الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

صفقة القرن- القبول بالخطة الأمريكية أو استبدال السلطة.. الوقت يدق الجزء 1

تاريخ النشر : 2020-02-19
صفقة القرن : القبول بالخطة الأمريكية أو استبدال السلطة .. الوقت يدق – الجزء (1)

محمود التميمي

كان تقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا ( الإسكوا )  حول الممارسات الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني ومسألة الأبارتيد ( الفصل العنصري ) ، الذي أعده كل من البروفيسور ريتشارد فولك والبروفيسور فرجينيا تيلي أستاذة العلوم السياسية في جامعة جنوب الينوي ، والذي نشر على موقع الإسكوا في 15 مارس 2017م ، قد خلص  لنتيجة مفادها  "أن حجم الأدلة يدعم بما لا يدع مجالاً للشك أن إسرائيل مذنبة بجريمة فرض نظام أبارتايد على الشعب الفلسطيني، ما يصل إلى حد ارتكاب جريمة ضد الإنسانية".

" واستنتج التقرير أن استراتيجية تفتيت الشعب الفلسطيني هي الأسلوب الرئيسي الذي تفرض إسرائيل به نظام الأبارتيد وفي الوقت نفسه تحجب عن المجتمع الدولي الطريقة التي يعمل بها هذا النظام ككل متكامل. "

" ومنذ عام 1967م ، وفقاً لما يرد في التقرير ، ، يعيش الشعب الفلسطيني ، في أربعة " فضاءات " يعامل فيها السكان الفلسطينيون معاملة مختلفة في الظاهر ، لكنهم يتشاركون في الواقع اضطهاداُ عنصرياً في ظل نظام الأبارتايد ، وهذه الفضاءات هي : (1 ) -  القانون المدني ، المقترن بقيود خاصة ،المطبق على الفلسطينيين الذين يعيشون كمواطنين في إسرائيل. ( 2 ) -  قانون الإقامة الدائمة الذي يطبق على الفلسطينيين الذين يعيشون في مدينة القدس. ( 3 ) - القانون العسكري المطبق على الفلسطينيين الذين يعيشون منذ عام 1967م في ظل الاحتلال العسكري للضفة الغربية وقطاع غزة ، (4) - السياسة التي تمنع عودة الفلسطينيين ، سواء كانوا لاجئين أم منفيين يعيش معظمهم قسراً في البلدان المجاورة و خارج المناطق الواقعة تحت سيطرة إسرائيل، ويحظر عليهم العودة الى ديارهم".

ونظراً لأن " تقرير الإسكوا " قد تم حذفه تحت ضغوط من الولايات المتحدة عن موقع الأمم المتحدة ، ما أسفر عن احتجاج واستقالة السيدة ريما خلف ،  ، فإن نشر نص " صفقة القرن " والخرائط المفصلة المرفقة بها ، ومحاولة اعطاء الممارسات الإسرائيلية صبغة قانونية  من جانب الولايات المتحدة الأمريكية ، يضع في الواجهة ثلاث مسائل أساسية :

 أولاً - أن الولايات المتحدة وربيبتها إسرائيل ، قد قدمتا  للمجتمع الدولي ،بالنص الحرفي لصفقة القرن والخرائط والشروح المرفقة بها ، اعترافاً صريحاً ، ومستنداً قانونياً  ، ودليلاً دامغاً  من صنع أيديهما ، على أن نظام الفصل العنصري الذي تمارسه إسرائيل ، ومحاولات تكريسه وإدامته ، حقيقة واقعة ، وليس مجرد استنتاجات وصل اليها تحقيق الإسكوا ، أو أي تقرير آخر على غراره. وبالتالي ، فإن هذا الدليل المادي ،الفائق الأهمية ، ليس من ناحية اعتباره " خطة سلام " بل من ناحية كونه " مشروع أبارتيد "   ، يوفر ، مقروناً  بغيره من الأدلة الملموسة الوفيرة ، وعلى عكس ما توقع له مصمموه ، سلاحاً ، يمكن أن يرتد اليهم ، في المحاكم الدولية ، وفي الهيئات الأممية ، وأمام الرأي العام العالمي ، و يرفع الغطاء عن الطريقة  المخادعة التي يعمل بها هذا  النظام  ككل متكامل ، ويفضح الحيل الجارية ، والمتورطين فيها  لجعله مقبولا وسائغاً ، و أساساً لتسوية نهائية ، تنقلب على القوانين والقرارات الدولية ، وتتغلف بها ،وتفضي الى ما يخالف مضامينها.

 ثانياً -  ضرورة إعادة النظر في " تقرير الإسكوا " ،  وخلاصاته التي نصت على أن  : "  الأمم المتحدة ووكالاتها، والدول الأعضاء ملزمة جميعها إلزامًا قانونيا بالتصرف ضمن حدود قدراتها للحيلولة دون نشوء حالات الأبارتايد ومعاقبة المسؤولين عن هذه الحالات. وعلى الدول، تحديدًا، واجب جماعي يتمثل في: ( أ( ألا تعترف بشرعية نظام أبارتايد؛ )ب( ألا تقدم معونة أو مساعدة لدولة تقيم نظام أبارتايد؛ )ج( أن تتعاون مع الأمم المتحدة والدول الأخرى في القضاء على نظم الأبارتايد. وعلى مؤسسات المجتمع المدني والأفراد واجب أخلاقي وسياسي يلزمهم باستخدام الأدوات المتاحة لهم؛ لرفع درجة الوعي بهذا المشروع الإجرامي المتواصل، وللضغط على إسرائيل لحملها على تفكيك هياكل الأبارتايد امتثالاً للقانون الدولي."

ويشمل هذا الضغط ، استدعاء وتفعيل  كل القوانين والقرارات الدولية والآليات والتجارب المختزنة في مكافحة الأبارتيد ، واستنهاض المؤتمرات والتشكيلات والأطر ، واستخدام  كل الوسائل ، الكفيلة بتعرية وفضح ، تركيبة هذا الكيان القائم بأسسه و أنظمته وقوانينه وممارساته ، وخططه المنفذة ، والمستقبلية ، على قاعدة ، ترسيخ التمييز العنصري والاحتلال ، وبحيث يعي المجتمع الدولي بأن  السلام والأمن والاستقرار في المنطقة لن يتحقق، ولن يكتب النجاح  لأي مبادرة أو مشروع جاد لإحلال السلام، مالم يتم القضاء على الآفتين " الاحتلال والتمييز العنصري " ، معاً ، دون هوادة ، ودون تهاون ، وبشكل نهائي و تام.

ثالثاً – تعريف " إسرائيل "  بجلاء وحزم على أنها  " قوة احتلال " و " نظام فصل عنصري " ، يستتبع ، أن تبنى برامج الكفاح الوطني الفلسطيني ،و كل ما ينبثق عنها من أنشطة وأعمال على أساس ركيزتين  مضادتين ، هما " مقاومة وردع الاحتلال " و " مناهضة ومكافحة التمييز العنصري " ، وأن تتخطى الحركة الوطنية الفلسطينية ، تحت هذين العنوانين الكبيرين ، تقسيمات الفضاءات الأربعة التي بنيت عليها منظومة " الهيمنة والاستعمار " ،لتتحد في مشروع تحرري واحد ،شامل ومتوازن ، لا يهمل اياً من فضاءات النضال ، ولا يعدم حيلة أو وسيلة ، و لا يزهد بواسطة أو أداة ،   يشترك الجميع في صياغته ، له امتداداته الدولية ، وركائزه الفكرية، وخطابه السياسي والإعلامي الواضح، و برامجه النضالية العملية المؤثرة والمتجددة، المتكاملة ، والمتلائمة مع قدرات وظروف كل مكان وحالة.  

إن استراتيجية " تفتيت الشعب الفلسطيني "  ، وتفتيت ما تبقى من الأرض الفلسطينية ، ووصلها كـ " بنتوسانات " متناثرة ، وقطع مهشمة ، بطرق وممرات و جسور وأنفاق متخيلة ، ومنح الفلسطينيين " هبة " أن يطلقوا على هذا المسخ ، اسم دولة ، بينما تستأثر " إسرائيل " بالقدس عاصمة موحدة ، و المناطق الزراعية الخصبة في الأغوار ووادي نهر الأردن والبحر الميت و40 % من أراضي الضفة الغربية ، والمستوطنات ، وتفرض هيمنتها على الحدود و المعابر والمنافذ الجوية والبرية والبحرية ، وتبسط السيطرة العسكرية والأمنية ، وتتحكم بأبسط مجريات الحياة اليومية للسكان ، و تضع يدها على الموارد الطبيعية والمياه ، وتشترط على الفلسطينيين ، أنظمة التربية والتعليم ، ونمط وطريقة  ومناطق العيش ، و تبيـح لهم أو تــحرم عليهم ، ما تشـــــــــــــــــــــــــاء ، كل ذلك ، ليـــــس إلا هيكـل التســــــــــــوية ، والمدخل ، الى المشــــــــــروع الفعـلي و  الحقـيقي : " تسمين إسرائيل " .

ولا تحكم عقلية  " التفتيت " سياسة الاحتلال العسكري والهيمنة   ، فحسب  ، بل تحكم أيضاً  " صيغة الحل النهائي " ، لإخفاء نظام الأبارتيد في زمن الاحتلال المباشر ،  ثم في زمن ما بعد التسوية المزعومة ، وبحيث لم تعد الإجابة محيرة ، أيهما يستند الى الأخر " الاحتلال " أم " التمييز العنصري " ، بثبوت استناد النظام ، وبنفس القدر ، لكليهما معاً.

وبما أن التركيز انصب في أغلب الدراسات والمقالات المنشورة ، على "  صفقة القرن " نفسها ، وما ورد في نصوصها ، مراجعة ، وقراءة ،  وتفنيداً  ، فلعلنا نحاول هنا ، سبر  بعض المرامي المبيتة والخطيرة ، للجهات التي عملت و ساهمت بشكل أو بأخر بصوغ الصفقة ، و ستستمر بموائمتها و تعديلها لحصد النتائج الممكنة رويداً ، رويداً .

المبدأ  أم الاتفاق ؟؟ 

سيظل السؤال مشروعاً حول  ، ما الجدوى  من الخطة الأمريكية " صفقة القرن " ، اذا ما كانت مرفوضة من الجانب الفلسطيني ، والعربي ، ولا تحظى بدعم وغطاء دولي ، ولم تتفق الأطراف المعنية على بنودها ومحتواها ؟؟!!

الجنرال " عاموس يادلين " رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان ) السابق ، والرئيس الحالي لمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي يجيب بالقول : " رغم  رفض الفلسطينيين مناقشة الخطة ، فإن إسرائيل ستكون حكيمة في تبني الخطة من حيث المبدأ كأساس لحل النزاع في المستقبل" .

ويضيف : " هذه هي الخطة الأكثر ملائمة لإسرائيل التي قدمها لاعب دولي على الإطلاق. فيما يتعلق بالقضايا الأساسية للصراع - الحدود والأمن ووضع القدس ومشكلة اللاجئين الفلسطينيين - تستند الخطة إلى الخطوط العريضة والمبادئ المريحة لإسرائيل أكثر من تلك التي وضعها كلينتون ، جورج دبليو بوش ، وإدارات أوباما" .

