكمة وصرامة ونزاهة قائدها لي كوان يو، الذي اعتمد على خيرة الكفاءات الوطنية ولم يتلقى مساعدات أجنبية، تحولت الى جزيرة مزدهرة يدرس نموذج تقدمها في الجامعات.

المكونات الاقتصادية المنتهكة للقانون الدولي ليست مذكورة في الشق الاقتصادي الترويجي بل متناثرة في مكونات الشق السياسي. ومن ضمنها تجريد "فلسطين الصفقة " من القدس ومن الاراضي المقامة عليها المستعمرات الاسرائيلية ومن الأراضي الواصلة ما بينها  ومن أرض الغور الفلسطيني ومن المياه الاقليمية ، وابقاء الحصار على قطاع غزة الى أن يصبح منزوعا من السلاح واخضاعة لفترة تجربة تمتد لخمس سنوات بغية نيل "الرضا الكامل" لاسرائيل قبل الموافقة على انشاء ميناء ومطار للطائرات الصغيرة فيه. وفترة التجربة هذه تذكر بفترة اعلان مبادئ أوسلو بانهاء المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية حول قضايا الوضع النهائي بعد خمس سنوات وانتهاء النزاع واحلال السلام .  فلم يتحقق شيء من هذا ، الى أن جاءت املاءات ترامب المتماهية مع ممارسات وسياسات اسرائيل في الأرض الفلسطينية ، والمنتهكة لحقوق الانسان وللقانون الدولي.

وفيما يلي مقتطفات من النصوص الاقتصادية السياسية الواردة في وثيقة ترامب:

-          "ستستفيد دولة فلسطين من وصلة نقل عالية السرعة ستمكن من التنقل الفعال بين الضفة الغربية وغزة، عبر أو تحت أراضي دولة إسرائيل السيادية."

هذا اسم آخر للممر الآمن الوارد في اتفاقية أوسلو والذي لم ينفذ لا فوق الأرض ولا تحتها.

-          "إلى أن تقوم دولة فلسطين بتطوير ميناء خاص بها ، ستستفيد دولة فلسطين من الوصول الخاص إلى بعض المنشآت المعينة في مينائي حيفا وأسدود في إسرائيل، مع وجود وسيلة فعالة للتصدير واستيراد البضائع إلى دولة فلسطين وخارجها دون المساس بأمن إسرائيل."

هذا النص يعني أن اسرائيل لا تريد ميناء في غزة في الأمد المنظور. أما التسهيلات البديلة في مينائي حيفا واسدود، فهي تعزز استمرار سيطرة اسرائيل على التجارة الخارجية الفلسطينية.

-          "ستكون دولة فلسطين مسؤولة عن تحصيل وجمع جميع الضرائب المرتبطة بالبضائع التي تدخل مرافق الموانئ المخصصة هذه. جميع الضرائب التي يتم تحصيلها على البضائع المراد نقلها إلى دولة فلسطين هي ملك لدولة فلسطين."

هذا من شأنه لو نفذ الآن ، خارج اطار صفقة ترامب ، أن  ينهي أزمة المقاصة الفلسطينية - الاسرائيلية المتكررة خاصة قيام اسرائيل بالخصم من أو الحجز على عائدات الجمارك، المستحقة للسلطة الفلسطينية ،على السلع المستوردة لفلسطين عن طريق الموانئ الاسرائيلية . وكذلك ينهي تهريب تجار مستوردين لتلك السلع يقومون بدفع الجمارك لاسرائيل بدون الاعلان عن ذلك للسلطة الفلسطينية تجنبا لزيادة قيمة ضريبة الدخل عليهم . وتفقد السلطة حتى الآن قيمة الجمارك غير المصرح بها، لأن اسرائيل لا تصرح بها أيضا وتحتفظ بها لنفسها . وتقدر خسائر السلطة سنويا من ذلك بمئات الملايين من الدولارات.

-          "مع مراعاة موافقة المملكة الأردنية الهاشمية، يجوز لدولة فلسطين استخدام وإدارة مرفق مخصص في ميناء العقبة،...."

-          "ستكون دولة فلسطين مسؤولة عن تحصيل وجمع جميع الضرائب المرتبطة بالبضائع الداخلة إلى مرفق الميناء المخصص. جميع الضرائب التي يتم تحصيلها على البضائع المراد نقلها إلى دولة فلسطين هي ملك لدولة فلسطين."

العلاقات بين الأردن وفلسطين هي علاقات تعاون ثنائية جيدة ، وليس من الحكمة قبول التدخل الأمريكي الاسرائيلي فيها.

-          " يجب أن تسمح دولة إسرائيل بتطوير دولة فلسطين لمنطقة سياحية خاصة في عطاروت، في منطقة معينة يتفق عليها الطرفان. نتصور أن تكون هذه المنطقة منطقة سياحية عالمية يجب أن تدعم السياحة الإسلامية إلى القدس ومواقعها المقدسة."

هذا مقترح غير مقبول، لأنه يفترض القبول الفلسطيني بأن القدس الشرقية هي اسرائيلية.

وتذكر الوثيقة السياسية  تحت عنوان معايير غزة:

"لن تنفذ دولة إسرائيل التزاماتها بموجب اتفاق السلام الإسرائيلي الفلسطيني إلا إذا:

1.      سيطرت السلطة الفلسطينية أو أي هيئة وطنية أو دولية أخرى مقبولة لدى دولة إسرائيل بالكامل على غزة، ....

2.      تم نزع سلاح حماس وحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وجميع الميليشيات .......

3.      كانت غزة منزوعة السلاح تماما."

وهناك شرط آخر: " إذا لم تنجح الجهود السابقة لإعادة جميع الأسرى الإسرائيليين وبقايا الجنود الإسرائيليين، فعند توقيع اتفاق السلام الإسرائيلي الفلسطيني، يجب إعادة جميع الأسرى الإسرائيليين ورفاتهم."

هذا يعني أن اسرائيل قد تنفذ بالقوة ما هو في صالحها في وثيقة ترامب ولن تنفذ التزاماتها، تماما كما فعلت وما زالت بشأن التزاماتها السياسية والاقتصادية في اتفاق أوسلو، وبعده في خارطة الطريق. والجديد في الأمر، هو وجود نص واضح بعدم بدء اسرائيل بتنفيذ التزاماتها الا اذا تحقق أولا ما تريده ونال رضاها وهو أمر صعب المنال من قوة احتلال كولونيالية اقتلاعية ومنتهكة للقانون الدولي.

وتذكر الوثيقة أيضا : ستسمح دولة إسرائيل لدولة فلسطين بتطوير منطقة منتجع في شمال البحر الميت دون الإخلال بسيادة دولة إسرائيل في هذا الموقع، بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، سيادة إسرائيل على الخط الساحلي.

هذا تعويض عن مصادرة اسرائيل للبحر الميت، وهو أمر مرفوض.

كما تطالب الوثيقة بإنهاء مقاطعة اسرائيل ومعارضة حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات (BDS).

القطبية واملاءات ترامب: تغير النظام العالمي من القطبية متعددة الأطراف قبل الحرب العالمية الثانية الى القطبية الثنائية بعدها، ثم الى القطبية الأحادية بعد تفكك الاتحاد السوفييتي عام 1991 من الداخل دون إطلاق رصاصة واحدة من الخارج عليه. والآن النظام العالمي عاد الى القطبية المتعددة الأطراف متمثلة في الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية والاتحاد الأوروبي، وجمهورية الصين الشعبية التي لو شاءت حتى وحدها باستخدام قوتها الاقتصادية ضد الولايات المتحدة لأدخلتها في مرحلة كساد اقتصادي كبير من ضمنه ضرب دولارها المهيمن حاليا. ويلاحظ أن من بين الأقطاب الأربعة  هناك ثلاثة أقطاب أبدت معارضتها لصفقة بل املاءات ترامب.

 واذا ما نظرنا الى التصويت في مجلس الأمن وبعده في الجمعية العامة على اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لاسرائيل ونقل السفارة الأمريكية في تل أبيب الى القدس، يبدو واضحا أن موقف ترامب ومن خلفه نتنياهو هو معزول تماما في مجلس الأمن، كما أن الغالبية المطلقة في الجمعية العامة لا تؤيده، ومن ضمنها دول حركة عدم الانحياز ودول مجموعة " 77+ الصين" التي ترأستها فلسطين عام 2019. لذا فان املاءات ترامب لن يكتب لها النجاح نظرا للمعارضة الفلسطينية الرسمية والشعبية المدعومة أو المقبولة دوليا لارتكازها على القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة المؤيدة لقيام دولة فلسطين أو المعترفة بدولة فلسطين في الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 بما فيها القدس.

"صفقة" بدون الطرف الفلسطيني :اعلان المبادئ تم التوصل له سرا ما بين طرفي النزاع ، الحكومة الاسرائيلية ومنظمة التحرير الفلسطينية،  في النرويج وبدون علم الولايات المتحدة التي اختطفت أضواء الاحتفاء به من أوسلو ليتم توقيعه في البيت الأبيض في 13 سبتمبر 1993. كما أن البروتوكول الاقتصادي المعروف باتفاقية باريس الاقتصادية تم التوافق عليه عام 1994 بين نفس طرفي النزاع . أما املاءات ترامب فقد أعدت سرا بدون مشاركة الطرف الأساسي وهو الطرف الفلسطيني ، وجاءت نصوصها ، عدا ذكر مخادع لدولة فلسطينية، ملبية لرؤية الحركة الصهيونية في بسط السيادة والسيطرة اليهودية المتطرفة على كامل أرض فلسطين التاريخية .

السياسة والاقتصاد: في أزمات الصراع فان السياسة هي التي تسير الاقتصاد أما في السلم فان الاقتصاد هو الذي يقود السياسة. ومن هنا فان املاءات ترامب هي املاءات سياسية سبقتها حملة ترويج اقتصادية فاشلة متمثلة في ورشة البحرين. ومن هنا يجب أن يكون التحرك الفلسطيني في جوهره سياسيا وفق استراتيجية، والمجال فسيح في ذلك داخليا وخارجيا، وبالطبع مدعوما بالتحرك الاقتصادي لجعل الاحتلال مكلفا.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف