الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

التشكيلي المغربي "محمد حميدي" رائد من رواد الحداثة في الفن التشكيلي المغربي

تاريخ النشر : 2020-02-17
التشكيلي المغربي "محمد حميدي" رائد من رواد الحداثة في الفن التشكيلي المغربي
الفنان التشكيلي المغربي " محمد حميدي " رائد من رواد الحداثة في الفن التشكيلي المغربي
مسار حافل و ذاكرة لن تشيخ

بقلم : محمد الصفى :

         يعتمد أسلوبه على البعد التخيلي الواسع، من خلال شاعرية اللون و تقلباته، و الأشكال و تمواجاتها، و التعمق في الذات البشرية كجسد، بلغة بصرية يحكمها الاختزال والتكثيف، يتمتع بمكانة متميزة و خاصة بين فناني جيله، كما تعتبر أعماله من بين أرقى الأعمال في الساحة الوطنية و الدولية، إنه الفنان التشكيلي " محمد حميدي " من مواليد مدينة الدار البيضاء سنة 1941، تابع دراسته بالمدرسة العليا للفنون الجميلة بالعاصمة الاقتصادية قبل أن يتوجه إلى فرنسا لاستكمال تكوينه الأكاديمي بمدرسة المهن والفنون بباريس، حيث تمكن من التعرف على كل المدارس التشكيلية و أبحر في عوالمها، ليعود بعدها لموطنه الأصلي حيث  بدأ الاشتغال على التشخيص كأول تجربة له، طورأساسياتها بباريس انطلاقا من  الرسم على نماذج حية أو ميتة من الطبيعة، لأن في ذلك تربية للعين كما يقول، و بانضمامه لألمع الفنانين الذين كان لهم الفضل في رسم الذاكرة التشكيلية المغربية و بوابة لاكتساح العالمية، من قبيل محمد المليحي وفريد بالكاهية ومحمد حفيظ، استطاع أن يفرض تواجده من خلال أعماله التي كانت محط انتباه من زائري أول معرض له رفقة هذه المجموعة بساحة جامع الفنا سنة 1969، ليشتغل على التجريدي المشبع بأبعاد تعبيرية ورمزية بالإضافة إلى تيمة اللون المحفر و بعض التراكيب العجائبية يتناسق فيها اللون الحار مع البارد في توليفة تضادية موظبة بشكل أدائي رفيع، يغلب عليها لون الأرض من تربة و طبيعة خلابة، يقول عنه الفنان التشكيلي بوشعيب خلدون كأحد تلامذته في مادة الفنون التشكيلية بثانوية جابر بن حيان بالدار البيضاء سنة 1986 " من لم يعرف محمد حميدي الفنان عن قرب سوف لن يعرف شخصيته الصارمة خصوصا عندما يتعلق الأمر بعمل فني من إبداعه، فأعماله تمتاز بالتناسق و التناغم اللوني و أيضا الهندسي الصارم تارة و الجانح للفوضى في أعمال قليلة، و هو ما ظل يحافظ عليه في مساره الإبداعي هذا، معتكفا على فلسفة البحث و النهل من مفردات تراثية و رموز ثقافية شعبية، كما أن بسطه للجسد في اللوحة بكل تفاصيله الدقيقة، لتبقى بذلك أعماله ذات حمولة تاريخية تمثل رائدا من رواد الحداثة في الفن التشكيلي المغربي المعاصر."

       فهو كفنان نجد في تجربته إشراقات تلقائية جردت من صفاتها الأصلية حالقا بذلك توليفة جعله متميزا عن باقي الفنانين التشكيليين، كما أنه لا يقوم باستنساخ الأشكال المتداولة لكي يفسر ما هو مفسر بل يحرر الشكل من حيرة المتداول ليصبح متخيلا، بإمكان المتلقي التفاعل معه و يرى خلاله الصورة في أبعد ملامحها الجمالية انطلاقا مما تحمله من رموز و دلالات تعمق لديه مفهوم المعرفة التي نستلهمها من واقعنا، فهي بذلك أعمال تدخل في ملامسة علاقة الذات بالعالم، فالشكل بالنسبة لمحمد حميدي لم يعد ركيزة أو غاية لذاته، بل أضحى رمزاً متصلاً بالذاكرة الشعبية و التراثية  الزخرفية والمعمارية التي ألهمت وجدانه، و من خلال التمعن في أعماله الفنية تتراءى لك تقاطعات المراحل التي مر منها كأي فنان ينتقل وهو يحمل معه تأثير المرحلة التي سبقتها، فمن التشخيص للطبيعة إلى الوحدات الهندسية من مربعات ومستطيلات و أقواس ثم توظيف عدد من الرموز و الإشارات التي تحيل على الإنسان ككائن فاعل و متفاعل ضمن هذه التوليفة، ليشتغل على المزاوجة بين الفن الإسلامي و الفن الإفريقي لما يجمعهما من نقط إلتقاء، تغطيها زخات من الأضواء و الظلال اللونية، التي تنحو باتجاه التدرجات اللونية القاتمة لما تحمله من روحانية ممزوجة بالنفحة الصوفية، مع نغمة الصمت والتأمل، كما اشتغل حميدي على الجسد الأنثوي كشكل و ليس كصورة إيروتيكية، كما يصفها البعض،  يقول عنه الفنان التشكيلي و الناقد عزيز أزغاي " وضمن الروح التأملية ذاتها، الحافلة بالإشارات، تكاد مجمل أعمال حميدي لا تخلو من حضور يحيل إلى الإنسان، ليس بشكل طاغ أو بسيط، وإنما كوجود يؤشّر إلى عناصر المتعة والإخصاب. ويظهر ذلك، أحياناً، على هيئة أثداء نسائية تشبه قباباً منتصبة، وأحياناً أخرى على هيئة أجساد ذكورية هلامية، إلى جانب توظيف أشكال كائنات لا يخفى طابعها الأفريقي. وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذه الكائنات، أو أجزاء منها، لا تحضر في أعمال حميدي وفق توظيف شكلي بسيط، وإنما بعد تأمّل عميق تنتج عنه صورٌ تساعد في خلق تناغم تشكيلي وإيقاع جمالي يوحيان بفرحٍ. إنه توظيف يعكس نوعاً من الغوص في النفس وفي الوجدان على شكل حكايات تستقري الدواخل أكثر من اعتدادها بالمظاهر أو تعلّقها بالمشاعر السطحية." عرض بمجموعة من القاعات داخل المغرب و خارجه كفرنسا و ألمانيا و الجرائر و إسبانيا و مصر و أفمارات العربية المتحدة وسوريا، منها الفردية و التي كان أولها بباريس سنة 1962 و الجماعية التي كانت انطلاقتها بساحة جامع الفنا 1969.

        و عن علاقته بآزمور التي تعتبر قبلته الثانية بعد مدينة الدار البيضاء و مكان استقراره الشبه الدائم،  فعشقها دفين لديه  لارتباطه الكبير بها، فهي في القلب كما يقول، لما لها من تأثير قوي على أعماله من ألوان و ظلال و هو ما جعل اللون الأخضر بنسبة كبيرة يطغى على جل أعماله كلون مشبع بالطبيعة و الهدوء و السكينة، لدرجة أنه يعود إليه الفضل في إطلاق مبادرة لتنمية أزمور عبر الفن، حيث وجه الدعوة سنة 2005 إلى حوالي عشرين فنانا تشكيليا من داخل المغرب و من خارجه لإنجاز جداريات في مدينة أزمور العتيقة، مازالت معالمها شاهدة لليوم.

       عموما يبقى أسلوب الفنان محمد حميدي متميزا و منفردا بشهادة كبار الفنانين التشكيليين على المستوى الوطني و العالمي، أسلوب تشهد به أعماله كتجربة لونية فريدة وعميقة، وعلى قيم جمالية تخترق العالم الفني، فهو يشتغل على القماش و الورق و كل ما تفرضه ظروف الاشتغال سواء بالصباغة المائية كمسحوق أو الصباغة الزيتية، محولا إياها لعمل إبداعي له قراءات متعددة و غامضة أحيانا لما تحمله من إضاءات خفية و انعكاسات وهمية لأشكال و خطوط لونية و ضوئية تشد المتلقي و تبعث الحيرة فيه،  كيف لا و هو اشتغل كأستاذ للفنون التشكيلية وله أنشطة وعضويات مهمة وجوائز و ميداليات تنويه عالمية في الحقل الفني، مما ينم عن كونه فنان له وزنه ومصداقيته وحضوره القوي في المشهد الفني التشكيلي.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف