الأخبار
(يسرائيل هيوم): هكذا حاولت حماس اختراق قاعدة سرية إسرائيلية عبر شركة تنظيفجندي إسرائيلي ينتحر حرقاً بعد معاناته النفسية من مشاركته في حرب غزةالهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينية
2025/7/7
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

نبوءة الشاعر في ديوان "عيون الكلاب الميتة" عبد الوهاب البياتي بقلم: رائد الحواري

تاريخ النشر : 2020-02-05
نبوءة الشاعر في ديوان "عيون الكلاب الميتة" عبد الوهاب البياتي بقلم: رائد الحواري
نبوءة الشاعر في ديوان

"عيون الكلاب الميتة"

عبد الوهاب البياتي

الشعراء أنبياء، يتنبؤون بما سيكون، وهم أصاب رسالة، ينذرون قومهم مما هو آت، لكن القوم الكافرين، لا يسمعون ولا يبصرون، فآتاهم أمر الله، (فأخذتهم الصحية مصبحين) هذا حالنا اليوم، القتل والموت تفشى في أوطاننا، بعضنا قتل بعضا، وأصبحنا شعوب مشردة، مهجرة، تبحث عن أي ملجأ، لقد نبهنا وأنذرنا الشاعر/النبي قبل أكثر من خمسة عقود، عما سنكون عليه، ولكننا لم نسمع ولم نبصر، وخضنا مع الخائضين، فأتنا العذاب مصبحين.

ديوان نشر في عام 1969 عن دارة العودة، بيروت، لبنان، ورغم قدمه، إلا أنه يتحدث عن واقعنا اليوم، فلا شيء تغير في الحالة العربية، أنظمة القبائل والعشائر والطوائف تتحكم برقاب العباد، والانصياع للغرب الاستعماري سمة عامة لهذه الدويلات، يفتتح الشاعر ديونه بقصيدة العنوان: "عيون الكلاب الميتة":

"سفن القضاء تعود من رحلاتها

عبر الفراغ الموحش الأبدي

والضوء البعيد

ينهل من نجم ويموت

وكواكب أخرى تموت

وضوءها ما زال في سفر إلينا

عبر آلاف السنين

وكائنات لا ترى بالعين

تولد من جديد" ص13و 14، فاتحة تتحدث عن الكون، وعن السفن الفضائية بحيادية مطلقة، لكن لفظ "يموت وتموت" يجعلنا نتوقف ونشعر أن هناك شيء يريده الشاعر قوله، خاصة بعد وجود ألفاظ لها علاقة بالزمن: " الأبدي، لآلاف السنين،"، ووجود شيء مرعب: "الفراغ الموحش" ولحركة وأدواتها: "سفن، رحلاتها، البعيد، في سفر، كما أن الشاعر يتنول الكون/الحياة كما هي موت وحياة، أشياء تموت وأخرى تولد: "نجم يموت/ وكائنات تولد" ضمن هذه الرؤية لعامة للحياة/للكون، يدخل الشاعر/النبي إلى حالنا/واقعنا:

"ونحن ما زلنا على صهوات خيل الريح

موتى هامدين

عميا نزيد ونستزيد

نموت في "حتى"

وفي أنساب خيل الفاتحين

نتبادل الأدوار

نشتم بعضنا بعضا

ونستجدي على بوابة الليل الطويل

نبكي ولا نبكي

ونغرق في دموع الآخرين

متيمين وعاشقين

وهائمين وضائعين

نبني الأوهام أهراما

وسورا لا يصد الطامعين

نموت قبل الموت

في سوح المنون

"لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى"

أوهت قرون الناطحين

ما بين سمسار

وقواد

وشيخ قبيلة

وأمير بترول بطين

وكلاب صيد الحاكمين

رباه! أخرجنا من الظلمات

من شرك اللصوص

ومن مخالب باعة الإنسان في لشرق القديم

ومن دوار البحر والصحراء

ومن قاع الجحيم

وليمسح الثلج الرحيم

والعشب والأنداء: وجه الميتين

والعقم والأوساخ والعار المقيم" ص14-16، ألفاظ: "موتى هائمين، عميا، ونموت، نشتم، نستجدي، نبكي، نغرق، ميتين، الأوهام، الموت، أوهت، الناطحين، سمسار، قواد، شيخ قبيلة، بطين، كلاب، الظلمات، شرك، اللصوص، مخالب، الجحيم، الصحراء، الميتين، العقم، الأوساخ، العار" كلها الفاظ قاسية، وفي ذات الوقت تحاكي واقعنا، فلا جديد فيها، لكن أهميتها تكمن في أنها قليت قبل خمسين سنة، فالواقع كان ومازال كما هو، لم يتبدل أو يتغير، لكن، اللافت أن الشاعر يتنبأ بعبورنا الصحراء والبحر: "ومن دوار البحر والصحراء" هربا من الجحيم، وتوجهنا إلى بلاد النعيم، بلاد الغرب: "وليمسح الثلج الرحيم" فرؤية الشاعر تتحقق الآن، وبفضل "سمسار/الفساد والمفسدين، قواد/سافل، شيخ قبيلة/النظام القبلي، أمير بترول/أمراء النفط، كلاب صيد/اجهزة النظام" تقهقرنا وزادة مأساتنا وتعمق.

وعندما ذكر الشاعر الطغاة، أراد أن يكون قريبا منا، فسماهم بأسمائهم، وكان واضحا تماما، فهو يخاطب العامة، ولا يريد أن يستخدم لغة/اسلوب يصعب فهمه من الجمهور، لهذا نجده يشفي صدورنا عندما قال: "وكلاب صيد الحاكمين" وعندما أتبعها بالدعاء "رباه" بدا وكأنه واحدا منا، أو كأننا نحن من نطق بهذا الكلام، الشم والعداء على الحكام، وهنا تكمن أهمية الشاعر وطريقته في المخاطبة، فهو كنبي عليه أن يستخدم اللغة التي يفهما المتلقي، وبما أنه يخاطب عامة الشعب، فكان هذا الشكل هو المناسب لجذبه ولفت انتباهه.

وهناك قامة وسواد في قصيدة "بكائية إلى شمس حزيران":

"...

شغلتنا الترهات

فقتلنا بعضنا بعضا

وها نحن فتات

في مقاهي الشرق

نصطاد الذباب

نرتدي أقنعة الأحياء

في مزبلة التاريخ

أشباه رجال

لم نعلق جرسا

في ذيل هر أو حمار

أو نقل للأعور الدجال:

لم لذت

بأذيال الفرار

نحن جيل الموت بالمجان

جيل الصدقات

هزمتنا في مقاهي الشرق

حرب الكلمات

والطواويس التي تختال

في ساحات

موت الكبرياء" ص26-28، مصائبنا ناتجة عن: "لم نعلق جرسا" وفكرة السواد لعدم فعلنا/تعليقنا نجدها في الكم الكبير من الألفاظ السواد والقاسية: "الترهات، فقتلنا، أقنعة، مزبلة، للأعور، الدجال، الفرار، الموت، هزمتنا، حرب" وإذا أخذنا الحيوانات والحشرات: "الذباب، الطواويس، هر، حمار" التي ذكرها الشاعر، يتأكد لنا حالة القسوة التي يحذرنا منها.

وللافت أن المرأة غائبة تماما في هذا الديوان لهذا نجد كافة القصائد قاتمة وكالحة، ورغم أن الشاعر يتحدث عن فلسطين، إلا أن بغداد والعراق كان حاضر أيضا، حاضر يتوجع ويتألم كما تتألم فلسطين، في قصيدة "أفول القمر" يقول:

"ووضع القمر

جبينه الشاحب فوق حجر ونام

وارتجف الشارع والمصباح والظلام

وسكنت بغداد لا تسأل عن الكلام

لأن طفلا عاري الأقدام

مخضبا بدمه

ممزق الأكمام

تحوم حول وجهه ذبابة، حرام!

لا تلمسوا جراحه

لا توقظوه

أيها الفاشست

من رقاه، حرام!

دم الشهيد الطفل في أعناقكم

محترفي الأجرام!

...27/5/1960،" ص49و50، هل يعقل أن تكون هذه القصيدة كتبت بذاك الزمن، أم أنها خدعة؟، أم أن الشاعر فعلا يرى ما لا نراه، ويعرف ما لا نعرف؟، بصرف النظر عن الاجابة، يبقى "عبد الوهاب البياتي، شاعر سابق عصره، قدم قصائد ما زلنا نعيشها، نشعر بحرارتها ووجعها، فالوجع الفلسطيني تمدد واتوسع، ليصل إلى بغداد ودمشق وطرابلس وعدن وصنعاء، فحالة التشرد والهجرة وفقدان الأهل والأحبة متفشية في وطننا، كما تفشا الموت والقتل والخطف، فدمرت الأوطان وخربت المدن.

اعتقد تركيز الشاعر على طفل بعينه، هو لم يتخلى/يهم الصورة العامة، بل أراد بهذه الصورة تحديدا أن يستثيرنا عاطفيا وإنسانيا، لنتقدم من (انقاذه) ولا نتركه للموت، "حرام".
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف