الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

رقصة الشحرور مصطفى عبد الفتاح بقلم: رائد الحواري

تاريخ النشر : 2020-02-17
رقصة الشحرور مصطفى عبد الفتاح بقلم: رائد الحواري
رقصة الشحرور
مصطفى عبد الفتاح
مجموعة قصصية مكونة من احدى وعشرين قصة، منها ما جاء يحمل الرمز، ومنها ما جاء بطرح واقعي، وما يميز المجموعة أنها جاء بلغة سهلة وجميلة، توصل الفكرة بسلاسة، كما نجد تعدد الرواة، فهناك السارد الخارجي، ومنها ما جاء بضمير المتكلم، وتنوع السرد انعكس على فكرة ومضمون المجموعة، فمنها ما طرح قضايا اجتماعية وأخرى شخصية وبعضها سياسي، وإذا توقفنا عند اسماء الشخصيات في المجموعة نجدها مرتبطة ولها علاقة بأحداث القصص، وهذا يشير إلى أن القاص اختار اسماء الشخصيات لتناسب وطبيعة القصة، واللافت في المجموعة طريقة تقديم الرمز، حيث لم يقتصر على ناحية بعينها، ففي قصة العنوان "رقصة الشحرور" نجد الرمز في طريقة تقديم أبو سيف: "يسكن عند اظرف المدينة بعيدا عن الناس، قريبا من هذه البيارة... قرر أن يغزو هذه البيارة" ص5، فهنا يمكننا التلميح إلى المحتلين الذين (سرقوا) بيارات فلسطين، وأيضا نجد الرمز في الاسم "أبو سيف" الذي يعني رجل الحرب والقسوة.
وهناك واقعية إسلامية جاءت في القصة من خلال: "يصلي ركعتين الفجر ويطلب من الله أن يديم النعمة عليه" ص5، ومن خلال قول سيف: "لا أريد أن لأذهب إلى الجنة يا والدي" ص13، إلا أن هذا (التداخل) بين الإسلامي وعزلة أبو سيف وسرقته للبيارة، لم تمحو الرمز من القصة، واعتقد أن هذه المداخل المتنوعة هي التي تثري القصة وتجعلها تأخذ أكثر من معنى.
وفي قصة "الصياد" نجد التداخل بين الواقعي والرمزي، فنجد "حازم" ـ والاسم يشير إلى معنى الحزم والاصرار ـ يعيش حالة من الصراع الواقع: "نظر إلى الجموع الغفيرة تركض نحو مواجهة الجنود عند السياج، وتذكر والده، الذي خرج من البت غاضبا، لأنه لم يكن في البيت طعام ولم يعد، تذكر والدته وإخوته الجوعى في البيت، وهو اليوم معيلهم الوحيد" ص15، لكنننا نجد الرمز في تعامل وطريقة تفكير "حازم" مع طائر السمن: "، لا ..لا.. لن يكون طعاما لأحد، سأطلق سراحه ليعود إلى الشمال متخطيا كل الحدود والحواجز غير منتظر تصريحا من أحد، سينطلق رغم كل قوانين البشر" ص16، فهنا الرمز جاء من خلال حرية الطائر التي فضلها "حازم" على اشباع جوعه، وعندما تحدث عن الشمال، والذي يمثل حلم الفقراء في العالم كان يقصد به شمال فلسطين، وبما أنه جاء في مقدمه القصة: مهداة "إلى شعبنا الصامد في غزة الأبية" ص14، ويمكننا التأكيد على الرمزية التي جاءت بها القصة من خلال نهايتها المأسوية: "...أمسكه بين يديه ورفعه إلى الأعلى، ونظر إلى الشمال وقال له: عد إلى الوطن.
فجأة ترنح في مكانه وراحت تتلاشى في عينيه صورة السمن المحلق شمالا.. ولم يعد يشعر بالجوع" ص20، واعتقد أن استخدام القاص لطائر الشحرور في قصة العنوان والسمن في هذه القصة ، أراد به أن يؤكد على فكرة الحرية والتحليق بالقضاء الرحب، من هنا يمكننا القول أن القاص نجح في طريقة تقديم قصصية، التي تجمع بين أحداث واقعية، وفي ذات الوقت نجد فيها لسمة/إيحاء رمزي يبعد الحدث عن الواقع ويجعله يأخذ بعدا أوسع.
في قصة "المحطة والغول: كان الرمز (مكشوف): "...عليها أن تعتمد على ذاتها، عليها أن تتعايش مع الغول حتى يولد الجنين ويعود الغائب، عليها أن تترك المحطة رقم 48 وتنتظر عند كل محطة... وحين وصلت إلى المحطة السابعة والستين، كان الغول قد سبقها إلى هناك... مشت على الجسر الخشبي مترنح يئن تحت وطأة أقدام الغول" ص25، لكن الجمع بين الغول/الخرفة والواقع البائس والأمل: "ردد صوت بأعماقها، سيعود.. حتما سيعود" ص 26، يجعلها قصة استثنائية، حيث استطاع القاص أن يقدم فكرة المأساة التي تعيشها فلسطين: "في أحشائك جسم برأسين" ص26، بطريقة رمزية ودون أن يؤلم ويثقل على المتلقي، حيث أن القاص قدم واقع فلسطين، باسلوب غير مرهق ومتعب للقارئ، وهذا ما يحسب له وللقصة تقدم مادة، موضوع قاس وصعب بشكل وطريقة ناعمة.
في قصة سكاكين ..سكاكيييين" قدم لنا القاص ضحالة تفكير دولة والاحتلال، أبو حسن بائع السكاكين يقول: "أنا أبيع سكاكين قبل ما تخلق هذه الدولة" ص31، وبعد عمليات الطعن بالسكاكين يتم اعتقال أبو حسن، ـ اسم يعني الجميل/الحسن ـ عندها يعلق أبو علي: "والله.. هسترت هاي الدولة" ص33، والقاص لم يترك القصة عند هذا الأمر، بل نجده يشير إلى عقم اجراءات الاحتلال من خلال نهاية القصة: "ومنذ ذلك التاريخ زادت عمليات الطعن والتصدي للمستوطنين، ولكن أبا علي لم يسمع بعدها أبا حسن ينادي:
سكاكين.. سكاكييين" ص33، اللافت طرقة قفل القصة، اختفاء صوت أبو حسن بسبب اعتقاله، رغم كبر سنه، ولكن المقاومة والفعل حاضر على الأرض.
وفي قصة "الساحر حسن" نجد رمزية الدول العربية: "...وقسمها إلى واحد وعشرين هلالا، وما أن أدخل كل واحد منهم حز البطيخ إل فمه حتى اكتشف مقدار تفاهته وغبائه/ ...لأنهم اكتشفوا فجأة أن كل واحد منه يعض على فردة حذائه" ص41، استخدام القاص للرمز خفف كثيرا ما قسوة الواقع على المتلقي، كما أنه أوصل الفكرة بأسلوب ناعم وسلسل.
في قصة "ظل الله على الأرض" يتحدث عن الدولة العثمانية وما فعلته من نهب وسرقة للوطن والمواطن، وكيف أن القصور والتحف في استنبول ما هي إلا الأموال المنهوبة منا نحن في المنطقة العربية: "لا شك أن هذه الكنوز وهذه المكونات، هي من أفقر الشرق وقضى على ثقافته وتقدمه وازدهاره، أهنا ملك أجدادنا وآبائنا الذين ما زالوا يعيشون تخلف الشرق، وغارقين في مستنقع الجهل" ص45، فرغم المباشرة القاسية التي جاءت في هذا المقطع، إلا أن القاص يستحضر الرمز ليخفف من وقع المأساة على القارئ فدر المستطاع، فكان الطفل السوري "يونس" بائع العلكة هو الذي أزال تلك المباشرة والواقعية واعطاها بعدا فكريا ولمسة إنسانية: "أهو يونس الذي ما زال يعيش في بطن الحوت يبحث عن مخرج له ولأمته" ص48، وكحال الطفل الفلسطيني الذي تجعله المأساة يكبر قبل أوانه ويعرف ما يحاك له، نجد يونس يعرف مأساته وما يحاك له ولشعبه:
"ـ جئنا هربا من الحرب
ـ ولماذا إلى هنا بالذات؟
ـ لأن العرب رفضوا أن يستقبلونا
ـ والأتراك؟
ـ يصدروننا إلى الغرب كأننا وباء يجب التخلص منه
ـ ولماذا لم تذهب معهم؟
ـ لأني أريد أن أعود إلى وطني، هنا أقرب
ـ ولكنك خرجت من وطنك
ـ لا أريد أن أموت، يكفي من مات من أسرتي، أريد أن أعيش، أنا بحاجة إلى طعام ولباس ومأوى حتى أعود إلى وطني" ص50و51، قد تبدو لغة الطفل أكبر من عمره، لكن من عرف أطفال الحرب والهجرة يعرف أنهم يكبرون بسرعة ويعرفون ويحللون أفضل من اساتذة ورجال دين.
قصة "أهم من فلسطين" كانت مثالية، ولم تكن مقنعة، فبما أن "سليم" ـ وهنا الاسم يعني السليم الكامل ـ نجح اقتصاديا وكان له حضور اقتصادي واجتماعي، فما الداعي ليتعلم؟، هل (الشهادة) هي مقياس نحاج الإنسان؟.
في قصة "صورة مبعثرة" نجد صورة العائلة العربية، التي يكون في الأب له وجهان، وجه الأب الملتزم والمحافظ، وصورة الأب المخادع، رباب طالبة في الجامعة، تكتشف أن مدرستها " الروسية "جينا" هي زوجة ابها الذي مات منذ عشر سنوات، ورغم أن المعلومة الصادمة لرباب، إلا أنها تقرر: "كم أحبك! كم أشتاق إليك! كم اشتاق إليك أمي! كيف سيكون وقع الخبر على أمي؟!.
"لن أخبرها"
" لن أبعثر الصورة التي جمعتها مرة أخرى" ص85، الجميل في هذه القصة أنها تؤكد على اخلاص المرأة وتضحيتها، بينما الرجل يظهر ما لا يبطن، وما موقف رباب من كتمان خبر زواج ابيها إلا تأكيد على هذه عطاءها وتضحيتها.
في قصة "شمعة الأمل" ينزلق القاص إلى شخصيات القصة ويجعلها تتحدث بلسانه هو وليس بلسان الشخصيات:
"ـ اسمعوا يا جدي صوت أنفسكم، تعيشون الماضي ولا تريدون للمستقبل أن يعيش فتفلسوه وتلفعوه بعباءتكم كي تخفوا بشاعة ما اقترفت أيديكم.
ـ من قال إن الأطفال يريدون أن يكونوا شهداء؟... ومن قال أنهم يريدون أن يكونوا طيرا من طيور الجنة؟ هل سألتهم عن رأيهم" ص94، اعتقد أن هذا الحديث اكبر من منطق طفل، وهو جاء بلسان القاص وليس بلسان الطفل، وإذا ما توقفنا عند هذه القصة، نجد أن القاص يستخدم ضمير المتكلم، من هنا يمكننا القول أنه (نسى) نفسه وأخذ يتحدث على لسان الشخصيات دون أن يراعي العمر وطبيعة الشخصية التي تتحدث، من هنا يمكننا استيعاب حالة "يونس" في قصة ظل الله على الأرض، فهو عاش رب، مما جعله ينضج قبل أوانه، اك هنا عاش الطفل حياة سوية /طبيعية، فمن أين له هذه الثقافة والمعرفة وهذا الشكل من الخطاب الناضج؟، وهذا ما يجعلنا نقول أنه كان موفقا في تقديم خطاب "يونس"، لكنه أخفق في تقديم خطاب الحفيد.
في قصة المؤامرة" يتحدث عن (عقم) العمل النقابي، فبعد أن يتفق السارد مع عمال المزرعة على أن يقوم بتقديم مطالبهم برفع اجرتهم ل"حاييم موسمي" وإلا سيضربون عن العمل، إلا أن العمال يقتنعون بالفتات الذي منحهم إيه "حاييم" وبعد أن يتم طرد السارد من العمل، "وبعد ستة أيام تراجع حاييم عن قراره بتقديم علاوة القروش للعمال، وفي اليوم السابع كانوا ينظرون إلي بخجل، وهم يقفون في طابور الباحثين عن عمل" ص104، الجميل في هذه القصة أنها تبين الطبيعة الاجتماعية للعمال، فهم يفتقدون للخبرة والمعرفة والثقة التي تجعلهم موحدين أمام صاحب العمل، ورغم (سلبية) القصة، إلا أنها تقدم فكرة التقدم إلى الأمام، بعد أن كشفت حقيقة الخداع الذي يمارسه "حاييم"، وعلى أنهم حين تخلوا عن زميلهم، كانوا يتخلون عن قوتهم، من هنا كانت نهايتهم كنهايته.
في قصة مريض رغم أنفه" يتناول فيها القاص التلوث وأثره على البيئة، أما في قصة "ضغط قاتل" فقدمت بطريقة مثيرة، حيث يعود القاص إلى المستشفى ليمكث للعلاج بجانب صديقه الذي عايده قبل قليل، فالحادث الذي وقع له، ما كان ليكون دون الهموم الكثيرة التي لازمت السارد.
في قصة نسخة اضافية يتحدث عن مشاعر الأم والأب حينما يكون الجنين غير سوي، غير طبيعي، إلا أن عاطفة الامومة والابوة تجعلهما يقرران تكملة المشوار مع ابنهما: "... ضمته إلى صدرها وراحت تقبله" ص132.
في قصة "انتقام" تستطيع "زينب" ان تنتقم لأبيها من الشبح، وهنا اشارة إلى دور المرأة وقدتها عل الفعل.
في قصة "عادلة السماء" وهي قريبة من القصص الشعبية، والتي تحدث فيها "فاطمة" عن جريمة قتل يقترفها زوجها "أبو فالح" بحق جارهم "أبو الأمين" الكريم الطيب، فحقد "أبو فالح" عليه جعله يقتله:
"ما الذي يجعلك تبتسم أبا فالح وليس امامك غير حباب المطر تتساقط على صفحة الزجاج؟
... ـ عندما نويت قتله قال لي محاولا اقناعي بالعدول عن قراري:
"إذا قتلتني ستدخل السجن المؤبد وقد تعم. فقلت له ومن سيشهد معك؟ لا أحد، لن يعرف أحد في هذه الغابة أنني سأقتلك وسأدفنك هنا. تبسم جاري وقال: أنا بريء يا جري العزيز، أما أنت فلن تفلت من العقاب، ستشهد معي قطرات الماء هذه الساقطة من السماء" ص158و159، وهنا عندما قام بضرب زوجته "فاطمة" كشفت جريمته للناس وللمحقق.
في قصة "رجل من ورق" نجد أم محمود" تتجاوز زوجها وفكرة الديني المتشدد وتقرر: "كفى .. لقد حسمت أمري" ص123، وفي قصة "الصندوق الأسود" نجد الطفل "سامح" ـ الاسم يعاني المتسامح والمتساهل مع من ظلمه ـ الذي تعرض لمعاملة غير سوية، مما جعله يعاني منها حتى بعد أن كبر ونضج، واللافت في القصة أن اقاص يستخدم كثيرا ألفاظ متعلقة بالمشاعر: "أخاف من زوجة أبي، با ارتعب، أخالها تعرف كل شيء، أنني أكرهها ولا أطيقها، أصبحت اشعر أن وجهي مرآة تعكس كل ما في رأسي" ص180، وهذا ما يجعل القارئ يشعر أنه أمام حالة مريض نفسي، ومثل هذا الانسجام بين الألفاظ ومضمون القصة يشير إلى انسجام القاص مع القصة وقدرته على أقناع القارئ بأنه يحسن استخدام فن القصة وأدواتها.
المجموعة من منشورات الآن ناشرون، الأردن، عمان، الطبعة الأولى 2019.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف