
** مع رواية ( العناب المر )
للكاتب أسامة مغربي **
__________________
بقلم: عبد السلام العابد
*****************
مخطوطة العناب المر ، كانت جسرا للتعرف عن قرب على أسامة المغربي ،وعالمه الروائي الغني والجميل .
كنت أتابع نشاطا ثقافيا طلابيا في منطقة وادي الفارعة ، عندما حضر أسامة إلى مكتبي ، وحينما علمتُ عبر الهاتف الخلوي بوجوده ، طلبتُ منه الانتظار ، إلى أن أعود .
وحين قابلته ، وتعرفت عليه ، علمت أنه كتب مخطوطة رواية قبل أكثر من عقدين من الزمن ، وهو داخل السجن ، وطلب مني قراءة هذه المخطوطة ، وتبيان رأيي ،والحكم فيما إذا كانت تصلح للنشر أم لا ؟!. فوعدته بقراءتها ، وانتظار ردي الذي قد يستغرق وقتا طويلا .
وما أن قرأت الصفحات الأولى ، وتعرفت على أحداث الرواية وشخوصها، حتى وجدتني مشدودا إلى متابعة قراءتها بشغف ومتعة ،حتى تمكنت من قراءتها ،في زمن قصير .
وحينما زارني أسامة مرة ثانية ؛ ليستمع إلى إجابتي عن سؤاله الأول حول صلاحية المخطوطة للنشر ،قلت له باسما : أهنئك يا أسامة ،فهي رواية تستحق القراءة والنشر .لقد شدتني ، فرحتُ ألتهمُ سطورها، دون كلل أو ملل ، وقد أشرت إلى بعض الملاحظات والكلمات ،وبإمكانك تصويبها، والأخذ بها ،إن رغبت .
تشجع أسامة، وحدثني عن الظروف التي كان يعيش فيها ، أثناء كتابته لهذه المخطوطة ،وهو معتقل ،في سجن جنيد المركزي عام ١٩٩٤ م . وفي لقاء ثالث ،طلب مني أسامة رأيي مكتوبا ؛ ليقدمه مع آراء أخرى ،لجهة النشر ، فكتبت هذه السطور :
سلمني الأخ أسامة المغربي مخطوطة رواية، حملت عنوان : العناب المر ، كان قد كتبها أثناء اعتقاله ، قبل عشرين عاما أو يزيد.
وما إن قرأت صفحاتها الأولى، حتى وجدتني مشدودا لقراءتها ، فكنت أنهي جلسة القراءة، وأنا في شوق؛ لمتابعة القراءة من جديد في موعد آخر.
ولو بحثتُ عن الأسباب التي جعلتني معجبا بهذه المخطوطة ، لأعدتها إلى ما يلي :
الرواية واقعية، وتتحدث عن الانتفاضة الأولى، من واقع مَنْ عايشها، وامتزج فيها، وشارك في صنع أحداثها، وفكر طويلا وتأمل قبل أن يشرع بكتابتها .
والمخطوطة ذات أسلوب روائي شائق، تشد القاريء ، فيها سرد قصصي جميل ، وصور أدبية منتزعة من البيئة الفلسطينية المتنوعة. لغتها سلسة ، ومضامينها وطنية إنسانية، تدعو إلى قيم المحبة والتسامح، والوحدة الوطنية، والحق والعدل، والثورة على الظلم والقهر والجبروت وخيانة المبادئ .
المخطوطة تسلط الأضواء على فترة حرجة من تاريخ شعبنا المعاصر.... أثناء الاحتلال، بعد عام سبعة وثمانين وتسعمئة وألف... سنوات الانتفاضة الأولى .
وبعد التصويبات والتعديلات التي أشرت إليها، فإنني أشجع على نشر هذه الرواية ، وتحية لكاتبها الأخ أسامة المغربي الذي يبشر بميلاد كاتب قصصي، له مستقبل مشرق.
ومرت الأيام ، وتابع أسامة موضوع نشر الرواية ،وتكللت جهوده بالنجاح ،فصدرت رواية ( العناب المر ) عام ٢٠٢٠ م ،عن منشورات وزارة الثقافة ، في ثلاثمئة وأربع صفحات، حيث أهداها إلى (أولئك الأبطال الذين لم تصل مذكراتهم...إلى فلسطين ..عشقِنا الذي لا ينتهي ) .
بعد صدور رواية العناب المر في كتاب ،قرأتها من جديد ، مرة ثانية ، وعشت مع عالمها ،وشخصياتها الذين تعمقت معرفتي بها ، فأحببت بعضها ، وكرهت أعمال بعضها الآخر الذي يمثل الجانب السلبي .
ثمة شخصيات سلبية تمثل الجانب المعتم ، والقبيح ، ولا سيما أولئك المتعاونين الذين لفظهم شعبهم، وأخرى إيجابية ومشرقة، أمثال إبراهيم، وأحمد ،وحسان ،وصالح ... وغيرهم ، وهناك شخصيات نسائية كان لها دورها الإيجابي الكبير ، ولم ينس الكاتب شرائح مجتمعنا الفلسطيني كافة التي اشتركت في الانتفاضة الأولى، وأدت أدوارها ،حسب ظروفها وإمكاناتها.
وفي الوقت الذي يسلط فيه أسامة الأضواء على الجوانب المضيئة من الانتفاضة ،فإنه يشير إلى جوانبها السلبية ، ويدعو إلى ملاحظتها ،وتشخيصها ، والاستفادة من دروسها وعبرها .
وختاما ، فإنني أحيي أديبنا أسامة مغربي على صدور روايته ، وجهوده ومثابرته ، وأتمنى له مزيدا من التقدم والعطاء ، وأتوقع له مستقبلا مشرقا في عالم الرواية الذي يدخل بابه الواسع بثقة وإصرار .
للكاتب أسامة مغربي **
__________________
بقلم: عبد السلام العابد
*****************
مخطوطة العناب المر ، كانت جسرا للتعرف عن قرب على أسامة المغربي ،وعالمه الروائي الغني والجميل .
كنت أتابع نشاطا ثقافيا طلابيا في منطقة وادي الفارعة ، عندما حضر أسامة إلى مكتبي ، وحينما علمتُ عبر الهاتف الخلوي بوجوده ، طلبتُ منه الانتظار ، إلى أن أعود .
وحين قابلته ، وتعرفت عليه ، علمت أنه كتب مخطوطة رواية قبل أكثر من عقدين من الزمن ، وهو داخل السجن ، وطلب مني قراءة هذه المخطوطة ، وتبيان رأيي ،والحكم فيما إذا كانت تصلح للنشر أم لا ؟!. فوعدته بقراءتها ، وانتظار ردي الذي قد يستغرق وقتا طويلا .
وما أن قرأت الصفحات الأولى ، وتعرفت على أحداث الرواية وشخوصها، حتى وجدتني مشدودا إلى متابعة قراءتها بشغف ومتعة ،حتى تمكنت من قراءتها ،في زمن قصير .
وحينما زارني أسامة مرة ثانية ؛ ليستمع إلى إجابتي عن سؤاله الأول حول صلاحية المخطوطة للنشر ،قلت له باسما : أهنئك يا أسامة ،فهي رواية تستحق القراءة والنشر .لقد شدتني ، فرحتُ ألتهمُ سطورها، دون كلل أو ملل ، وقد أشرت إلى بعض الملاحظات والكلمات ،وبإمكانك تصويبها، والأخذ بها ،إن رغبت .
تشجع أسامة، وحدثني عن الظروف التي كان يعيش فيها ، أثناء كتابته لهذه المخطوطة ،وهو معتقل ،في سجن جنيد المركزي عام ١٩٩٤ م . وفي لقاء ثالث ،طلب مني أسامة رأيي مكتوبا ؛ ليقدمه مع آراء أخرى ،لجهة النشر ، فكتبت هذه السطور :
سلمني الأخ أسامة المغربي مخطوطة رواية، حملت عنوان : العناب المر ، كان قد كتبها أثناء اعتقاله ، قبل عشرين عاما أو يزيد.
وما إن قرأت صفحاتها الأولى، حتى وجدتني مشدودا لقراءتها ، فكنت أنهي جلسة القراءة، وأنا في شوق؛ لمتابعة القراءة من جديد في موعد آخر.
ولو بحثتُ عن الأسباب التي جعلتني معجبا بهذه المخطوطة ، لأعدتها إلى ما يلي :
الرواية واقعية، وتتحدث عن الانتفاضة الأولى، من واقع مَنْ عايشها، وامتزج فيها، وشارك في صنع أحداثها، وفكر طويلا وتأمل قبل أن يشرع بكتابتها .
والمخطوطة ذات أسلوب روائي شائق، تشد القاريء ، فيها سرد قصصي جميل ، وصور أدبية منتزعة من البيئة الفلسطينية المتنوعة. لغتها سلسة ، ومضامينها وطنية إنسانية، تدعو إلى قيم المحبة والتسامح، والوحدة الوطنية، والحق والعدل، والثورة على الظلم والقهر والجبروت وخيانة المبادئ .
المخطوطة تسلط الأضواء على فترة حرجة من تاريخ شعبنا المعاصر.... أثناء الاحتلال، بعد عام سبعة وثمانين وتسعمئة وألف... سنوات الانتفاضة الأولى .
وبعد التصويبات والتعديلات التي أشرت إليها، فإنني أشجع على نشر هذه الرواية ، وتحية لكاتبها الأخ أسامة المغربي الذي يبشر بميلاد كاتب قصصي، له مستقبل مشرق.
ومرت الأيام ، وتابع أسامة موضوع نشر الرواية ،وتكللت جهوده بالنجاح ،فصدرت رواية ( العناب المر ) عام ٢٠٢٠ م ،عن منشورات وزارة الثقافة ، في ثلاثمئة وأربع صفحات، حيث أهداها إلى (أولئك الأبطال الذين لم تصل مذكراتهم...إلى فلسطين ..عشقِنا الذي لا ينتهي ) .
بعد صدور رواية العناب المر في كتاب ،قرأتها من جديد ، مرة ثانية ، وعشت مع عالمها ،وشخصياتها الذين تعمقت معرفتي بها ، فأحببت بعضها ، وكرهت أعمال بعضها الآخر الذي يمثل الجانب السلبي .
ثمة شخصيات سلبية تمثل الجانب المعتم ، والقبيح ، ولا سيما أولئك المتعاونين الذين لفظهم شعبهم، وأخرى إيجابية ومشرقة، أمثال إبراهيم، وأحمد ،وحسان ،وصالح ... وغيرهم ، وهناك شخصيات نسائية كان لها دورها الإيجابي الكبير ، ولم ينس الكاتب شرائح مجتمعنا الفلسطيني كافة التي اشتركت في الانتفاضة الأولى، وأدت أدوارها ،حسب ظروفها وإمكاناتها.
وفي الوقت الذي يسلط فيه أسامة الأضواء على الجوانب المضيئة من الانتفاضة ،فإنه يشير إلى جوانبها السلبية ، ويدعو إلى ملاحظتها ،وتشخيصها ، والاستفادة من دروسها وعبرها .
وختاما ، فإنني أحيي أديبنا أسامة مغربي على صدور روايته ، وجهوده ومثابرته ، وأتمنى له مزيدا من التقدم والعطاء ، وأتوقع له مستقبلا مشرقا في عالم الرواية الذي يدخل بابه الواسع بثقة وإصرار .