الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الأسباب ومعيقات التنفيذ: توجه فرنسا عن سياسة إيفاد الأئمة بقلم:اسلام موسي (عطاالله)

تاريخ النشر : 2020-02-29
الأسباب ومعيقات التنفيذ: توجه فرنسا عن سياسة إيفاد الأئمة بقلم:اسلام موسي (عطاالله)
إسلام موسى (عطاالله) 
 Islam Mousa (Atalla)

الأسباب ومعيقات التنفيذ:
توجه فرنسا عن سياسة إيفاد الأئمة

اسلام موسي (عطاالله)                     

باحث في مركز التخطيط الفلسطيني- وحدة أبحاث الأمن القومي
باحث في المركز الفرنسي لبحوث وتحليل السياسات الدولية

اتسع الجدل في الآونة الأخيرة في الأوساط السياسية الفرنسية، حول العدد الكثيف من الأئمة الذين ترسلهم بلدان إسلامية إلى فرنسا، وفق اتفاقية سابقة مع تسع دول، منها الجزائر والمغرب وتونس وتركيا، تتيح لحكومات تلك الدول إيفاد ما يقارب 300 إمام ومعلم سنويا إلى المساجد والمدارس الفرنسية لتدريس اللغات للطلاب القادمين من هذه البلدان.

وخلال زيارته ماكرون لمدينة لمولوز في 18 فبراير/شباط  الحالي، أعلن اعتزامه على وقف هذه الظاهرة، وأن عام 2020 سيكون أخر عام لمثل تلك الأعداد. حيث اعتبر أن تلك الظاهرة، تساعد بشكل أو بأخر في التشدد والانفصال الإسلامي داخل الأحياء الفرنسية، وهو ما لا يتوافق مع الحرية والمساواة ووحدة الأمة في فرنسا.

أولا: مخاطر إيفاد الائمة من وجهة نظر فرنسا

السماح بممارسة الشعائر الدينية أمر طبيعي في فرنسا، ولم يكن العدد الكبير من الأئمة الذي ترسله بلدان إسلامية إلى فرنسا ليثير جدلاً، لولا المشكلة من وجهة نظر فرنسا والتي  تكمن في الأرضية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المصاحبة لهذا المشهد.

1) تمدد المشروع الإخواني؛ وتهديد التوازن  الاجتماعي 

أنّ الخطاب الإسلامي السائد حالياً مع بعض الناطقين باسم مسلمي فرنسا، أصبح يشكل ثقلاً لصالح الإسلاموية المحسوبة علي تمدد المشروع الإخواني "أسلمة أوروبا" والغرب، أكثر منه اسلام سني متماهي مع العلمانية الفرنسية ولا يكترث للأطماع السياسية.

 فمؤشرات تغلغل المشروع الإخواني بين مسلمي فرنسا أصبح ملموس عبر بوابات مختلفة، من ضمنها منافسة الإخوان كفاعلين خارجيين ضمن ما يُصطلح عليه تصدير الأئمة لفرنسا لتدبير الاسلام هناك؛ لا سيما بعد سيطرة الإخوان المسلمين على مقاليد الحكم في بعض الدول كتونس ممثلة بحركة النهضة، وتركيا...الخ، ونفوذهم بدول أخرى؛ وهو ما يشكك بمصداقية تلك الدول للحفاظ على مشروع الإسلام الفرنسي بنكهة ليبرالية غير مُعلنة، خصوصا وأن تركيا، بحسب خطاب ماكرون في لمولوز أنها ما زالت لم تستجيب كباقي الدول الثمانية التي توصل معها الى اتفاق لإنهاء نظام ابتعاث الأئمة. 

وترى فرنسا، أن هناك بعض مخاطر تنطوي على احتمالات أن يكون الأئمة مسؤولين عن أسئلة الهوية التي تمرر فئات كبيرة من الشباب والمراهقين العرب والمسلمين في فرنسا، وهذا بدوره يترك تداعياته على تراجع الوزن السياسي لأحزاب اليسار، وخاصة الحزب الشيوعي الفرنسي. وهذا دفع ماكرون على التشديد بأنه "لا توجد لديه أية خطة تستهدف الإسلام،  لكن الهدف فقط هو التصدي لتدخلات الأجانب في المدارس والمساجد".

2) تهديد التدخل السياسي الخارجي 

الإسلام يُعد مسألةً ملحة في فرنسا، لا سيما وأن عدد المسلمين يتجاوز الخمسة ملاين، وأصبح الأمر يتعلق بالفاعلين من الخارج، بالنظر إلى الهجمات المسلحة، والطائفية، والتلاعب الدولي بالمجتمعات الإسلامية. فهناك 

فهناك من أدخل السلفية الى فرنسا عبر مؤتمرات ودعاة التطرف، وهناك  دول تريد أن تصل الى مصالحها على ظهر الاسلام والجاليات المسلمة.