ولا يخفي " يادلين " أن " العديد من مكونات خطة ترامب تتوافق مع الأساس الاستراتيجي الذي وضعته خطة المعهد  INSS ، كإطار عمل " ، وينصح بعدم الخروج عن"  مباديء الخطة ،  التي تشدد على التنسيق مع الولايات المتحدة ، والجهود المبذولة لتجنيد الدعم العربي ، والسعي للحفاظ على خيار اتفاق مستقبلي بروح حل الدولتين. على عكس الضم أحادي الجانب من جانب إسرائيل ، المليء بالمخاطر ، وبحيث يتولد أفق سياسي  إيجابي للحصول على دعم دولي من إدارة ترامب وما وراءها."

إذن ، فتثبيت الخطة ، كمبدأ وأساس لحل النزاع ، وإن أتى هذا الحل مؤجلاً  ومتأخراً ، أهم من التوصل الى اتفاق غير مريح لإسرائيل ، قد يكون مستعصياً ومتعذراً بالوقت  الحالي ، ولا بد لهذا الأساس والمبدأ ، ليدوم فعله وأثره ، ألا تتعهد به إدارة ترامب وحدها ، بل جميع  الإدارات الأمريكية التي ستأتي وراءها، مع كل ما  تتطلبه ترقية إدارات من هذا الصنف ، من خطط وبرامج وجهود  حثيثة .

ولما كان الترويج لخطة ترامب ، قد انصب حتى الأن على دول الخليج العربي والشرق الأوسط ، فلسوف يتركز   التبشير بالخطة ، أو بما يمكن اشتقاقه منها ، على الولايات المتحدة نفسها في المرحلة القادمة.وبحيث سيغدو مفهوماً و مؤكداً فيما  سيعقب من أحداث ، أنها لم توضع لإبرام اتفاق مع الفلسطينيين ، بالدرجة الأولى ، بل للانعطاف بالسياسة الخارجية الأمريكية نحو مرحلة جديدة ، تنسخ ما قبلها ، وتوسع الهوة والفرجة ، بين الحد الذي وقفت عنده " مفاوضات كامب ديفيد " ، و " وثيقة كلينتون " و " رؤية بوش " و " جولات كيري " وسواها ، و بين ما تذهب اليه بعيداً " صفقة القرن " " بإطلاق يد إسرائيل ، لفرض شروطها ، دون أدنى مراعاة لضوابط القوانين والقرارات الدولية.

وسيكون أي اتفاق ٍ مستقبلي  لا يجسد حل الدولتين ،  ، مُرغماً على تجنيد دعم عربي ما ، و  لتقمص " روح حل الدولتين " ، وانتحال هيئته ، لكي لا تضطر إسرائيل  منفردة ، لتنفيذ " ضم أحادي الجانب ، مليء بالمخاطر .

ولتحقيق ذلك ،يوصي INSS  باستخدام "  الرفض الفلسطيني المتوقع لخطة ترامب لتشكيل واقع جديد ،في ظل ظروف ومعايير مقبولة لدى إسرائيل ،حتى لو عنى ذلك ، التنقل عبر طرق بديلة. كانفصال إسرائيل المستقل عن الضفة الغربية ، والذي سيتم تنسيقه مع الولايات المتحدة والدول العربية ذات الصلة ؛ وبطريقة تتطور  لتحافظ على خيار خلق واقع الدولتين في وقت لاحق ، في ضوء الظروف المناسبة. بالترادف ".

الإدارة الجمهورية أفضل

" إن عدم القدرة على تنفيذ الخطة بالتراضي وبخطوات إسرائيل أحادية الجانب التي من شأنها إحباط أي حل قائم على دولتين من شأنها أن تنفر الإدارة الأمريكية - جمهوريًا أو ديمقراطيًا على حد سواء - وكذلك بقية المجتمع الدولي الذي يسعى إلى دفع حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني ، مغادرة إسرائيل للتعامل مع المشكلة الفلسطينية وحدها. وفقًا لهذا السيناريو ، تم تقييم أن الإدارة الديمقراطية ربما تحاول إجبار إسرائيل على منح الحقوق الكاملة لكل المقيمين في نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط. هذا من شأنه أن يحدد نهاية الحلم الصهيوني بدولة يهودية."

الخلاصة السابقة ، هي إحدى توصيات المؤتمر السنوي الثالث عشر ، لمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي ، المنعقد خلال الفترة 28- 30 يناير 2020م، ويمكن ربطها بالتأكيد بما أوردناه سابقاً ، حول أن " خطة ترامب " لن يكون لها أية قيمة فعلية ، إن لم تتعهد بها أيضاً ، الإدارات الأمريكية القادمة ، بالمدى المنظور لأربعة أو ثمانية سنوات آتية ، على الأقل ، كأساس لأي حل محتمل للقضية الفلسطينية ، وبحسب هذه المقاييس ، فإن الإدارات الجمهورية ، ربما تكون أفضل وأكثر اتفاقاً ، وأقل تعريضاً للمخاطرة ، من الإدارات الديمقراطية ،التي قد تتعامل ، من منظار الحقوق ، والمساواة لسكان المنطقة.

حل الدولتين الواقعي

قد لا يُحتم حل الدولتين المُنتحل والمُدَّعى ، إنشاء دولة جديدة ، وإن كان يتطلب واقعاً جديداً ، يتخلق شيئاً فشيئاً ، ولو فهم أحدٌ ما ،  من العنوان " حل الدولتين الواقعي " ، قيام دولة فلسطينية الى جانب إسرائيل ، فإنه بالتأكيد لم يدرك المقصو د أبداً.

لا يدور الحديث هنا عن حدث أو نتيجة ستتبلور سريعاً ، في الظروف الراهنة ، بل عن ماهية الطرق البديلة، وما يمكن أن تفضي اليه مستقبلاً  ، إذا ما أصر الفلسطينيون ، خلال مهلة السنوات الأربعة الممنوحة لهم ، على رفض الخطة ، أو اذا لم يثبتوا جدارة في قبولها وتنفيذ شروطها.

البروفيسور  الإسرائيلي " موشيه دان " الباحث في مركز بيغن – السادات ، يرى أن الدول مدعوة للقبول بنهج " حل الدولتين الجديد " ، وفكرة " دولتين لشعبين " بناءً على واقع وجود دولة ذات سيادة موجودة بالفعل على أرض تُعتبر فلسطينية وثلاثة أرباع سكانها فلسطينيين.. هي الأردن "

ويضيف : " يتماشى الترويج للأردن كدولة عربية فلسطينية مع القانون الدولي وإنشاء شرق الأردن في عام 1922 كجزء من "حل الدولتين".  سيحل مشكلة تقرير المصير الوطني للعرب الذين يعيشون في الضفة الغربية وكذلك بالنسبة لأولئك الذين يعيشون في إسرائيل وغيرها. إن الاعتراف بالأردن كدولة فلسطينية مع الحفاظ على وضعها كحكومة ملكية يعكس الهوية الوطنية لغالبية سكانها."

وسيحتاج هذا الكيان الجديد الى الأجواء والمحفزات المناسبة لجعله قابلاً للحياة والتطور :

-          بنية اقتصادية – اجتماعية مستقرة نسبياً .

-          أعداد كبيرة   من السكان ، يجري امتصاصهم من الضفة الغربية وقطاع غزة ، واعادة توطينهم في مراكز سكانية تتوسع  شرقاً .

-          مياه عذبة من مصادر ها الوفيرة  في تركيا وبحر قزوين

-          سكة حديد بين  حيفا والأردن  ، تمتد إلى الأسواق الأوروبية ودول الخليج العربي .

ربما لا يجد هذا الطرح الأن اهتماما كافياً ، ويراه البعض صعباً ومستبعداً ، لكنه سيبقى بالفعل ، أحد الاحتمالات ، الموضوعة في الحسبان ، إذا ما انهارت السلطة الوطنية الفلسطينية ، وتفاقمت الأحوال المعيشية السيئة الى حدود غير مسبوقة ، ونفذت إسرائيل مع الولايات المتحدة الخطة من طرف واحد ، ونبذتا المعازل الفلسطينية الى فراغ سياسي يستدعي ملؤه بديلاً مقبولاً  ، تحت وطأة الظروف القاهرة والطارئة.

ولعلنا سنفهم الفكرة بشكل أوضح لو نظرنا لخطة ترامب ، كمشروع يتم وضع تصاميمه والتهيئة له وتوفير  مواده ومستلزماته وتنفيذه على مراحل .

فرصة تاريخية يجب اغتنامها

"هناك من يكسب العالم في لحظة واحدة وهناك أولئك الذين يخسرون العالم في لحظة واحدة."

      هذا ما قاله  الجنرال " غيرشون هاكوهين" الذي خدم في الجيش الإسرائيلي لمدة 42 سنة ،عن صفقة القرن .

وأضاف:"  إن التحول الذي أحدثه الرئيس ترامب في النهج الأمريكي تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يمس جوهر الخلاف الإسرائيلي ويقدم فرصة تاريخية فريدة من نوعها.

تكمن عظمة خطة ترامب في حقيقة أنها ، على عكس مبادرات السلام الأمريكية السابقة ، تعترف بحق إسرائيل في الاحتفاظ بالأراضي خارج حدود عام 1967 كمسألة حق تاريخي وليس فقط كتدبير يتم اتخاذه لأغراض أمنية.

من خلال خطته ، ينضم الرئيس ترامب إلى اللورد بلفور وغيره من زعماء العالم الذين رأوا في ولادة إسرائيل من جديد في وطن أجدادهم اخبار الفداء الكوني ،. لقد تلقت إسرائيل هدية ثمينة ، "

من غير المحتمل أن تؤدي خطة ترامب  إلى تصعيد كبير

العقيد  الإسرائيلي " موشيه إيلاد " أحد مؤسسي التنسيق الأمني ​​بين جيش الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية ، " يشك في أن يتم  إيقاد أي مستوى مهم من العنف الشعبي ، وأن المظاهرات المتفرقة تكون أكثر احتمالًا" كرد على إعلان خطة ترامب ،  ويقول : " إن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو المظاهرات والاضطرابات المحلية التي لا تتطور إلى ثورات عنف هائلة ، لن يكون لإزاحة الستار عن الخطة تأثير كبير على الأرض ، ولن تكون هناك انتفاضة ثالثة ".

هذا التقييم والتوقع ، مُخيّب ، بغض النظر عن درجة صحته ودقته ، فهو يعني أننا  وبحسب تقديرات الاحتلال لم نبني قدراتنا وطاقاتنا على الأرض ، ولم نقم بواجبات التعبئة والتنظيم ورض الصفوف بشكل كاف ، ليس فقط لهز هذا الكيان بقوة للإطاحة بمشاريعه ، بل على الأقل لإرباكه وزعزعة قراراته وسلبه الراحة والاطمئنان في الحد الأدنى.

وهو مخيب أيضاً لأن أوراقنا  وخياراتنا وهوامش حركتنا ، قد تكون مكشوفة ، ومعلومة ، و يمكن السيطرة عليها واحتواؤها ، ما يعني أننا مطالبون بجعل الاستعداد على الأرض و  المواجهة الحقيقية المباشرة ، في صميم خططنا وأعمالنا، وفي صلب اهتمامنا ، نواة  و أساساً لكل الجهود السياسية والدبلوماسية والإعلامية ، وليس العكس ، وسبيلاً لاستعادة زمام المبادرة وعنصر المفاجأة  ، وحرمان المحتل من رغد الاستقرار و حفظ النظام بأقل ثمن وأقل كلفة.

خطر الدولة الواحدة

المؤتمر السنوي الثالث عشر ، لمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي ، المنعقد خلال الفترة 28- 30 يناير 2020م يرى أن " الخطة بإنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة ، وفي واقع الأمر ستقسم كيانًا فلسطينيًا محاطًا وسجنًا في الأراضي الإسرائيلية ، إلى ستة كانتونات منفصلة ، مع سيطرة إسرائيل على نقاط الدخول ونقاط الخروج وطرق المرور ، والمعابر الحدودية للكيان الفلسطيني. تبعا لذلك  " وبالتالي " هناك قلق من أن تحركات إسرائيل من جانب واحد على نطاق واسع (وادي الأردن وجميع المستوطنات) من شأنه أن يعجل بتفكك السلطة الفلسطينية ويدفعها إلى "إعادة المفاتيح" إلى إسرائيل. وجراء سيطرة إسرائيل على الأرض ،ستقوم باحتياجات الرعاية الاجتماعية والاقتصادية لحوالي 2.5 مليون فلسطيني ، دون مساعدة اقتصادية خارجية ، وسيغدو  واقع الدولة الواحدة ، نتيجة متوقعة  ، وهو ما يعكس في الواقع هدف شريحة مهمة لجيل الشباب من الفلسطينيين ، الذين يعتقدون أن وقت الكفاح المسلح نحو الاستقلال الفلسطيني إلى جانب دولة إسرائيل قد ولى ، وأن الهدف يجب أن يكون دولة واحدة مع حقوق متساوية لجميع مواطنيها".

استبدال السلطة .. الوقت يدق

" على عكس أي خطط سلام سابقة ، تخبر هذه الخطة الجديدة السلطة الفلسطينية أنه إذا لم تختر التغيير في السنوات الأربع المقبلة ، فإن الولايات المتحدة وإسرائيل والعرب البراغماتيين لن ينتظروا لفترة أطول ولن يمكّنوا السلطة الفلسطينية. من الاحتفاظ  بحق النقض (الفيتو) على إرادتهم للمضي قدماً. فالوقت يدق ، وهذه السلطة الفلسطينية يجب استبدالها بسلطة عمل فلسطينية  ، تنزع سلاح حماس وبعد ذلك تستطيع أن تحكم قطاع غزة. يجب استبدالها بـ سلطة مستعدة لقبول إسرائيل كدولة قومية  للشعب اليهودي. يجب استبدالها بسلطة لا تعيق التطبيع مع الدول العربية ، يجب استبدالها بـسلطة تحارب الإرهاب ، وتوقف سياسة "الدفع مقابل القتل ( المقصود : أسر الشهداء والجرحى والأسرى )، سلطة تُنهي التحريض في الداخل والخارج. وفي النهاية ،. إذا حدث هذا التغيير الثقافي ، فإن السلطة الجديدة  سوف تتحول إلى دولة وسيتم تزويدها بوفرة من الموارد الجديدة."

هذا ما كتبه   العميد " يوسف كوبر واسر " الوزير الإسرائيلي السابق لوزارة الشؤون الاستراتيجية في مقال مشترك مع " ساندر جربر " الشريك التنفيذي لشركة هدسون باي كبيتال منجمنت ، في موضوع ، نشره المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي( JINSA).

والخلاصة أن مهلة الأربعة سنوات ، لا تعني  فقط ، أن قيام ما تعتبره الخطة " دولة " أو " كيان فلسطيني " مرتهن بتنفيذ جملة من الشروط الجبرية خلالها ، بل تعني ، كذلك ، أن قرار  إزاحة السلطة واستبدالها بسلطة خاضعة وطائعة أو الإبقاء عليها ، مرهون أيضاً بتنفيذ تلك الشروط.

   ناقوس الخطر  يدق فعلاً ، بل يدق بقوة ، ويحتاج لإجراءات وبرامج حقيقية وعمل كبير ،وحالة طواريء طويلة الأجل ، واستنهاض وطني  فلسطيني شامل  ومتعاظم. قبل فوات الأوان ، وانغلاق الأفق ، و نفاد الطاقات و  الوسائل.

[email protected]

( يتبع )
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف