الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قراءة في قصيدة نزار قباني "متى يعلنون وفاة العرب"بقلم:د. أحمد جبر

تاريخ النشر : 2020-01-27
قراءة في قصيدة نزار قباني "متى يعلنون وفاة العرب"بقلم:د. أحمد جبر
قراءة في قصيدة نزار قباني "متى يعلنون وفاة العرب"

د. أحمد جبر

قبل أكثر من عشرين عاما يطلق الشاعر نزار قباني صرخته المدوية التي كان لها صدى كبير في عالم الشعر والثقافة والسياسة، وهو يعلن فيها وفاة العرب،عبر بيان تأبيني للأمة التي أعلن وفاتها، وكأنها قد تداعت عليها الأمم وألغت من التاريخ دورها وكيانها، وقد قدم موقفه ذاك في قالب من الرفض الاستنكار والازدراء المغلف الذي يشف عن معاناة الشاعر وغضبه من الواقع الذي تعيشه الأمة.

ولا شك في أن غالبية العرب يعانون من واقعهم المعاش وينعتونه بنعوت شتى، قد تكون متفاوتة إلا أنها تتقاطع على رفضه وعدم قبوله، لذلك فان نزار قباني قد لجأ إلى تكرار استخدام بعض المفردات في قصيدته هذه تلك المفردات التي تعبر عن امتعاضه الشديد من هذا الواقع وتصور عدم مقدرته على رسم بلاد العرب بالصورة التي يأملها فهو يحاول أن يرسم الصورة التي الجميلة إلا أن صورة الباطن تتغلب على النص وكذلك انفعالات الشاعر التي تظهر عبر نص غائب يقودنا إليه النص الحاضر المباشر في القصيدة.

والرفض لغة ترك الشيء، هكذا ورد في لسان العرب و في غيره من معاجم اللغة، ولكن الرفض على صعيد نفسي يفضي إلى عملية فيها من الإصرار على اتخاذ الموقف من حدث ما أو أمر ما وهو بذلك يشكل نوعا من أنواع الدفاع عن الذات الفردية أو الجماعية برفض الاعتراف بالواقع المعاش والعمل من اجل تغييره إلى واقع آخر أفضل، لذلك فان الرفض موقف مقصود في مواجهة كل ما يخالف ما انزرع في الأذهان والأنفس من معتقدات وقيم ومثل عليا.

إن قارئ القصيدة سيلمس مدى عمق الشاعر في موقفه المضاد من والواقع العربي ولكنه لا يقدم على رفضه وتجريحه وتشخيصه ونعته بكل هذه النعوت جلدا للذات بقدر ما يود ويأمل تغير هذا الواقع لذلك فهو دائم المحاولة ويكرر استخدام الفعل أحاول ورسم وان ارسم وكل هذه المحاولات يحدوها الأمل في إصلاح حال هذه الأمة وعودتها لمكانتها تحت ظلال الحرية والكرامة والسؤدد، لذلك يفجر نزار قباني ما اعتملت عليه نفسه من حقد على هذا الواقع وشجب واستنكار له.

أحاولُ منذ الطُفولةِ رسْمَ بلادٍ

تُسمّى - مجازا - بلادَ العَرَبْ

تُسامحُني إن كسرتُ زُجاجَ القمرْ

وتشكرُني إن كتبتُ قصيدةَ حبٍ

وتسمحُ لي أن أمارسَ فعْلَ الهوى

ككلّ العصافير فوق الشجرْ

أحاول رسم بلادٍ

تعلّمني أن أكونَ على مستوى العشْقِ دوما

فأفرشَ تحتكِ ، صيفا ، عباءةَ حبي

وأعصرَ ثوبكِ عند هُطول المطرْ 

إنها قصيدة تعبر من حيث معنى المعنى عن ثورة الشاعر على الواقع المعاش وعن دعوته بشكل أو بآخر للانتفاض عليه وعدم الاستسلام له والركون إليه، ما يدفعنا للقول بان الذين اتخذوا موقفا من هذه القصيدة لم يقرأوا سوى النص الحاضر بدلالاته المباشرة دون أن يغوصوا في ما يقف وراء النص من دلالات ومعان تنشد الواقع الأفضل للعرب وهو الواقع البعيد عن التناحر والتحارب والاستبداد والقهر وتأليه الزعامات ومحاربة الفساد والمحسوبية.

أيا وطني: جعلوك مسلْسلَ رُعْبٍ

نتابع أحداثهُ في المساءْ

فكيف نراك إذا قطعوا الكهْرُباءْ؟؟

أنا...بعْدَ خمسين عاما

أحاول تسجيل ما قد رأيتْ

رأيتُ شعوبا تظنّ بأنّ رجالَ المباحثِ

أمْرٌ من الله...مثلَ الصُداعِ...ومثل الزُكامْ

ومثلَ الجُذامِ...ومثل الجَرَبْ

رأيتُ العروبةَ معروضةً في مزادِ الأثاث القديمْ

ولكنني...ما رأيتُ العَرَبْ

إن نزار قباني لو كان حيا في هذه الأيام فانه سيعلن وفاة العرب ويحذف من عنوانه ( متى ) ليصبح العنوان ( أعلن وفاة العرب ) دون أن يتركها للمجهول حين يقول ( متى يعلنون وفاة العرب ) فمن حق المتلقي أن يتساءل: من هم الذين قصدهم نزار قباني بقوله ( يعلنون ) ؟ فهل يعلن العرب عن وفاتهم؟ أم أن جهة خارجية أخرى هي التي ستعلن وفاتهم ؟ أم أنهم سيستبدلون والاستبدال سنة الله في خلقه؟
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف