الأخبار
(يسرائيل هيوم): هكذا حاولت حماس اختراق قاعدة سرية إسرائيلية عبر شركة تنظيفجندي إسرائيلي ينتحر حرقاً بعد معاناته النفسية من مشاركته في حرب غزةالهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينية
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الأديب طيب صالح طهوري لا تشبه كتاباته أحداً ولا يمكن أن تسند لمن سبق من كتاب وشعراء

تاريخ النشر : 2020-02-23
بقلم:فضيلة معيرش

ولج عالم الكتابة منذ ما يقارب الأربعين سنة ، أديب طوع الحرف فاستقام له جاب بساتين الإبداع فقطف ما لذ له وطاب من شجرها المثمر الوارف، وتدلت له أفنانها المظللة مرّة نجده شاعرا مقتدرا ومرة أخرى قاصا محنكا له الخبرة والأدوات الكافية ليدخل عالم الحكي من أوسع أبواب السرد ،قصصه تختلف عن غيرها من قصص الكتاب وما ألفناه يعانق قضايا مجتمعه الراهنة مستخدما الرمز في معظمها وهو الخبير بعوالم الخيال والتأمل خبير بعمق الرؤى متعمق في تفاصيل البحث عن الاختلاف .
الأديب طيب طهوري لا تشبه كتاباته أحدا ولا يمكن أن تسند لمن سبقها من كتاب وشعراء ، قد يكون تأثر في مرحلة ما ببعضهم .
لكن حين فاض حبر إبداعه على بياض الورق رسم عوالمه المستقلة الرّاسخة في ذهن من يقرأ له، حرصه على جودة منتجه تتجلى في استخدام تقنيات السّرد وإتقانه لها كاختياره للمفردات وسلامة اللغة وانتقاء المعاني وإمتاعه للقارئ بقوة التخيل للوصول إلى الهدف المراد بلوغه حيث المغزى من قصة النّهر وانتصار الخير و الفضيلة .
نهاية مأساوية للطغاة حيثما حلوا وتواجدوا ... كما يرتسم أمامنا من خلال تتبع مسار القصة أن القاص تحكم بالشّخوص تحكما متناهي في الدّقة ودورهم في تفعيل الحدث ، القّصة في بدايتها تبرز لنا نهرا كسولا بسبب شح المياه به لسنوات طويلة تباغته مياه الأمطار ليدخل في حالة استنفار ضفتيه لم تكن في استعداد للسير والامتداد حيث شاء، نجد على مستوى الأعمال أي الوظائف ..
وبما أن النّصَ يقوم على ثنائية السّند و المتن ، سند النص متجسد في فعل وفاعل – استيقظ النهر يصور لنا– نهر ينتقم لجيرانه- قصة نهر تعودَ الركون للراحةِ وعدم الفاعلية حتى تباغته أمطار طوفانية فيقع في بادئ الأمر في حيرة من أمره فيكون سؤاله عن جهة المطر أي من وجه له هذه الطعنة المباغتة –أو المكيدة التي حيكت له في الخفاء- في حين نسى مهمته الأساسية التي خلق لها وهي الامتداد وتوسيع ضفتيه حتّى يشمل الخير والعطاء الكلّ بدل الجزء .كأنّ الكاتب يشير لشعب خامل ساكن لا حياة فيه لردع مآسيه ، تتفاقم محنه وهو كسول مشلول الأطراف وعندما يأتيه الدافع بعد معاناته ينفجر مخلفا طوفانا ، أما المتن نجد أحداث القصة تضطلع بها شخصيات من الجماد تشكل المجال الأول للدراسة أي النص باعتباره حكاية قوله : " استيقظ النهر ....قال النهر لضفتيه...."
تكمن أهميّة هذا النص في تقديم الشخصيتين المحوريّتين في القصة " النهر والبيت الخشبي .
المرحلة الأولى أو مرحلة البداية : يصور لنا الكاتب حالة استيقاظ نهر من عدم جريانه وركوده وقد وصفه بالمتعب من شدة كسله وركونه للخمول وعدم التدفق ، لم يكن متعبا من كثرة عطائه و العمل المستمر فالإنسان الذّي يعمل بجهد هو من يتعب عادة سواء بفكره أو بجسده كما هو متعارف عليه منذ بداية الولوج للمتن القصصي يعطي الكاتب لمحة عن المكان – النّهر وما جاوره –الذي تدور فيه الأحداث وكذا يحدد زمن بداية الحكي ب – الليل – باعتبار أن أي قصة تتأطر بعنصرين متلازمين هنا : الزمان و المكان " فإن كان منطق الوقائع يفترض وقوع القصة في صيرورة زمنيّة خطيّة وحيدة الاتجاه فإن الخطاب القصصي غالبا يؤخِر على مدى متفاوت ..." 1 ...".وقد أشار إلى الحدث الطارئ الذّي ستبنى عليه أحداث القصة وهو هطول الأمطار التي طالما سمع الناس يتحدثون عنها . وهذا كله لتكامل الأوصاف التي أوردها الكاتب ويكمل متن قصصه.
المرحلة الثانية : تبدأ بحيرة النهر وسؤاله عن جهة مباغتة المطر له يقول الكاتب على لسان النهر : " ....من أي جهة جاءت الأمطار يا ترى؟..من جهة الشمال أم من جهة الجنوب ؟ تساءل... " ..تجيبه الغيوم التي هي من الشخوص الثانوية الجامدة التي تتكلم لتفيده بالجهة التي تغدق عليه من أمطارها " .".وأجابته الغيوم التي كانت كثيفة : من فوقك أيها النهر من فوقك..." .لم يتمكن النهر من سماع الغيوم بسبب عصف الرياح وقوتها وانشغالها بتوزيع السحاب الكثيف الماطر على حقول والمزارع المجاورة
هكذا هو حال الصادقين لا يمكن سماع صوت الحقيقة لقوة ضجيج الوهم والزيف .
ينمو الحدث ويتطور في مرحلة الوسط تطورا تصاعديا يبرز قدرة الكاتب على التخيل ومدى براعته في رصد وتقريب الإيحاءات التي تحمل الكثير من التأويلات فهو يوظف الرمز ليوحي بالحالة ولا يصرح بها...فمن هو النهر ؟ ومن هي الغيوم ولما أجابته ولما أوحى لنا الكاتب أنّه لم يسمعها؟ من صراع الطبيعة إلى صراع بني البشر مع الطبيعة حيث يلوح بيت خشبي يدل على فقر من فيه .
المرحلة الثالثة مرحلة التنوير: و الصراع الحقيقي يبدأ بإغلاق الكهل لباب البيت الخشبي واستماتته في أحكام غلقه حيث يقبع في الداخل ولداه وزوجته يقول الكاتب : " على الضفة اليمنى كان البيت الخشبي الفقير رجلا كهلا يسد الباب بكتفيه شبه العاريتين حتى لا ينخلع وامرأة بثوب اسود ممزق تحضن طفلين مرتجفين خائفين " .
تتشابك الأحداث حيث قوة التصوير و الوصف حين تركيز الكاتب على كلّ التفاصيل فمن المنطقي أن يدرج الحيوانات الأليفة التي عادة ما تكون جزء مهم يستعين بها الإنسان في معيشته يقول الكاتب : " وكان محيط البيت كلبا ينفض شعره مما علق به من مطر وخم دجاجات تحضن بعضها ".يتكامل الحدث وتنبثق منه محاور مع إشراقه الشمس ليوم جديد
القاص يجنح للرمز كون هذا الأخير أقدر على التعبير عن المشاعر المبهمة والأحلام الخفية العميقة وترجمة السّر الخفي الكامن في النفس الإنسانية.
تزداد أحداث القصة ثرية بالوصف الماتع والدقيق الذي يعطي فيه الكاتب الأهمية لكل التفاصيل الصغيرة كحالة الشّجيرات على ضفتي النّهر الدّجاجات وما يلتقطنه من حبّ أي غذاء ، الكلب المرح ...غير أن حالة الحبور والسعادة التي كان ينعم بها الكهل وعائلته لم تدم .
حيث الحدث الأكبر يتزامن وقدوم الطغاة في كل زمان ومكان ...حتى وإن كانوا أصحاب الأرض و المالكين
لها حين استشعروا بالعطاء الوفير الذي سوف توفره الأرض والحقول نتيجة هطول الأمطار وجريان النهر عادوا ليطردوا الكهل ويهدموا الكوخ الذي يقيم فيه وعائلته.
لكن سوء العاقبة التي كانت مدبرة لهم من القدر،رحيل الكهل كان مؤشر نجاة وفوز له ولعائلته ،ونهاية مأساوية مباغتة للطغاة على مرّ العصور وعبرة لمن يطغى ويتجبر القاص نجح في جعل الرمز يؤدي الدّلالة كون القصة فيها الكثير من الرمزية " قصة لا تقول الأشياء بصورة مباشرة وواضحة وإنما تشير إليها بإشارات تحتاج إلى التأويل و التفسير
من القارئ ، ويلجأ إليها إمّا لإشراك القارئ في القصة بشكل أكثر فعالية أو لخوف الكاتب من التصريح " 2 . " وأخيراً نجد الرمز بطبيعته لا يوضح المرموز إليه، بل يترك ذلك لخيال القارئ وتأويله " 3. هكذا ختم القاص الصالح الطيب طهوري نصه ليترك بقية تخيل نهاية القصة للقارئ : " وكان الرجل الكهل يضم إلى صدره طفليه وزوجته الكثير من عشب الحنين...."
المرجع :
1 - المراجع " صحراوي إبراهيم – تحليل الخطاب الأدبي دراسة تطبيقية دار الآفاق الجزائر ص 29 ط 1 عام 1999 م .
2 – موقع اللغة العربية –المعلمة سوريا جلايلية.
3 – موقع اللغة العربية –المعلمة سوريا جلايلية
4 – قصة - نهر ينتقم لجيرانه
ق ق من صفحة الكاتب الطيب طهوري الفيسبوكية
بقلم الكاتبة فضيلة معيرش //الجزائر
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف