الأخبار
(يسرائيل هيوم): هكذا حاولت حماس اختراق قاعدة سرية إسرائيلية عبر شركة تنظيفجندي إسرائيلي ينتحر حرقاً بعد معاناته النفسية من مشاركته في حرب غزةالهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينية
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ميسون أسدي تصف الحياة الخاصة للنساء في "لملم حريم" بقلم: أحمد النحاس

تاريخ النشر : 2020-02-18
ميسون أسدي تصف الحياة الخاصة للنساء في "لملم حريم" بقلم: أحمد النحاس
ميسون أسدي تصف الحياة الخاصة للنساء في "لملم حريم"
بقلم: أحمد النحاس- القاهرة

قصص الفلسطينية ميسون أسدي "لملم حريم" تخبر عن الحياة الخاصة لنساء يعذبهن الفقد للحميميّة ويعشن حيوات تترنح تحت ضغط الروتين والاعتياد، فتجتمع عندهن صورتان نقيضتان، واحدة ظاهرة، يوميّة وتشبه القناع، فيما الثانية باطنيّة، مستترة، نساء يتجوّلن في البيت والشارع وأماكن العمل وعلى شاطئ البحر في صور تبدو طبيعيّة وعاديّة، فيما تصطرع في أعماقهنّ نار القهر والحرمان.

ميسون أسدي ابنة قرية "دير الأسد" في الجليل والتي تقيم في حيفا، تذهب إلى تلك المساحات الشائكة من عيش نسوي يطفح بمرارات لا تحصى من تفاصيل ومشاهد تؤلّف مجتمعة ومنفردة محنة الروح في جحيم اليومي الطافح بالمرارات والخيبات.

"لملم حريم" مجموعتها القصصية الصادرة عن "منشورات مكتبة كل شيء- حيفا- 2012" تختار لها منذ البداية عنوانًا لافتًا، سنجد تفسيره في القصة التي تحمله وتعبر عنه وتحمله كذلك عنوانًا لها وللمجموعة معًا، وهو اختيار لافت من الكاتبة فـ"لملم حريم" هو أسم "الاتحاد النسائي" في اللغة الأفغانية على ما يضمره ذلك من مفارقات حياة النساء في تلك البقعة القصيّة من العالم.

في قصة "الصفر يربح" تحكي ميسون أسدي عن تباهي النساء بفحولة أزواجهن في نوع من إغاظة الأخريات، وعن حكايات وأجواء حميمة لتنتهي القصة بخاتمة هزلية إذ تروى إحداهن لصديقتها حكاية عجوزين يراهنان بعضهما على الروليت حول عدد المرات التي يعاشر كل واحد منهما زوجته فيها، فيختار كل منهما رقما، لكن الروليت تقف عند الرقم صفر، فينظر كل منهما للآخر قائلين: كنا ربحنا لو اخترنا الرقم الحقيقي.

في القصة سرد يذهب مع النساء إلى الطبيعة، الأماكن المفتوحة والهواء الطلق، وبالذات البحر، حيث تلتقي الصديقات هناك فيما يشير إلى رغبة عميقة في التحرر من اليومي وأثقاله، نساء ميسون أسدي يحتفلن بالحياة، ويملؤهن جموح عيشها، هنا بالذات تزدهر كتابتها بالجزئيات والتفاصيل الصغيرة التي تجعل سطور القصة تجمع بين السرد وبين البوح الدافئ والذي يضفي على القصص حميمية العلاقة مع القارئ.

قراءة المجتمع من خلال عالم نسائه وما يحيط بتلك العوالم من ضنك لا يطفو على سطح الجدالات الفكرية والثقافية عادة، وأعتقد أن ميسون أسدي بهذه القصص تفتح بابا واسعا لرؤية ذلك المسكوت عنه، والذي قد يبدو من النظرة العابرة بعيدا عن "العناوين الكبرى" والموضوعات العامة، ولكنه بقليل من التأمُل يشير لها، بل يصدر من أتونها ومن تفاعلاتها، التي تحكم المجتمع وتخضعه لسطوتها وهيمنتها.

في قصة "شحنة من الأمل" تكتب أسدي حكايات الطفولة الفلسطينية في شقيها المقيم في فلسطين، وذلك الذي في مخيمات اللجوء في لبنان، في هذا القصة الجذابة والجارحة من خلال أطفال ينشدون لأية طائرة تحلق في السماء لأن تعيد لهم أهلهم وأقاربهم الغائبين.

هي قصة تنتمي لما يمكن أن نسمّيه "فلوكلور العادات" عند أطفال فلسطين في كل أماكن تواجدهم: الطائرة رمز الحركة الحرة تشبه معادلا لبساط الريح، يرمي لها الأطفال أمنياتهم، ولكنهم يكتشفون فجأة أنها لم تعد طائرة أحلامهم وأمنياتهم السعيدة، بل وحشًا كاسرًا يتهدّدهم بالموت.

ثمة هتاف واحد تردّده فتاتان، واحدة ولدت وعاشت في "عين الحلوة"، والثانية ولدت وعاشت طفولتها في الجليل وجاءت إلى عين الحلوة، وتكتشف الفتاتان أنهما دون ترتيب مسبق تحفظان الهتاف ذاته. توقفت طويلا أمام هذه القصة الجميلة التي تتناول التراجيدية الفلسطينية من حدقات الأطفال: هنا تجانب ميسون الكليشيهات الجاهزة وميلودراما الشعارات التي راجت طويلا في الأدب المباشر، وتكتب عن ذلك النبض البريء، والمشاعر البسيطة وأبلغها الحلم بعائلة مكتملة بحضور أفرادها.

لافت في مجموعة ميسون أسدي الجديدة بطلاتها من النساء اللواتي تختارهن الكاتبة من صفوف الطبقة الوسطى، أعني هنا بالتحديد نساء فاعلات اجتماعيا ويشاركن بالعمل والعلاقات الاجتماعية عامة، ويعشن حالات ازدواجية تخبئ معاناة هائلة تتكثّف كلها في غياب الحب، وفقدان التواصل مع الشريك حتّى في حالات الزواج بعد علاقة حب عاصف. لافتة تلك القصة التي تختتم بها الكاتبة مجموعتها والتي حملت العنوان "أشعلت مصباح السرير". في هذه القصة نقف على فضاء سردي لعله الأجمل والأعمق بين قصص المجموعة كلها: قصة إذ تتناول رتابة العلاقات بين الزوجين من وجهة نظر المرأة وما تعانيه، نراها تعود- وفي حبكة سردية جذابة- لرؤيتها في الجانبين، أي أيضا في ذلك الجانب المتعلق بالرجل. القصة تحكي عن امرأة تعيش حالة من الحرمان الجنسي تشعر معها أن جسدها يصاب بارتعاشات تظنها ارتعاشات الشهوة لتكتشف لاحقا أنها مصابة بالسرطان، وأن عليها الخضوع لجراحة.

نهاية رمزية بالغة الدلالة تختارها ميسون أسدي لقصتها، ففي حين تبدأ القصة ببوح بطلتها أنها لا تحب أن تشعل ضوء السرير لأنها لا تريد أن ترى زوجها، نجدها في خاتمة القصة على عكس ذلك ترغب في إشعاله بعد أن تفاجأت بحجم الحب الذي يحمله زوجها لها. قصة تحيل المسألة إلى الحياة الاجتماعية ذاتها التي تجعل الرجل والمرأة معًا ضحيتين للاغتراب ووحشة الوحدة.

أعتقد أن واحدة من ميزات هذه المجموعة القصصية هي بالذات في موضوعاتها ومناخاتها الاجتماعية، التي جاءت متنوعة، ترى بحدقتين يقظتين ما بعد الظواهر الاجتماعية التي تبدو عادية أو مألوفة ولا تثير عادة انتباهات لافتة عند الناس. الكتابة في حالة كهذه تمزج الرؤية العميقة لجماليات القص، وفي الحالتين نجحت ميسون أسدي في كتابة قصصية عالية المستوى، أخذتنا إلى القراءة بمتعة واهتمام.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف