الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

من وحي حديث المدفأة بقلم:عبد الجبار الحمدي

تاريخ النشر : 2020-02-09
من وحي حديث المدفأة

لم يحسب أن أيام وليالي الشتاء ستكون باردة بهذا الشكل، اعتاد وليام أن يأتي في كل عام الى حيث كابينته البعيدة في مقاطعة كادت أن تكون نائية عن الجميع، فهو لا يحب صخب المدينة التي يعيش فيها مجبرا كما يقول للمقربين بسبب عمله، يمتاز وليام بالطول الفارع والجسم الرصين فقد دأب على ممارسة الرياضة بشكل يومي حتى وهو في عزلته تلك... يأتي كل عام في نفس الموعد ليقضي شهرا كاملا بعد ان يكون رسم الخطوط العريضة لرواية يروم كتابتها... يستمد من وحدته عالمه الخاص قد يكون خرافيا او فنتازيا او خياليا او حتى واقعيا.. هي تلك الأفانين التي يمكنه ان يحيك حولها شخصية ما يرسمها ثم يعطيها الابعاد التي تزيد من سلطتها وحركتها لتدعم حبكة الرواية...

قبالة المدفأة لهب النار يتسارع بألسنته يلقم ما يتطاير بعيدا عنها كي تعيده الى مكانه، غير أن شرار يتطاير محذرا كأنه يطلق النار على من يخالف أمرها في محاولة للنزوح الى غير مكان... جذم الحطب واحدة الى فوق الأخرى منتظرة وليام ان يرمي بالمزيد كي تُكَون شكلا هرميا يساعده على الوصول الى اعلى لسان لها يدفع بالحرارة خارج الاربعة جدران التي احتوته... يمسك وليام بقضيب من حديد يثير به حشاشة جذم النار وهو يلكزهها كأنه يحفزها لأن تشتعل أكثر فتعمد بدورها الى رميه بشرارات تلسع يده، فيرتد خوف ان تصيبه بسوء او تلفح عيناه فتؤذيه فيكف عن العبث معها وقد أذنتهُ يقول:  

هدئي من روعك فما قصدت العبث بمحرابك لكني أردت أن أثير حفيظتك لأرى ردة فعلك... لقد وصلت رسالتك أدركت أنك سيدة عالمك والعبث معك صرح جنون لاشك... هيا سأشاركك نخب الليلة في شرب زجاجة النبيذ هاته فهو معتق ذو طعم خرافي... يشرب منه مرات ثم يترك رشفة يلقي بها الى جوف النار وثانية وثالة وأخيرا رمى بالكأس في بطن النار فالتهمته بشغف، فمالت النار بعد أن ترنحت لكأنها تتراقص... 

ضحك وليام فعلق... أتراك سكرت!!؟ ما عهدت النار تتراقص نشوة سكر غير أني ارى خيالاتك على جدران الكوخ كأنثى شغفة بعد ثمالتها، سأمد يدي كي اشاركك الرقص على شرط ان لا تلتهميها... 

داعبها وليام بعد ان اسكره النبيذ المعتق فقام يتراقص مع ألسنة خيالات النار لكأنه في حفل خاص حتى سقط على الارض فاقدا وعيه.. 

استيقط على لفحة هواء باردة جدا، ارتعدت فرائصه لشدتها، فنهض متطلعا حيث النار التي بدت خامدة هي الأخرى، سارع الى تقليبها بالقضيب غير أنها لم تتجاوب... هرع حيث مكان الحطب خارج الكوخ، نسي أن يخرج لسان المزلاج حتى لا ينغلق الباب بعده، فما ان عاد حاملا قطع الحطب وجد ان الباب موصد فصاح اللعنة عليك وليام.. ما الذي جرى لك؟ ماذا تفعل الآن؟؟ ستتجمد لاشك من شدة البرودة بعد ان تركت سترتك الصوفية في الداخل، يا إلهي!! كردة فعل صفع وجهه بكفيه كي يستعيد وعيه، هرول مكانه محاولا ان يجعل الحراك في دمه فتلك خير وسيلة لجلب الدفء، عقله يفكر بكيفية فتح الباب، فكان الجواب كسره، لكنه تذكر ان دعامة الباب متينة جدا وليس من السهولة تحطيمها... فنظر الى الشباك كأنه الأيسر حلا، ثم تذكر ان هناك قضبان حديد هي الاخرى وضعها كدعامة من غريب او حيوان كالذئاب او الدببة... دفعه عقله لأن يفكر في مركبته الواقفة وسرعان ما رد قائلا: عن أي جنون تتحدث فالمفاتيح بالداخل... يبدو أني سأتجمد من البرودة ماذا علي فعله!؟ فلا احد قريب مني فأقربهم على بعد 15 ميلا وبهذه الملابس سأموت لاشك... هههههههه بأي جنون أنت حتى أراك تضحك... 

فرد عقله كنت في الليلة الماضية تفكر برواية واظن فكرتها وبطلها انت، فما فعلته بنفسك لهو الغباء المؤكد فمن الآن اقول لك أن بطلك غبي لا يمكن ان ينهي حكايته دون ان يكون ميتا ما رأيك؟....

مسك رأسه بشدة كأنه يلعنه قائلا: حقير تستمتع أنت في رؤيتي أعاني، يبدو ان الرفاهية التي كنت تعيشها قد سلبت منك الإحساس بمعاناة الآخرين لكني أؤيد رأيك، ربما أنا من سيكون بطل الرواية التي أفكر في كتابتها وكل ما علي ان احيك بدقة الاحداث وأصنع الشخوص التي تتوائم مع حراك الاحداث هذا لابد منه أليس كذلك؟ وأول شيء هو ان اقوم بالتمارين الرياضية هنا على الشرفة كي احرك أوصالي المتجمدة وعضلاتي شركائي في العمل، بعدها سابحث عن.... آوه نعم لقد وجدتها الفأس سيكون وسيلة تحطيم الباب كيف نسيت؟؟ ترك اكمال التمارين وهرع لجلب الفأس الذي ما ان أمسك حتى قال مرحى بك يا صديقي العزيز آكس سأدعوك كذلك هيا لنعمل معا في الوصول الى الداخل، وأعاهدك على أن لا أتركك في الخارج مرة ثانية... فكر قليلا واردف.. لا لقد كذبت عليك سأتركك لكن لست وحيدا سأعمل إن نجوت على صنع صندوق خاص لبعض الأدوات المهمة التي يمكنها ان تساعدني في ما إذا حصل موقف مثل هذا وتؤنس وحدتك.. هيا يا صديقي أرني حدة طباعك وشراستك قي تقطيع الخشب... كان يضرب بشدة وليام على زاوية المزلاج قرب فتحة المفتاح كي يحدث فجوة تجعل ليده الولوج لإزاحتها عن مكانها وتمكنه من فتح الباب .. لكن لم يتمكن من اول مرة، فبرغم نشاطه وحماسه إلا ان البرد القارس نال من اوصاله واطراف اصابعة التي تيبست فقام بالنفخ عليها ثم دسها تحت ابطيه قليلا، ثم اخرجها بعد ان شعر انها قد أثلجتهما فدعاه شعور للرغبة في التبول... زلق الى الركن القريب وقد اتخذ من النتوء الخارج سدا يتحاشى الهواء القارس، فبال على اصابع يديه بعد ان اشعرها بسخونتها حتى هو أحس أن الدفء طاله قليلا غير أن اعضائة عكس ذلك... عواء ذئاب ليس بقريب يسمعه فيقول لنفسه لعلها شمت رائحة الخوف الذي يعتريني فما كنت يوما أحسب اني اخاف الوحدة إن الشعور بها رهيب... هيا يا آكس العزيز أضرب برأسك الصلد جسد الجذع هذا أظنك ستنال منه قريبا... أزف الوقت عليه وهو يصارع مع الفأس حتى انكسر ذراع المقبض الخشبي للفأس، فصاح يا للجحيم ماذا افعل الآن؟!؟  كأن الفأس ينظر إليه وقد شارف على فراق الحياة وهو يهمس له اللعنة عليك وعلى غبائك ها انا بت معاقا بسببك اللعنة...

سارع وليام الى حملة وهو يضع القطعة المكسورة الى جانب الذراع لعله يستطيع جبرها لكن كيف؟ غضب غضبا شديا وليام وضع الفاس جانبا، واخذ يضرب الباب برجله بقوة رغبة في كسره... حتى خارت قواه فجلس بظهره الى الباب يلعن ليلة الأمس.. مرت ساعات و وليام ينتكس غطاه وفر الثلج مقرفصا نفسه حتى بات مثل كومة ثلج... فجأة وبصعوبة تحرك عن مكانه وهو يدمدم يا وليام الأحمق، كيف لك ان تنسى المفتاح الاحتياطي؟ إنه هناك... 

في الليلة التالية كان وليام يكتب ما جاء من اجله مستبيحا عالم الطبيعة والشعور بالعزلة تلك بداية رواية كان هو احد شخوصها وقد أصلح ذراع الفأس بواحدة جديدة... يبتسم عندما ينظر الى الفأس بعد أن علقه فوق المدفأة التي نارها وزعت الدفء منتظرة أن يسامرها وقد نسيها بعد أن سمعته وهو يقول: شكرا لك صديقي أكس ها انا ارد الجميل لك بذراع متين جدا لا ينكسر جزاء وقفتك معي والتضحية بذراعك... لا شك سأجعل دورك في الرواية بطل أساس، فأرجو ان أكون بذلك وفيت حقك يا عزيزي.. أما الباب فسأعتذر منه الآخر بعد ان نلت منه بك، وارجو ان يسامحني فأنا لم أكن واعيا... لا.. كنت واعيا لكني مضطرا... ههههههههههههههههه وهو ينظر الى قنينة النبيذ التي كان قرب آلة الكتابة.

القاص والكاتب
عبد الجبار الحمدي     
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف