الفنانة التشكيلية المغربية "رباب هرباس" أعمال تنتشي بوهج الألوان، و عيون تتطلع للعالمية
محمد الصفى:
انطلاقتها كانت موهبة، و حب للرسم منذ الصغر، من خلال نقل كل ما تراه على الورق، بتشجيع من والدها الذي يعد مبدعا هو الآخر، لتمتلك بعد ذلك موهبة فنية إبداعية متميزة وفريدة، عملت على تطويرها، واضعة لها قواعد و أسس خاصة بها على مستوى الموضوع و الألوان، جسدتها لوحاتها الفنية المتميزة في عدد من المعارض والتي جذبت أنظار عشاق الفن التشكيلي من فنانين و نقاد، إنها الفنانة التشكيلية رباب هرباس، ابنة مدينة آزمور من مواليد سنة 1994، كانت تتطلع منذ طفولتها لدراسة الفنون التشكيلية، لكن لم تسنح لها الفرصة لدراسة هذا التخصص رغم التحاقها بالمدرسة العليا للفنون الجميلة بالدار البيضاء سنة 2013 بل درست الهندسة الداخلية، دراسة لم تمنعها من النهل من معين الفنون التشكيلية، من خلال الاطلاع على كافة المدارس الفنية بمساعدة بعض الأساتذة، لتجد نفسها في الأخير منساقة للمدرسة السريالية و منها للتكعيبية، لتأثرها الكبير بمدرسة الفنان بابلورويز بيكاسو، و هنا توقفت لخلق أسلوب خاص بها متجليا في الدمج بين المدرستين السريالية و التكعيبية، مكنها من الظفر بالجائزة الثانية ضمن الملتقى الجهوي للفنانين الشباب لجهة دكالة - عبدة في نفس سنة التحاقها بالمدرسة العليا للفنون الجميلة.
رباب هرباس عاشقة للحياة بكل عناصرها وكائناتها، لذا لا عجب ولا غرابة أن تأتى لوحاتها عامرة بما لذ وطاب للعين والإحساس والخيال، مستخدمة ألوانا من عمق الطبيعة، هذه الأخيرة التي تبقى متنفسها و منبع أفكارها و مشتل موادها المستعملة، فهي بهذا كما تقول " ولدت من أجل الفن و به تمكنت من بناء شخصيتها." يتميز أسلوبها بالغموض أحيانا وبالسحر و الخيال الدافق تارة أخرى، مع بريق ووهج الألوان على القماش الأسود ( Velours ) و هي خاصية استطاعت من خلالها رباب تحويل الحزن الجاثم على الأسود لفرحة و بهجة بألوانها و أشكالها المضيئة، كما استطاعت أن تبرز اللون الأسود من خلال الأسود نفسه في تناغم تام بين الضوء و الظل، متحدية لغة الأسود و باقي الألوان المضيئة بعد دراستها لتقنية تناسق الألوان المستخرجة من عمق الطبيعة، لتخلق بذلك صلة القربى بينها وبين المتلقي من خلال خلق توازن بصري بين عناصر العمل الفني المتمثلة من خلال الألوان والأشكال والخامات، مكونة أعمالا لها شخصية متكاملة تجمع بين قوة التركيب والشكل و تنوع المواضيع والخامات المعتمدة، يقول عنها الفنان التشكيلي مصطفى غماني " الفنانة رباب، فنانة خلوقة، طموحة تهتم في مواضيعها بقضايا المرأة بصفة خاصة من خلال حضورها كتيمة لها دلالاتها و المجتمع بصفة عامة، لا تنتظر إعانة من أي أحد، حيث أنها تعتمد على نفسها من خلال البحث و التجريب، تبدع و تبتكر مقتنعة بأفكارها، تعتبر رباب من التلاميذ الذين أخذوا شيئا من مدرسة الفنان غماني مصطفى، فوظفوه أحسن توظيف و اجتهدوا فكان لهم التميز بخلق أسلوب خاص بهم، عموما فهي تسير بخطى ثابتة، و أتنبأ لها بمستقبل زاهر في حقل التشكيل بالمغرب."
و بقراءة عيون متفحصة عابرة في أعمال الفنانة التشكيلية رباب هرباس، يمكننا أن نلاحظ أن أعمالها تحمل في طياتها تنوعا لا حدود له و حلما منحها سعة و ثراء في أفق التعبير و إيصال ما يختلج أحاسيسها و دواخلها كفنانة رقيقة و رهيفة الحس، فمنذ معرضها الأول سنة 2001 و هي ابنة السبع سنوات بإحدى المؤسسات التعليمية، أعلنت تواجدها، ليتوالى هذا التواجد بعد سنوات من التجربة و الدراسة بمعارض فردية و جماعية داخل المغرب و خارجه، بكل من الجديدة و الدار البيضاء و الرباط و دكار و فرنسا و إسبانيا، شاقة طريقها نحو العالمية بتشجيع من نخبة من الفنانين التشكيليين على المستوى الوطني كعبد الرحمان رحول و مصطفى غماني و عبد الهادي بن بلة و عبد الله الشيخ و سعيد كيحيا و... إنها ترسم تفاصيل الأشياء كما حلمت بها بعيدا عن النقل السطحي في محاولة منها للبحث والتجريب في عوالم اللون والشكل، فهي تحاول أن تقول كل ما بداخلها دفعة واحدة لكنها تعود لتجدد المغامرة حين تنتهي من مرحلة إلى أخرى، يختلف فيها اختيارها للألوان بحسب إحساسها بموضوع اللوحة، فلكل لون معنى خاص في نفسها، خصوصا الأسود، فيما باقي الألوان يغلب عليها التمازج بتقنية تبرز من خلالها اللوحة في شكل متألق و جذاب.
من أهم المواضيع التي اشتغلت عليها " رباب " بكل جرأة، ( المرأة الإفريقية ) التي اعتمدتها قضيتها تتعامل معها كجدلية تقف بين التقليدي و العصري و بين التحرر و الانفتاح و الهوية الثابتة، إلى جانب كونها الأم المكافحة و المتحدية لظروف الحياة و الفقر، فكانت مصدر إلهامها من خلال لون بشرتها و زيها و زينتها ورشاقتها، كعناصر وظفتهم وفق تقنية جمعت بين اللون و الضوء و الظل على قماش اسود، ألوان مضيئة تدخل البهجة إلى النفس و تبعد مرارة الواقع، فالجمال الأخاذ السامي في لوحاتها، وتنويعات الألوان في صياغتها يأخذك إلى سبر أغوار المرأة الإفريقية والإحساس بكينونتها التي لم تفتقد رغم قسوة الحياة، محولة معها تلك المرأة الإفريقية لحالات ووضعيات مختلفة دون تحديد الجزء العلوي من الجسد" الرأس " و هي رمزية لربما دالة على أن " الجسد واحد و الاختلاف حاصل". كما اشتغلت على موضوع ( الأسود و الأبيض ) كتيمة ترمي من ورائها الفنانة ان هذان اللونان قد طغيا على حياة أغلب الناس لدرجة لا وجود للون ثالث في حياتهم، إذ أنهم يحكمون دائما على الأشياء إما بالسيئة أو الجيدة و بالتالي فأصحاب هذه النظرة هم دائما في حالة ترقب و توجس، سعادتهم استثنائية دائما، و من هنا كانت لوحات " رباب " محاولة الخروج عن هذا التوجس من خلال بسط مجموعة من الألوان الزاهية و الدافئة وفق تشكلات ضوئية تتقاسم مساحات الأبيض و الأسود، كسمفونية بنوتات متموجة تبعث على السعادة و التفاؤل. فيما ركزت في موضوع ( السيد الفنان ) على مؤشرات إيحائية ذات دلالات تبرز حالات الإنسان و صراعاته في الحياة لفرض كينونته بأي أسلوب أو طريقة، أعمال أجادت في تركيب نسيجها اللوني و الضوئي بعين الخبيرة في مواد الصباغة، رغم أن خامتها المفضلة كما تقول هي الصباغة الزيتية لأنها علمتها الصبر من خلال تكرار المحاولات، إلى أن أصبحت طيعة بين يدها و هي تدغدغ فضاءات لوحاتها.
تقول رباب " إن مسالك النجاح و طرقه كثيرة، فإذا سعيت لبعضها فلا تكتف بما وصلت إليه، بل اسع إلى أن تسلك مسالك أخرى، بأن تبحث بنفسك عنها لبلوغ النجاح، و أن تنقب عن دروب جديدة لم يسبقك إليها أحد، حتى تكون ناجحا و مبدعا." و بهذا فقد تمكنت رباب من بناء عالمها الفنِي المتميز و الخاص من خلال ازدواجيتها للسريالية و التكعيبية بشكل مغاير، استطاعت خلق روح أخرى للوحة و لمدلول العمل الفني، كما استطاعت أن تضيف بصمة تشكيلية بميسم متميز، وظفت فيه لمسات لونية و ضوئية فريدة لخدمة مواضيعها، شكلا و مضمونا، إن عوالم الفنانة رباب هرباس اقل ما يقال عنها أنها عوالم ساحرة و جذابة تغري عين المتلقي للسفر معها وفق قراءات تأويلية تهيم فيها المخيلة و يحلو السفر عبر أغوارها.
محمد الصفى:
انطلاقتها كانت موهبة، و حب للرسم منذ الصغر، من خلال نقل كل ما تراه على الورق، بتشجيع من والدها الذي يعد مبدعا هو الآخر، لتمتلك بعد ذلك موهبة فنية إبداعية متميزة وفريدة، عملت على تطويرها، واضعة لها قواعد و أسس خاصة بها على مستوى الموضوع و الألوان، جسدتها لوحاتها الفنية المتميزة في عدد من المعارض والتي جذبت أنظار عشاق الفن التشكيلي من فنانين و نقاد، إنها الفنانة التشكيلية رباب هرباس، ابنة مدينة آزمور من مواليد سنة 1994، كانت تتطلع منذ طفولتها لدراسة الفنون التشكيلية، لكن لم تسنح لها الفرصة لدراسة هذا التخصص رغم التحاقها بالمدرسة العليا للفنون الجميلة بالدار البيضاء سنة 2013 بل درست الهندسة الداخلية، دراسة لم تمنعها من النهل من معين الفنون التشكيلية، من خلال الاطلاع على كافة المدارس الفنية بمساعدة بعض الأساتذة، لتجد نفسها في الأخير منساقة للمدرسة السريالية و منها للتكعيبية، لتأثرها الكبير بمدرسة الفنان بابلورويز بيكاسو، و هنا توقفت لخلق أسلوب خاص بها متجليا في الدمج بين المدرستين السريالية و التكعيبية، مكنها من الظفر بالجائزة الثانية ضمن الملتقى الجهوي للفنانين الشباب لجهة دكالة - عبدة في نفس سنة التحاقها بالمدرسة العليا للفنون الجميلة.
رباب هرباس عاشقة للحياة بكل عناصرها وكائناتها، لذا لا عجب ولا غرابة أن تأتى لوحاتها عامرة بما لذ وطاب للعين والإحساس والخيال، مستخدمة ألوانا من عمق الطبيعة، هذه الأخيرة التي تبقى متنفسها و منبع أفكارها و مشتل موادها المستعملة، فهي بهذا كما تقول " ولدت من أجل الفن و به تمكنت من بناء شخصيتها." يتميز أسلوبها بالغموض أحيانا وبالسحر و الخيال الدافق تارة أخرى، مع بريق ووهج الألوان على القماش الأسود ( Velours ) و هي خاصية استطاعت من خلالها رباب تحويل الحزن الجاثم على الأسود لفرحة و بهجة بألوانها و أشكالها المضيئة، كما استطاعت أن تبرز اللون الأسود من خلال الأسود نفسه في تناغم تام بين الضوء و الظل، متحدية لغة الأسود و باقي الألوان المضيئة بعد دراستها لتقنية تناسق الألوان المستخرجة من عمق الطبيعة، لتخلق بذلك صلة القربى بينها وبين المتلقي من خلال خلق توازن بصري بين عناصر العمل الفني المتمثلة من خلال الألوان والأشكال والخامات، مكونة أعمالا لها شخصية متكاملة تجمع بين قوة التركيب والشكل و تنوع المواضيع والخامات المعتمدة، يقول عنها الفنان التشكيلي مصطفى غماني " الفنانة رباب، فنانة خلوقة، طموحة تهتم في مواضيعها بقضايا المرأة بصفة خاصة من خلال حضورها كتيمة لها دلالاتها و المجتمع بصفة عامة، لا تنتظر إعانة من أي أحد، حيث أنها تعتمد على نفسها من خلال البحث و التجريب، تبدع و تبتكر مقتنعة بأفكارها، تعتبر رباب من التلاميذ الذين أخذوا شيئا من مدرسة الفنان غماني مصطفى، فوظفوه أحسن توظيف و اجتهدوا فكان لهم التميز بخلق أسلوب خاص بهم، عموما فهي تسير بخطى ثابتة، و أتنبأ لها بمستقبل زاهر في حقل التشكيل بالمغرب."
و بقراءة عيون متفحصة عابرة في أعمال الفنانة التشكيلية رباب هرباس، يمكننا أن نلاحظ أن أعمالها تحمل في طياتها تنوعا لا حدود له و حلما منحها سعة و ثراء في أفق التعبير و إيصال ما يختلج أحاسيسها و دواخلها كفنانة رقيقة و رهيفة الحس، فمنذ معرضها الأول سنة 2001 و هي ابنة السبع سنوات بإحدى المؤسسات التعليمية، أعلنت تواجدها، ليتوالى هذا التواجد بعد سنوات من التجربة و الدراسة بمعارض فردية و جماعية داخل المغرب و خارجه، بكل من الجديدة و الدار البيضاء و الرباط و دكار و فرنسا و إسبانيا، شاقة طريقها نحو العالمية بتشجيع من نخبة من الفنانين التشكيليين على المستوى الوطني كعبد الرحمان رحول و مصطفى غماني و عبد الهادي بن بلة و عبد الله الشيخ و سعيد كيحيا و... إنها ترسم تفاصيل الأشياء كما حلمت بها بعيدا عن النقل السطحي في محاولة منها للبحث والتجريب في عوالم اللون والشكل، فهي تحاول أن تقول كل ما بداخلها دفعة واحدة لكنها تعود لتجدد المغامرة حين تنتهي من مرحلة إلى أخرى، يختلف فيها اختيارها للألوان بحسب إحساسها بموضوع اللوحة، فلكل لون معنى خاص في نفسها، خصوصا الأسود، فيما باقي الألوان يغلب عليها التمازج بتقنية تبرز من خلالها اللوحة في شكل متألق و جذاب.
من أهم المواضيع التي اشتغلت عليها " رباب " بكل جرأة، ( المرأة الإفريقية ) التي اعتمدتها قضيتها تتعامل معها كجدلية تقف بين التقليدي و العصري و بين التحرر و الانفتاح و الهوية الثابتة، إلى جانب كونها الأم المكافحة و المتحدية لظروف الحياة و الفقر، فكانت مصدر إلهامها من خلال لون بشرتها و زيها و زينتها ورشاقتها، كعناصر وظفتهم وفق تقنية جمعت بين اللون و الضوء و الظل على قماش اسود، ألوان مضيئة تدخل البهجة إلى النفس و تبعد مرارة الواقع، فالجمال الأخاذ السامي في لوحاتها، وتنويعات الألوان في صياغتها يأخذك إلى سبر أغوار المرأة الإفريقية والإحساس بكينونتها التي لم تفتقد رغم قسوة الحياة، محولة معها تلك المرأة الإفريقية لحالات ووضعيات مختلفة دون تحديد الجزء العلوي من الجسد" الرأس " و هي رمزية لربما دالة على أن " الجسد واحد و الاختلاف حاصل". كما اشتغلت على موضوع ( الأسود و الأبيض ) كتيمة ترمي من ورائها الفنانة ان هذان اللونان قد طغيا على حياة أغلب الناس لدرجة لا وجود للون ثالث في حياتهم، إذ أنهم يحكمون دائما على الأشياء إما بالسيئة أو الجيدة و بالتالي فأصحاب هذه النظرة هم دائما في حالة ترقب و توجس، سعادتهم استثنائية دائما، و من هنا كانت لوحات " رباب " محاولة الخروج عن هذا التوجس من خلال بسط مجموعة من الألوان الزاهية و الدافئة وفق تشكلات ضوئية تتقاسم مساحات الأبيض و الأسود، كسمفونية بنوتات متموجة تبعث على السعادة و التفاؤل. فيما ركزت في موضوع ( السيد الفنان ) على مؤشرات إيحائية ذات دلالات تبرز حالات الإنسان و صراعاته في الحياة لفرض كينونته بأي أسلوب أو طريقة، أعمال أجادت في تركيب نسيجها اللوني و الضوئي بعين الخبيرة في مواد الصباغة، رغم أن خامتها المفضلة كما تقول هي الصباغة الزيتية لأنها علمتها الصبر من خلال تكرار المحاولات، إلى أن أصبحت طيعة بين يدها و هي تدغدغ فضاءات لوحاتها.
تقول رباب " إن مسالك النجاح و طرقه كثيرة، فإذا سعيت لبعضها فلا تكتف بما وصلت إليه، بل اسع إلى أن تسلك مسالك أخرى، بأن تبحث بنفسك عنها لبلوغ النجاح، و أن تنقب عن دروب جديدة لم يسبقك إليها أحد، حتى تكون ناجحا و مبدعا." و بهذا فقد تمكنت رباب من بناء عالمها الفنِي المتميز و الخاص من خلال ازدواجيتها للسريالية و التكعيبية بشكل مغاير، استطاعت خلق روح أخرى للوحة و لمدلول العمل الفني، كما استطاعت أن تضيف بصمة تشكيلية بميسم متميز، وظفت فيه لمسات لونية و ضوئية فريدة لخدمة مواضيعها، شكلا و مضمونا، إن عوالم الفنانة رباب هرباس اقل ما يقال عنها أنها عوالم ساحرة و جذابة تغري عين المتلقي للسفر معها وفق قراءات تأويلية تهيم فيها المخيلة و يحلو السفر عبر أغوارها.