فرنسا لا تريد اتحادات مسلمة، تصبح قوة هائلة يمكن لدول استخدامها في السياسة الداخلية؛ فحياد بعض الأئمة 

عن مبادئ العلمانية التي كانت بدورها محل نقاش من ناحية كونها أقرت بداية القرن الماضي عندما كان المسلمون لا يشكلون الكتلة التي هم عليها الآن، يشكل خطراً في حال استجابت لتوجهات تلك الدول، لا سيما وأن تلك الدول هي التي تمولهم .

وفقاً لتوجهات تلك الدول. فماكرون شدد في خطابه على أن جزءاً من المجتمع "يريد أن يطور مشروعا سياسيا جديداً باسم الإسلام"  هم أصحاب الأفكار الانفصالية أعداء البلاد ومن لا يتبعون القوانين.

3) الجدل والتهديد القانوني

تبنت فرنسا نسخة علمانية صارمة، مثلها  قانون عام 1905 الذي نص على "الفصل بين الدين والحقائق الدنيوية"، وهو الذي أصبح منهج سياسي واجتماعي فرنسي، ينظر إليه كأنه نص سماوي غير قابل للمس ولا التأويل على غير الوجه الذي أُنزل به، وفي سنة 2004 تمت إعادة صياغة التعريف ليشمل المساواة في التعامل مع جميع الأديان.

فيما تزايد تنظيم التجمعات الإسلامية في حال كان موجهه قد تصبح كتلة سياسية مغلفة بطابع حزبي غير معلن؛ قد يجبر العلمانية الفرنسية أن تنحني أمام الإسلاموية، ويتطلب فيما بعد تعديل ذلك القانون، إذا لم تتمكن الدولة الفرنسية من إيجاد طرق أخرى لمراقبة الإسلام وتوجيهه، لا سيما "المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية"، الذي اعتبره وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستنير مبني حاليا على قواعد بلدان أخرى، وتأثير البلدان الخارجية هو الذي يرجح كفة الميزان داخل المجلس، فماذا لو أخذنا بعين الاعتبار تأثير الإخوان المسلمين داخل تلك الدول وتسريبه إلى المجلس.

ثانيا: خطة ماكرون للحد من تأثير التهديدات 
وفقا لتلك السياقات تري فرنسا أن هناك ضرورة المباشرة في خطة مكونة من أربع نقاط للحد من تأثير التهديدات، تمثلت، أولها، في  تحرير المساجد والمدارس من التأثيرات الأجنبية، والتخلص تدريجياً من الأئمة المبعوثين، في الوقت نفسه رفع عدد الأئمة المدربين في فرنسا، بالإضافة إلي مراقبة التبرعات المالية، من خلال الجمعية "الجمعية الإسلامية للإسلام في فرنسا" التي أعلن عنها ماكرون في  يناير/ كانون الثاني 2019. ثانيا، ضرورة التنسيق بين ممثلي المسلمين بشكل واسع ودقيق. ثالثا، مكافحة محاولات الانفصال عن المجتمع الفرنسي، مثل مناطق الاستحمام في حمامات السباحة العامة وساعات الصلاة في النوادي الرياضية وانتهاكات قانون المساواة بين الفتيات والفتيان. ورابعا، الاهتمام في الأحياء الفرنسية الفقيرة، من خلال تعزيز العروض الاجتماعية والثقافية والرياضية،  والرعاية الصحية، وتأهيل المناطق السكنية المهملة.

ثالثا: عقبات تنفيذ خطة الحد من التهديدات

• لجأت فرنسا لبرنامج استقدام الأئمة من الخارج، تحت مبرر أنها فرنسا دولة علمانية لا تتدخل في الشؤون الدينية، أي كان طبيعة ذلك الدين، فهي لا تمول ولا ترعي أو تمول أي مدارس لاهوتية، ولا كنائس أو معابد أو مساجد، وفي حال فعل وأصبح مراقبة وراعية للإسلام، سوف تتناقض ومبادئ العلمانية.

بالإضافة الي السبب الأمني فيما يخص الإسلام الذي ينتشر بشكل كبير في فرنسا، إذ يبدو الاعتماد على إمام رسمي من الدول الأصلية لمجتمعات الجاليات المسلمة، هو أقل خطورة وأكثر ضمانا من أشخاص مجهولين بإعلان أنفسهم أئمة.

حيث الاستيراد المُفلتر للأئمة الأجانب حلّاً عملياً جيدًا، إذ يخضع الإمام الراغب في الذهاب لفرنسا، لتحقيقات أمنية من البلد المرسل التي تتحقق من سلامة الإمام  بناء على قاعدة البيانات للتطرف، بالإضافة الى موافقة أمنية من وزارة الداخلية الفرنسية. ناهيك عن الفائدة التي قد يحققها أولئك الأئمة بعد تقربهم من الشباب والجالية المسلمة فهم بذلك يتمكنوا من استشعار توجهات الشباب المتطرفة إن وجدت، وقد يكونوا جرس إنذار مبكر للسلطات الفرنسية  التي تدعوهم أحياناً  إلى أن يكون لهم نفوذ حتى تستفيد منهم في مكافحة التطرف.

على الرغم من تلك الميزة، يجادل الروائي الجزائري كامل داوود، بأن هؤلاء الأئمة لو عملوا بحسن نية، يمكنهم  أن يعيقوا  سياسات الاندماج؛ لأنَّهم ليسوا فرنسيين.

• أما بخصوص مشروع تأهيل الأئمة من فرنسا نفسها، يقول الباحث صادق سلامة المختص بالشؤون الإسلامية في فرنسا، وصاحب كتاب " فرنسا ومسلموها قرن من السياسة الإسلامية": بأنه لا يجب إغفال أن كثيرا من مشاريع تأهيل الأئمة، تمت عرقلتها، من قبل الاشتراكيين، وخاصة مشروع المفكر محمد أركون (الذي قدم للرئيس ميتران اقتراحات سنة 1989 سرعان ما رفضت)، حول تأسيس "مدرسة الدراسات العليا حول الإسلام"، خاصة بعد قضية سلمان رشدي والعنف الذي رافقها، والتي جعلت أركون يرى أنه لا يجب الاكتفاء بالتنديد والتظاهر وإنما البدء بتأهيل الشباب وترشيدهم إلى أن العلمانية لا تتعارض مع الإسلام، وهو ما يحتاج إلى "فضاء للتعبير العلمي" تضمنه الدولة الفرنسية، وكان هذا في الفترة التي كان فيها جان بيير شوفنمان وزيرا للداخلية، ولكن ليونيل جوسبان، وكان حينها وزيرا للتربية الوطنية، عرقل الأمر، "بإيعاز من مستشارين من ذوي التأهيل البسيط عن الإسلام". ومن هنا لا يجب أن نكتفي باتهام المسلمين، وننسى دور المسؤولين الفرنسيين الذين لم يفعلوا شيئا حين كانوا في مسؤولياتهم".

وهذا يطرح تساؤلاً يجب على الدولة الفرنسية الإجابة عليه، في حال فشلت نقطة تأهيل الأئمة من فرنسا في خطة الحد التهديد من التي أعلن عنها ماكرون؟!.

هل سيذهب الشباب المسلمين الذين يحملون الجنسية الفرنسية ويتمتعون بحرية تنقل بين الدول، الى السفر لدول إسلامية ومناطق تكتسي بتعليم اسلامي راديكالي ليدرسوا فيها ويعودوا الى فرنسا محملين بأفكار أشد راديكالية، لا سيما وأنهم لا يدرسوا فقط بل يمكن أن اختلطوا بمتطرفين هناك. كما وأنه لا يوجد ضمانات على أن المدرسين هناك لا يستدعون ذكر الاستعمار الفرنسي، ومصطلح " الإدارة الاستعمارية للإسلام بفرنسا"، في خطبهم، وهذا وصفاً ذكيا، حيث من خلال استدعاء ذكر الاستعمار يستطيعون أن يستغلوا تلك التهمة كورقة مساومة مع الحفاظ على الصورة الطائفية للإسلام كديانة مهددة هناك.

• بالإضافة الى معيق آخر، وهو صعوبة حصر عدد الأئمة في فرنسا. حتى لو كان هناك إحصائية رسمية توفرها وزارة الداخلية، ففكرة الإمامة لا تقتصر على خطيب مسجد واحد، الدين الإسلامي يسمح لأي شخص أن يكون إمام، إذا ما حان وقت الصلاة،  يتجمعون أحيانًا في الطوابق السفلية أو اي قاعات ويستخدمونها للصلاة، ويتقدمهم أي شخص منهم يكون بمثابة إمام، ويستطيع أن يلقي بهم تعليمات "درس ديني"، أو خطبة دينية. 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف