الأخبار
(يسرائيل هيوم): هكذا حاولت حماس اختراق قاعدة سرية إسرائيلية عبر شركة تنظيفجندي إسرائيلي ينتحر حرقاً بعد معاناته النفسية من مشاركته في حرب غزةالهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينية
2025/7/7
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الشاعر والمرأة والواقع كميل أبو حنيش "صفا فؤادي"بقلم: رائد الحواري

تاريخ النشر : 2020-01-29
الشاعر والمرأة والواقع
كميل أبو حنيش
"صفا فؤادي"
لا شك أن الواقع العربي في أسوء ما يكون، وهنا يتعاظم دور الانبياء والمصلحين/الثوريين، لكنهم أيضا بشر مثلنا، يتعبون، يتألمون، يعانون، لهذا، من حقهم على أنفسهم أن يحصلوا على استراحة، أو يستعينوا بما يساعدهم، لإكمال الدرب وإيصال رسالتهم، وبما أن الشعراء هم انبياء هذا العصر، نراهم حاضرين في المشهد، يحدثوننا عن الإيمان، عن القهر الذي نعانيه، وعن طرق الخلاص، كاشفين المفسد من المصلح، ومقدمين الأمل على اليأس، والإيمان على الكفر.
الشاعر "كميل أبو حنيش" يبين حقيقة الواقع، ولكنه لا يكتفي بهذا، بل يضع الحلول، لكنه لا يقدمها جاهزة، بل على القارئ/المتلقي ان يكتشفها، وإلا فقدت أثرها وفاعليتها، يبدأ الشاعر القصيدة مخاطبا المرأة:
"
مَرحى لِرَسمِكِ يا فَتاة
يَرِقُ قَلبي حينَ أَرْنو في عُيُونِ غَزالَتي
فَأَرَى الجَمالَ وَقَدْ تَأَلَقَ في الفُؤَاد
رَخى سَكِينَتَهُ عَلَيّ
مَعْ أَنَّهُ ينسابُ مُكتَسِياً
بِحُزنٍ قَدْ تَقاطَعَ مَعْ ظِلاَلِ الكِبرِياء
في القَلبِ مُتَسَعٌ لهذا الحُبْ،
قَلبي تَسَمَّرَ لحظةً
ثُمَ انحَنى لِتَحِيَةِ الآتي الجِدِيدْ
فَعِمِيْ صَباحاً يا ابْنَتي
لا شَيءَ يَحجُبُ عَنْ فُؤادي سِحرَ عَينَيّكِ
اللتَينِ أَطَلَتا مِنْ خَلْفِ هذا الغَيبِ
فَانْقَشَعَ السَدِيمُ عَنِ السِنينْ
يا ظَبْيَةً شَرِبَتْ نَقِيَ الماءِ
مِنْ بَرَدَى وَدِجْلَةَ والفُراتْ
فَغَدَتْ تَمِيسُ بِسِحرِها الشَامِيُّ والبَدَويْ
وبِسِحرِ أرضِ الرافِدَيّنْ
كَيفَ السَبِيلُ الى وِصَالِكِ يا فَتاةْ
وهَذِهِ الأَوْقاتُ والآفاقُ والفُلُواتُ
تَملَؤُها السُجُونْ، حَوائِطُ الأَسلاكِ والإِسْمِنتِ
أدْفِنَةُ الحُرُوبِ
مَعَ انتشارِ الذُعرِ والأشلاءِ
في وطَنِ المَحَبَةِ والسَّلامْ"
مخاطبة المرأة بهذا الشكل وبهذا الطرح، يؤكد على أهمية حضورها عند النبي/الشاعر، فهذه الفاتحة تشير إلى تعب النبي/الشاعر، فأراد الاستعانة بها لتريحه، لتمنحه شيء من السكون، ليتقوى على مواجهة الواقع، فهو يخاطبها ليستعين بها، إذن نستنتج: هي قوية وتمده بالقوة، بالطاقة، وهذا المؤشر لوحده كاف، لإيصال فكرة دور المرأة وأهميتها في عملية الاصلاح/الثورة، ولن أقول أن الشاعر متأثر بالشعر الجاهلي الذي جعل المرأة وحضورها في فاتحة القصائد، بل أن الشاعر يقدمها في فاتحة قصيدته، من خلال واقعه هو، واقع أمته، فكان هذا الحضور.
وما يؤكد قولنا، حضورها في متن القصيدة وحتى آخر بيت فيها، فهي المخاطبة، ونجدها في كل مقطع من مقاطع القصيدة، فهي العون للشاعر، وهي الوسيلة التي استخدمها لتكون حاجز بينه وبين القارئ/المتلقي، فجاء خطابه بصورة غير مباشرة، موجهة للفتاة، وهذا (الحاجز/الفتاة) هو الذي تلقى الخطاب عنا نحن القراء/المتلقين، فأبعدت القصيدة عن المباشرة والصوت العالي، وأيضا أضفى لمس من الهدوء والنعومة عليها، مما جعل القارئ يتجاوز فكرة السواد والقسوة الكامنة في فكرة القصيدة، وهنا يكون أثر المرأة ليس على النبي/الشاعر فحسب، بل انعكس أيضا على القارئ، وهذا يجعل الشاعر والقارئ معا، يستوعبان مكانة وأهمية دور المرأة.
وإذا ما فككنا أبيات المقطع الأول من القصيدة، سنجدها شبة مطلقة البياض، ـ إذا ما استثنينا البيتين الأخيرين، حيث اجتمعت الفكرة البياض والناعمة مع الألفاظ، وهذا الكم ولنوعية من البياض ما كان ليكون، دون وجود مكانة للمرأة في العقل الباطن، فبدا بياض الفاتحة وكأنه الطاقة التي يتزود بها الشاعر، ليبدأ رحلته لإيصال الرسالة التي كلف بها.
واللافت في هذا المقطع أن التحول للقسوة جاء بعد لفظ "السجون" مباشرة، "حوائط، الأسلاك، الإسمنت، أدفنه/ الحروب، الذكر، الأشلاء" وهذا ما يجعلنا نقول أن القصيدة لا يكتبها الشاعر، بل هي من تُكتبه، فبعد أن اكتملت وتغذت من قلب وعقل الشاعر، نضجت وخرجت إلينا، وإلا ما كان للفظ "السجون" أن يكون له هذا الأثر في القصيدة، أثر في المضمون واللفظ، حتى أنه محى الفتاة، فواقع الأسير خلف الجدران فرض ذاته على القصيدة، فكان هذا السواد.
بعد المقدمة، يبدأ اشاعر في مخاطبة "الفتاة" عن الواقع وما جرى فيه، فيتحدث عن الشام والعراق والواقع العربي البائس:
"والشّامُ ما انْفَكَتْ تَسِيلُ دَماً
وغزالتي قد أجفَلَتْ في رَوضِها
فَزِعَت وَفَرَّتْ في البَرارِي النائِياتْ
هذا الربيعُ قد استحالَ إلى خَريفٍ يا ابنتيْ
من بعدِ ما عَبِثَت بِهِ كُلُّ الأصابِعِ والبُغاةْ
فتَفَجّرَت هذي المآسي واستَحَلَ بِنا البِلاءْ"
هذا (السرد) الذي يقدمه الشاعر موجه بالأساس للفتاة، وليس لنا، ولكن المتلقي النبيه يعرف أن الفتاة هي الحاجز/الوسيلة التي أرادها الشاعر للتحمل عنا قسوة الحديث عن الواقع: "دما، أجفلت، فزعت، وفرت، النائيات، خريف، عبثت، البغاة، فتفجرت، المآسي، البلاء" ولولا قوتها وصلابتها لما جعلها تتلقى هذه القسوة، وللافت أن الشاعر بعد ان تحدث عن فلسطين، "وطن المحبة السلام" وما فيها من ألم، بدأ حديثه عن الشام مباشرة، وهذا يشير إلى قربها منه، وإلى الحب والحنين الذي يحمله للشام، فهي الأقرب عليه:
"ويا بِلادَ الشامِ يا بَلَدي الحَبيبَةْ
كُلُّهم طَعَنوكِ يا بلد الرَوابي والسواقي واليَمَامْ:
الآباءُ والابناءُ
والإخوانُ والخِلانُ
والأعداءُ والحلفاءُ
والأخوالُ والأعمامُ
قد ولَغوا بهذا الدَّمْ
وتفاخروا بالفَتحِ والتَدميرِ والتَهجِيرْ
كُلُهُم ساقوا السَبايا
كلهم أدموكِ يا شامَ المحبةِ
مزقوكِ وحولوكِ إلى حُطَامْ"
يوضح الشاعر حبه للشام أكثر في المقطع السابق، حتى أن حبه انعكس على الألفاظ التي استخدمها، فكان السواد أقل رغم أنه يتحدث عن وجع وألم، واعتقد أن ذكر الاباء والابناء والاعمام والاخوال" جاءت ليعبر عن الحب والمكانة الكامنة في العقل الباطن، وهناك تأكيد في لمقطع السابق حينما قال يا "بلدي" وأتبعها ب"الحبيبة" وإذا أخذنا "يا شام المحبة" نكون أمام حالة توحد وانسجام بين الشاعر والشام.
مدلول لفظ الشام عن الشاميين يعني دمشق تحديدا، فهل الشاعر يعي هذا الأمر:
ما عادَ يَلزَمُنا المَغولُ أو التَتارُ أوِ الفِرِنجَ
لكي يَجوسُوا في الديارْ
ويدمروا بغدادَ والفيحاءَ والشَّهباءْ"
إذن سوريا هي حب الشاعر، وليس دمشق فحسب، والشاعر يتوسع في حبه، فنجد دمشق وحلب وبغداد، ويكمل الشاعر حديثه عن المآسي التي يعيشها الوطن، مبدي رؤيته حول العديد من القضايا، لكنه يختم القصية كما بدأها، يختمها بالبياض المطلق:
"وعِمي صباحاً يا ابنتي
أرنو إليكِ بِعَينِ قلبي كلَّ يومٍ
فأراكِ أجملُ ظَبيَةٍ تَتَراقَدينَ على المدى
دامت لكِ الأيامُ والسَنَواتُ والعُمرُ المَديدْ
ودُمتِ لي
ولأَهلِكِ الوُدَعاءْ
يا حُلوَتي وصَفا فُؤادي
رُدي التَحِيةَ يا صفا
فالقلبُ فيكِ قَدِ احتفى
والياسمينُ وراءَ صَوتِكِ قد تَناثَرَ واقتفى
رُدي التَحِيَةَ يا فتاةْ
فَلَيسَ أبلَغُ من حُروفِكِ
حين يعلو الثَغرُ وَهْجُ الإِبتِسامْ"
واعتقد أن هذا له علاقة بدور الرسالة، فالشاعر بهذه الخاتمة يؤكد على أن الخلاص من المآسي التي ذكرها لا يتم إلا من خلال وجود وفاعلية المرأة، وإلا ما تحول من البياض شبهة المطلق الذي جاء في فاتحة القصيدة، إلى البياض المطلق في الخاتمة، وكأنه يقول ـ بطريقة غير مباشرة ـ أن المرأة قادر على محو كل السواد القسوة الذي نعيشه، إذا تقدمت وحضرت، وهذا أكدته القصيدة، التي خلت خاتمتها من السواد، لفظا أو مضمونا.
القصيدة منشورة على صفحة "كمال أبو حنيش" شقيق الأسير.
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف