اسرائيل تستهدف كنز الهوية والرواية الفلسطينية
بقلم : م. عمر السلخي
تشكل الآثار والمواقع التاريخية احد الموارد الهامة التي يمكن أن تلعب دورا مهما في عملية التنمية ، وتتعدى هذا الدور في الواقع الفلسطيني الذي تشكل فيه الأرض والموروث الثقافي أساس للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فالاحتلال يستهدف المواقع الأثرية الفلسطينية من خلال الاستيطان وبناء جدار الفصل العنصري والطرق الالتفافية وسرقة ونهب الآثار في مناطق (ج) بشكل خاص.
يسعى الاحتلال الى تنفيذ خطة تدمير ممنهج لطمس معالم الهوية الفلسطينية وتعزيز الرواية التاريخية الاسرائيلية ، حيث أن 53% من المواقع والمعالم الأثرية في الضفة الغربية، البالغ عددها 7 آلاف موقع، تخضع لسيطرة الاحتلال، كونها تقع في المناطق المصنفة (ج). كما أن 15% من مجمل المواقع الأثرية في الضفة الغربية، قد ضمها جدار الفصل العنصري. إضافة إلى اختفاء حوالي 5 آلاف موقع أثري دمرها الاحتلال ، حيث كان عدد المواقع الأثرية نحو 12 ألف موقع، حسب إحصائيات الانتداب البريطاني، بينما أُعلن بعد الاحتلال الإسرائيلي أنها 7 آلاف فقط.
سعى الاحتلال مبكرًا للدخول إلى حقل الآثار، لإيجاد أي دليل يثبت أحقيته بأرض فلسطين. فقد أُسست الحركة الصهيونية "جمعية أبحاث أرض إسرائيل" عام 1913، للبدء بإجراء أبحاث حول الآثار، ومحاولة ربط الموضوع بالتوراة ، وقد نفذت الجمعية العديد من أعمال الحفر والتنقيب على المواقع الأثرية، ولعل أبرزها التنقيب في مواقع عين جدي والبحر الميت وحائط البراق، وتعقد الجمعية مؤتمرًا كل خمس سنوات حول "الآثار اليهودية" في فلسطين، وذلك للترويج للرواية الإسرائيلية بوجود مواقع أثرية يهودية في فلسطين .
فبعد 4 أيام من احتلال مدينة القدس عام 1967، قام الاحتلال بالسيطرة على المتحف الفلسطيني في المدينة، وتحويله لدائرة الآثار الإسرائيلية، كما شرع بهدم حارة المغاربة التي شيدت بالعهد الأيوبي ، ولعل السيطرة على المتحف الفلسطيني تعكس إدراك الاحتلال لأهمية التفوق في المعركة الثقافية والحضارية، فقد حول اسم المتحف الفلسطيني المتاخم لأسوار البلدة القديمة في القدس، إلى اسم متحف "روكفلر"، ويسيطر الاحتلال عليه اليوم بشكل كامل .
وفي عام 2002، أصدر الاحتلال قائمة تضم 150 موقعًا أثريًا، منها 35 موقعا في الضفة الغربية، اعتبرتها مواقع ذات قيمة "قومية"، وضمن التراث اليهودي .
وهناك عدد آخر من المؤسسات التي تشارك في عمليات التنقيب عن الآثار، منها دائرة الآثار الإسرائيلية التابعة للإدارة المدنية، وبعض الجامعات، كالجامعة العبرية، وجامعة حيفا، وجامعة تل أبيب، وجامعة بار إيلان في النقب.
ويندرج كل ذلك ضمن إطار واضح يهدف إلى السيطرة على الأرض وآثارها القديمة، إضافة إلى السيطرة على الرواية التاريخية، من خلال ما يبثه الاحتلال للعالم من صور ودراسات حول حقه في المواقع الأثرية، للدلالة على أنها جزءٌ من تاريخه، وذلك ضمن عملية تزوير واضحة للتاريخ، واحتكار الرواية التاريخية.
فلسطينيا تواجه وزارة السياحة كجهة اختصاص تحديات كبيرة في التدخل لحماية المواقع الاثرية ، والتي تُمنع الطواقم التابعة لها من ممارسة أي أعمال تنقيب، أو تجديد، أو حتى استكشاف للمواقع الأثرية في مناطق ج لوقوعها تحت السيطرة الاسرائيلية حسب اتفاق اوسلو، اضافة الى قلة التمويل حيث ان اعمال الحفاظ والحماية بحاجة لتمويل عالي جدا، ناهيك عن عدم معرفة المواطن الفلسطيني باهمية تلك المواقع وتنفيذ الحفريات الغير قانونية والتجارة بالاثار، والتدمير المتعمد للحفاظ على الملكيات الخاصة.
لا بد من حملة توعوية واسعة النطاق باهمية الحفاظ على المواقع التاريخية وحمايتها والقيام بالتدخل العاجل من خلال تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار فيها بالشراكة مع الهيئات المحلية التي يقع على عاتقها تامين البنية التحتية لربط تلك المواقع الاثرية بمخططاتها الهيكلية ، تحت اشراف وزارة السياحة والاثار كجهة اختصاص تمتلك الطواقم الفنية والصلاحيات القانونية ، وتعزيز الشراكة مع المؤسسات الدولية انسجاما مع الانضمام لليونسكو والاتفاقيات الدولية التي تتعامل مع الاثار كارث انساني يجب حمايته والحفاظ عليه ، مما سيساعد في توفير الحماية الدولية وتوفير المختصين والخبراء والتمويل.
وضرورة توثيق الانتهاكات الإسرائيلية بحق الاثار في مناطق (ج)، وعرضها إعلاميًا بشكل محلي وإقليمي ودولي، من خلال برامج واضحة الخطة وموجهة لإدانة إسرائيل والحد من تعدياتها على المواقع الاثرية،والسعي لعقد مؤتمر دولي يهدف إلى التعريف بالمواقع الاثرية في مناطق (ج) وقيمتها التاريخية وما تتعرض له من تدمير ممنهج وعزل ونهب ، وحالة من التدهور بسبب الاحتلال .
* رئيس مجلس ادارة مركز عبد القادر ابو نبعة الثقافي
الزاوية – محافظة سلفيت
بقلم : م. عمر السلخي
تشكل الآثار والمواقع التاريخية احد الموارد الهامة التي يمكن أن تلعب دورا مهما في عملية التنمية ، وتتعدى هذا الدور في الواقع الفلسطيني الذي تشكل فيه الأرض والموروث الثقافي أساس للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فالاحتلال يستهدف المواقع الأثرية الفلسطينية من خلال الاستيطان وبناء جدار الفصل العنصري والطرق الالتفافية وسرقة ونهب الآثار في مناطق (ج) بشكل خاص.
يسعى الاحتلال الى تنفيذ خطة تدمير ممنهج لطمس معالم الهوية الفلسطينية وتعزيز الرواية التاريخية الاسرائيلية ، حيث أن 53% من المواقع والمعالم الأثرية في الضفة الغربية، البالغ عددها 7 آلاف موقع، تخضع لسيطرة الاحتلال، كونها تقع في المناطق المصنفة (ج). كما أن 15% من مجمل المواقع الأثرية في الضفة الغربية، قد ضمها جدار الفصل العنصري. إضافة إلى اختفاء حوالي 5 آلاف موقع أثري دمرها الاحتلال ، حيث كان عدد المواقع الأثرية نحو 12 ألف موقع، حسب إحصائيات الانتداب البريطاني، بينما أُعلن بعد الاحتلال الإسرائيلي أنها 7 آلاف فقط.
سعى الاحتلال مبكرًا للدخول إلى حقل الآثار، لإيجاد أي دليل يثبت أحقيته بأرض فلسطين. فقد أُسست الحركة الصهيونية "جمعية أبحاث أرض إسرائيل" عام 1913، للبدء بإجراء أبحاث حول الآثار، ومحاولة ربط الموضوع بالتوراة ، وقد نفذت الجمعية العديد من أعمال الحفر والتنقيب على المواقع الأثرية، ولعل أبرزها التنقيب في مواقع عين جدي والبحر الميت وحائط البراق، وتعقد الجمعية مؤتمرًا كل خمس سنوات حول "الآثار اليهودية" في فلسطين، وذلك للترويج للرواية الإسرائيلية بوجود مواقع أثرية يهودية في فلسطين .
فبعد 4 أيام من احتلال مدينة القدس عام 1967، قام الاحتلال بالسيطرة على المتحف الفلسطيني في المدينة، وتحويله لدائرة الآثار الإسرائيلية، كما شرع بهدم حارة المغاربة التي شيدت بالعهد الأيوبي ، ولعل السيطرة على المتحف الفلسطيني تعكس إدراك الاحتلال لأهمية التفوق في المعركة الثقافية والحضارية، فقد حول اسم المتحف الفلسطيني المتاخم لأسوار البلدة القديمة في القدس، إلى اسم متحف "روكفلر"، ويسيطر الاحتلال عليه اليوم بشكل كامل .
وفي عام 2002، أصدر الاحتلال قائمة تضم 150 موقعًا أثريًا، منها 35 موقعا في الضفة الغربية، اعتبرتها مواقع ذات قيمة "قومية"، وضمن التراث اليهودي .
وهناك عدد آخر من المؤسسات التي تشارك في عمليات التنقيب عن الآثار، منها دائرة الآثار الإسرائيلية التابعة للإدارة المدنية، وبعض الجامعات، كالجامعة العبرية، وجامعة حيفا، وجامعة تل أبيب، وجامعة بار إيلان في النقب.
ويندرج كل ذلك ضمن إطار واضح يهدف إلى السيطرة على الأرض وآثارها القديمة، إضافة إلى السيطرة على الرواية التاريخية، من خلال ما يبثه الاحتلال للعالم من صور ودراسات حول حقه في المواقع الأثرية، للدلالة على أنها جزءٌ من تاريخه، وذلك ضمن عملية تزوير واضحة للتاريخ، واحتكار الرواية التاريخية.
فلسطينيا تواجه وزارة السياحة كجهة اختصاص تحديات كبيرة في التدخل لحماية المواقع الاثرية ، والتي تُمنع الطواقم التابعة لها من ممارسة أي أعمال تنقيب، أو تجديد، أو حتى استكشاف للمواقع الأثرية في مناطق ج لوقوعها تحت السيطرة الاسرائيلية حسب اتفاق اوسلو، اضافة الى قلة التمويل حيث ان اعمال الحفاظ والحماية بحاجة لتمويل عالي جدا، ناهيك عن عدم معرفة المواطن الفلسطيني باهمية تلك المواقع وتنفيذ الحفريات الغير قانونية والتجارة بالاثار، والتدمير المتعمد للحفاظ على الملكيات الخاصة.
لا بد من حملة توعوية واسعة النطاق باهمية الحفاظ على المواقع التاريخية وحمايتها والقيام بالتدخل العاجل من خلال تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار فيها بالشراكة مع الهيئات المحلية التي يقع على عاتقها تامين البنية التحتية لربط تلك المواقع الاثرية بمخططاتها الهيكلية ، تحت اشراف وزارة السياحة والاثار كجهة اختصاص تمتلك الطواقم الفنية والصلاحيات القانونية ، وتعزيز الشراكة مع المؤسسات الدولية انسجاما مع الانضمام لليونسكو والاتفاقيات الدولية التي تتعامل مع الاثار كارث انساني يجب حمايته والحفاظ عليه ، مما سيساعد في توفير الحماية الدولية وتوفير المختصين والخبراء والتمويل.
وضرورة توثيق الانتهاكات الإسرائيلية بحق الاثار في مناطق (ج)، وعرضها إعلاميًا بشكل محلي وإقليمي ودولي، من خلال برامج واضحة الخطة وموجهة لإدانة إسرائيل والحد من تعدياتها على المواقع الاثرية،والسعي لعقد مؤتمر دولي يهدف إلى التعريف بالمواقع الاثرية في مناطق (ج) وقيمتها التاريخية وما تتعرض له من تدمير ممنهج وعزل ونهب ، وحالة من التدهور بسبب الاحتلال .
* رئيس مجلس ادارة مركز عبد القادر ابو نبعة الثقافي
الزاوية – محافظة سلفيت