
*طلقه كامله للصوت*
*بقلم الدكتور اسماعيل صيام *
*تدين الحركة السيريالية باسمها للكاتب الفرنسى " جيوم أبولينير " ، وقد كان للعالم النفسى الشهير " سيجموند فرويد " خاصة نظرياته المتعلقة بالأحلام أكبر الأثر فى انصراف " بريتون " عن الدادية وتحوله إلى السريالية . كان بريتون قد بدأ حياته بدراسة الطب ، وذلك فقد كان من الطبيعى أن يتابع بأهتمام اكتشافات ونظريات " فرويد " فى عالم الطب النفسى ، وفعلاً قام بعدة مراسلات مع ذلك العالم النفسى الشهير أعقبها بزيارة إليه فى مدينة " فيينا " عام 1921 حيث تم اللقاء بينهما .*
* وقد كان لهذا اللقاء أكبر الأثر فى نفس " بريتون " إذ أدرك كما أدرك كثير من معاصريه أن نظريات فرويد عن الأحلام واللاشعور تعطيه رؤية أكثر ثراء وجدة . ورأى بريتون أن اعتناق نظرة " فرويد " للنفس البشرية وجوانبها الخفية كفيل
بإنتاج تجارب فنية خلاقة . إذ أن الرؤية الجديدة للإنسان التى حطمت النظرة التقليدية المنطقية المحددة سوف تستدعى بالضرورة قوالب فنية جديدة لبلورتها .
وتمخض إيمان " بريتون " الجديد عن أعلان إنشاء ومبادئ الحركة السريالية الذى نشره عام 1924 ، والذى عرض فيه مبادئ السريالية كرؤية فى الحياة وفى الفن .*
* ويقول " بريتون " فى إعلانه الشهير أن السريالية هى " الحركة الذاتية للنفس بصورة نقية خالصة " . *
* ويقول : *
* " إن التعبير عن هذا الحياة النفسية المستقلة عن اى شئ خارجها سوف يكشف لنا الوظيفة الحقيقية لملكة الفكر " . *
* ويقصد " بريتون " بالفكر هنا شيئاً مختلفاً تماماً عن التفكير العقلانى المنطقى الموجه فالفكر كما يراه هو " حركة الذهن الحر بعيداً عن قيود العقل والمنطق والقيم الجمالية والأخلاقية المتوارثة " .*
* ويمضى " بريتون " ليقول : إن السريالية " ترتكز على الإيمان بأن الأحلام أقوى من أى شئ آخر وبأن بعض أنماط التداعى الذهنى التى لم يعرها أحد إهتماماً من قبل قادرة على أن تكشف لنا حقائق أبعد عمقاً من تلك الحقائق التى نصل اليها
عن طريق العقل والمنطق " *
* لهذا تدعوا السريالية إلى إطلاق العنان للفكر والذهن تماماً ، وعدم تقييده بقواعد وغايات معينة ، وترى أن ذلك كفيل بتخليص الذهن من جميع الأنماط الألية المفروضة عليه وإعادة الحركة الذاتية الحرة إلى النفس . *
استفاد أيضا من أعمال مدرسة " الارنوفو" خاصة " كليمت " لوحة " القبلة الشهيرة " ومهما كان المصدر فقد نجح فى مزجها كلها ليظهر معجمه الفنى الخاص الفريد الذى يتجاوز كل المدارس والتيارات الفنية التى تأثر بها.على سبيل المثال إلى طريقة توظيفه للألوان، ففى بعض اللوحات قد يستخدم ألواناً هادئة بل وقد يوظف الفراغ، ولكن فى لوحات أخرى تتفجر الألوان كالبركان، ويظهر التباين الخلاق فى لوحاته التى يستخدم فيها خط أسود واحد يجمع يجمع شتات اللوحة وتفاصيلها العديدة.ذلك فى مقابل التفجر اللونى الذى نجده فى لوحاته عن الفصول الأربعة، وبالذات لوحته عن الصيف، والتى يظهر فيها الوجه الإنسانى بعيونه المتسعة المليئة بشهوة الحياة، ووجه إنسان يحمل طفلين بيد حنونة،وكل هذا يغطيه فيض من الألوان الجميلة. هذا الفنان الذى يعرف أصول صنعته أدرك ذلك، ولذا نجده
قد قسم الألوان إلى أقسام تأخذ شكل مربعات ودوائر، لكل منها لونه الخاص وشخصيته الخاصة لكنها كلها تتماوج لتخلق تعدداً لونياً داخل الوحدة، ووحدة تحيط بالتعدد اللونى.من يشاهد لوحات الفنان يعرف إنه مصرى صميم.يفسر الملامح الفرعونية لشخصياته وطريقة جلوسها وحركة ايديها كما أنه يوظف بعض الرموز المصرية القديمة مثل الطيور والأوانى وهو يمزج بين كل هذه العناصر فى نسيج عمله، فلا تبقى مجرد عناصر زخرفية بل هى عناصر حية تربط بين زخم الماضى والواقع الحالى،وإذا كان العنصر الفرعونى واضح فى لوحاته، فهناك العنصر العربى
الإسلامى أيضاً ، الذى يظهر فى رفضه التقليد المباشر شبه الفوتوغرافى للطبيعة أو للإنسان. هناك تلك اللوحات المكونة من كلمات وحروف وهى لوحات لها علاقة بأعماله الآخرى، فالخط الذى يستخدمه فى تلك اللوحات خط متصل لا ينقطع، تماماً
مثل ذلك الخط الأسود المتصل الذى يوجد فى لوحاته، كما إن لوحاته التى يستخدم فيها الخط تأخذ شكل وجه إنسانى.فى هذه اللوحة ثمة توظيف خلاق لكل من الفراغ والمساحات اللونية،ففى يمين اللوحة ثمة فراغ أبيض، لكن الخط الأسود ينتهى بتوقيع الفنان، بحيث يصبح توقيعه جزءاً من نسيج اللوحة، وفى يسار اللوحة تجلس عازفة الهارب جلسة البروفايل الفرعونى، وفى مركز هذا الجزء توجد يد كبيرة، يد العازفة التى تشكل مركز اللوحة، وهى يد رقيقة مفعمة بالحياة، حينما تمر على أوتار الهارب، أو أى آلة وتريه فاللوحة لا تحدد نوع الآلة، ولكنها من الواضح أنها آلة وترية من آلات الفراعنة. أما جسدها فهو عبارة عن عدة أقسام كل قسم يحوى لوناً واحداً، ولكنه ليس بقعة لونيه وأنما زخرف ملون متكرر.فى أسفل هذا الجزء نصل إلى قدم العازفه الجالسة المتكئة على بقعة زرقاء توحى بالبحر
والسماء وعالم النغم الذى تنقلنا إليه العازفة .
*بقلم الدكتور اسماعيل صيام *
*تدين الحركة السيريالية باسمها للكاتب الفرنسى " جيوم أبولينير " ، وقد كان للعالم النفسى الشهير " سيجموند فرويد " خاصة نظرياته المتعلقة بالأحلام أكبر الأثر فى انصراف " بريتون " عن الدادية وتحوله إلى السريالية . كان بريتون قد بدأ حياته بدراسة الطب ، وذلك فقد كان من الطبيعى أن يتابع بأهتمام اكتشافات ونظريات " فرويد " فى عالم الطب النفسى ، وفعلاً قام بعدة مراسلات مع ذلك العالم النفسى الشهير أعقبها بزيارة إليه فى مدينة " فيينا " عام 1921 حيث تم اللقاء بينهما .*
* وقد كان لهذا اللقاء أكبر الأثر فى نفس " بريتون " إذ أدرك كما أدرك كثير من معاصريه أن نظريات فرويد عن الأحلام واللاشعور تعطيه رؤية أكثر ثراء وجدة . ورأى بريتون أن اعتناق نظرة " فرويد " للنفس البشرية وجوانبها الخفية كفيل
بإنتاج تجارب فنية خلاقة . إذ أن الرؤية الجديدة للإنسان التى حطمت النظرة التقليدية المنطقية المحددة سوف تستدعى بالضرورة قوالب فنية جديدة لبلورتها .
وتمخض إيمان " بريتون " الجديد عن أعلان إنشاء ومبادئ الحركة السريالية الذى نشره عام 1924 ، والذى عرض فيه مبادئ السريالية كرؤية فى الحياة وفى الفن .*
* ويقول " بريتون " فى إعلانه الشهير أن السريالية هى " الحركة الذاتية للنفس بصورة نقية خالصة " . *
* ويقول : *
* " إن التعبير عن هذا الحياة النفسية المستقلة عن اى شئ خارجها سوف يكشف لنا الوظيفة الحقيقية لملكة الفكر " . *
* ويقصد " بريتون " بالفكر هنا شيئاً مختلفاً تماماً عن التفكير العقلانى المنطقى الموجه فالفكر كما يراه هو " حركة الذهن الحر بعيداً عن قيود العقل والمنطق والقيم الجمالية والأخلاقية المتوارثة " .*
* ويمضى " بريتون " ليقول : إن السريالية " ترتكز على الإيمان بأن الأحلام أقوى من أى شئ آخر وبأن بعض أنماط التداعى الذهنى التى لم يعرها أحد إهتماماً من قبل قادرة على أن تكشف لنا حقائق أبعد عمقاً من تلك الحقائق التى نصل اليها
عن طريق العقل والمنطق " *
* لهذا تدعوا السريالية إلى إطلاق العنان للفكر والذهن تماماً ، وعدم تقييده بقواعد وغايات معينة ، وترى أن ذلك كفيل بتخليص الذهن من جميع الأنماط الألية المفروضة عليه وإعادة الحركة الذاتية الحرة إلى النفس . *
استفاد أيضا من أعمال مدرسة " الارنوفو" خاصة " كليمت " لوحة " القبلة الشهيرة " ومهما كان المصدر فقد نجح فى مزجها كلها ليظهر معجمه الفنى الخاص الفريد الذى يتجاوز كل المدارس والتيارات الفنية التى تأثر بها.على سبيل المثال إلى طريقة توظيفه للألوان، ففى بعض اللوحات قد يستخدم ألواناً هادئة بل وقد يوظف الفراغ، ولكن فى لوحات أخرى تتفجر الألوان كالبركان، ويظهر التباين الخلاق فى لوحاته التى يستخدم فيها خط أسود واحد يجمع يجمع شتات اللوحة وتفاصيلها العديدة.ذلك فى مقابل التفجر اللونى الذى نجده فى لوحاته عن الفصول الأربعة، وبالذات لوحته عن الصيف، والتى يظهر فيها الوجه الإنسانى بعيونه المتسعة المليئة بشهوة الحياة، ووجه إنسان يحمل طفلين بيد حنونة،وكل هذا يغطيه فيض من الألوان الجميلة. هذا الفنان الذى يعرف أصول صنعته أدرك ذلك، ولذا نجده
قد قسم الألوان إلى أقسام تأخذ شكل مربعات ودوائر، لكل منها لونه الخاص وشخصيته الخاصة لكنها كلها تتماوج لتخلق تعدداً لونياً داخل الوحدة، ووحدة تحيط بالتعدد اللونى.من يشاهد لوحات الفنان يعرف إنه مصرى صميم.يفسر الملامح الفرعونية لشخصياته وطريقة جلوسها وحركة ايديها كما أنه يوظف بعض الرموز المصرية القديمة مثل الطيور والأوانى وهو يمزج بين كل هذه العناصر فى نسيج عمله، فلا تبقى مجرد عناصر زخرفية بل هى عناصر حية تربط بين زخم الماضى والواقع الحالى،وإذا كان العنصر الفرعونى واضح فى لوحاته، فهناك العنصر العربى
الإسلامى أيضاً ، الذى يظهر فى رفضه التقليد المباشر شبه الفوتوغرافى للطبيعة أو للإنسان. هناك تلك اللوحات المكونة من كلمات وحروف وهى لوحات لها علاقة بأعماله الآخرى، فالخط الذى يستخدمه فى تلك اللوحات خط متصل لا ينقطع، تماماً
مثل ذلك الخط الأسود المتصل الذى يوجد فى لوحاته، كما إن لوحاته التى يستخدم فيها الخط تأخذ شكل وجه إنسانى.فى هذه اللوحة ثمة توظيف خلاق لكل من الفراغ والمساحات اللونية،ففى يمين اللوحة ثمة فراغ أبيض، لكن الخط الأسود ينتهى بتوقيع الفنان، بحيث يصبح توقيعه جزءاً من نسيج اللوحة، وفى يسار اللوحة تجلس عازفة الهارب جلسة البروفايل الفرعونى، وفى مركز هذا الجزء توجد يد كبيرة، يد العازفة التى تشكل مركز اللوحة، وهى يد رقيقة مفعمة بالحياة، حينما تمر على أوتار الهارب، أو أى آلة وتريه فاللوحة لا تحدد نوع الآلة، ولكنها من الواضح أنها آلة وترية من آلات الفراعنة. أما جسدها فهو عبارة عن عدة أقسام كل قسم يحوى لوناً واحداً، ولكنه ليس بقعة لونيه وأنما زخرف ملون متكرر.فى أسفل هذا الجزء نصل إلى قدم العازفه الجالسة المتكئة على بقعة زرقاء توحى بالبحر
والسماء وعالم النغم الذى تنقلنا إليه العازفة .

