الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

غيابٍ مفخخ بقلم:عزيز جمال عبدالناصر يحياوي

تاريخ النشر : 2020-01-28
غيابٌ مفخّخٌ
ـــــــــــــــــــ

ما أوحشَ الغيابَ حين يرتادُ
دفء دمِنا
فينحَر أعناقَ اللهفاتِ المعلقة على حبلِ الوريد
ربـي !
قدْ ضُعت في تلافيفِ البداية و النهاية
وغُصَّ فمي برمال الصحاري الهاجرة
لم أعرف جوابًا و لا طريقًا
يقودُني إلى مشتهايَ حيث الفواكهُ
وحيدًا أتدلى من عروش الخَيْبة
وفي صمت المساءات المتكلّسةِ
كصباحٍ بلا عشّاق أو ليلِ بلا ارتعاشة جسدين
أجِدُني معلقًا تحتيَ الموت
كأنَّ فرحي ألجمَ أبوابَهُ
و صار سرابًا في ممالكِ الجليد
ربـــي !
لامست يداي المرتجفتان
طينكَ
حتّى تبخّرت قطراتُ الأُمنياتِ الأخيرةِ
و تضوعت رائحة شواءٍ
من خيوط كانت خيوطَ الأغاني
تسافر الآنَ رمادًا
في فراغِ خاوٍ من الموسيقى

إذا أقول و أسألني :
_ هل رأيتُ أحدًا يقف مثليَ على ذيل ثورٍ برشلوني ؟
_ هل رأيتُ وجهًا متهالكًا كوجهيَ حين يستحيلُ ساحة للحروبِ ؟
لا لم أرَ !
لم أرَ سوى جسدي المُلقى على قارعة المقابر
يكلم المحاربينَ
النائمينَ
الطيّبينَ
الهادئينَ بلا زيفٍ

الذين ينتظرون حبّةَ قمحِ وماءً يُصافح الذكريات
وعينايَ، عينايَ حجرتان أو ضفتان
من الدموع الآسنة
ربـــــــــي !
يعوي الغيابُ
فتستيقظ الريحُ الجَائعة مع صداه
إنها ليلة لاكتمال القمرْ
أو ربما ليلة لانتحار القمرْ
*
تحطّ الريح
على كَتِفِ امرأةٍ قَرَويةٍ
ناهزت النِصْفَ ألمٍ
ومازالت إلى الآنَ
تخيط من ابتساماتها عباءاتٍ لرجال التراب
وتغني أغانٍ لأطفال يبحثونَ عن الهويّة والماء
و مازالت إلى الآنَ
تُعِدُّ الخبزَ المسائي
لصباحها الذي لم يأتِ بعدُ
اليومَ
تُحِسُّ بألمٍ يضاجعُ كَتِفَها
تعتقد لوهلةٍ
أنّه الروماتيزمُ اللقيطً
لكنّها ترى الصورةَ
أمامَ عينيها الغارقتين في عسلِ الجبالِ
صورة صبحها وقتَ السفر
إلى مُدنٍ ملأى بالنجيع
و بعد شهقة، سقوط مدو على الإنتظار، تراتيل على قبور الأولين
تعدُّ الفَطور و تعلق الملابسَ النظيفةَ
على غصن زيتونٍ نائمٍ
ثمَّ تموت
*
تحطّ الريحُ
على كَتِفِ رجُلِ مسنٍ مَنسي
تعب من السفرِ
و آنَ له الآنَ
أن يستريحَ من المنفى و المحطاتِ القميئةِ
يعودُ إلى مدينته و بَيْتِهِ الحجريّ
يتذكر أباه، أمه، إخوته
و حبيبَتِهِ الأولى صباحْ
كيفَ شَرِبَ ذاتَ ليلة رُضابَ شفتيّها
ونامَ كطفلِ مشرّدٍ بينَ مُفترقِ ثدييّها
يتذكر عناقيدَ السؤال الأولى و حصَانَهُ عنترةَ الأغرّ
" آهٍ يا عنترة
لقد كنت أسرعَ من الوقتِ
أعتقَ من زجاجة نبيذٍ لم تعرف الهواء و الضوء
لقد كنت صلبًا كقطعة فولاذٍ يغطيّها الحريرُ
غيّرَ أنَّ العَشِيرة الفخمةَ أنكرتكَ
و صرت حصانًا يأكلكَ الحصارُ "
يُحسُّ المسافرُ بألمٍ يضاجعُ كتفه
لربما هو تعبُ الحقائبِ
أو تعبُ التشتت من منفى إلى منفى
يرى بعينين تشبهان
حوهرتين نسيتا عند قدوم الغُزاة
صورةَ الحمائمِ
التي كانت تطير من صدره الفتي
مطبوعةً على أنقاض الجدار التليد
و بعد صمتٍ في المدى الشائك المعتم
يعدُّ المسافر حقائبه
يودّع وداعةَ ظله
و ملامحَ الحكايةِ
ثمَّ يمضي إلى محطة القطار الجديدة
إلى منفى اللاّوقت

ها أنا و قد أفرغت لغتي
كلَّ لغتي
لغتي القريبة و البعيدةُ
لغتي الجسورة و الهزيلةُ
لغتي الدفينة الغُبارية
ولغتي المستلقية على ذراع الحداثة
التي نبتت من قلب الرخام
و من معارك الملح و السكر
فتحت لأجلها، لغتي قواميسَ كثيرة
كي أحاججَ ربيَ و أقنعه بخطإ
تسرب يومَ التكوين
وفتحت لأجلها، لغتي ذراعيَّ
كي تنطلقَ منها الأسرارُ المكبوتة
لكنْ
مازال الكلامُ يريد الكلامَ
والخروجَ من قُمْقُمِ التكتّمِ
نحو الامتلاء
مازال الكلامُ يريد
التفجّرَ و التفجّرَ و التفجّرَ
و احتواء المعنى
بكل أعضاء الجسد
و بكل أشكال التّرجي
و أنا يا لغتي
يا ربيَ و حبيبيَ الوحيد
لم يبقَ منيَ شيءٌ
سوى أنفاسٍ شريدةٍ
و أملٍ يتسكع
هنا و هناك
أترقبه كبائعِ مظلاتٍ
ينتظر المطر

عزيز جمال عبدالناصر يحياوي
تونس
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف