الأخبار
الولايات المتحدة تفرض عقوبات على مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية(أكسيوس) يكشف تفاصيل محادثات قطرية أميركية إسرائيلية في البيت الأبيض بشأن غزةجامعة النجاح تبدأ استقبال طلبات الالتحاق لطلبة الثانوية العامة ابتداءً من الخميسالحوثيون: استهدفنا سفينة متجهة إلى ميناء إيلات الإسرائيلي وغرقت بشكل كاملمقررة أممية تطالب ثلاث دول أوروبية بتفسير توفيرها مجالاً جوياً آمناً لنتنياهوالنونو: نبدي مرونة عالية في مفاوضات الدوحة والحديث الآن يدور حول قضيتين أساسيتينالقسام: حاولنا أسر جندي إسرائيلي شرق خانيونسنتنياهو يتحدث عن اتفاق غزة المرتقب وآلية توزيع المساعدات"المالية": ننتظر تحويل عائدات الضرائب خلال هذا الموعد لصرف دفعة من الراتبغزة: 105 شهداء و530 جريحاً وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعةجيش الاحتلال: نفذنا عمليات برية بعدة مناطق في جنوب لبنانصناعة الأبطال: أزمة وعي ومأزق مجتمعالحرب المفتوحة أحدث إستراتيجياً إسرائيلية(حماس): المقاومة هي من ستفرض الشروطلبيد: نتنياهو يعرقل التوصل لاتفاق بغزة ولا فائدة من استمرار الحرب
2025/7/10
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الأنثى في "مدينتنا" نزهة الرملاوي بقلم: رائد الحواري

تاريخ النشر : 2020-01-31
الأنثى في "مدينتنا" نزهة الرملاوي بقلم: رائد الحواري
الأنثى في
"مدينتنا"
نزهة الرملاوي

العنوان هو العنوان، هو الجسم/الشكل/الشيء الذي يعطي صورة خارجية شاملة عن الشيء/الحدث/المكان، ف"مدينتنا" جعلت الشاعرة متربطة بها، وربطتنا نحن المتلقين أيضا، فهي مدينتها ومدينتنا.
تكمن أهمية فاتحة القصيدة في أنها الباب الذي يدخل منه القارئ إلى متنها، ودائما مخاطبة الأنثى "مدينتنا" تثير القارئ، وهذا اسهم في جذبه إلى النص/القصيدة، واللافت أن الشاعرة لم تبدأ بالصراخ والصوت العالي:
"مدينتُنا قبلة الرّوح
ممنوعة من الأحلام
من التّكبيرات..
من السّجود من القيام
القمر في سمائها يبكي
وحقّها في شريعتهم حرام.."
بل تتحدث بألم (ناعم)، ألم الأنثى، أنثى الشاعرة وأنثى المدينة، التي تحسن كتم ألمها وأوجاعها، من هنا جاء ألمها يلسع كالجمر، فالممنوعات عن الأنثى/المدينة لم تكن مادية، بل روحية، جمالية، "الأحلام، التكبيرات، السجود، القيام" وعندما أقرنت "القمر الباكي" اعطي مدلول وكأنه طفل/أبنها، يبكي لحزنها ولحالها، وهذا يثير ويتوغل إلى أعماق القارئ/المتلقي، لينهض ويعمل عل ازالت الممنوعات عن الأنثى/المدينة وابنها "القمر".
"تمّوز يحرق الأرض غضبا"
بعد الحديث عن الأنثى تدخلنا الشاعرة إلى عالم الذكور "تموز" يحرق الأنثى "الأرض" وهنا أول فعل قاسي "يحرق" فالقسوة متعلقة بالذكور، لكن هنا الذكر "تموز" رمز لشهر تموز الحار، وليس للإله "تموزي" رمز الخصب، وهذه الولوج الذكوري سيكون بداية الوجع في القصيدة:
"والعرب في عروشهم نيام
مُذ كان النّبي السّاري لقلبها
تنادى أعداؤها أن لا إسلام
قطعوا أوصالها...ذبحوا أشبالها..
زيّنوا لأبنائها رايات السّلام"
المفارقة بين حال "نيام" وبين "قطعوا، ذبحوا"، فالعرب والأعداء هم لفظ مذكر، لهذا وجدنا أفعال دموية وحشية.
تحاول الأنثى/الشاعرة أن لا تكون (متطرفة) تجاه الذكور فجاء "النبي" بصورة إيجابية، لكنها تقرن ايجابية الذكر بالأنثى: " مُذ كان النّبي السّاري لقلبها " وكأنها تشير إلى العلاقة الطبيعية والسوية المتوازنة بين الذكر والأنثى، من هنا تكمل صورة هذه العلاقة بقولها:
" كيف للعشّاق أن يعيدوا
لسمائها الفرح.. بعد انهزام"
فالفرح "العشاق" يعني علاقة سوية بين الذكر والأنثى، لكن هناك حالة "انهزام" تمنع وجود هذه العلاقة، وهنا جاءت صوت عال ومرتفع:
مدينتنا تغتصب.. تهوّد..
تصرخ لا.. لا استسلام"
فهل لهذه ال"تصرخ" مبرر، خاصة إذا ما قارناها مع (الحزن الناعم) في فاتحة القصيدة؟، هذا هناك مرر، بل تأكيد وضرورة، بعد ان فقدت المدينة/الأنثى عشيقها/حبيبيها، وبعد أغتصبها العدو/المذكر، كان لا بد لها أن "تصرخ"، فألمها أصبح بشرفها/كرامتها وبجسدها معا، فكان "تصرخ" فعل منسجم تماما ويعطي صورة عن حجم الألم عند الأنثى/المدينة، الألم الجسدي/المادي، والألم المعنوي/الروحي.
تبدو وكأن الشاعرة/المدينة/الأنثى وهي "تصرخ" فعلت بصراخها ما أزعج وآلم القارئ/المتلقي، وما لم ينسجم مع طبيعتها التي تمتاز بالصبر والجلد، لهذا نجدها (تبرر) لنفسها ولنا سبب هذه "ال"تصرخ":
"كسروا مباهج عزّها.. شرفها
ألزموها الرّقص على الحطام
أعلنوها مغلقة "
واللافت أنها تناولت الوجع الجسدي/المادي "الرقص على الحطام"، والروحي/النفسي "عزها شرفها" من هنا يمكننا القول أن مسار القصيدة منسجم ومتزن، فالقصيدة لم تكتبها "نزهة الرملاوي" بل القصيدة هي من كتبت نزهة الرملاوي، فكانت كالجنين الذي اكتمل في رحمها وحان خروجه، فكانت قصيدة "مدينتنا".
"ممنوع على أدراجها اللعب..
في حاراتها...زرعوا انتقام"

تقدمنا الشاعرة مرة أخرى من موقفها/توحدها مع الأنثى/المدينة، "أدراجها اللعب، حارتها انتقام" وهذا يأخذنا مرة أخرى إلى العلاقة السوية بين المذكر والمؤنث، فالممنوع جاء على جزء مذكر "أدراجها" وآخر مؤنث "حاراتها" فبدا للقارئ أن هناك ذكر ظالم/شرير يحول دون وجود الحياة الطبيعية والسوية، وهذا الإيحاء كاف لإثارة المتلقي وجعله يعرف أن هناك خلل في حياة الأنثى/المدينة، مما سيدفعه إلى فعل شيء يزيل المنع، وتستعاد الأنثى/المدينة الحياة الطبيعية والسوية.
""وذاك الذي استباحها
يتجوّل في قداسة عينيها
يُداعب تاريخ خدّيها
يُلقي على طهارتها الآثام
يجوب الأنجاس أقصانا..
حاراتنا.. "
تحاول الشاعر أن تخاطب عقل المتلقي بالطريقة التي يفهمها، بالطريقة التي تؤثر فيه، من هنا نجدها (تستفزه) بالحديث عن "استباحها، يتجول، يداعب، يلقي، يجوب" وكأنها بهذه الأفعال تقول له: أين رجولتك أيها الذكر؟ ها هي المدينة الأنثى يُفعل بها، فتقدم أن كنت رجلا، واللافت في هذا المقطع أن الشاعرة ألصقت أفعال قذرة وقعت على الأنثى، "استباحها، عينيها، خديها، طهارتها" وهنا يكمن ذكاء الشاعرة، معرفة كيف تؤثر على المتلقي، وتجعله يتقدم من الحدث، معرفيا ثم عمليا.
النقلة النوعية في القصيدة جاءت من خلال هذا المقطع:
"قباب عشقنا.. سُبل الغمام
وساحات الوغى فارغة من الأبطال..
من الأنصار.. من الأحرار...من الأنام
تعارك الإخوان والدّسائس حولهم
وباتت القضية في عرفهم أوهام..
تسامر الأغراب في مضارب الأعراب
دقّوا للخيام أوتاد انقسام
تكالب أعداء الله عليها..
فغاب عن فجرها هُدل الحمام
لم يعد بيننا عمر يتفقّدنا..
ونحن رعيّة نلوم لا نلام
فكيف نستنجد بالأنذال بعده..
وقد أخرس في فيهم الكلام"
حيث جمعت الشاعرة بين الأنثى/المدينة وسكانها، وهي تعطي صورة شاملة للواقع العربي والفلسطيني معا، لكن تستوقفنا افعال: "تعارك، وباتت، تسامر، دقوا، تكالب، فغاب، أخرس" وكلها افعال ماضية، وهنا يطرح سؤال: لماذا لم تستخدم الشاعرة الفعل المضارع، بما أن الواقع ما زال على حاله؟، اعتقد أن الفعل الماضي غالبا ما يشير استخدامه لفعل قاسي/أسود، فلم ترد الشاعرة أن يكون لهذه القسوة والسواد استمرارية في المستقبل، وكتفت بأن تناولتها بصيغة الماضي، لهذا جاءت خاتمة القصيدة:
"هبّوا أبناءها المخلصين وذودوا
عن شرف مدينة تحلم بالسّلام
ضاعت قبلة روحنا الحسناء..
بين المُقامر والمُطبّع وأولاد الحرام!"
لم تتم دعوة (الآخرين)، من هم خارج القدس للمشاركة في "هبوا، وذودوا" وخصت "أبناء" المدينة المخلصين، فهل هذا منطقي؟ وهل يحق للشاعرة ان تلغي بقية الفلسطينيين أو العرب من هذه المشاركة؟، بكل تأكيد هي لم تلغي أحدا، بل جعلت الشرارة/رأس الحربة أهل المدينة المخلصين، والذين سيفتحون الأبواب أمام الآخرين ليتقدموا وليحقوا بأهلها المخلصين، وهذا منطقي، فالبداية تأتي من داخل المدينة، من أبنائها، وليس من الخرج.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعرة.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف