الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

أنطون الشوملي : شاعر العروبة في زمن الانكسار العربي/ قراءة أسلوبية

تاريخ النشر : 2020-01-27
أنطون الشوملي : شاعر العروبة في زمن الانكسار العربي/ قراءة أسلوبية
بقلم
د. سعيد عياد
أستاذ الإعلام / جامعة بيت لحم

إذا ما تتبعنا الحركة الثقافية في بيت لحم منذ مطلع القرن العشرين الفارط، سنتبين أنها تتصدر مع يافا قائمة المصائر الفلسطينية في التنوير الثقافي على مستوى الكل الفلسطيني وفي كل المستويات الثقافية الأدبية والفنية والإعلامية والفكرية.
وليس هذا فحسب وإنما طال التنوير البيت لحمي أفاقا عربية ممتدا في كل الفضاءات الثقافية العربية. ولعل الشاعر أنطون يوسف الشوملي من بيت ساحور المولود في العام 1914 والمتوفى في العام 1979 عن خمسة وستين عاما، يشكل بشعره علامة فارقة مهمة في التنوير الوطني والقومي على حد سواء.
ربما الجيل الحالي لم يسمع عن الشوملي الشاعر، ولكن أشعاره خلدته كما خلدت ثقافة فلسطينية في خصوصيتها وقومية في عروبتها قل نظيرها.
ومع أن ديوانه ( الأثار الشعرية الكاملة ) يتيم في عدده إلا أنه غزير في دلالاته ومعانيه ومراميه ومقاصده، فأحسب أنه ركيزة تنويرية لا تنطفئ أبدا. فالكلام شعرا ونثرا ليس بالكم والحشد، وإنما بالمضمون والاستشراف والبناء الفكري والثقافي، وبناء الوعيين الفردي والجمعي إضافة إلى تأريخ مراحل سياسية واجتماعية معينة.

أنطون يوسف الشوملي مسيحي الديانة فلسطيني الروح والدم عربي الوعي إنساني الهم والتطلع، هو صورة تقبع خلف الجدار، لكن إشراقها تجاوز الجغرافيا وأسقط دلالات الجدار كلها. فكيف لا وهو ناظم مطرزة جوهرة ديوانه قصيدة " أيها العرب "، إذ هو يستنهض العروبة من جوهرها ويجمع أشتاتها من شظايا الطائفية والمذهبية والقطرية، ليجدد بنص فريد ثقافة عربية تاهت في ظلام الانشطارات وارتهانات القبلية القاتلة.
الشوملي لم يؤمن بشعوب عربية بل آمن بشعب عربي واحد، فهو لا يعترف بسايكس بيكو تلك الحدود التآمرية التي تقسم الجغرافيا لكن لا تجرؤ أن تطأ العربي الإنسان.
يفتخر بالعربي أصلا وحضارة وتنويرا، وإن كان يعيب على العربي المعاصر الذي يأخذ السفاهة من أمم الغرب ولم يأخذ الإبداع وجانبه. هذه نبوءة الشوملي العربية وكأنه قرأ الحاضر الراهن العربي منذ ستين عاما.. فحذر وشخّص ودعا إلى التمسك بالمجد العربي من دون انعزال.
نحن نبغي محبة واتحادا......قد مللنا من الشقيق شقاقا
ألا يكفي ذلك أن ينطلق هذا الشعر العربي من تحت نخلة بيت لحم ومن مذود يسوع ليحمل هم العربي والعروبة كما حمل يسوع همَّ العالم.
كانت ثورة رشيد الكيلاني حاضرة هو يفتخر بالعراق العظيم لما كان عظيما، هذا الفلسطيني المجروح النازف ينهض من جرحه كما العنقاء حينما أتته أخبار الثورة هناك بين الرافدين وحولهما.
إذ بلغت عاصمة الرشيد ... فحي المجد في شخص رشيد
فلسطين الجريح اليوم ترجو... خلاصا منهم ومن اليهود.
ويقصد الإنجليز.
هذا هو الشعر الراقي العروبي لا يفرق بين جرح عراقي وجرح فلسطيني.
ولما ثار العرب ثورتهم الكبرى مطلع القرن العشرين، أرّخ الشوملي لتفاصيل تلك الواقعة في نص شعري لن يندثر بين نصوص شعرية أخرى كثيرة لم تغفل تلك الثورة. فهو لم يمجد زعيما ولا شيخا ولا أميرا ولا قطرا بعينه، شعره صنع رمزا عربيا في قصيدة أعادت للعرب ثقتهم بعروبتهم، فحين يقرأ القارئ القصيدة ينتشي في داخله العربي وليس الزعيم أو الأمير.
أيا تاريخ قف نطو القرونا.... ونرو عن السّراة الخالدينا
تشغل الشوملي القومية فيمان كانت تشغل القبلية والطائفية عرب كثيرون وشعراء أكثر. ويجزم أن القومية هي الخلاص من الذل .
إلام النوم يا قوم إلاما..... فإن النوم قد أضحى حراما
أنطون الشوملي هذا الفلسطيني المسيحي يتمدد في عروبته إلى أقصى حد، فصلاح الدين كان حاضرا في وعيه العربي الذي لا ينضب. فالعروبة عنده مقدمة على كل اعتبار حتى وإن كان من حاربهم صلاح الدين جاءوا إلى الديار محتلين باسم الصليب، والصليب منهم براء.
والسيف يخط في هام العدى جذلا... مثل اليراعة في قرطاسها تيها.
كالعادل الملك الميمون طائره.... ربّ السيوف إذا احمرت نواصيها.
فهل ثمة شعر عربي قيل أقوى من هذا في قائد تحرير القدس المسلم.
أما فلسطين أُسُّ العروبة وحاضنة العرب الأوائل، فهي المنطلق العربي دائما عند الشوملي. فالعروبة لا تستقيم إلا بها، ولا تكون إلا بها، ولم تبدأ إلا بأول فلسطيني.
وأنى العروس أُزف لمن أمل لقاه وأبى الجلاء
بني العرب طال رقاد الخمول... أما من نهوض أما من رجاء
هكذا هو الشاعر الكبير أنطون يوسف الشوملي كان يقظا في عروبته، فكيف لا يكون ذلك وهو من بيت ساحور الذين اختارها الله مبشرة بمقدم سيد السلام يسوع للعالم برسالة المحبة والسلام/ فالشوملي كان للعروبة عاشقا كما لفلسطين على حد سواء.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف