الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

دراسة حول (الجلوة) العشائرية وأثرها على حقوق الإنسان والسلم الأهلي في فلسطين

تاريخ النشر : 2020-01-27
(الجلوة) العشائرية وأثرها على حقوق الإنسان والسلم الأهلي في فلسطين

بحث مقدم إلى  المؤسسة الفلسطينية للتمكين والتنمية المحلية

الدكتور عمر رحال
2019

الفهرس

الفصل الأول: المقدمة والإطار النظري
مقدمة 
أهمية البحث.
أهداف البحث. 
منهج البحث
مشكلة البحث. 
فرضية البحث.
أسئلة البحث. 
إطار البحث. 
مصطلحات البحث. 
الفصل الثاني: التطور التاريخي للقضاء العشائري في فلسطين. 
الجلوة ما بين العرف والقانون: تعريفها أنواعها وشروطها ومراحلها ومدتها وشخوصها  
أنواع (الجلوة) 
لماذا يتم اللجوء (للجلوة) 
مراحل (الجلوة) العشائرية
أي سند قانوني (للجلوة)؟ 
 هل من ضرورة (للجلوة) ؟                                                                                                      21 

(الجلوة) ما بين القانون والشريعة
على ماذا يؤشر استمرار العمل في (الجلوة)
الفصل الثالث: الآثار المترتبة على (الجلوة) والانتهاكات الناتجة عنها وانعكاساتها على السلم الأهلي.
أولاً: أثر (الجلوة) على السلم الأهلي والتماسك الاجتماعي. 
ثانياً: أثر (الجلوة) وأبعادها على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية 
ثالثاً: أثر (الجلوة) على الحق في التعليم
رابعاً: أثر (الجلوة) على الحق في السكن.
خامساً: أثر (الجلوة) على الحق في العمل.  
سادساً: أثر (الجلوة) على الحق في المشاركة في الانتخابات. 
سابعاً: أثر (الجلوة) على البنية الاجتماعية والسكانية 
ما هو المطلوب: تجديد الفكر العشائري.  
النتائج.
التوصيات. 
الخاتمة 
المراجع. 

(الجلوة) العشائرية وأثرها على حقوق الإنسان والسلم الأهلي في فلسطين

الفصل الأول: المقدمة والإطار النظري  

مقدمة  

لعب الموروث الثقافي ولا يزال في فلسطين دوراً مهماً في الحياة الاجتماعية ، وذلك لعدة أسباب أولها أن الثقافة الفلسطينية هي انعكاس للثقافة العربية، وأما السبب الثاني فيكمن في أن المجتمع الفلسطيني مجتمعاً عشائرياً تلعب به العشيرة والعائلة دوراً مهماً في حياة الفرد، وبسبب الاحتلالات المتعاقبة على فلسطين وعدم وجود قضاء نظامي رسمي وطني يفصل في المنازعات بين الفلسطينيين، أصبح للقضاء العشائري الدور البارز في الحياة الاجتماعية، فقد اعتمد الفلسطينيون على مر العقود الماضية وفي ظل الاحتلال الإسرائيلي على رجال الإصلاح وعلى القضاء العشائري في حل خلافاتهم الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية، وكأن الفلسطينيين قرروا مقاطعة محاكم الاحتلال وشرطته.

 اعتمدت الحركة الوطنية الفلسطينية وتحديداً في الانتفاضة الأولى بشكل كبير على رجال الإصلاح والقضاء العشائري لحل الإشكاليات التي كانت تحدث داخل المجتمع الفلسطيني، وكان لكل تنظيم بعض الأشخاص إما المحسوبين عليه أو من المقربين إليه يقومون بدور القاضي، وكانت القوى الوطنية تقوم بتنفيذ القرارات التي كانت تصدر عن رجال الإصلاح .

عقب تشكيل السلطة الوطنية الفلسطينية في شهر 5/1994، أنشئت دائرة في وزارة الداخلية تحت أسم الإدارة العامة لشؤون العشائر والإصلاح، وقد قامت الوزارة باعتماد أشخاص من مختلف المحافظات وقامت بإصدار بطاقات لهم، كما قامت مختلف المحافظات بتأسيس دائرة العشائر والإصلاح وأصدرت بطاقات لهم، كما قامت حركة حماس بتأسيس رابطة علماء فلسطين وحركة فتح بتأسيس لجنة عشائر فلسطين في التعبئة والتنظيم، كما أن هناك رجال إصلاح مستقلون وهناك رجال إصلاح شكلوا روابط ومجموعات خاصة بهم.

بالرغم من إلغاء القانون العشائري في الأردن عام 1976 والذي كان سارياً في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فإن التقاضي العشائري لا يزال يُطبّق في فلسطين، بما في ذلك بنوده المتعلقة(بالجلوة) العشائرية، التي تعني إبعاد أهل الجاني في قضايا القتل المتعمد وهتك العرض وتقطيع الوجه من منطقة سكنيه إلى منطقة أخرى في المحافظة نفسها، وأحياناً إلى خارج المحافظة، و(الجلوة) هي عُرف بدوي في الأساس. وغالباً ما يتمّ إجلاء أقارب الجاني وفق التفاهمات العشائرية، وبعلم وبإشراف المؤسسة الأمنية في بعض الحالات .

 الاستمرار في العمل بالعرف العشائري (الجلوة) العشائرية حتى اللحظة له أسبابه المختلفة أولى هذه الأسباب عدم سيادة القانون، وانعدم ثقة المواطنين بالنظام السياسي، هذا إلى جانب طول إجراءات التقاضي في المحاكم وبقاء القضايا في المحاكم لسنوات طويلة، مما يؤدي بأهل الضحية للبحث عن طرق أخرى تعيد لهم (الحق) بشكل أسرع، ومن وجهة نظرهم فإن (الجلوة) هي واحدة من الخيارات الممكنة، التي تدفع الناس للالتجاء إليها، وهنا تكون (الجلوة) هي الخيار (الأنسب) بالنسبة لهم.

أهمية البحث تنبع أهمية البحث كونه أصيل ، وهو الأول من نوعه في فلسطين في حدود معلومات الباحث المتواضعة، وعلى الرغم من وجود بعض أوراق العمل التي تتناول موضوع (الجلوة) العشائرية بشكل جزئي، إلا أنه لا يوجد هناك بحث متكامل حول الموضوع ، كما تنبع أهمية البحث باعتبار (الجلوة) واحدة من مهددات السلم الأهلي في المجتمع الفلسطيني، الذي بات يؤرق المجتمع الفلسطيني ومؤسساته الرسمية والأهلية، حيث لها تأثيراتها المباشرة على السلم الأهلي والتماسك الاجتماعي، كما أن أهمية البحث تتجلى في تسليط الضوء على (الجلوة) العشائرية التي يعتبر البحث بها من (المحرمات) عند رجال الإصلاح والقضاء العشائري، باعتبارها من مقدسات الفكر العشائري .

أهداف البحث يهدف البحث إلى:

1.    تناول (الجلوة) العشائرية في الفكر العشائري.

2.    (الجلوة) العشائرية ومدى قانونيتها.

3.    (الجلوة) وتأثيراتها الاقتصادية .

4.    أثر (الجلوة) العشائرية على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

5.    التأثيرات النفسية والاجتماعية والاقتصادية (للجلوة) العشائرية، وأيضاً على التركيبة الاجتماعية.

6.    الخروج بمجموعة من النتائج والتوصيات التي من شأنها أن تساعد الجانب الرسمي والأهلي في الحد من تأثيرات (الجلوة) العشائرية.

  منهج البحث المنهج الوصفي التحليلي والتاريخي والقانوني هو المنهج المناسب للدراسة باعتبارها دراسة أولية استكشافية وصفية كما قد يرتبط بدراسة ظواهر حاضرة من خلال الرجوع إلى نشأة هذه الظواهر والتطورات التي مرت عليها والعوامل التي أدت إلى تكوينها الحالي. فهذا المنهاج يساعد على فهم الحاضر والتنبؤ بالمستقبل، ومع ذلك لا بد من استخدام المناهج أعلاه لتحليل موضوع(الجلوة) العشائرية، ثم المنهج القانوني في محاولة لمعرفة مدى قانونية (الجلوة) العشائرية. في محاولة لإغناء الدراسة والإجابة على أسئلتها وتحقيق أهدافها. هذا البحث سيعتمد على الأدبيات المختلفة ومن مصادر مختلفة كالكتب والدوريات والانترنت. والصحف، بالإضافة إلى المصادر الأولية مثل القوانين والمقابلات الشخصية مع ذوي الاختصاص.

مشكلة البحث  

تعتبر (الجلوة) العشائرية شكل من أشكال الترحيل القصري ، وهي شكل من أشكال العقوبات الجماعية ، كما أن لها آثار مباشرة على جملة من الحقوق السياسية والاجتماعية والمدنية والاقتصادية للمواطنين، كونها تشكل انتهاكاً لتلك الحقوق، حيث أنها تستند إلى العادات والتقاليد والأعراف القديمة، والتي لا تتوافق مع روح العصر، إلى جانب (مزاجية) بعض العائلات والعشائر، كما أن (الجلوة) العشائرية ترتبط وتتأثر بقوة عائلة الجاني أو المجني عليه على حدٍ سواء.

هناك أصوات بدأت تعلو اليوم سواء من قبل مؤسسات المجتمع المدني أو الحقوقيين والحقوقيات بضرورة إجراء مراجعة (للجلوة) العشائرية خاصة بعد التأثيرات السلبية والكبيرة لها على حقوق المواطنين، هذا إلى جانب تأثيراتها المباشرة على السلم الأهلي والتماسك الاجتماعي، وتأثيراتها السلبية على حقوق النساء والأطفال والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة.

أما الإشكالية الأخرى تتمحور في ممارسة (الجلوة) العشائرية اليوم في ظل وجود السلطة الوطنية الفلسطينية، أي في ظل وجود سلطة قضائية، كما أن السلطة التنفيذية تشارك في بعض الأحيان في عملية (إجلاء) المواطنين أو أنها تؤمن عملية (الإجلاء) التي يشرف عليها وجهاء العشائر.

(الجلوة) العشائرية وإن كانت بدوية الجذور، فإنها كانت (مقبولة) في ذلك الحين أما اليوم فإن الأمر مختلف تماماً عما كان في السابق، إذ كانت البيوت تبنى وتشاد من الشعر، وبالتالي كان من السهولة أن يُرحل الشخص أو عائلته دون تأثير كبير، أما اليوم فإن الأمر تماماً مختلف لجهة تأثيراتها على جميع مناحي الحياة لا سيما الاجتماعية والاقتصادية . فاليوم هناك ارتباط في العمل والمدارس ومكان السكن .

كما أنه من المعروف أن الجلوة تكون محددة بفترة زمنية معينة يتم الاتفاق عليها بين أهل الجاني وأهل الضحية، وذلك من خلال (الجاهة)، كما يتم الاتفاق على المنطقة التي سيتم (ترحيل) أهل الجاني إليها هذا بالإضافة إلى الاتفاق على الآلية التي ستستخدم لعملية (الترحيل) ووقتها ومن المشمول في (الجلوة) لأنه في بعض الأحيان تكون هناك بعض الاستثناءات، بالإضافة إلى كيفية المحافظة على أملاك أهل الجاني وكيفية إدارتها واستغلالها خصوصاً العقارات، ولكن المشكلة تكمن في مسألتين أساسيتين الأولى استغلال وإدارة العقارات سواء المباني أو الأراضي إما بالرفض المطلق للاستفادة منها، أو التراجع عن الاتفاق في كيفية الاستفادة منها، أما الإشكالية الثانية وهي تنصل وتراجع أهل الجاني في التزامهم في مدة (الجلوة) ، ففي كثير من الأحيان يكون هناك اتفاق على أن يتم (جلوة) أهل الجاني لفترة زمنية محددة، ولكن ولأسباب كثيرة يرفض أهل المجني علية عودة أهل الجاني إلى أماكن سكناهم، مما يؤدي إما إلى تجديد المشكلة أو لتحمل أهل الجاني أعباء اقتصادية واجتماعية ونفسية أخرى .

فرضية البحث  

ينطلق البحث من فرضية مفادها أن ((الجلوة) العشائرية وما يترتب عليها من نتائج هي انتهاك لحقوق المواطن المكفولة في القانون الأساسي الفلسطيني، وفي القوانين الأخرى  ، وأيضاً في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي انضمت إليها فلسطين، وهي مهدد للسلم الأهلي والتماسك الاجتماعي ) ، وبالتالي فإن الفرضية إما أن تتحقق أو تنفى أو أن يعاد التأكيد عليها . وللبرهنة والتحقق من صحة الفرضية أو نفيها أو التأكيد عليها لا بد من طرح العديد من الأسئلة.

أسئلة الدراسة  

1.          لماذا يتم اللجوء إلى (الجلوة) العشائرية .

2.          لماذا يتم إجلاء الأقارب حتى الجد الخامس في بعض الحالات ؟ ما الهدف والمغزى لذلك؟.

3.          أليست (الجلوة) آلية من آليات الحفاظ على السلم الأهلي؟.

4.          في ظل عدم سيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية على كامل الأراضي الفلسطينية، أليست (الجلوة) آلية وطريقة لحقن الدماء واستتباب الأمن؟ .

5.          ما هي تأثيرات (الجلوة) على (المُرحليين)؟.

6.          بما إن (الجلوة) لم ترد في القوانين والتشريعات لماذا إذن يتم ممارستها من قبل رجال العشائر وعلى مرأى ومسمع المؤسسة الأمنية والقضائية ؟ .

7.          ما هي تأثيرات (الجلوة) على الحقوق ، وما هي آثارها الاجتماعية والاقتصادية ؟ .

8.          ما المطلوب وما العمل لتعزيز الحد من (الجلوة)؟ .

9.          ما مدى انسجام (الجلوة) مع القوانين والاتفاقيات الدولية؟ .

10.     وهل يمكن اعتبار الجلوة شكل من أشكال العقاب الجماعي؟.

11.     هل من تعارض بين القضاء العشائري والدولة المدنية؟.

إطار البحث  

‌أ          الزمانية: سيكون التركيز بالدرجة الأولى على الفترة الممتدة من العام 1993 وحتى العام 2018. مع العودة إلى ما قبل هذا التاريخ.

‌ب      المكانية: ينصب البحث على الأراضي الفلسطينية.


مصطلحات البحث· 1.           رجل الإصلاح العشائري : كل شخص أفرزته مجموعة العلاقات المحلية والوطنية ولديه الرغبة والقدرة والتمتع بالسمعة المجتمعية ولديه موثوقية مجتمعية مكنته من ممارسة دوره في حل المشاكل المجتمعية،والقدرة على تهدئة الخواطر،وتقبل أطراف المشكلة لما يقترحه من حلول .

2.           الجاهة: هم مجموعة من الرجال يرأسهم أحد الوجهاء، تسعى الجاهة لعقد هدنة بين أهل الجاني وأهل المجني عليه تحـدد زمنياً، وذلك على طريق إنهاء الإشكالية وعقد صلح بينهما.

3.           فورة الدم : وهي التصرفات الانفعالية التي تصـدر عن أشخاص من عائلة / عشيرة المجني عليه ، بغية الانتقام أو للثأر.

4.           الجلوة: تحدث عندما ينشأ خلاف أو اعتداء بين عائلتين يؤدي للقتل، أو عندما يحصل اعتداء على العرض فإن عائلة/ عشيرة أخـرى ستقوم فوراً بترحيل أفراد عائلة/عشيرة المجني إلى منطقة أخـرى بعيدة، تحت حماية عائلة/ عشيرة ثالثة ، فالرحـيل من منطقة إلى منطقة أخرى هو الذي يسمى بـ" الجلوة".

5.           السلم الأهلي: هو مفهوم الترابط المجتمعي الوطني والقائم على قبول التنوع ونبذ العنف والإكراه والتعامل الحضاري والسلمي مع جميع الأشخاص المشتركين في المواطنة بغض النظر عن اختلافاتهم . صياغة هذا النوع من الترابط المجتمعي تتطلب جهوداً حثيثة باتجاه خلق واقع وطني بعيدٍ عن كل أشكال التهميش والعنف والعصبية في مختلف ميادين الحياة السياسية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية.

6.           العطوة الأمنية: وتعطى من قبل ذوي المجني عليه بواسطة لجنة الصلح أو الطرف الذي تمت الاستجارة به من غير ذوي المجني عليه ويكتب صكها بوجود مندوبين عن السلطة الرسمية ، من الأمن وزارة الداخلية على إثر وقوع الجريمة وهذه العطوة من أقصر أنواع العطوات من حيث الفترة الزمنية حيث تكون مدتها ثلاثة أيام وثلث اليوم وتعتبر تهيئة لعطوة الاعتراف. وتأتي هذه العطوة في المرحلة الأولى لوقوع الجريمة وتسمى بدعوة الإمهال لأنها تعني إعطاء مدة زمنية قصيرة لتسوية الأمور المستعجلة.

7.           صـك العطوة: هو الوثيقة التي يدون فيها رئيس الجاهة وعدد من أعضاء الجاهة البنود التي تم الاتفاق عليها بين أهل الجاني وأهل المجني عليه بواسطة الجاهة. وعادة ما يوقع أهل الجاني وأهل المجني عليه وكفلاء من كلا الطرفين. والصك ملزم لكلا الطرفين.

8.           الصـُلح:هو الإجراءات التي تعمل الجاهة على تنفيذها، لإحلال الوئام بدل الخصام بين العائلتين المتخاصمتين، وعادة ما يلجأ عميد الجاهلة مع الجاهة للتنسيق بين الطرفين لإتمام مراسيم الصلح، وعادة ما يدعى مسؤولون في الدولة وكبار العائلات من المنطقة نفسها أو المحافظة للمشاركة في عملية الصلح، وعادة ما تلقى الكلمات التي تتحدث عن التسامح والإخاء والمحبة.

9.           مبدأ سيادة القانون: "مبدأ المشروعية"، ضرورة احترام القواعد القانونية القائمة، بأن تكون جميع تصرفات السلطات العامة في الدولة متفقة وأحكام القانون بمدلوله العام، سواء أكانت هذه السلطات تشريعية أو قضائية أو تنفيذية، فالخضوع للقانون لا يعني القانون بمعناه الضيق، أي الصادر من السلطة التشريعية وحدها، بل يقصد به القانون في معناه الواسع الذي يشمل كل القواعد القانونية القائمة بدءً من الدستور ونزولاً حتى اللائحة أو القرار الذي يصدر في إطارها.

10.      كفيل الدفا: وهو الشخص الذي تسند إليه مهمة حماية العشيرة التي كانت قد اعتدت على العشيرة الأخرى، وهذا الشخص عندما يتبرع بقبـول هذه المهمة فإنه يعلن ذلك علنا ً باسمه ونيابة عن عشيرته وبذلك تكون مسؤولية الحماية ملزمة له ولأفراد عشيرته. 

11.      كفيل الوفا: وهو الشخص الذي تسند إليه مهمة الوفاء بمتطلبات الصلح من تبعات ٍ مادية وماليـة، اشترطها المـُعتدَى عليه. فيبدي أحد وجهاء الجاهة استعداده والتزامه بالوفـاء بكل هذه المتطلبات باسمه ونيابة ً عن عشيرته.

12.      المسحوق: وهي عدم مطالبة ذوي الجاني أي شكل من أشكال التعويض من ذوي المجني عليه ‘ وذلك نتيجة عن الأفعال التي صدرت عن ذوي المجني عليه أثناء (فورة الدم)، حيث يعتبر كل ما يحصل أثناء (فورة الدم) وهي مدة زمنية محدد لا تتجاوز ثلاثة أيام وثلث اليوم، يكون بها (مباح) لذوي المجني عليه أن يثأروا وأن يحرقوا، وأن يخربوا... الخ. بمعنى أن كل ما قاموا به خلال تلك المدة من ردود أفعال هي بمثابة (مسحوق) أي أن ما قاموا به غير مطالبين بتعويضه. باعتبار أن (فورة الدم) هي عبارة عن ردة (فعل) طبيعية لا تستوجب الدية أو التعويض أو ما شابه ذلك.

13.      العطوة العشائرية:العطوة هي الهدنة التي يعطيها المعتدى عليه أو ذويه إلى المعتدي أو ذويه وتكون عبارة عن مهلة زمنية ليتسنى لهم ترتيب أوضاعهم والابتعاد عن منطقة ارتكاب الجريمة، وتعتبر العطوة من العادات والأعراف المجتمعية المستحدثة فقد كانت (الدخالة) تقوم مقامها ويلجأ إليها في القضايا الجزائية عند حدوث جرائم ضرب أو اعتداء أو قتل أو مساس بالعرض، ويتوسط بين الطرفين للحصول على العطوة مجموعة من ذوي الشأن من الوجهاء من ذوي المكانة المرموقة في المجتمع ويتم التوصل إليها من خلال ذهاب مجموعة منهم
لذوي المعتدى عليه وتسمى (الجاهة) ويتم التفاوض معهم للحصول على هذه الهدنة من خلال جهود أشخاص آخرون غير طرفي النزاع، بالإضافة إلى ذلك خبرة وتجربة ودراية في إجراءات الصلح تطيباً لخواطر ذوي المجني عليه، وكف أيدي أهل المجني عليه عن الاعتداء على الجاني أو ذويه وينظم بذلك صك خاص يسمى صك العطوة العشائرية) يوقع عليه وينتدب لهذه الغاية كفيلان يعرفان بكفيل الدفا وكفيل الوفا. وللعطوة دورا بارزا تمهيدياً لإنهاء النزاع وحل سبب الخصام وحماية الأرواح والممتلكات والحد من توسع آثار الجريمة إلى أفراد آخرين ليس لهم ذنب أو علاقة بما أرتكب وخاصة (ذوي الجاني) وتساهم العطوة في هذا المجال
بما تقدمه من المساهمات العديدة في مختلف مراحل الجريمة من خلال وجود نوع خاص لكل مرحلة من مراحل الجريمة.

14.      تقطيع الوجه: عندما تقوم الجاهة بأخذ عطوة من المعتدى عليـه لصالح المعتدي، فإن الاتفاق بين الجاهة وهذه العشيرة بعدم الاعتداء على عشيرة المعتدي أو أحد أفرادها يعتبر ملزما ً، إلى أن يقوم القضاء العشائري بالنظر في الأمر، و يقال عادة " الجماعة بوجه فلان " أي بحماية ورعاية فلان. أما في حالة أن قام أحد أفراد العشيرة المعتدى عليها سابقاً بخرق هذا الاتفاق واعتدى بأي طريقـة على فرد من عشيرة المعتدي سابقاً فإن هذا الخرق يسمى ب " تقطـيع الوجه " أي أنه لم يحترم وجه الشخص الذي يرأس الجاهة التي تسعى للإصلاح، وبالتالي فهو لم يحترم العشيرة التي تنتمي لها الجاهة. وهنا تبدأ مشكلة جديدة ، إذ ستطالب عشيرة الجاهة بحقهـا المعنوي أمام أحد القضاة العشائريين من ذلك الشخص الذي خرق الاتفاقية ومن عشيرته التي ينتمي إليها، وهي من أصعب وأخطر ما يعرض على القضاء لأن إجراءات القاضي في هذا المجال ستكون قاسية على الشخص وعشيرته ماديا ً ومعنويا ً واجتماعياً، حتى لا يجرؤ أحد على خرق أي اتفاقية مستقبلا ً وعدم السماح لأي كان ب " تقطيع الوجه.

الفصل الثاني: التطور التاريخي للقضاء العشائري في فلسطين[1] يمتد القضاء العشائري (غير الرسمي) في فلسطين إلى مئات السنين، وخلال وجود الأتراك في فلسطين، كان للقضاء العشائري في فلسطين لا سيما في مناطق النقب وبئر السبع وغزة والخليل وبيت لحم حضور قوي ولافت، واستمر هذا الحضور في زمن الاستعمار البريطاني وزمن الإدارة الأردنية في الضفة الغربية، وأيضاً وفي زمن الاحتلال الإسرائيلي، وذلك بسبب (رفض) الفلسطينيين لحد ما التوجه إلى المحاكم الإسرائيلية. حيث كان للقضاء العشائري ولرجال الإصلاح دور مباشر وفعّال في الحياة الاجتماعية للفلسطينيين، حيث اعتمد الفلسطينيون على رجال الإصلاح والقضاء العشائري في حل خلافاتهم الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية.

فترة الحكم العثماني

تركز القضاء العشائري في هذه الفترة في منطقة بئر السبع بشكل خاص، نتيجة لوجود العشائر البدوية في هذه المنطقة؛ واعتمد القضاة في حل المنازعات المعروضة عليهم على الأعراف والتقاليد المتوارثة. ولم تصدر الدولة العثمانية أي تشريعات لتنظيمه؛ ولكن كان هناك مجلس إدارة متخصص في النظر في النزاعات الواقعة ضمن منطقة بئر السبع، يتولى إدارته شيوخ عشائر بئر السبع. 

فترة الاستعمار البريطاني

أصبح للقضاء العشائري في فترة الانتداب البريطاني أساسًا قانونيًا متينًا؛ حيث صدرت في هذه الفترة مجموعة كبيرة من القوانين التي تنظم القضاء العشائري، وعلى رأسها مرسوم دستور فلسطين لسنة (1922)، وخصوصًا المادة (45) منه، حيث نصت هذه المادة على أن: "للمندوب السامي أن يشكل بمرسوم محاكم منفصلة لقضاء بئر السبع ولما يستنسبه من المناطق الأخرى؛ ويسوغ لهذه المحاكم أن تطبق العرف المألوف لدى العشائر إلى المدى الذي لا يتنافى فيه مع العدل الطبيعي أو الآداب"

 غير أن مرسوم دستور فلسطين لم يكن أولى التشريعات التي نظمت القضاء العشائري؛ إذ كان قانون أصول المحاكمات العشائرية الذي تم نشره في الجريدة الرسمية سنة(1918) في العدد (9) قد نظم أصول المحاكمات أمام المحاكم العشائرية.

ومن القوانين التي لها علاقة بالقضاء العشائري والتي تم إصدارها في الحقبة البريطانية "مرسوم تشكيل المحاكم لسنة (1939) وقانون المحاكم رقم (31) لسنة (1940)، و"قانون أصول محاكم العشائر لسنة (1937) ناهيك عن "قانون منع الجرائم بين العشائر والحمائل رقم (47) لسنة 1935"، وقانون المخالفات المدنية رقم(36) لسنة 1944. وقد نشر هذا القانون في العدد (1380) من الجريدة الرسمية لسنة (1944) .

فترة الحكم الأردني والمصري

لم يبق القضاء العشائري على حاله خلال الفترة التي خضعت فيها الضفة الغريبة للحكم الأردني، وقطاع غزة للإدارة المصرية؛ فقد تضاربت الأقوال حول وضعه في فترة الحكم الأردني للضفة الغريبة؛ إذ يرى البعض أن القوانين العشائرية لم تكن مطبقة في تلك الفترة؛ باستثناء العشائر البدوية التي بقيت خاضعة لقانون خاص بها، وهو "قانون الإشراف على البدو لسنة(1936) أما البعض الآخر فيرى أن القضاء العشائري كان حاضراً بقوة ومحمياً من الحكومة، إلا أن القضاة في تلك الفترة لم يكن يتم تعيينهم كما في فترة الانتداب البريطاني، ولم يتقاضوا رواتب من الحكومة الأردنية، بالإضافة إلى أن عدد القضاة والامتيازات الممنوحة لهم كانت قليلة جدًا، مقارنة مع وضعهم في فترة الانتداب البريطاني.

أما في قطاع غزة فلم تقم الإدارة المصرية بتغيير النظام القانوني الذي كان سائدًا؛ وأبقت على كل القوانين التي كانت سارية زمن الانتداب البريطاني، بما فيها القوانين الخاصة بالقضاء العشائري.

فترة الاحتلال الإسرائيلي

في فترة الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة عاد القضاء العشائري وانتشر مرة أخرى؛ خصوصاً بعد أن قاطع الفلسطينيون المحاكم النظامية التي يديرها الاحتلال اعتقادًا منهم أن الجهاز القضائي ليس سوى أداة لتكريس الاحتلال؛ حيث كان يطبق قوانين فرضها المحتل.
وفي العام 1979، صدر قرار عن المجلس الوطني الفلسطيني المنعقد في عمان بتاريخ 22/1/1979 يحمل رقم 924/م/912، بموجبه قرر المجلس لوطني الفلسطيني تأسيس "الإدارة العامة لشؤون العشائر والإصلاح".

فترة السلطة الوطنية الفلسطينية

وجدت السلطة الوطنية الفلسطينية أنه لا مجال للاستغناء عن القضاء العشائري، وأنه والقضاء الرسمي يسيران في طريق واحد، لدعم سيادة القانون والوصول للعدالة وإحلال السلم الاجتماعي [2]. ومع إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية، وتحديداً بتاريخ 14/9/1994 ، أعيد تشكيل "إدارة شؤون العشائر" بمرسوم رئاسي (4557)، ونشر في مجلة الوقائع الفلسطينية الرسمية، حيث صدر بتاريخ 9/11/1994 قراراً من الرئيس ياسر عرفات، يقضى بإنشاء إدارة شؤون العشائر، وفي تاريخ 16/2/1997 تم تعيين الحاج محمد فهد الأعرج من السواحرة مستشاراً لشؤون العشائر تحت اسم الإدارة العامة لشؤون العشائر والإصلاح. بحيث تكون تابعة لمكتب الرئيس[3]. فيما بعد ألحقت دائرة العشائر برئاسة الوزراء. وبتاريخ 15/3/2005، تم إلحاق "دائرة شؤون العشائر والإصلاح" بوزارة الداخلية.

يضاف لذلك وجود دائرة العشائر والسلم الأهلي في مختلف المحافظات. وعلى المستوى التنظيمي قامت حركة "فتح" بتأسيس لجنة عشائر فلسطين في التعبئة والتنظيم، كما قامت حركة (حماس) بتأسيس رابطة علماء فلسطين، كما أن هناك رجال إصلاح مستقلون.

لعب رجال الإصلاح والقضاء العشائري دوراً مهماً بعد احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967 في إرساء السلم الأهلي والحفاظ على النسيج المجتمعي، حيث أصبح للإصلاح أهمية كبيرة في حياة الناس، وهذا عائد لرفض الكثيرين من الفلسطينيين اللجوء لمحاكم الاحتلال وشرطته، حيث كان المواطنون يحلون خلافاتهم باللجوء إلى رجال الإصلاح والقضاة العرفيين، كما نشط رجال الإصلاح والقضاء العشائري في جميع مدن وقرى ومخيمات الوطن خلال الانتفاضة الأولى العام 1987.

يختص القضاء العشائري بنواحي القتل وهتك العرض وتقطيع الوجه، كما أنه ليس منافساً أو بديلاً عن القضاء النظامي . وإنما مكملاً ومساعداً له وليس موازياً أو بديلاً عنه من شأنه التخفيف على مكونات القضاء النظامي والشرعي[4]، والدليل على ذلك أن المحاكم الفلسطينية درجت على الإفراج عن المتهمين بكفالة في حالات كثيرة، وتخفيف العقوبة إلى النصف أو إلى الحد الأدنى المنصوص عليه قانوناً، كنتيجة لإجراءات الصلح العشائري[5]. ولعل مغزى ذلك يعود إلى اعتبار الصلح العشائري بمثابة تنازل عن الحق الشخصي أمام الـمحاكم النظامية، من خلال إسقاط دعوى التعويض المدنية المصاحبة للدعوى الجزائية أمام القضاء النظامي، إضافة إلى اعتقاد القضاة بأن تهديد الأمن والنظام العام لم يعد قائماً بعد توقيع صكوك الصلح. كما أن اللجوء إليه لا يضعف من حق المشتكي من اللجوء إلى القضاء النظامي المدني حتى بعد وجود صك تحكيم كما أن الحق العام لا يسقطه أبداً أي صلح عشائري[6].

وبالرغم من عدم وجود قيمة قانونية للقرارات العشائرية في القضايا التي تتعامل معها المحاكم، فحتى لو نصت العطوة على إعدام الجاني، فهذا القرار ليس ملزماً للقاضي النظامي ، ومن الممكن أن يصدر حكماً مختلفاً وفقاً للأدلة والبراهين التي يتعامل معها ، فعدم وجود قيمة قانونية لا يعني عدم وجود تأثير للعرف أو الأحكام العشائرية. فمثلاً إسقاط الحق الشخصي غالباً ما يتم بعد اتفاقات عشائرية، وبإسقاط هذا الحق غالباً تخفض العقوبة إلى النصف . إن قوة القانون العشائري تنبع بالدرجة الأولى من المنظومة الاجتماعية التي تعطي أهمية كبرى لدور العشيرة ، على الرغم من عدم وجود أثر للأحكام العشائرية على قانون العقوبات ، نرى أثرها واضحة في قوانين أخرى مثل قانون منع الجرائم، وعلى الرغم من إلغاء القانون العشائري إلا أنه ما يزال حاضراً [7].

وعلى الرغم من عدم وجود هذه القيمة القانونية، إلا أن بعض المختصين بشأن العشائري يروا أن القضاء العشائري يتبع أسلوب أو طريقة أو نهج يلجأ إليه في فض المنازعات وحل الخلافات معتمداً على مجموعة من الأسس أو النظم أو القواعد المتوارثة جيلاً بعد جيل، ومن خصائصه السرعة في حل المشاكل والإصلاح، وغلبة الطابع الجنائي عليه والقوة الإلزامية دون وجود سلطة تنفيذية، باعتباره دستور اجتماعي يتجلى تطبيقه في المجتمعات ذات الطابع البدوي أكثر [8]. 

الجلوة ما بين العرف والقانون: تعريفها أنواعها وشروطها ومراحلها ومدتها وشخوصها  

تعريف (الجلوة): (الجلوة) في اللغة مشتقة من الجلاء، والجلاء يعني الرحيل أو ترك المكان أو الابتعاد عنه إلى موقع آخر. أي أن الجلوة العشائرية تعني ترك الموقع والرحيل عنه إلى موقع آخر. وهي مأخوذة من الجذر اللغوي جلى يجلو أي الإبعاد، وبعض الدول العربية مثل العراق تسميها "تغريب" من غربه، وهي عُرف بدوي الجذور يصنفه علماء "الاجتماع البدوي" أداة من أدوات الضبط الاجتماعي عند الجماعات البسيطة اقتصادياً وتنظيمياً حيث كانت سائدة وملزمة وضرورية عندما لم يكن هناك دولة بالمعنى الحديث. و)الجلوة) العشائرية متلازمة في العادات والأعراف والتقاليد مع جرائم القتل العمد أو جرائم العرض، أو تقطيع الوجه، لان هذه الجرائم من وجهة نظر العشائريين تعتبر من أكبر وأهم وأخطر القضايا التي تهز المجتمع وتؤثر فيه لاسيما في مجتمعات العشائرية المحافظة[9]. كما تعرف (الجلوة) اصطلاحاً على أنها عبارة عن إجبار ذوي الجاني وأقاربه على مغادرة مناطق سكناهم (قصراً) إلى منطقة بعيدة غالباً ما تكون داخل المحافظة أو إلى محافظة أخرى يتم الاتفاق عليها ما بين عائلة الجاني والمجني عليه برعاية ووساطة رجال الإصلاح والقضاء العشائري[10].

أنواع (الجلوة)  

 هناك ثلاثة أنواع من (الجلوة) [11]:  

·        أولاً: الجلاء القسري : ويتم هذا الجلاء القسري للقاتل، وخمسته في حال رفضهم لمغادرة مضاربهم لاعتقادهم بأن الذنب لا يستحق الجلاء، وأن المجنى عليه هو المتسبب في هذه النتيجة، أو بسبب قوة العشيرة ونفوذها وعدم حسابها لعشيرة المقتول أي حساب، وفي هذه الحالة ولعدم تفاقم الأمور تتدخل العشائر الأخرى لترحيل الجاني وعشيرته ولو بالقوة.

·        ثانياً: الجلاء التلقائي : وهو الجلاء الذي يتم طواعية من الجاني وخمسته فور وقوع الجريمة خوفاً من ردة الفعل، واحتراماً للأعراف والسواد،

·        ثالثاً: الجلاء الاختياري : وهو جلاء أهل المجنى عليه (القتيل)، وخصوصاً إذا كانوا ضعفاء انتظاراً لنتائج البحث في القضية وحكم القضاء .

عندما كانت الجرائم أعلاه تقع على شخص أو مجموعة أشخاص من قبل شخص آخر أو مجموعه أخرى جريمة كبرى مؤثرة ومؤلمة ونتائجها وخيمه فقد تلازمت (الجلوة) العشائرية معها وكذلك مع جرائم الاعتداء على أعراض الناس. وهي تعني رحيل جماعة الجاني فوراً عن جماعة المجني عليه لان الوضع يكون متوتراً والناس أعصابهم مشدودة ومتأثرين لذلك يجب إبعاد الناس عن بعضهم خوفاً من تطور المشاكل وحصول المضاعفات إذ لا يعقل أن يقتل شخص من عشيرة معينه ويبقى أقاربه في موقعهم أمام جماعة المقتول وهذا ما يسمى (فورة الدم) والتي ربما ترتكب بها جرائم أخرى كبرى بسبب الجريمة الأولى، وبالتالي (الجلوة) حقن للدماء وسبب لعدم توسع الجريمة [12].

ففي الماضي كانت أعداد الناس قليلة ولا يوجد لهم أي مصالح سوى الزراعة وتربية الماشية ويعيشون في بيوت الشعر وليس لديهم أثاث كما هو الحال ولا يوجد موظفين أو جامعات أو معاهد أو مدارس أو مصالح حكومية تجمع الناس مع بعضهم وكانت وسائل نقلهم تتم على الدواب [13].

لذلك كانت في السابق عائلة الجاني تُجلى بشكل كامل عند وقوع الجريمة إلى موقع آخر محدد في المنطقة من قبل شيوخ ووجهاء العشائر والقضاة العشائريين فيها. وكان الناس الذين يجلون يبقون في مجلاهم لسنوات عديدة وربما يبقون في نفس الموقع الجديد ولا يعودون إلى موقعهم السابق. ونظراً لازدياد أعداد الناس وانتشار المعاهد والمدارس والجامعات والدوائر الحكومية وإقامة المباني التي تكلف كثيراً وانخراط الناس في أعمال التجارة والصناعة والسياحة إضافة للزراعة وتشعب مصالح الناس وتشابكها ووجود أعداد كبيرة، فإن الحديث هذه الأيام عن (الجلوة) حتى الجد الخامس، أصبحت ضرباً من الخيال. وذلك في ظل تعقيدات الحياة، والآثار المدمرة على عائلة الجاني خاصة [14].
     
مراحل (الجلوة) العشائرية  

وتحصل (الجلوة) عندما تحصل عملية قتل أو اعتداء على العرض أو تقطيع الوجه [15]. بشرط أن تسكن عائلة الجاني والمجني في نفس المكان أو الحي أو البلدة، فيُجبر عند إذن أهل الجاني للإجلاء أي (الترحيل) الإجباري لهم من تلك المنطقة، وعدم وعودتهم إلى ديارهم أو مكان سكناهم حتى يتم الصلح والطيب بين الطرفين[16]. كما لا يوجد في العرف العشائري في فلسطين ما قد يسمى (بالمعايير) في عملية الترحيل، هل العائلة جميعها أم حتى الجد الثالث أو الرابع أو حتى (خمسته) الخامس كما عند بعض القبائل العراقية[17]، والأردنية . ما هو المعيار لذلك ؟، لا أحد عنده الإجابة النهائية لهذا الموضوع ، وإنما ذلك مرتبط بقوة وإمكانيات عائلة المجني عليه ومدى امتلاكها لعناصر وأدوات القوة ، بما فيها علاقاتها مع المؤسسة الرسمية . كما يرتبط ذلك بمكان الترحيل ومدته ، وبالسماح لعائلة المجني عليه بكيفية التصرف والانتفاع من أملاكها وعقاراتها لا سيما البيوت والأراضي ، وهل يحق لهم أن يستفيدوا منها بشكل مباشر، أم من خلال طرف آخر، أم أن قوة ونفوذ عائلة المجني عليه تمنع ذوي الجاني من عدم استغلال أملاكهم .

والعكس إذا كانت عائلة الجاني لديها من القوة والنفوذ ما يمكنها من عدم القيام (بالجلوة) أي الرحيل إلى منطقة أخرى ، وذلك بسبب قوتها، وضعف عائلة المجني عليه، إذن الجلوة لها شروطها، وحتى لو كانت أحد أهم الأعراف العشائرية ، فالفيصل ليس بالعرف عندها وإنما بامتلاك أسباب القوة والنفوذ .

تبدأ مراحل (الجلوة) فور وقوع الجريمة ، حيث يقوم رجال الإصلاح من تلقاء أنفسهم أو بالتنسيق مع المحافظ والشرطة والمؤسسة الأمنية في بعض الأحيان ، بالتواصل مع ذوي المجني عليه من أجل أخذ (العطوة) أي (الهدنة) وهي أما إنها (عطوة) عشائرية  أو (عطوة)  أمنية ، وهي (هدنة أمان) يمنحونها لذوي الجاني ومدتها ثلاثة أيام وثلث اليوم. وتنص هذه (العطوة)  التي يكتب صكها بوجود ممثلين عن المؤسسة الرسمية في بعض الأحيان ، على عدم المساس بذوي الجاني طوال تلك المدة ، وعدم التعرض لهم خلال مغادرتهم لبيوتهم أثناء (الجلوة) العشائرية . وبالتوازي ، يقوم بالعادة المحافظ أو من يمثله والمؤسسة الأمنية بالإشراف على عملية جلاء ذوي الجاني لحمايتهم من أي اعتداء خلال ما يعرف بفترة (فورة الدم) لدى ذوي المجني عليه .

وفي حال اعتراف الجاني يوقع صك ما يعرف (بعطوة الاعتراف) بعد انتهاء مدة الهدنة الأولى ، لتبدأ بعدها عودة من تم إجلاؤهم إلى أماكن سكناهم وهذا بموافقة ذوي المجني عليه. أما إذا لم يعترف الجاني، فيجري توقيع (عطوة تفتيش)[18]، وفي هذه الحالة لا يعود أي ممن تم إجلاؤهم إلا بعد صدور حكم قضائي من المحاكم المدنية في الجريمة . ويجري توقيع هذين النوعين من العطوات بحضور الأطراف المتنازعة وممثلين عن المحافظ والمؤسسة الأمنية.

وغالباً ما تكون (الجلوة) لأقرب قبيلة أو عشيرة لعشيرة الجاني، يكون لديها القدرة على حمايتهم وحماية ممتلكاتهم من "حلال" و"أشجار" وممتلكات أخرى، وتقوم هذه العائلة أو العشيرة التي قبلت استجارة عشيرة الجاني بها وتسمى هذه الاستجارة (الدخلة) بإبلاغ عشيرة المجني عليه أو عليها من خلال وجيه عزيز في قومه، بان عشيرة الجاني "وخمسة أجداده" هم بحمايتهم ولمدة ثلاثة أيام وثلث، وهذه الأيام تسمى في العرف العشائري "فورة الدم" أو "الأيام الحائرات"، وتقوم هذه القبيلة أو العشيرة والتي أصبحت عشيرة الجاني في حمايتها، بترحيل (عاقلة) الجاني إلى منطقة يتم الاتفاق عليها مع عشيرة المجني عليه، وعادة ما تكون خارج حدود منطقة المجني عليه أو عليها، وبعد ذلك تبعث العشيرة "المدخول عليها" بأحد الوجوه من كبار رجالاتها، لأخذ موعد لاستقبال جاهة تكون ممثلة لوجهاء العشائر المجاورة لعشيرة المجني عليه ويكون حجم هذه الجاهة حسب الجناية، (وعادة ما تكون جنايات العرض هي التي تستوجب الجاهات الكبيرة، تتبعها جنايات القتل العمد ومن ثم القتل غير المتعمد ، ويكون هدف الجاهة أخذ عطوة "اعتراف" وغالباً ما يتم إعطاء الجاهة عطوة عشائرية لمدة زمنية يتفق عليها الطرفان، عشيرة المجني عليه، ووجوه الجاهة [19].

تكون (الجلوة) خلال الثلاثة أيام الأولى من حدوث الحادث فقط وبعدها لا توجد عطوة وتسمى هذه الأيام (المهربات، المدربات)، وهي عطوة عشائرية لإعطاء الفرصة لأهل الجاني للجلاء عن ديارهم إلى عائلة أو عشيرة أخرى. وخلال الثلاثة أيام هذه يكون الجاني وخمسته (أي أقرباؤه للدرجة الخامسة) قد جلوا عن ديارهم وفي هذه الحالة أي بعد (الجلوة) فان الأقرباء من الدرجة الخامسة يستطيعون إذا رضي المجني عليه أن يعود هو وأهل بيته لديارهم بعد أن يدفع بعير (جمل)، أو(بعير النوم) [20]. أو (قاعود النوم)، وهذا العرف العشائري له علاقة (بالجلوة)، بمعنى أن يقوم ذوي المجني عليه والذين لم يكن لهم ضلع أو أي شكل من أشكال المشاركة في الجريمة أو مساعدة الجاني بأي شكل من الأشكال أن يتطلبوا من ذوي المجني عليه أن يسمحوا لهم بالبقاء في منازلهم وأن لا يرحلوا عن بيوتهم جراء ما حصل شريطة أن لا يقوموا بالتضامن مع الجاني أو تقديم أي شكل من أشكال المساعدة له أو التستر عليه أو الاتقاء به أو توفير الحماية له أو المخبأ، عندها يمكن أن لا يرحلوا ويستمروا في بيوتهم وأملاكهم ، شريطة تقديم مبلغ من المال يتم الاتفاق عليه بين ذوي الجاني والمجني عليه برعاية رجال الإصلاح (الجاهة) [21].

بعد الثلاثة أيام يصبح المجني عليه مع أقاربه (في رأس مجلاه) ويكونوا معرضين للقتل في أي لحظة يستطيع أهل المجني عليه النيل منهم، وتنتهي العطوة الأولى المكونة من ثلاثة أيام وخلال فترة (الجلوة) يكون الجاني حذراً لان أهل المجني عليه يتربصون به، فيغير مكان نومه ما بين ليلة وأخرى، كما أن العائلة أو العشيرة التي لجأ إليها تعيش بحالة قلق خوفاً عليه وعلى أقربائه الذين ينطبق عليهم قانون الثأر، وذلك لكونهم مكلفين عشائرياً بحمايته، وتكون مدة (الجلوة) العشائرية في العادة سبع سنوات قمرية [22].

إضافة إلى العائلة التي احتمى بها ذوي الجاني والتي يطلق عليها (وجه الدخالة). وعادة ما يعقب توقيع عطوة الاعتراف إجراء يسمى “العد”، ويصار إليه مباشرة بعد انتهاء مدة هذه الهدنة، ويتضمن تحديد صلة القربى بين الجاني ومن تم إجلاؤهم، وذلك بهدف إعادة من يرتبطون في القرابة من الجاني لما بعد الجد الخامس. أما من يرتبطون مع الجاني حتى الجد الخامس، فيبقون في أماكن جلائهم لمدة عام. على أنه لا يصار إلى إجراء “العد” في حالة عطوة التفتيش إلا بعد صدور حكم المحكمة في الجريمة [23]. وبعدها تأتي المرحلة الأخيرة، وهي عطوة الصلح، والتي يحدد فيها الطرفان قيمة الدية، والتي يجري بعدها توقيع العطوة التي تأخذ بها المحاكم وتعتمدها باعتبارها عذرا يخفف من الحكم الصادر على الجاني. على أن يكون في مختلف مراحل كفلاء وهما كفيل الدفا وكفيل الوفا[24].

و(الجلوة) قد تمتد لأشهر[25] أو لسنوات ، فكثيراً ما نسمع أن العائلة الفلانية أصلها من محافظة ما ولكن بسبب عملية قتل حصلت قبل مئات السنوات أجبرت هذه العائلة على الرحيل إلى مكان أخر، وبقيت فيه حتى اللحظة. وقد تمتد للأبد وقد تمتد الجلوة إلى سنوات إذا لم يقم الصلح بين الطرفين[26]. وفي العادة يتوسط وجهاء العائلات للصلح بين العائلات المتخاصمة، وعادة ما ينجح الوجهاء ورجال الإصلاح في عودة (المجليين) إلى أماكن سكناهم ، ولكن ذلك مرتبط في إتمام عملية (الصلح) وإسقاط الدعوى لدى الجهات الرسمية ، صك (الصلح) الذي يكون عليه كفلاء لكل الطرفين ، وهم كفلاء الوفا وكفلاء الدفا. وذلك بعد القيام بدفع مبلغ مالي له علاقة بالدية الشرعية ، وبالمصرفات سواء للأشخاص الذين جرحوا أو تضررت ممتلكاتهم . وقد جرت العادة أن يؤجل القضاء البت في الجريمة لأن الصلح بين الفريقين يعني إسقاط الحق الشخصي، الأمر الذي يترك أثره على العقوبة ، ومع ذلك فإن البطء في إجراءات التقاضي يولد شعوراً لدى أهل المجني عليه بأن الجاني ما زال حراً وأن القانون لم يأخذ لهم حقهم منه، لذلك يتمسكون (بالجلوة) [27].

أي سند قانوني (للجلوة)؟  

عقب احتلال فلسطين من قبل العصابات الصهيونية في العام 1948 دعا بعض الفلسطينيين إلى ضم الضفة الغربية للأردن ومبايعة الملك عبد الله الأول ملكاً على فلسطين . وقد كان للدعوة استجابة سريعة بانعقاد المؤتمر الثاني في مدينة أريحا بتاريخ 1/12/1948 الذي انعقد برئاسة الشيخ محمد علي الجعبري[28]. رئيس بلدية الخليل . وفي هذه الأثناء أعلن الحاكم العسكري الأردني استمرار سريان القوانين والتشريعات الأخرى المطبقة في فلسطين لعام 1935 إلى المدى الذي لا تتعارض فيه مع قانون الدفاع عن شرق الأردن . ثم أعادت الإدارة المدنية الأردنية عام 1949 نظام الحكم المدني إلى الضفة الغربية بموجب قانون الإدارة العامة على فلسطين. كما تم التأكيد على استمرار سريان القوانين السارية المفعول في الضفة في نهاية فترة الاستعمار البريطاني إلى حين استبدالها بقوانين أردنية[29] . وفي عام 1950 ، تم ضم الضفة الغربية للأردن رسمياً طبقاً لمقررات مؤتمر أريحا سابق الذكر .

القوانين العشائرية التي كانت سائدة في فلسطين قبل الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية ، ألغيت في الأردن بموجب القانون رقم (34) بتاريخ 1/6/1976 ، حيث صدر قرار بإلغاء القوانين العشائرية في الأردن ، والذي أصبح ساري المفعول اعتباراً من 16/6/1976.

 كما ألغى القانون، قانون محاكم العشائر لسنة 1936 ، وأيضاً ألغى قانون تأسيس محكمة الاستئناف العشائرية لسنة 1936، وقانون الإشراف على البدو لسنة 1936، وهي ما تعرف بالقوانين العشائرية. وبموجب هذا القرار، ألغى وزير الداخلية آنذاك الإجراءات العشائرية من «عطوة وجاهة وكفالة ودخالة» وغير ذلك من إجراءات تتخذ في إطار القضاء العشائري. وعلى الرغم من هذا الإلغاء سواء في الأردن أو في الأراضي الفلسطينية إلا أن العرف العشائري ما بقي مستمراً، بل أن المؤسسة الأمنية في الأراضي الفلسطينية تقوم بالطلب من رجال الإصلاح بأخذ (العطوة)، أو تنظيم عملية (الجلوة)، خصوصاً في قضايا القتل العمد أو قضايا (العرض). على الرغم من أن القوانين السارية في فلسطين لا تتحدث عن (العطوة) أو (الجلوة)، بل أنها لا تأتي على ذكرها .

وأكثر من ذلك فقد أصدرت محكمة العدل العليا الأردنية، (المحكمة الإدارية)، التي قضت بعدم شرعية أية إجراءات تستند إلى القوانين العشائرية كما هو الحال في القرار رقم (144) لسنة 1984 الذي جاء فيه (لا يستند إلى أساس قانوني القول إن للمحافظ صلاحية اتخاذ إجراءات عشائرية، إذ إن القانون رقم (34) لسنة 1976 قد ألغى محاكم العشائر والإشراف على البدو). وفي القرار رقم (45) لسنة 1985 الذي جاء فيه "إن القانون رقم 34 لسنة 1976 قد ألغى قانون العشائر ومحكمة استئناف العشائر وقانون الإشراف على البدو، وهي القوانين التي كانت تجيز إتباع العادات العشائرية بشأن النزاع الناشئ عن بعض الجرائم[30] .

وعليه فلا يجوز الاستناد إلى العرف الإداري لتبرير التوقيف الإداري لأن في ذلك مخالفة صريحة للمادة (11) من القانون الأساسي الفلسطيني التي تنص على: (1. الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مكفولة لا تمس.2. لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر قضائي وفقا لأحكام القانون، ويحدد القانون مدة الحبس الاحتياطي، ولا يجوز الحجز أو الحبس في غير الأماكن الخاضعة للقوانين الصادرة بتنظيم السجون). ومن المعرف أن القرارات التي تصدر عن المحاكم العليا تكون بمثابة السوابق ويأخذ بها باعتبارها من المصادر الاحتياطية، ومع ذلك هناك استمرار بتطبيق (الجلوة) لغاية الآن، ولم يسبق لأحد أن شكك بشرعيتها، على الرغم من أحكام المحاكم [31].

وتأسيساً على ذلك لا يوجد أي سند قانوني يمنح المحافظ أو غيره الحق في ترحيل ذوي الجاني تحت مسمى (الجلوة)، سوى الاستناد لأحكام قانون منع الجرائم الرقم (7) لسنة 1954، الذي تشوبه شبهة عدم دستورية بحسب العديد من التقارير المعنية بحقوق الإنسان لأنه يسمح بالاعتقال بشكل لا يستقيم مع إجراءات التقاضي السليمة في القانون والمعايير الدولية المتعلقة بهذا الخصوص. (فالجلوة) بهذا المعنى هي تكريس لعدم الاحتكام للقانون ، كما أن إجراءاتها متوارثة درجت عائلات المجني عليهم والمحافظون على تطبيقها، مع أنها غير قانونية بالنظر إليها كعقوبة جماعية لا تجوز في ظل سعي السلطة المتواصل لتكريس دولة المؤسسات والقانون . وعلى الرغم من الدعوات المتكررة للإسراع في التقاضي في جرائم الجنايات، لكن البعض يرى أن تقصير مدة التقاضي يؤثر على العدالة ، وهنالك بعض الإجراءات التي لا علاقة للمحكمة بها كأن يتأخر إحضار السجين من سجنه، أو أن يكون هنالك خلل في إجراءات التبليغ للشهود وغيرهم [32].

وإذا كان على هذا القانون العديد من المآخذ على الصعيد الدولي وفي أروقة الأمم المتحدة ، فيمكن للجنة المعنية بحقوق الإنسان في ملاحظاتها الختامية على التقارير الدورية المقدمة من قبل فلسطين أن تعبر عن قلقها لأن مثل هذا القانون يخول المحافظين صلاحيات تمكنهم من توقيف أي شخص يعتبر أنه يمثل خطراً على المجتمع ، وذلك دون قرار اتهام ودون توفير الضمانات القانونية ودون صدور أي أمر قضائي في الموضوع .  ومن أجل تطبيق (الجلوة) ، تتوجه الشرطة أو المحافظ إلى ذوي الجاني لأخذ ما يسمى بالعطوة الأمنية ، وهي فترة مدتها ثلاثة أيام وثلث ، يسمح لذوي الجاني وأقاربه بمغادرة مكان إقامتهم دون أن يتعرض إليهم أهل المجني عليه ، ويوقع على صك العطوة ممثلون عن ذوي المجني عليه وممثلون عن الشرطة أو المؤسسة الأمنية . وبالتالي فإن عملية الإجلاء تتم بمعرفة وعلم الشرطة أو المحافظ . ومن باب أولى أن لا نعتد بهذا القانون، الذي لا ينسجم مع المعايير الدولية الأساسية لحقوق الإنسان ، كما يمكن أن تقوم دولة الاحتلال ،_ والتي تقوم بين الفينة والأخرى بترحيل الفلسطينيين من منطقة لأخرى قصراً_. وأن تعتد (بالجلوة) كأساس لعملية الترحيل والتهجير القصري الذي تمارسه بحق أبناء شعبنا .

كما يجب إلا يغيب عن الذهن الآثار السياسية (للجلوة) خاصة في مدينة القدس على وجه التحديد ، المعركة في القدس ليست معركة جغرافية فحسب ، وإنما معركة ديمغرافية لها علاقة بالوجود الفلسطيني ، وما يرافق ذلك من هدم وتهجير وإجراءات تعسفية من قبل الاحتلال ضد المواطنين المقدسيين على وجه التحديد ، وذلك بهدف ترحيلهم وإفراغ المدينة المقدسة ، وإحلال المستوطنين مكانهم ، لذلك علينا كفلسطينيين أن نتنبه جيداً لموضوع (الجلوة) في القدس والوقوف أمامه بقوة ، لأن المستفيد الأول من الجلاء هناك هو الاحتلال ، وبالتالي نحن نقدم للاحتلال خدمة مجانية بترحيل بعضنا البعض . ومن هنا يمكن أن يكون هناك فتوى شرعية حول الموضوع يقابل ذلك إجراءات عملية من السلطة الوطنية ، وذلك لضمان عدم ترحيل أي مواطن مقدسي لأي سبب كان وإنما القيام بكل الإجراءات القانونية المتاحة من قبل السلطة الوطنية .

هل من ضرورة (للجلوة) ؟ ولماذا يتم اللجوء (للجلوة) ؟

يطالب المدافعون عن (الجلوة) بإبقاء العمل بها لما لها من ايجابيات حسب وجهة نظهرهم في حقن الدماء وعدم توسع الجريمة . فالمدافعون عن الجلوة والحريصون على ضرورة استمرار العمل بها يشيرون إلى أنها منعت تطور الكثير من الإحداث إلى ما هو أسوأ [33]. في خضم الجدل حول ايجابيات وسلبيات الجلوة العشائرية والتجاذب في الآراء ما بين استمرارها أو وقفها يرى بعض الخبراء أن عملية (الجلوة) من الناحية القانونية تعتبر مؤسسة صلحية بين الناس، تخفف من عمليات (فورة الدم) ومن أي ردود فعل غير عقلانية، أو أي ردود فعل انتقامية قد يرتكبها أهل المجني عليه بحق أهل الجاني ، كما أنها تصب في قناة خدمة القانون، سيما وأن (الجلوة) عادة وعرف  [34].

يعتبر كل ما يحصل أثناء(فورة الدم) من قتل وجرح وهدم وحرق ونهب وتخريب واعتداءات بأشكالها المختلفة (مسحوق) أي أن من قام به غير مطالب بالحق، وإنما هي عبارة عن ردة (فعل) طبيعية لا تستوجب الدية أو التعويض أو ما شابه ذلك. ولكن يرى البعض أن (فورة دم) المرافقة (للجلوة) هي حق لأهل المجني عليه . فإن ذلك يجافي الحقيقة، فلا يمكن لنا أن نتصور أن (فورة الدم) تمتد لثلاثة أيام، هذا عرف عشائري أكل وشرب عليه الدهر، وكل ما يحدث من ذوي الجاني تجاه ذوي المجني عليه تحت مسمى (فورة الدم) وأملاكهم هي جرائم مكتملة يجب أن يعاقبوا عليها استناداً للقانون [35].

المدافعون عن (الجلوة) ، يروا أن المجتمع ما زال عشائرياً، وهذه العادة تؤدي إلى تهدئة النفوس ، لدى أهل المجني عليه ، وتحول دون وقوع المشاكل بين عائلة الجاني والمجني عليه، كما تتيح الفرصة لأهل المجني عليه ليقدموا التسامح أمام العائلات الأخرى ، ويثبتوا أنهم أهلاً للعفو عند المقدرة، كذلك فان هذه العادة تعتبر عرفاً بين العائلات والعشائر يقبلون بها ، كما أن إلغاء هذه العادة لصالح قانون العقوبات لا يفي بالغرض، حيث أن عملية الثأر متأصلة في المجتمع العربي بشكل عام، كما منحت الشريعة الإسلامية عندما أعطت حق تنفيذ العقوبة بعد الحكم عليه من الدولة أو الصفح عنه لولي أمر المجني عليه ، وفي هذه الحالة تسقط العقوبة عن الجاني ، حيث أن ولي أمر المجني عليه يكون قد صفح بإرادته ، ولم يفرض عليه، ومن المعروف أن إسقاط الحق الشخصي وإجراء الصلح يخفف العقوبة لدى المحاكم إذا سبق صدور الحكم القطعي[36].

وعلى الطرف الآخر يرى المعارضون (للجلوة)  أنه في السابق لم يكن هناك عقوبة على الجاني سوى عملية (الجلوة) أو الرحيل عن المكان ، بكلام أخر فقد كانت  بمثابة العقوبة ، ولكن اليوم في ظل وجود الدولة المدنية ، وفي ظل وجود المؤسسة الأمنية والقضائية، ما الفائدة أو الطائل من ورائها سوى أنها عقوبة تقع على أقارب الجاني دون ذنب لهم ، بسبب أنهم يحملون نفس اسم العائلة . وبالتالي يجب أن توقف وأن تمنع ، وأن تقيد ، وإن حصلت يجب أن تكون في نطاق ضيق جداً ، ولفترة زمنية محددة ، سيما عندما تحصل عملية قتل عمد ويكون ذوي الجاني والمجني عليه يعشون في حي وأحد أو أنهم جيران، فقد يكون عدم الرحيل ، مقدمة لمزيد من الإشكاليات وإراقة الدماء ، عندها يمكن أن تكون خيار، ولكن اليوم الظرف اختلف بمعنى أن المؤسسة الأمنية والشرطية هي الضامن للأمن والاستقرار والمحافظة على الممتلكات وحمايتها [37].

 
    (الجلوة) ما بين القانون والشريعة  

موضوع (الجلوة) غير إنساني وليس قانوني ويعتبر عقاباً جماعياً  لأقارب الجاني على ذنب لم يرتكبوه ، وانتهاكاً صارخاً للحق في التمتع ببيئة أمنة ، كما أنها صارت تشكل عبئاً على المجتمع لما ينجم عنها من آثار اقتصادية اجتماعية ونفسية سلبية تطال أقرباء الجاني كافة في جرائم ، وتشريد للناس ليس لهم ذنب سوى صلة قرابتهم بالجاني والابتعاد عن بيوتهم ومدارسهم وجامعاتهم ، ووظائفهم وأماكن رزقهم[38].

ورغم عدم وجود سند قانوني (للجلوة) ، إلا إن الأجهزة الرسمية لا تزال ترعى بشكل أو بآخر تطبيق إجراءات التقاضي العشائري ، ومنها (الجلوة) ، حيث تنفذ بقوة القانون وعبر إما المحافظين أو مسؤولي الأجهزة الأمنية ، وتتيح القوانين الموروثة السارية في فلسطين حيزاً وسلطات واسعة للمحافظين عند تطبيق إجراءات (الجلوة) ، وبكافة مراحلها وتبدأ هذه المراحل مع عطوة (فورة الدم) ، وهي هدنة تؤخذ فور وقوع الجريمة، ومدتها ثلاثة أيام وثلث اليوم ، تليها العطوة التي قد تمتد من ثلاثة أيام وثلث إلى ثلاثة شهور [39]. ويأتي بعد ذلك عطوة الإمهال، ثم عطوة الصلح والطيب وهي آخر المراحل التي تنهي النزاع بين أهل الجاني والضحية [40].

من المعلوم أن الدولة الحديثة تقوم على أساس الحقوق والواجبات وتبنى على أساس المواطنة ولا يكون فيها تمييز بسب الانتماء العرقي أو الطائفي[41]. وبالتالي فإن تسلط القبيلة والعرف القبلي يسبب تصادماً مع الدولة في البعد الفكري المدني في الدولة الحديثة لان القبيلة تنظر إلى مؤسسات الدولة كالحكومة والقضاء وجهاز التشريع على أنها تهديد لسيادتها ومنافس لها، كما أن غياب سلطة القانون وانحسار هيبة الدولة مقابل سلطة العشيرة وقوانينها التي تحولت إلى باب واسع للكسب غير المشروع ومما ساعد على ذلك ضعف وبطء الإجراءات القضائية وانتشار الأسلحة لدى الأفراد دون رقابة أو سيطرة الحكومة وتظهر سيطرة العشيرة وقوانينها الارتجالية بوضوح عندما يتخلى المواطن عن حقوقه المدنية ولا يلجأ إلى مراكز الشرطة أو القضاء بل إلى العشيرة لنيل ما يعتقد أنها حقوقه المشروعة بعد أن يعرف أن القضاء لا يأخذ حقه ولا يحاسب المعتدين عليه [42].

إن من أهم المبادئ التي تقوم على أساسها الدولة ومهما كان نظامها هو أنها تحمي جميع أعضاء المجتمع وتحافظ عليهم بغض النظر عن اختلاف انتماءاتهم الدينية والقومية والفكرية ، كما تعني اتحاد وتعاون الأفراد الذين يعيشون داخل مجتمع يسير وفقاً لنظام معين من القوانين ، ويقتضي ذلك وجود نظام قضائي عادل يطبق تلك القوانين ، إن من الشروط الأساسية لقيام هذه الدولة هو ألا يتعرض أي شخص فيها لانتهاك أي من حقوقه من قبل طرف أو فرد ، فهناك سلطة عليا هي سلطة الدولة ، التي يجب أن يلجأ إليها المواطنين حينما تنتهك حقوقهم أو تهدد بالانتهاك ، وليس سلطة العشيرة [43].

 إن تطبيق العرف العشائري يضعف الدولة ، فالدولة التي تسمح للأفراد والجماعات بتطبيق العقاب بعيداً عن سلطتها دولة فاشلة بكل المقاييس . اليوم نحن بحاجة إلى مجتمع يحركه الانتماء إلى الوطن أولاً وقوة وعي المواطن بما له من حقوق وما عليه من واجبات واقتصاد متين لكي يتجه بالنتيجة إلى احترام قوانين الدولة التي هي من تحفظ الدولة وقيمها من التشتت والزوال والعبثية باسم الشعب وليس باسم رجل العشيرة لان قوانين الدولة العشائرية لا تمثل في أحسن صورها الدولة المدنية الحديثة التي نطمح لها . إن العشائرية وبكافة أشكالها اليوم لا توجد في الدول المتقدمة بل في المجتمعات المتخلفة لأنها أصبحت تشكل عائقاً كبيراً أمام نمو المجتمع وتطوره[44]. بل أن أحد نتائج (الجلوة) هو التخريب المتعمد للبيوت وللممتلكات وسرقتها ونهبها، ومن ثم حرقها ، هذا إلى جانب منع استغلال الممتلكات أو استثمارها من قبل ذوي المجني عليه تزيد الأمور تعقيداً وخسارة .

هناك من يطالب وبشكل مباشر إلى إلغاء الأعراف العشائرية وعدم السماح لرجال الإصلاح والقضاء العشائري بالتدخل في قضايا المواطنين تحت طائلة المسؤولية، بل أن البعض يتهم رجال الإصلاح بأنهم تمييزيين تجاه القضايا التي تكون المرأة والأطفال طرفاً فيها، كما أنه يتعارض مع الاتفاقيات والمعاهدات التي انضمت لها فلسطين[45]. أما وجهة النظر الأخرى فترى أن العرف العشائري بشكل عام لا يمكن إلغائه بقرار أو بقانون دفعة واحدة ، دون النظر إلى ضرورة التدرج في عملية الإلغاء وعلى مراحل [46].

إن سيادة الأعراف العشائرية مؤشر على ضعف النظام السياسي ، كما أن ذلك يعزز نظرة رجال العشائر الأبوية والدونية تجاه المرأة ومن وصولها للعدالة ، وبالتالي في ظل هذا الانهيار وعدم قدرة النظام السياسي على تحقيق أهدافه ، فإن الروابط القبلية والعشائرية تُعزز على حساب روابط المواطنة والحقوق ، إن ذلك يخلق مساحات من التخلف الاجتماعي الذي ينعكس على مجمل الحقوق ، كما ينتج ثقافة أبوية تحد من الجهود المبذولة لتحقيق المساواة والقانون ومنظومة الحقوق ، كل ما يقوم به رجال العشائر هو عبارة عن اجتهادات فكرية شخصية لا تستوي إلى المستوى الحضاري ، الذي ينشده الفلسطينيين وسعيهم لتحررهم من الاستعباد والولوج نحو آفاق الدولة الديمقراطية المدنية، الذي يسود بها القانون وتحترم بها الحقوق والحريات [47].

وعلى الرغم من تأكيد الشرطة في مناسبات عدة ليس فلسطين فحسب وإنما في بلدان عربية أخرى قدرتها بإمكانية قدرتها على السيطرة وعلى ضبط أي خلافات في أي منطقة تقع فيها جريمة قتل في مناطق نفوذها وسيطرتها . لكن ذلك لا يعني عدم لجوء المؤسسة الشرطية والأمنية في معظم الأحيان لرجال الإصلاح العشائري في هذه المنطقة أو تلك ، وذلك لتجنب أي حالة عنف تحصل بعد جرائم القتل وخصوصا في أيامها الأولى [48].

كما يرى نشطاء مؤسسات المجتمع المدني أن (الجلوة) من أخطر القضايا التي تواجه المجتمع الفلسطيني ، وأولى هذه الأخطار أن القضاء العشائري لا سلطة له لإلزام أهل المجني عليه للتنازل عن قرار الجلاء . هذا إلى جانب اتساع حجم ظاهرة التهجير القسري الداخلي بسبب ما يعرف بظاهرة الإجلاء لأقارب الجاني[49]. فعدد المهجرين من إحدى البلدات الكبيرة في محافظة الخليل وحدها منذ أوائل الثمانينات من القرن الماضي يقدر بالمئات ، كما يتمنى الكثيرون منهم أن يتمكنوا من زيارة البلدة التي ولدوا فيها ، بسبب عدم عودتهم لها بعد أن تم إجلائهم عنها [50].

العديد من القانونيين يؤكدون أن دواعي (الجلوة) اختلفت في الوقت الراهن ، إذ يوجد قوات أمنية لحفظ النظام والأمن من واجبها ضمان عدم اعتداء شخص على آخر بدون وجه حق ، مبينين أن هناك دولاً كثيرة لا تتعامل (بالجلوة) العشائرية والسبب هو قوة النظام القضائي والأمني فيها ، وفي سياق الانتقادات القانونية الموجهة لها يؤكد القانونيون أن (الجلوة) ما هي إلا تكريس لعدم الاحتكام إلى القانون ، وان إجراءات المحافظين أو الشرطة ومعها المؤسسة الأمنية في تطبيقها متوارثة وغير قانونية [51].

كما أنها تتعارض مع نصوص الشريعة الإسلامية ، (فالجلوة) في نظر الشريعة أمر باطل لا يجوز وهي ظلم واضح لأن الشريعة الإسلامية تقرر أن كل إنسان مسؤول عما يفعل ولا يحاسب شخص سواه على ما فعل ، لقوله تعالى (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) سورة الإسراء الآية رقم: 15، وفي سورة الأنعام الآية رقم: 164، وفي سورة فاطر الآية رقم: 18، وفي سورة الزمر الآية رقم: 7، وفي سورة النجم 38.

هذا التعارض (للجلوة) العشائرية مع الشريعة الإسلامية ، دفع جمعية خليل الرحمن الخيرية في فلسطين ، برئاسة رجل الإصلاح الحاج بدر مرقة "أبو زهير" إلى توجيه رسالة مفتوحة للسيد الرئيس محمود عباس "أبو مازن" وإلى الفريق الحاج إسماعيل جبر مساعد القائد الأعلى لقوى الأمن ، ومساعد الرئيس لشؤون المحافظات ، وأيضاً إلى المحافظين في مختلف محافظات الوطن عبر صحيفة القدس المقدسية يوم الثلاثاء 11/12/ 2018 ، تتناول فيه موضوع (الجلوة) ، معتبرة (الجلوة) تهجير وعقاب جماعي برعاية رسمية ، ما أنزل الله بها من سلطان ، حيث يهجر ويطرد أهل القاتل من منازلهم مشردين حتى في وطنهم يعيشون مستقبلاً مجهولاً، بعدما خلفوا ورائهم بيوتهم ومحلاتهم التجارية مصدر رزقهم، بلا ذنب اقترفوه سوى صلة القرابة مع المتهم بالقتل، مخالفين بذلك قول الحق تبارك وتعالى " (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)،سورة الإسراء الآية رقم: 15 [52].

وقالت الجمعية في رسالتها المفتوحة "ربما نُفذت الجلوة بقوة القانون وكان الأولى والأجدر حماية هؤلاء من العقاب الجماعي ومحاسبة كل من تسول له نفسه الإخلال بالأمن والسلم الأهلي ومن الواجهة الشرعية فإن الجلوة ليس لها أي تأصيل شرعي ولا تمت للإسلام بصلة، وإنما هي قضاء عشائري ظالم ورثته بعض القبائل كما توارثت فورة الدم وما يحصل فيها من اعتداء وتعدي على ممتلكات الناس بالحرق والتدمير حيث لا يترتب أي عقاب على أهل القتيل فيما يدمرونه ويتلفونه أثناء فورة الدم وهي ثلاثة أيام وثلث وهذا جرم آخر يضاف إلى جرائم القضاء العشائري وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان وعقاب جماعي يسبب مشاكل اقتصادية واجتماعية ونفسية تطال جميع أقرباء الجاني المهجرين، بالإضافة لهذا التعسف وفرض الشروط القاسية ومن من قبل بعض رجال العشائر الذين لا يراعون مصالح العباد ولا يُحكمون شرع الله والقانون النظامي الذي يتوافق مع الشرع والقاعدة الفقهية التي تنص أن(الجرم يقع على فاعلهِ)".

كما تبع الرسالة المفتوحة أعلاه ، إعلان للعموم في محافظات الوطن حول الموضوع ، في ذات الصحيفة[53]. كما قامت الجمعية بإصدار إعلان لذات الموضوع تحت عنوان اعتماد الوثيقة الصادرة عن جمعية خليل الرحمن الخيرية في فلسطين ، فقد قام عدد من رجال الإصلاح وقضاة شرعيين، وفي مقدمتهم سماحة الشيخ الدكتور عكرمة صبري رئيس الهيئة السلامية العليا بالتوقيع على الوثيقة وتبنيها [54]. ولاحقاً قامت مجموعة من الجمعيات والشركات ورجال الإصلاح في محافظات مختلفة بإعلان اعتمادهم وتأيدهم للوثيقة الصادرة عن رئيس جمعية خليل الرحمن الخيرية في فلسطين،  الحاج بدر مرقة بإعلان تأيدهم لها في إعلانات رسمية في الصحف المحلية [55]. على مدار عدة أيام .

وفي الجلاء ظلم يتضمن إخراج الناس من بيوتهم وترحيلهم عنها وإلحاق الضرر بهم من غير جريرة ذنب ارتكبوه وليس لهم علاقة بالجريمة فلماذا يعاقبون على شيء لم يفعلوه . وإن كان الأمر يقتضي المحافظة على أهل الجاني من فورة غضب أهل المجني عليه فلا بأس من إبعاد أهل الجاني عن أهل المجني عليه لمدة قصيرة لا تعدو أياماً قليلة حتى تهدأً ثورة غضبهم أما تهجيرهم من بيوتهم وأطفالهم ونساؤهم شهوراً وأحياناً سنوات فهذا أمر لا تقره الشريعة بحال من الأحوال وهذا من الظلم والعدوان يقول الرسول عليه الصلاة والسلام (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دمائهم واستحلوا محارمهم) رواه مسلم. وهنا مطلوب من رجال الخير والإصلاح أن يتقوا الله سبحانه وتعالى وليعلموا أنه لا يجوز لهم أن يحكموا بغير ما أنزل الله فعليهم الحكم بما أنزل الله سبحانه وتعالى لأن الشريعة الإسلامية هي الكفيلة بتحقيق العدل بين الناس[56]. وعلى هذا الأساس فإن (الجلوة) هي شكل من أشكال الظلم الذي يقع على ذوي الجاني[57].

إن (الجلوة) في حقيقتها هي عقوبة لأبرياء لم يرتكب ذنباً سوى أنهم أقرباء للجاني ، هذه إحدى النتائج للقانون العرفي العشائري المطبق في الأراضي الفلسطينية، حيث يتحول كثير من العائلات بين ليلة وضحاها من أعزاء إلى أذلاء ومن أغنياء إلى فقراء ومن آمنين إلى خائفين يتوقعون الموت في كل لحظة، فكثيراً ما يتم الاستيلاء على ممتلكات المجليين أو بيع ممتلكاتهم بثمن زهيد [58].

على ماذا يؤشر استمرار العمل في (الجلوة) (الجلوة) العشائرية مؤشر خطير على فشل الدولة في حماية أفرادها ، وتشويه لصورتها الحداثية، سيما وأنها تتناقض مع القانون الأساسي الفلسطيني لا سيما الباب الثاني باب الحقوق والحريات، وأيضاً مع التزامات دولة فلسطين خاصة بعد توقيعها على عدد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ذات الصلة. ذلك أن حجة الدولة بقيامها بإجلاء أفراد عائلة أو حمولة ما بالخوف عليهم وحمايتهم من الانتقام، هو فشل صريح في قدرتها على توفير الأمان والحماية لهم من الانتقام، خصوصاً خلال ما يسمى (فورة الدم) [59].

كما تشكل (الجلوة) غياب ضمانات المحاكمة العادلة علامات استفهام ، وما إذا كان إجلاء العائلات التي لا علاقة مباشرة لها بالجاني ، ومدى تطابق ذلك مع ضمانات المحاكمة العادلة التي يصونها القانون الأساسي الفلسطيني والقوانين الأخرى ذات الصلة . كما أن قضية (الجلوة) العشائرية تجاوزت مفهوم الانتهاك الحقوقي، ووصلت إلى مفهوم المعاناة الحقيقية ، حيث أن إجلاء عائلات قصراً، والتضييق على حريتهم في التنقل ، بما يتعارض مع حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والنمو السليم للأطفال أيضاً .

(الجلوة) العشائرية تشكل عقوبة جماعية تفرض على مجموعة من المواطنين ، كما أنها انتهاك لمبدأ شخصية العقوبة التي لا يجوز إيقاعها إلا على الجاني "لا تزر وازرة وزر أخرى"، ومبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، حيث تنص المادة (15) من القانون الأساسي (العقوبة شخصية، وتمنع العقوبات الجماعية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لنفاذ القانون).

 

كما أنها تنفي القصاص في الشريعة ، وهي مؤشر على فشل الدولة بحماية رعاياها ، كما أنها مؤشر على خضوع الدولة وقبولها لقرارات الأفراد . وتتناقض مع المبادئ العامة لحقوق الإنسان وميثاق الأمم المتحدة . كما أنها تأكيد على فشل العائلة أو العشيرة في تحقيق الردع الحقيقي للجرائم . أما الآن فقد اختلفت القواعد الاجتماعية ، وصارت هناك صعوبة في ردع الجريمة ، لكن في المقابل لدينا منظومة عدالة اجتماعية ، تحمي الحق بالمحاكمة العادلة، وهو حق دستوري [60]. إن الاستمرار بفرض (الجلوة) العشائرية يقوّض سيادة القانون [61].

وعلى الرغم من مخالفة (الجلوة) للشريعة الإسلامية، فإنها تستخدم أيضاً من قبل بعض عائلات المجني عليهم كشكل من أشكال الاسترزاق، من خلال الابتزاز المالي لذوي الجاني، كأن يرفض ذوي المجني عليه عودة ذوي الجاني إلى ديارهم إلا بعض قيامهم بدفع مبلغ معين قد يكون خارج الدية ، أو من خلال السماح لعودة البعض ورفض عودة البعض الأخر، إلا إذا قاموا بدفع مبلغ  مالي[62].

وفي ظل الظروف الموضوعية والذاتية التي يعيشها الفلسطينيين وفي ظل الإمكانيات المتاحة، هذا إلى جانب التركيبة العشائرية والعائلية للمجتمع الفلسطيني، فإنه لا يمكن الحديث عن إيقافها وإلغائها مرة واحدة ، ولكن يمكن أن يكون هناك تعديلات عليها من قبيل تجديد الفكر العشائري ، وبما يخفف من الآثار الاجتماعية والاقتصادية والنفسية على ذوي الجاني . هذا إلى جانب انتهاك مجموعة من الحقوق لفئات ضعيفة ، مثل الأطفال والنساء وذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين[63] .

الفصل الثالث: الآثار المترتبة على (الجلوة) والانتهاكات الناتجة عنها وانعكاساتها على السلم الأهلي تجري (الجلوة) في كثير من الأحيان بمباركة رسمية، وتحت إشراف المؤسسة الأمنية. وبرغم سعي السلطة الوطنية الفلسطينية (دولة فلسطين) نحو تحقيق الدولة المدنية ودولة القانون، تسعى السلطة بشكل أو بآخر من خلال ذلك إلى كسب رضا العائلات، عبر الاستمرار في تطبيق العرف (القانون) العشائري الملغى.

(للجلوة) أثار سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية ونفسية مدمرة على الأسرة بشكل مباشر، وعلى المجتمع بشكل عام، كما أنها تؤثر على النسيج المجتمعي وعلى السلم الأهلي والتماسك الاجتماعي للمجتمع، وتنتهك حقوقاً أساسية، وتمس بكرامات الناس، وتؤثر نتائجها على الأطفال والنساء والشيوخ وذوي الاحتياجات الخاصة على وجه التحديد.

لا يمكن لأحد أن يشعر بالمعاناة الحقيقية لترك بيته مرغماً ومجبراً، إلا الشخص الذي مر بهذه التجربة القاسية. فهي تعتبر صدمة لأناس أخلوا منازلهم على عجل، لأطفال تعودوا أن يلهو كل يوم في فناء البيت، لمسن أو مسنة أو حتى لشاب أو شابة له ذكريات في البيت. فأن ترحل عن بيتك مكرهاً مرغماً مجبراً أشبه ما يكون من خروج الروح من الجسد، إنها المشاعر المختلطة ما بين التسليم بأمر كان مقضيا، وبالعجز الذي يلف المكان، فلا الدولة التي من المفروض أن تحمي مواطنيها قادرة على أن تفعل شيء، ولا ذوي القربى والأصدقاء والأصهار بأحسن حال، ببساطة عجز ما بعده عجز إنها إرادة الله، أن ترحل إلى مكان ما، تهيم على وجهك، حتى تلتقي بوجه يقبل بك.

كما أن لها أثار نفسية على الأسر المجلية، لا سيما الأطفال والنساء على وجهه التحديد، حيث يتأثر الأطفال نفسياً بتغير المنزل والمدرسة، وعلى الأهل أعداد الأطفال نفسياً قبل أي تبديل للمسكن بشكل مفاجئ وبدون إعداد نفسي فيفقد الطفل مكان إقامته والصداقة ومكان لعبه وغرفة نومه التي انسجم مع تصميمها، ومنزله الذي وجد نفسه فيه ومدرسته وغرفة صفه، وفي كثير من الأحيان وبسبب هذا الانتقال المفاجئ القسري ، فان ذلك قد يسبب صدمة نفسية تترك أثراً نفسياً كبيراً على الأطفال، أما النساء فان الأمر لا يقل خطورة ، سيما عندما تضطر الأم أن تلعب دور الأم والأب معاً [64].

ستعيش في بيت لا يشبه بيتك ، وستجبر على أن تتأقلم في المكان ، وستبدأ رحلة البحث عن تكوين الأصدقاء ، وستبدأ خطوات الاستكشاف لمعرفة الجيران ، واكتشاف المكان والطرقات المؤدية للبيت ، وستكثر الأسئلة لمعرفة المزيد عن المكان ، وفي الطريق سيشار عليك بالبنان، ولا أحد يدري إذا ما أصبح لك أسم جديد إما نسبة لبلدك الأصلي أو القول أنك (طنيب) أو (دخيل) ، في المناسبات والأفراح لا تتوقع أن تصلك دعوة ، وفي الأتراح فإن الأمر في ذات السياق (أنت غير معتوب) وفي الأصل أنت غير معروف ، فأنت (غريب).

أولاً: أثر (الجلوة) على السلم الأهلي والتماسك الاجتماعي  

مفهوم السلم الأهلي:

يعني السلم الأهلي رفض كل إشكال القتال والقتل، أو مجرد الدعوة إليه أو التحريض عليه، أو تبريره، أو نشر مقالات وخطابات ومؤتمرات صحافية تعتبر التصادم حتمياً بسبب قوة العقيدة الدينية أو الحزبية، وتحويل مفهوم الحق بالاختلاف إلى إيديولوجية الاختلاف والتنظير لها ونشرها [65]. فهناك تناسب طردي ما بين مفهوم السلم الأهلي وبين مستوى الاستقرار السياسي والاجتماعي، فالسلم الأهلي هو الذي يثبت مفهوم الاستقرار السياسي كمان أن الاستقرار السياسي في البلاد يعزز دعائم السلم الأهلي لأنه عند تواجد العنف يغيب الاستقرار وتعم الفوضى وتتقوض أساسات السلم الأهلي .

الأسباب التي تهدد السلم الأهلي والتماسك الاجتماعي في فلسطين:

بلا أدنى شك أن التحولات التي شهدها المجتمع الفلسطيني فاقمت العصبيات وقادت إلى العنف. تلك التحولات التي تجلت في الانتقال من الهوية الوطنية الجامعة إلى الهويات الفرعية والعصبيات الفئوية (العائلة والعشيرة والقبيلة والطائفة والمذهب والجهة والتنظيم والفصيل)، هذا إلى جانب تغليب الأنا على النحن، يضاف لذلك سيادة للقانون الإرثي على القانون النظامي، وحلول العادات والتقاليد البالية مكان القيم الجميلة التي ساعدت على تماسك المجتمع. فلا يمر يوم دون اندلاع أعمال عنف داخلية تصل أحياناً إلى قتل وقتل مضاد وحرائق وإجلاءات، وسرقات ومشاجرات، أصبح القتل، أو الشروع بالقتل، والاعتداء، وإحراق المحلات والبيوت والسيارات والممتلكات، والتشهير، الابتزاز، والقدح والذم... والاختطاف والابتزاز، وسيادة ثقافة العنف في التفكير والممارسة لتصبح ثقافة العنف تسم طبع العلاقات الاجتماعية، لدرجة يلمس منها تراجع خطير لسيادة القانون والحوار والتضامن والتكافل والتسامح، لحساب شريعة الغاب والصالح الخاص والفئوية والعصبية القبلية وعقلية الثار والانتقام[66]. أعمال وتصرفات تبدو وكأنها عادية في مجتمع شرقي محافظ، يفتخر بأنه أخر شعب يقاتل الاستعمار والاحتلال، ويخوض نضال منذ مئة عام ويزيد من أجل تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني، فسجلات الشرطة تزخر بآلاف الشكاوى والحوادث [67].

لا يختلف كثيرون بأن الاحتلال الإسرائيلي ينتج العنف الفلسطيني الخارجي والداخلي، لكن الاحتلال وسياساته لا يشكل عاملاً وحيداً فقط للعنف داخل المجتمع الفلسطيني ، ومع ذلك هناك أسباب اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية . فالوضع الاقتصادي المتردي والتفاوت في مستويات المعيشة الذي يولد الإحساس بالظلم واللاعدالة . والبطالة والفقر والتهميش . والخطاب الديني المتطرف والبعيد عن تعاليم الإسلام والدين الحنيف الذي تطلقه المؤسسة الدينية يومياً عبر المساجد والفضائيات. والقوانين الموروثة (القصور القانوني)، فمنظومة القوانين البالية السارية المفعول حتى اليوم، والفساد الإداري والمالي ومن ضمن ذلك الواسطة والمحسوبية، وتراجع القيم وأزمة الأخلاقية والقيمية. وتراجع دور الحركة الوطنية. والحلول الأمنية للمشكلات بدل من الحوار والبحث عن الأسباب، وخيبة الأمل، والثقافة المجتمعية السلبية من قبيل رأسمالك فنجان قهوة أو رصاصة، وازدياد الجريمة، والتطرف الفكري والتعصب السياسي أو الجهوي أو الاجتماعي والجهل. والإعلام وأنواعه ومرجعياته (الخط التحريري – السياسة التحريرية – التمويل – المرجعية الفكرية والأيدلوجية واستخدامه لمصطلحات دخيلة على المجتمع الفلسطيني لها علاقة بالتخوين والتكفير والتآمر والفرقة، والبغضاء. والإقصاء... الخ. والإعلام الاجتماعي وقيام أي مواطن بالكتابة أو النشر أو التعليق دون التمييز بين حرية الرأي والتعبير والقدح والذم والاهانة ، اليوم وسائل التواصل الاجتماعي وعلى أهميتها لها نصيب الأسد فيما يخص تهديد السلم الأهلي في المجتمع الفلسطيني .

هذا إلى جانب عدم وجود سياسات حكومية وأهلية لمواجهة الأسباب والعوامل التي أدت إلى تعريض السلم الأهلي للخطر ، وانتشار السلاح ، وعدم سيادة القانون ، والتمييز على أساس مكان السكن أو التمييز على أساس الجغرافيا، أو الانتماء السياسي والتنظيمي . وعدم تمكن السلطة من الوصول إلى مناطق(ج) وهروب المتهمين إلى دولة الاحتلال أو مناطق (ج) ، وتلكؤ القضاء الفلسطيني في حسم العديد من الخلافات .

كما أن هناك حالة من عدم الاكتراث من قبل النظام السياسي الفلسطيني . لمعالجة الأسباب التي تؤدي إلى تقويض السلم الأهلي، عدم وجود حلول وقائية لمواجهة الموقف ، والفشل في حل وعلاج وحتى إدارة الأزمات ، وانسداد الأفق السياسي، وعدم تكافؤ الفرص عدم التسامح وقبول الآخر الإقصاء، إخفاقات التنمية والتفاوت في مستويات المعيشة ، يضاف لذلك الأعراف الاجتماعية من قبيل (فورة الدم)، و(الجلوة) والثار .

إن ترسيخ ركائز السلم الأهلي والتماسك الاجتماعي في فلسطين يتطلب توفير الأمن وترسيخ مبدأ سيادة القانون على الصعيد الوطني ، فذلك يعتبر أحد أهم تجليات الدولة القانونية والحكم الصالح ، فلا يمكن لنا أن نتصور أن هناك سيادة للقانون في ظل هيمنة سلطة على أخرى أو في ظل قمع للحريات والحقوق أو في ظل دولة غير ديمقراطية .

السلم الأهلي لا يتحقق إلا بحوار اجتماعي مستديم ، لذلك لابد من تغيير الخطاب الاجتماعي وجعله يتجه نحو صياغة منظومة جديدة تحترم التمايزات التاريخية دون الانغلاق فيها ، لتأسيس واقع اجتماعي جديد يستمد من القيم الإنسانية منهجه وبرامجه المرحلية . فأي مجتمع يرغب في الوصول إلى حالة من الاستقرار والسلم الأهلي ، لا بد فيه من حصول الإنسان على احتياجاته الضرورية من مأكل وملبس ، وتعليم وعلاج واحترام لحقوقه وحرياته وصون لكرامته الإنسانية. كما أن هناك علاقة طردية بين مفهوم الاستقرار السياسي والاجتماعي ومفهوم السلم الأهلي. فالسلم الأهلي، هو الذي يجذر مفهوم الاستقرار السياسي ،  كما أن طريق الاستقرار يمر عبر إرساء دعائم السلم الأهلي [68].

كما أن تعزيز السلم الأهلي بحاجة إلى إزالة الموجبات الاجتماعية والاقتصادية التي تدفع الإنسان إلى تبني خيارات عصبوية وعنيفة في علاقاته مع الآخرين ، في ظل غياب متطلبات العدالة في جانبها الاقتصادي والاجتماعي ، كما يتطلب إنهاء ظاهرتي العنف والتعصب داخل المجتمع الفلسطيني ، وبناء حياة سياسية جديدة تسمح لجميع القوى والتيارات بممارسة حقوقها والمشاركة الجادة والنوعية في البناء والتطوير . واحترام حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية ، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، ومحاربة الفساد والمحسوبية . وسيادة القانون ، وتقديم الخدمات للجميع دون تمييز أو محاباة ، والقضاء على الفقر، وتعزيز مبدأ المواطنة بشقيه الحقوق والحريات[69]. إذن حتى يتمكن أي مجتمع من بناء السلم الأهلي المنشود يجب أن يعيش الإنسان حياته ، ويمارس أعماله بحرية مسؤولة ، وان يحصل على متطلبات عيشه وحقوقه بيسر وسهولة ، من دون أن يخشى الاعتداء على حقه أو ماله أو على أمنه الشخصي أو أمن أهله .

  ثانياً: أثر (الجلوة) وأبعادها على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية أن تجد نفسك يوماً مضطراً لمغادرة منزلك قسراً، ومن دون سابق إنذار، لأنّ شخصاً من أقاربك أو على الأقل أنك تحمل أسم عائلته قام بالقتل أو الاعتداء على العرض، وبالتالي ستضطر إلى مغادرة المنزل والاستئجار في منطقة أخرى . وتبدأ رحلة البحث عن مأوى ، وغالباً ما تكون البيوت خصوصاً في القرى قديمة ومتهالكة لا تصلح للاستخدام الآدمي. فيكون من الصعب الحصول على منزل بسعر معتدل ، يضاف لذلك تعطيل المصالح والأعمال ، كما يتحمل أهل الجاني أعباء أخرى لها علاقة بكيفية إيواء المواشي، يضاف ذلك انقطاعهم عن العمل، لا سيما من كان مكان عمله داخل منطقة (الجلوة).كما يتحمل الأطفال أيضاً قسطاً من تأثيراتها خصوصاً من هم على مقاعد الدراسة، فيضطرون إلى مغادرة مدارسهم الأصلية والبحث عن مدارس أخرى، وما يتبع ذلك من إجراءات إدارية وبيروقراطية في عملية النقل ، وتتفاقم الإشكالية إن لم يكن هناك مدارس حكومية، والعكس بالعكس صحيح عندما يكونوا في مدارس خاصة، وهكذا ما يرتبط بقرب وبعد المدرسة،وغير ذلك من القضايا المرتبطة بالعملية التعليمية[70].

 (الجلوة) انتهاك صريح للحقوق الإنسان التي نصت عليها الاتفاقيات الدولية، ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حيث تنص المادة (13) "على انه لكل فرد حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة، ويحق لكل فرد أن يغادر أية بلد بما في ذلك بلده كما يحق له العودة إليه"، وهذا نقيض واقع تطبيق (الجلوة). كما تعتبر مخالفة لإعلان القاهرة حول حقوق الإنسان في الإسلام، والذي يتضمن في المادة (12) "أن لكل إنسان الحق في إطار الشريعة في حرية التنقل، واختيار محل إقامته داخل بلاده أو خارجها، وله إذا اضطهد حق اللجوء إلى بلد آخر، وعلى البلد الذي لجأ إليه أن يجيره حتى يبلغه مأمنه ما لم يكن سبب اللجوء اقتراف جريمة في نظر الشريعة [71]."

كما تنتهك بشكل مباشر حرية الحركة والتنقل والإقامة للأسر والعائلات المجلية ، فمن ناحية فإن هناك ما يكون أشبه (بخريطة) ضمن نسخة العطوة العشائرية توضع من قبل أهل المجني عليه، لذوي الجاني وتمرر من خلال الجاهة والكفلاء، يحدد من خلال بشكل واضح الأماكن المسموح والممنوع القيام بها، هذا إلى جانب تحديد التجمعات السكانية والشوارع والأحياء التي يسمح أو يمنع عليهم التواجد أو الإقامة بها. كما إذا حاولت بعض الأسر أن تقوم بتغيير مكان (الجلوة) المتفق عليه مع أسرة المجني عليه من خلال الجاهة ومعرفة الشرطة إلى مكان آخر، فإن عليها أن تستأذن أهل المجني عليه من خلال الجاهة لكي تقوم بعملية تغيير مكان السكن [72].

1.  أثر (الجلوة) على الحق في التعليم يعتبر الحق في التعليم من الحقوق الأساسية. كما يمكن تصنيفه بعدة طرق مختلفة ، فهو يعتبر حقاً اقتصادياً وحقاً اجتماعياً وحقاً ثقافياً، في حين يمثل أيضاً حقاً مدنياً وسياسياً، لأنه أساسياً لإعمال فعّال لهذين الحقين، وبالتالي فإن الحق في التعليم يعبر عن عدم تجزئة حقوق الإنسان كما يعبر عن ترابط هذه الحقوق جميعها. وقد كفلت جميع المواثيق والمعاهدات الدولية والإقليمية هذا الحق، سواء كان ذلك في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أو في العهدين الدوليين، أو في اتفاقية حقوق الطفل، كل هذه الاتفاقيات والإعلانات العالمية قد كفلت هذا الحق وأكدت عليه كحق للطفل ولجميع البشر[73].

حق الطفل بالتعليم حق أصيل في المواثيق والاتفاقيات الدولية، فقد نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة (26) منه على، أن الحق في يجب أن يكون لكل شخص، وبشكل مجاني، وفي العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حسب المادة (13) منه البند الثاني،" تقر الدول الأطراف في هذا العهد بأن ضمان الممارسة التامة لحق التعليم يتطلب:

1.    جعل التعليم الابتدائي إلزاميا وإتاحته مجانا للجميع

2.    تعميم التعليم الثانوي بمختلف أنواعه وجعله متاحا للجميع بكافة الوسائل المناسبة ولا سيما بالأخذ تدريجيا بمجانية التعليم.

3.    العمل بنشاط على إنماء شبكة مدرسية على جميع المستويات.

اتفاقية حقوق الطفل التي أقرتها الجمعية العامة الأمم المتحدة في 20 989والتي دخلت حيز النفاذ في 2/9/  1990 فقد أوردت عدد من المواد التي تتعلق في حق الطفل في التعليم.

التعليم يتمايز عن الحقوق الأخرى في انه إلزامي ومنذ السنوات الأولى للطفل. بكلام آخر فإنه لا يمكن لا للوالدين ولا من له وصاية على الأطفال ولا حتى الدولة نفسها لهم الصلاحية في أن يتعاملوا مع قضية تعليم الأطفال على أنها قضية اختيارية، بل هي إلزامية وبشكل مطلق دون أي تمييز على أساس الجنس مثلا، فإلزامية التعليم هي مسئولية المجتمع بكامله، ويكون ذلك من خلال قانون واضح، وأن تتوافر أجهزة وآليات مختصة تراقب تطبيقه، وكما يجب أن ينسجم التعليم و يتلاءم مع الطفل من حيث جودته ونوعيته.

كما يوصف التعليم أنه مجاني، حيت أن أي رسوم أو تكاليف سوف تكون عائقاً في التمتع بهذا الحق، ولا يقصد بها رسوم التعليم فقط، وإنما أي أمور ينطوي عليها استحقاقات مادية، والتي قد تشكل عائقاً في وجه الأطفال للالتحاق بالتعليم الابتدائي. هذا إلى جانب انه واجب وحق، واجب لأن معظم دساتير العالم تنص على الزاميته حتى مرحلة معينة غالباً هي مرحلة التعليم الأساسي، وهي حق للأطفال الخاضعين تحت التعليم المدرسي، كما أنه حق للإنسان أيضاً مدى حياته.

وفي فلسطين الحق في التعليم ينسجم مع المعايير الدولية ذات الصلة، فإلى جانب النص في القانون الأساسي الفلسطيني المادة (24).

1.    التعليم حق لكل مواطن، وإلزامي حتى نهاية المرحلة الأساسية على الأقل ومجاني في المدارس والمعاهد والمؤسسات العامة.

2.    تشرف السلطة الوطنية على التعليم كله وفي جميع مراحله ومؤسساته وتعمل على رفع مستواه.

3.    يكفل القانون استقلالية الجامعات والمعاهد العليا ومراكز البحث العلمي، ويضمن حرية البحث العلمي والإبداع الأدبي والثقافي والفني، وتعمل السلطة الوطنية على تشجيعها وإعانتها.

4.    تلتزم المدارس والمؤسسات التعليمية الخاصة بالمناهج التي تعتمدها السلطة الوطنية وتخضع لإشرافها.

وإلى جانب النص الدستوري هناك أيضاً قرار بقانون لسنة 2018 بشان التعليم العالي في فلسطين، والذي يتناول التعليم ما بعد المدرسي، سواء في الجامعات أو الكليات أو المعاهد المتوسطة، هذا إلى جانب قانون الطفل الفلسطيني رقم (7) لسنة 2004، وتعديلاته للعام بقرار بقانون رقم (19) لسنة 2012، والتي تؤكد على حق الطفل في التعليم.

لقد أكدت السلطة الوطنية الفلسطينية في ديباجة النظام الأساسي، على التزاماتها بمبادئ القانون الدولي العام، ومبادئ حقوق الإنسان، وبالتالي يشمل هذا الالتزام بنصوص اتفاقية حقوق الطفل، والاتفاقية الخاصة بالمعاقين من الأطفال وغيرها. فالتعليم للأطفال في فلسطين إلزامي لكل مواطن حتى نهاية المرحلة الأساسية أي نهاية الصف العاشر الأساسي. وتكفله الدولة في المدارس والمعاهد والمؤسسات العامة حتى نهاية المرحلة الثانوية.

بعد هذا التأطير النظري للحق في التعليم كيف لنا أن نتصور طلاب وطالبات المدارس والجامعات والكليات وهم بعيدين عن مدارسهم وجامعاتهم بسبب (الجلوة). يضاف لذلك وجود مدارس أصلاً في المنطقة التي أجلوا لها، وعدد الشعب، ومدى قرب أو بعد المدارس عن مناطق سكنهم الجديد، وما يترتب على ذلك من تكلفة الوقت والجهد والمال، وفي كثير من الأحيان يتأثر الأطفال أو حتى طلبة الجامعات لجهة التسرب من المدارس. كما يمكن ألا يتم تسجيل طلاب وطالبات المدارس للعائلات المجلية لأسباب عديدة، أهمها قد لا يكون هناك مدارس، وإن وجدت فقد تكون لصفوف معينة، وفي أحيان أخرى لا يتم تسجيل طلبة المدارس خوفاً عليهم من ذوي المجني عليه.

2.  أثر (الجلوة) على الحق في السكن  

تطبيق (الجلوة) يعني إجبار الأفراد على ترك أماكن سكنهم وعملهم ومدارسهم والانتقال إلى محافظة أخرى أو إلى قرية أو بلدة في نفس المحافظة ، وإلى جانب تحمل أعباء استئجار منزل جديد. فإن (للجلوة) أبعاد وآثار مادية ونفسية جراء الضرر الذي يلحق بالعائلات، والذي يُؤثر تقريباً على كافة مناحي الحياة ، فأولاً هناك أضرار مباشرة بتلاحم نواة الخلية الأسرية ، نتيجة لحقيقة اضطرار العائلات التي رحلت عن بيوتها ، فهذا يؤدي إلى التشتت ، والعثور على سكن بديل في عدد من البيوت المختلفة ، هذا إلى جانب الانخفاض الملحوظ في مستوى الحياة والتي يُعاني منه الكثيرون حتى بعد العثور على مسكن بديل ، بسبب فقدان الأملاك ، والشعور بالغُربة وعدم الاستقرار الناتج عن ضياع البيت والذي يُشكَل دائماً أكثر من مجرد بيت مسقوف . بالإضافة إلى ذلك فإن للرحيل قصراً عن البيوت صدمات نفسية قاسية وواضحة، خاصة عند النساء والأطفال.

كما تنتهك (الجلوة) الحياة الكريمة في الحق في السكن ، هذا إلى جانب انتهاكها للحق في المسكن اللائق، وتنبع أهمية هذا ، من كون المسكن شرطاً لتحقيق الشروط الأخرى مثل الحق في مستوى حياة لائق ، الحق في الصحة البدنية والنفسية ، الحق في الخصوصية والحق في إقامة حياة أسرية . كما إن احترام الحق في المسكن يُعتبر حيوياً لتطبيق حقوق الأطفال، والذين يحظون بحماية خاصة في القانون الوطني والإقليمي والدولي[74].

القانون الأساسي الفلسطيني ينص في المادة(23) أن (المسكن الملائم حق لكل مواطن، وتسعى السلطة الوطنية لتامين المسكن لمن لا مأوى له). كما ورد في المواثيق الدولية الحق في السكن، فقد نصت المادة (25) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه:(لكل فرد الحق في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهية له ولأسرته، وخاصة على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية وصعيد الخدمات الاجتماعية الضرورية). أما العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فقد نصت المادة (11) على (تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل شخص في مستوى معيشي كاف له ولأسرته، يوفر ما يفي بحاجتهم من الغذاء والكساء والمأوى، وبحقه في تحسين متواصل لظروفه المعيشية. وتتعهد الدول الأطراف باتخاذ التدابير اللازمة لإنفاذ هذا الحق، معترفة في هذا الصدد بالأهمية الأساسية للتعاون الدولي القائم على الارتضاء الحر).

إن نطاق الحق في السكن ينبغي ألا يفسر تفسيراً ضيقاً أو تقييداً، بل باعتباره حق المرء في أن يعيش في مكان ما في أمن وسلام وكرامة. هذا على جانب الكفاية والتي تعني الحق في السكن التي تحددها جزئياً عوامل اجتماعية واقتصادية وثقافية ومناخية، كما أن الحق في السكن يستلزم، الضمان القانوني لشغل المسكن، وتوفير الخدمات والمواد والمرافق الأساسية، والقدرة على تحمل الكلفة، والصلاحية للسكن، وإتاحة إمكانية الحصول على السكن، الموقع، السكن الملائم من الناحية الثقافية.

إن حالات إخلاء المسكن بالإكراه يتعارض مع مقتضيات العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما أن الانتهاكات الناشئة عن حالات الإخلاء بالإكراه تخل بالحقوق المعترف بها في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وأيضاً تسفر عن انتهاك حقوق مدنية أخرى مثل الحق في الحياة والأمن الشخصي والحق في عدم التدخل بالخصوصيات والحق في التملك، والحق في حياة كريمة [75].

3. أثر (الجلوة) على الحق في العمل يعتبر الحق في العمل حقاً ينبغي لكل إنسان أن يتمتع به ، وهو يتضمن جوانب أخرى كالحماية من الإرهاق الناجم عن الجهد الجسدي والعقلي والإجهاد ، فالحق في العمل لا يلبي فقط حاجة الإنسان في التمتع بحق من حقوقه ، بل يوفر أيضاً ضمانات حماية الإنسان، وهو يكد لكسب رزقه ولضمان الرفاهية والعدالة الاجتماعية . الحق في العمل يشمل إتاحة كسب الرزق لكل شخص بالغ من خلال عمل يختاره أو يقبله بحرية وفي شروط عمل عادلة ومرضية، وفي الحماية من البطالة كما يتضمن الحق في العمل المساواة في المعاملة والأجر عند تساوي قيمة العمل وفترات راحة مدفوعة الأجر وظروف عمل مأمونة وصحية ، ويرتبط الحق في توفير فرص عمل بصون كرامة العامل ارتباطًا وثيقًا ويحظر الاسترقاق والعبودية والسخرة [76].

وبسبب الأهمية الاقتصادية والاجتماعية للعمل فقد تناول الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هذا الحق في المادة (23)، التي تنص في الفقرة (1) لكل شخص الحق في العمل، وله حرية اختياره بشروط عادلة مرضية كما أن له حق الحماية من البطالة. كما تحدث العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية باستفاضة حول الحق في العمل، من جانبه القانون الأساسي للسلطة الوطنية الفلسطينية، وفي المادة (25)، الفقرة (1) (العمل حق لكل مواطن وهو واجب وشرف وتسعى السلطة الوطنية إلى توفيره لكل قادر عليه). كما قامت السلطة الوطنية الفلسطينية بسن قانون العمل الفلسطيني رقم (7) لسنة 2000م.

قانون العمل الفلسطيني شدد على أن تغيير مكان العمل المتفق عليه لا يلزم العامل بالعمل في مكان غير المتفق عليه في العقد إذا أدى إلى تغيير مكان إقامته. إلا بموافقة العامل الصريحة وان ينال الامتيازات أو الفروقات من حيث الجو الملائم والأجور وتغطية المواصلات وغيرها من حقوق. وحال قبل العامل لظرف معين ، يجوز له العودة عن ذلك بأي وقت يراه مناسب حال لم يتكيف مع المكان الجديد، أو اختلاف طبيعة العمل المتفق عليه لا يجوز تكليف العامل بعمل يختلف اختلافاً بيناً عن طبيعة العمل المتفق عليه في عقد العمل، إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك منعاً لوقوع حادث، أو في حالة القوة القاهرة على أن يكون ذلك بصفة مؤقتة بما لا يتجاوز شهرين [77].

كما أن القانون يحدد المدة المسموح بها لانقطاع العامل أو الموظف عن عمله ، وبالتالي إذا كان هناك انقطاع بسبب (الجلوة) ، فمن الطبيعي أن يكون هناك انقطاع لمورد رزقهم بسبب التغيب المستمر عن مكان العمل، كما ينطبق ذلك مع استغلالهم للأرض ، وأيضاً المواسم الزراعية . والذي سيؤدي إلى مزيد من الخسائر .

يتضح مما سبق أن (الجلوة) لها أثر بالغ على الحق في العمل ، سواء لجهة المكان أو طبيعة ونوعية العمل ، والمقابل المادي ، والإجازات ، والاقتطاعات، والتأمين ، وغير ذلك . هذا إلى جانب وقت العمل ومدته ، بل الأخطر من ذلك كله أن العامل أو الموظف الذي يرحل قسراً من مكان سكنه الأصلي إلى مكان أخر قد يؤدي ذلك إلى فقدانه عمله الأصلي . وما يترتب عليه من بطالة وفقر وتأثير مباشر على مستوى المعيشة بالنسبة للأسر ، ومن المعلوم والمعرف أن الفقر والبطالة يعتبران سبباً في كثير من الأحيان لانتشار الجريمة وتعاطي المخدرات والاتجار بها ، كما أنها يمكن أن تكون سبباً مباشراً للجريمة ، مما يؤدي إلى مزيد من الإشكاليات في المجتمع ، والتي بدورها تكون عاملاً من عوامل تهديد السلم الأهلي والتماسك الاجتماعي .

4.  أثر (الجلوة) على الحق في المشاركة في الانتخابات تعد المشاركة في الانتخابات ترشيحاً وانتخاباً من الحقوق السياسية للمواطنين، بل ما يميز المواطن عن المقيم في الدولة هو الحق في المشاركة السياسية، ومن ضمنها الانتخاب والترشح ، فالانتخابات تشكل ركناً أساسياً وجوهرياً في الأنظمة الديمقراطية ، وقد اعتبر مشاركة المواطنين في إدارة الشؤون العامة لبلدانهم إحدى الركائز الأساسية لحقوق الإنسان التي أكد عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948  ، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية[78]. فقد نصت المادة (21) الإعلان العالمي على:

(1)   لكلِّ شخص حقُّ المشاركة في إدارة الشؤون العامة لبلده، إمَّا مباشرةً وإمَّا بواسطة ممثِّلين يُختارون في حرِّية.

(2)   لكلِّ شخص، بالتساوي مع الآخرين، حقُّ تقلُّد الوظائف العامَّة في بلده.

(3)   إرادةُ الشعب هي مناطُ سلطة الحكم، ويجب أن تتجلىَّ هذه الإرادة من خلال انتخابات نزيهة تجرى دوريًّا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السرِّي أو بإجراء مكافئ من حيث ضمان حرِّية التصويت.

كما نصت المادة 25 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على:

يكون لكل مواطن، دون أي وجه من وجوه التمييز المذكور في المادة 2، الحقوق التالية، التي يجب أن تتاح له فرصة التمتع بها دون قيود غير معقولة: 

‌أ          أن يشارك في إدارة الشؤون العامة، إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون في حرية.

‌ب     أن ينتخب وينتخب، في انتخابات نزيهة تجرى دوريا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري، تضمن التعبير الحر عن إرادة الناخبين.

‌ج       أن تتاح له، على قدم المساواة عموما مع سواه، فرصة تقلد الوظائف العامة في بلده.

كما أكد القانون الأساسي الفلسطيني المادة (26) أن للفلسطينيين حق المشاركة في الحياة السياسية أفرادا وجماعات ولهم على وجه الخصوص الحقوق الآتية.

1.      لتصويت والترشيح في الانتخابات لاختيار ممثلين منهم يتم انتخابهم بالاقتراع العام وفقا للقانون.

2.     تقلد المناصب والوظائف العامة على قاعدة تكافؤ الفرص.

إذن حق الترشيح والانتخاب حقاً مكفولاً لكل مواطن ، فقانون انتخاب مجالس الهيئات المحلية رقم (10) لسنة 2005م ينص في الفصل الثالث، المادة (6) تجري الانتخابات بصورة حرة ومباشرة وسرية وشخصية ولا يجوز التصويت بالوكالة. أما المادة (7) يمارس حق الانتخاب بموجب أحكام هذا القانون كل من تتوفر فيه الشروط الآتية: الفقرة (2) أن يكون مقيماً في الدائرة الانتخابية، لمدة لا تقل عن ستة أشهر من تاريخ إجراء الانتخابات. (3) أن يكون اسمه مدرجاً في سجل الناخبين النهائي للدائرة الانتخابية التي سيمارس حق الانتخاب فيها. أما شروط المرشح ضمن القائمة، استناداً للمادة (18) يشترط في المرشح ضمن القائمة ما يلي: (ب) أن يكون اسمه مدرجا في سجل الناخبين النهائي العائد للدائرة التي يترشح عنها وأن تتوفر فيه شروط الناخب. (هـ) أن يكون مقيماً ضمن الهيئة المحلية المرشح لمجلسها لمدة لا تقل عن سنة من تاريخ إجراء الانتخابات، وأن لا يكون مرشحاً في دائرة أو قائمة أخرى. أما القرار بقانون رقم (1) لسنة 2007م بشأن الانتخابات العامة، الباب الرابع حق الانتخاب المادة(27) يعتبر الشخص مؤهلاً لممارسة حق الانتخاب إذا توفرت فيه الشروط التالية: (ج) أن يكون اسمه مدرجاً في سجل الناخبين النهائي. المادة (28) الفقرة (3) لا يجوز للناخب أن يكون مسجلا ً في أكثر من مركز واحد، ولا يجوز له الإدلاء بصوته إلا في المركز الذي سجل فيه.

نستنج مما ذكر أعلاه أن النصوص القانونية التي تنظم عملية الترشيح والانتخابات سواء في الانتخابات الرئاسية أو التشريعية أو البلدية، تشترط في الأساس أن يكون الشخص مسجلاً في سجل الناخبين لكي يستطيع أن يتقدم للترشيح أو أن يقوم بالإدلاء بصوته يوم الانتخابات ، وعكس ذلك لا يمكن له الترشيح أو الاقتراع ، كما أن الشرط الآخر الأساسي الذي يسبق عملية التسجيل هو شرط الإقامة في حدود الدائرة الانتخابية لمدة لا تقل عن ستة أشهر من تاريخ إجراء الانتخابات ، كما أن ذلك مرتبط في إثبات الإقامة ، وبالطريقة التي يمكن لهذا الشخص أن يثبت إقامته هناك مثل عقد الإيجار ، أو فواتير الكهرباء والماء والهاتف .

وتأسيساً على ما سبق فإن (الجلوة) تلعب دوراً سلبياً في ممارسة المواطنين لحقوقهم السياسية، لاسيما حقهم في الترشيح والانتخاب ، فلا يمكن لشخص أجلي من مكان سكنه الأصلي أن يمارس حقه ، وذلك استناداً إلى نصوص القانون . وهذا من شانه أن يضعف من نسبة المشاركة في الشأن العام وأن يؤدي ذلك لعزوف ، وعدم مبالاة ، كما يؤثر ذلك على المواطنة الديمقراطية بشقيها الحقوق والواجبات . بكلام أخر فإن (الجلوة) تحرم المواطنين من المشاركة في الحياة السياسية بشكل أو بأخر، وأولى ذلك الحرمان من الحق في الترشح والانتخاب ، وتقلد الوظيفة العامة ، والتأثير على عملية صنع القرار.

إن النتائج المترتبة على (الجلوة) العشائرية باعتبارها عقوبة جماعية تتم من خلال ترحيل أهل الجاني وكل من له صلة قربى بالجاني تصل أحياناً إلى الجد الخامس من المنطقة التي يوجد فيها أهل المجني عليه لمدة قد تمتد من أشهر إلى سنوات، تنتهك أبسط حقوق المواطن المكفولة في القانون الأساسي والتشريعات الوطنية والمواثيق الدولية التي انضمت إلها دولة فلسطين .

أخيراً يمكن القول أن حقوق الإنسان هي حقوق متكاملة مترابطة لا يمكن فصلها عن بعض ، كما أن انتهاك أي حق من الحقوق يؤثر بشكل مباشر على الحقوق والأخرى ، وبالتالي لا يمكن أن نفصل على سبيل المثال لا الحصر أثر (الجلوة) على الحق في الصحة ، والحق في حرية التنقل، والحق في الوصول إلى أماكن العبادة ، هذا إلى جانب حقوق أخرى ترتبط بالأحوال الشخصية والمدنية والشرعية ، مثل الزواج ، والطلاق ، والنفقة، وتسجيل المواليد ، والوفيات ، والحصول على الأوراق الثبوتية مثل البطاقة الشخصية ، وجواز السفر، وشهادات الميلاد، وعلاقتها بمكان السكن الأصلي. وأيضاً الحصول على الأوراق الرسمية من المدارس ومديريات التعليم في حال نقل الأطفال إلى مدارس جديدة . هذا إلى جانب الحصول على أي أوراق أخرى من وزارات اختصاص أو من البلدية أو المجلس القروي . وبالتالي فإن (للجلوة) أثر كبير ومباشر على مختلف الحقوق . كل ذلك متوقف على عودة (المجلين) إلى أماكن سكناهم الأصلية وانتهاء معاناتهم وانتهاء حقوقهم المكفولة في القانون الأساسي ، وقبل ذلك في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان.

5.  أثر (الجلوة) على البنية الاجتماعية والسكانية ما من شك أن (للجلوة) آثار اجتماعية وربما ثقافية على المجتمعات المحافظة على وجه التحديد ، ذلك أنه مرتبط في العادات والتقاليد التي قد تختلف من مكان إلى آخر ومن محافظة إلى أخرى ، هذا إلى جانب التكلفة الاجتماعية وفي مقدمة ذلك انتشار الجريمة والفقر والبطالة ، يضاف لذلك تأثيراتها الاجتماعية والنفسية في آن واحد والمتمثلة بالإحباط وخيبة الأمل وفقدان الثقة . وقبيل (الجلوة) وأثنائها فأنت لا تستشر ولا رأي لك بالموضوع ، قد يكون ممثل ذوي الجاني أو كبيرهم هو أول من يعلم بالأمر سواء من الجاهة أو الشرطة ،  وبعد ذلك ما على الجميع إلا التنفيذ والخضوع للأمر .

وفي حالات تكون بها (الجلوة) كبيرة لعشرات أو لربما مئات من الأشخاص ، ذلك من شانه أن يؤثر بشكل مباشر على العادات والتقاليد المتبعة للمنطقة المجلي إليها ، فعلى سبيل المثال موضوع اللباس، وعادات الأفراح والأتراح ، وموضوع طبيعة الجيرة ، وحتى المأكولات وطبيعتها ، وطبيعة التعامل اليومي ، ومدى مشاركة النساء في الشأن العام ، وغيرها من العادات والتقاليد . يمكن أن تشكل عائقاً أمام المَجّليين ، والعكس صحيح .

وقد ينعكس ذلك على عدم قيام العائلات الأخرى في البلد المجلي إليها بالارتباط بالمجليين ، ففي كثير من الأحيان ترفض بعض العائلات من البلدة المجلي لها أن تصاهر العائلة المجلية لأسباب مرتبطة بخوفها من أن يلحق الثأر أبنهم أو أبنتهم ، كما ويمكن أن تعيش العائلة المجلية في عزلة اجتماعية ، وذلك لعدم تقبل العائلات الأخرى في المنطقة المجلي إليها لهم ، وعلى صعيد المواطنة المتصل بالناحية النفسية والاجتماعية يمكن أن لا يتعامل المجلين مع المكان بأنه يعني لهم شئياً ، وذلك استناداً إلى المشاعر التي تكون في العادة مرتبطة في المكان الذي ولدوا ونشئوا به . وهذا من شأنه أن يؤثر على مفهوم المواطنة بالنسبة للعائلات المجلية .

كما أن القرى والمخيمات بشكل عام وبعض المدن الفلسطينية في العادة لديها نظرة سلبية تجاه (الغرباء) ، وإمكانية سكنهم في هذا الحي أو ذاك ، وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار عندما يكون هناك أعداد كبيرة (مجلية) من تجمعاتها إلى تجمعات أخرى ، ذلك سننتج عنه اختلال في التوازن الديمغرافي ، وعلى التحالفات الاجتماعية ، والسياسية في بعض الأحيان والتي تكون مرتبطة في إجراء الانتخابات لا سيما المحلية منها (هذا في حال أن الجلوة استمرت لأكثر من ستة شهور) وتزامن ذلك مع إجراء الانتخابات ، أو إجراء الانتخابات للنوادي والجمعيات والمؤسسات القاعدية.

(الجلوة) تزيد الضغط على البنية التحتية والخدمات ، ومنها زيادة الطلب على المياه والكهرباء والرعاية الصحية ، وارتفاع إيجارات المساكن ، وزيادة البطالة بين الشباب على وجه التحديد ، والتعليم ، فهذا مرتبط بطبيعة الخدمات التي تقدمها الهيئات المحلية لمواطنها ، وهذا ينسحب بطبيعة الحال على الموارد المحدودة في هذا التجمع أو ذاك ، وعلى الثروات الطبيعية الأخرى، هذا إلى جانب المنافسة مع الأهالي فيما يخص فرص العمل ، هذا بالإضافة إلى تدني الأجور بفعل زيادة الأيدي العاملة هناك .

أما من الناحية الاقتصادية والاجتماعية فلذلك وجهان الأول أن بعض العائلات ترفض تأجير أو بيع العقارات (للغرباء) ، وفي ذات الوقت إذا ما كان هناك قبول لعملية البيع والتأجير ، فإن ذلك سيؤدي بطبيعة الحال إلى ارتفاع الأسعار في تلك المنطقة ، هذا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن بعض العائلات والأسر ترفض عمليات البيع والتأجير لأسباب اقلها أنها لا تعرف هذا (القادم).

كما لا يغيب عن الذهن الوصمة الاجتماعية المرتبطة بطبيعة الإشكالية التي أدت إلى جلاء العائلة من بلدها الأصلي ، فالمجتمعات المحافظة تنظر بعين الشك والريبة وبحساسية كبيرة إلى الأسر (المجلية) إذا كان الأمر مرتبط بموضع له علاقة بالعرض ، كما أنها تتأهب اجتماعياً من موضوع القتل ، ويزيد الأمر تعقيداً في القيم الاجتماعية والتي لها علاقة بالاحترام والتقدير والثقة إذا كان الأمر مرتبط بتقطيع الوجه . ولا يقف الأمر عند هذا الحد فكثير من العائلات التي أجليت إلى بلدات وقرى لأي سبب كان ، وصمت وبات تعرف وتنعت اليوم بمصطلحات مثل (مدميين) (قتالين قتلى) (الطنيب) (الدخيل) ، وهذه الأوصاف والمسميات لها دلالات اجتماعية سلبية من قبيل الوصمة الاجتماعية .

ومن المشكلات الاجتماعية التي قد تنتج بسبب(الجلوة) البطالة فهي تفقد الكثيرين ممتلكاتهم العامة والخاصة ، مما تسبب في بطالة شبه دائمة لكثير من الموظفين والعمال وأصحاب المهن والممتلكات، ومن الآثار الاجتماعية لها معيشة أكثر من أسرة في مسكن واحد بسبب عدم وجود مساكن بشكل كاف ، وذلك بسبب فقدان المسكن الأصلي ، مما ينجم عنه عدد من المشكلات الاجتماعية نتيجة ضعف التوافق والاختلافات بين هذه الأسر ، وقد يؤدي ذلك إلى التفكك الاجتماعي والأسري بسبب السكن المشترك، كما يترتب عليها انعكاسات وآثار اجتماعية (للمجليين) منها صعوبة التأقلم مع وضعهم الجديد في البدايات بعيداً عن حاراتهم وأصدقائهم وأهالي بلداتهم.

ومن الآثار الاجتماعية (للجلوة) عملية (الشتات) التي تلحق بالعائلة والأسر على حد سواء ، وهذا ينتج بالعادة عندما يتم إجلاء أعداد كبيرة من الحمولة أو العشيرة ، في الوقت التي لا تستطيع قرية أو بلدة استيعاب كل المجليين بسبب أعدادهم الكبيرة ، يقابله عدم توفر أماكن للسكن والإقامة لجميع الأسر، مما يضطر بعض الأسر أن تبحث عن مكان أخر، وهذا مرتبط بالعادة بالصداقات القديمة أو المصاهرة والنسب أو قد يكون مرتبط بعلاقات تجارية . ولن يقف الأمر عند هذا الحد ، فقد يحدث ذلك في الأسرة الواحدة فنجد أن الأب والأم والأطفال يعيشون في قرية أو بلدة ما ، وأبناءهم الكبار من الذكور يعيشون بعيدين عنهم في قرى أو مدن أخرى، حتى لو كان هؤلاء الأبناء غير متزوجين.

إذن نحن نتحدث عن عملية (فصل) قصرية تصيب العائلة أو حتى الأسرة ، وما ينتج عن ذلك من تباعد وعدم تواصل يومي بين أفراد العائلة ، وما يلحقه من خسائر مادية جراء استئجار البيوت ، أو عملية التنقل والمواصلات ، والأهم من ذلك الأبعاد النفسية والاجتماعية لعائلة أصبحت (مشتت) بعد أن كانت تعيش تحت سقف بيت واحد .

ولا يغيب عن الذهن بروز أنماط جديدة من العلاقات الاقتصادية -الاجتماعية بفعلها والتي لها علاقة بقيام أصحاب الأعمال ، ومالكي الأراضي من المجليين بالعمل عند الآخرين ، أو القيام باستئجار أرضي (ضمان) من أجل زراعتها وفلاحتها ، وهذا ينسحب على النساء من خلال قيامهن بالعمل في البيوت أو الزراعة أو في غيرها من الأعمال . يضاف لذلك بروز ظاهر عمالة الأطفال وما يرافقها من انتهاكات لحقوق الأطفال في الصحة والتعليم والحياة الكريمة ، والعنف وتعرضهم للتحرش أحياناً.

(الجلوة) تترك في العادة آثارها الاجتماعية والنفسية التي لا يمكن أن تزول بسرعة ، وتبقى عالقة في نفوس الجميع صغاراً وكباراً وعلى الرغم من فداحة الآثار الاقتصادية لها إلا أنها اقل وطئه من الآثار الاجتماعية ، وذلك بسبب أن الآثار الاقتصادية يمكن تجاوزها أما من خلال العودة لاحقاً إلى مكان السكن الأصلي ، أو من خلال العودة للعمل . أو من خلال إصلاح ما تم تخريبه وعودة الوضع إلى ما كان عليه في السابق ، أما الآثار الاجتماعية والنفسية فستبقى ملازمة لصاحبها ، وستبقى محفورة في الذاكرة ، وحتى في الخيال . وستكون انعكاساتها خطيرة سواء على أهل الجاني أو المجني عليه على حد سواء.

خلاصة القول أن (للجلوة) آثارها الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والثقافية والسياسية على السلم الأهلي والتماسك الاجتماعي ، وإذا ما تأملنا قليلاً بهذه الآثار فإننا نجد أن تأثيرها على السلم الأهلي في فلسطين يتجلى في تأجيج الخلافات ، وزيادة الأحقاد والضغائن ، وهي بمثابة ضوء أخضر وتصريح لمزيد من عمليات الانتقام والقتل والثأر ، وكأنها مدة محددة لذلك . حيث (يستطيع) هذا الطرف أو ذاك أن يتحرك خلالها ، وهي باب مفتوح على مصرعيه لمزيد من الفعل ورد الفعل ، كما أنها تربة خصبة ومنطلق لمزيد من الأخبار والروايات الكاذبة ، ونسج القصص .

فترتها تعني مزيد من التشدد من قبل ذوي المجني عليه ، وتزيد من إصرارهم لإبقاء أهل الجاني خارج ديارهم ، وكأنها أحد أهم الأوراق التفاوضية للمساومة يتخللها صراع الإرادات و(عض) الأصابع ، وهي في هذا السياق شد أعصاب وعمليات ضغط تمارس قبل إتمام عملية الصلح والطيب، يقابل ذلك إصرار أهل الجاني من خلال تحركاتهم على أكثر من صعيد سواء التوجه للجانب الرسمي أو للجاهة أو لقادة محليين أو لوسائل الإعلام من أجل العمل على عودتهم إلى ديارهم التي أخرجوا منها . كما أن خلال فترتها يعني عدم إجراء الصلح والطيب مما يعني أن الباب سيكون مفتوح والأمور مرشحة للتدهور ، هذا إلى جانب مزيد من الخسائر الاقتصادية للعائلات المجلية بفعل خسارتها لأملاكها وعدم استغلالها لتلك الأملاك.

إطالة أمدها تعني أن أهل الجاني سيقومون بزيارة إلى مكان سكنهم الأصلي سواء لتفقد بيوتهم وأملاكهم أو للمشاركة في المناسبات الاجتماعية ، وفي كثير من الأحيان تكون الزيارة استكشافية استطلاعية لمعرفة رد فعل أهل المجني عليه ، ومدى تقبلهم لذلك ، فهي أشبه ما تكون بجس نبض، وفي أحيان كثيرة تكون الزيارة شكل من أشكال (التحدي) وتسجيل موقف ، مهما كانت طبيعة الزيارة والهدف منها ، فإنها قد تكون سبب أخر لتفاقم الوضع وحدوث إشكالية جديدة ، قد تتجدد على إثرها من جديد . كما أن إطالة أمدها سيزيد من انتشار الفقر والبطالة والتسرب من المدارس والذي بدورة يمكن أن يكون سبب آخر لانتشار الجريمة ، والاتجار بالممنوعات ، وفي مقدمتها تعاطي المخدرات وزراعتها والاتجار بها ، هذا إلى جانب التنقيب عن الآثار والاتجار بها.

والانعكاس الآخر لها سيكون بين ذوي الجاني أنفسهم أي أقربائه الذين جلوا معه بصرف النظر عن طبيعة القرابة ، سيما الأشخاص اللذين لا تربطهم علاقة مباشرة مع الجاني وذويه سوى أنهم يحملون نفس اسم العائلة، ذلك يمكن أن يؤدي إلى أحقاد أو إلى مشاحنات و(ملاسنات) قد تتطور إلى مشاجرات، وذلك بسبب تحميلهم المسؤولية للجاني وذويه على اعتبار أن ما قام به من فعل كان سبباً مباشراً لتحملهم عواقبه ، وفي مقدمة ذلك جلائهم عن منازلهم ومكان سكناهم ، هذا إلى جانب تحملهم خسائر كبيرة بالنسبة لهم ، على ذنب لم يقترفوه حسب وجهة نظرهم ، ذلك من شانه أن يؤدي إلى مزيد من التفسخ العائلي .

أما الأمر الأخر وهو قيام بعض أقارب الجاني بإعلان البراءة منه ومن أسرته من خلال الإعلان بالصحف المحلية أو في دور العبادة ، والإعلان أمام الكافة أنهم لا تربطهم به أي رابطة وأن ما قام به يتحمله لوحده ، وأنهم غير مسؤولين عما قام به ، هذا يعني أن من أعلن البراءة من الجاني يريد أن يرسل رسالة لأهل المجني عليه مفادها أنهم لا يتحملون مسؤولية ما قام به الجاني ، وأنه أمر مرفوض ومشجوب وغير مقبول ، وأنهم يتضامنون مع أهل المجني عليه وفي بعض الأحيان يعلنون عدم مسؤوليتهم من أجل أن لا يتحملوا إي تبعات مالية من قبيل العطوة أو الدية أو مصاريف أخرى لها علاقة بإقامة المصابين في المستشفيات أو تدمير الممتلكات لعائلة المجني عليه . هذا الموقف من بعض أقارب الجاني من شانه أن يحدث شرخاً في العائلة وفرقة، والذي يكون البداية لانتهاء مفهوم التعاون والتضامن بين أبناء العائلة الواحدة ، وقد ويؤدي في بعض الأحيان إلى بروز تحالفات واصطفافات عائلية بين (أفخاذ) العائلة أو العشيرة الواحدة ، كما يمكن أن يؤدي ذلك إلى مواقف اجتماعية يعبر عنها من خلال المقاطعة الاجتماعية والاقتصادية من قبل أقرباء عائلة الجاني بعضهم ببعض .

تعني (الجلوة) أن القضية ستبقى منظورة أمام القضاء مما يعني إطالة أمد التقاضي إلى جانب الضغائن والأحقاد ، في كثير من الأحيان عدم عودة المجليين إلى ديارهم في المدة المحددة سواء بسبب عدم إجراء الصلح بين ذوي الجاني والمجني عليه ، أو بسبب المماطلة والتسويف أو التراجع من قبل ذوي المجني ، وسيؤدى إلى مزيد من خيبات الأمل ، وتعميق أزمة الثقة بين الأطراف كافة ، سواء أكانت قصيرة أو طويلة ستترك (جراح وندوب) لن تمحيها الأيام والسنين ، خاصة إذا كانت أبدية ، سيرافقها تأثيرات نفسية ، وصدمات عصبية . ومزيد من الحقد والألم والوعيد ، الآثار المباشرة لها ستنعكس على السلم الأهلي والتماسك الاجتماعي ، بل أن النسيج المجتمعي سيصبح في خطر.

ما هو المطلوب: تجديد الفكر العشائري[79] على الرغم من مطالبة المؤسسات الرسمية والأهلية بضرورة العمل على تجديد الفكر العشائري في موضوعين هامين هما (الجلوة) و (فورة الدم) . واعتبار ما ينتج من أفعال بسبب (فورة الدم) جريمة ، وان ما ينتج من استحقاقات نتيجة (للجلوة) هو انتهاك لحقوق الإنسان ، ويتعارض مع سيادة القانون وغير ذلك ، لم يجد له طريقاً في العمل بشكل جدي من أجل تعديلات جذرية ، من شأنها أن توقف مسلسلاً بدأ بسيدنا موسى عليه السلام ولم يتوقف لغاية اللحظة . مفهوم العرف مفهوم نسبي يتغير من زمان إلى آخر ومن منطقة إلى منطقة ومن شريحة اجتماعية إلى أخرى وقد يكون أطراف الخصومة من شريحتين مختلفتين بأعراف مختلفة فهل نطبق عرف أهل البادية على أهل المدينة أو القرية أم العكس وهل نطبق عرف المسلمين على طرف مسيحي في الخصومة والعكس صحيح. ومن هنا يمكن أن يتم اقتصارها على قضايا القتل على شخص الجاني ومن اشترك معه فعلاً في جريمته ، هذا إلى جانب عدم ترحيل النساء والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة والمرضى والمسنين من ذوي الجاني.

توحيد مفاهيم العمل العشائري هو بحاجة إلى تضافر جهود من كل الأطراف الرسمية والأهلية ، ولا سيما (الجلوة) التي هي بحاجة أكثر من أي وقت مضى لمراجعتها والاتفاق على صيغة لا تضر بحقوق المواطنين . وفي هذا الإطار يرى عضو المجلس التشريعي السابق ورئيس لجان الإصلاح العشائري في محافظة جنين الأستاذ فخري التركمان "أبو لؤي" أن (الجلوة) يمكن تنظيمها ، على النحو التالي ، إذا كان الجاني والمجني عليه يسكنون في نفس الحي أو أنهم جيران أو يسكون في قرية أو بلدة واحدة ، فإنه يمكن إجراء (الجلوة) لأقارب الجاني من الدرجة الأولى، أما إذا كان الجاني والمجني عليه من نفس المدينة وليسوا جيران أو أنهم لا يسكنون في نفس الحي فأنه لا داعي لعملية الإجلاء، كما ينسحب ذلك على ذوي الجاني والمجني عليه إذا كانوا من قريتين مختلفتين، وبالتالي لا داعي لها[80].  إذن يمكن أن يجرى مثل هذا التعديل ، إذا رافق ذلك إرادة سياسية من صناع القرار، لذلك المطلوب هو:

1.         التزام السلطة التنفيذية بموجب القانون باحترام حقوق المواطن وحمايتها والوفاء بها.

2.         رفض جميع الأفعال الانتقامية القائمة على الثأر وتدمير الممتلكات العامة والخاصة.(فورة الدم).

3.         تعزيز منظومة القيم المجتمعية الايجابية.

4.         نبذ كل أشكال العنف. ومناهضة جميع أشكال الانتقام الفردي أو الجماعي باعتباره تعدياً على هيبة الدولة ومؤسساتها قبل أن يُشكل تعدياً على حقوق المواطنين وحرياتهم.

5.        حملات التوعية والتثقيف حول المخاطر المختلفة (للجلوة) وآثارها.

6.         عقد مؤتمر وطني . يصدر عنه وثيقة شرف للالتزام بها من اجل الحد من الانتهاكات التي تطول المواطنين بسبب الجلاء والاعتداء على ممتلكاتهم .

7.         ضرورة قيام الأجهزة الأمنية بدورها بفعالية لحماية ووقف الاعتداءات التي تلحق بذوي الجاني وتقديم المعتدين للقضاء، وضرورة إقرار قانون يتناول موضوعات الوساطة والتوفيق والتحكيم وغيرها من اجل التخفيف وحل القضايا العشائرية [81]. للتوقيع على ميثاق يتم بمقتضاه التعامل مع (الجلوة) على أساس فردي.

8.        ضرورة قيام المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، في الإسهام في تعزيز وترسيخ مبدأ سيادة القانون من أجل تحقيق العدالة والمساواة بين المواطنين على صعيدي الفكر والممارسة ومناهضة جميع أشكال الانتقام الفردي أو الجماعي باعتباره تعدياً على هيبة الدولة ومؤسساتها قبل أن يُشكل تعدياً على حقوق وحريات المواطنين.

9.        عقد اتفاق بين العائلات الفلسطينية على من تشمله (الجلوة)، والمدة الزمنية لذلك، ومكانها.

إن التعديلات أو الإصلاحات يجب أن تهدف لمنع التجاوزات على الأعراف والتقاليد العشائرية، والتشدد بالمطالبات المادية المعنوية ، بما يخالف الشرائع السماوية ، بخاصة فيما يتعلق (بالجلوة) وتبعاتها والدية وقيمها والمغالاة فيها.

النتائج إن النتائج المترتبة على (الجلوة ) العشائرية ، تنتهك أبسط حقوق المواطن المكفولة في القانون الأساسي الفلسطيني والتشريعات الوطنية والمواثيق الدولية التي صادقت عليها دولة فلسطين.

1.          لا يوجد هناك ضوابط ومعايير موحدة تنظم عملية (الجلوة) الاستمرار في استخدامها هو تعبير عن ذهنية مسكونة بالماضي، ذهنية ترفض الحداثة والمدنية وسيادة القانون، وحكم القضاء.

2.          (الجلوة) تنتهك حقوق الأمن الشخصي والسلامة البدنية، والتنقل واختيار مكان الإقامة، وإتلاف الممتلكات دون وجه حق، والعمل، والتعليم، والرعاية الصحية وممارسة حق الانتخاب.

3.          أن لا التزام ولا احترام من قبل السلطة التنفيذية بموجب القانون على احترام حقوق المواطن وحمايتها والوفاء بها.

4.          عدم الجزم أن (الجلوة) يمكن أن تحقق الردع العام.

5.          من الأسباب الكامنة وراء استمرار (الجلوة) العمل بهذا العرف العشائري القديم، فإن ذلك يعزى إلى طول إجراءات التقاضي وبقاء القضايا في المحاكم لسنوات تدفع بالناس إلى البحث عن إجراء فوري، وهنا تكون هي الخيار الأنسب من وجهة نظرهم.

6.          تستخدم (الجلوة) وإبعاد عائلة المجني كأسلوب وطريقة لحقن الدماء، خوفاً من (فورة الدم)، وذلك في ظل عدم القدرة على توفير الحماية والأمن لذويه من قبل المؤسسة الأمنية.

7.          هيبة السلطة (الدولة) على المحك في ظل الاستمرار بتجاهل القانون وعدم احترامه من خلال إجبار عائلات وأسر بأكملها للرحيل من خلال (الجلوة).

8.          الاستمرار بفرض (الجلوة)العشائرية يقوض سيادة القانون.

9.          (الجلوة) هي انتهاك لمبدأ شخصية العقوبة التي لا يجوز إيقاعها إلا على الجاني وحده وعدم جواز امتدادها إلى عائلته أو أقاربه .

10.     أن (فورة الدم) التي تسبق أو/وتصاحب (الجلوة) ، ومعها كافة الأفعال الانتقامية القائمة على الثأر وتدمير الممتلكات العامة والخاصة غير مجرمة وتسمى بالعرف العشائري (مسحوق).

11.     وسائل الإعلام الفلسطينية ليس لديها اهتمام بالتأثيرات الناتجة عن (الجلوة) ولهذا لا نجد تقارير استقصائية حول الموضوع.

12.     المنظومة القيمة المجتمعية تجاه(الجلوة) سلبية كما أنها دافع أساسي لزيادة العنف بكافة أشكاله.

13.     يختلف تطبيق وتنفيذ (الجلوة) من محافظة لأخرى، كما لا يوجد معيار موحد لها بين المحافظات، كما يرتبط تطبيقها وتنفيذها بمدى قوة ونفوذ عائلة المجني عليه.

14.     (للجلوة) تأثيرات كبيرة ومباشرة على مجموعة من الحقوق.

15.     لا يوجد هناك مدة زمنية محددة لمدة (الجلوة)، فهي تختلف من مكان لآخر ومن قضية لأخرى.

التوصيات 1.          من الأهمية بمكان وفي ظل الظروف الموضوعية، بات من الضروري إنتاج ميثاق وطني يوقع عليه رجال الإصلاح والقضاء العشائري بما فيهم مجلس عشائري فلسطين، ويكون بمثابة مدونة سلوك تحدد ضوابط ومعايير (الجلوة).

2.          يجب مواءمة التشريعات السارية في فلسطين لمعالجة الثغرات والتبعات التي تصل حد الظلم الناجم عن (الجلوة).

3.          الإسراع في البت بجرائم القتل تمهيدا لإنهاء الخلافات بأسرع وقت.

4.          فردية العقوبة ، وألا تكون العقوبة الجماعية لأشخاص ليس لهم ذنب.

5.          تعديل قانون العقوبات بحيث يتم الإسراع في البت بجرائم القتل تمهيداً لإنهاء الخلافات بأسرع وقت.

6.          ضرورة العمل على تجديد الفكر العشائري في موضوعي(الجلوة) (وفورة الدم).

7.          تفعيل الجانب الإعلامي من خلال لقاءات إذاعية وتلفزيونية بمشاركة أكفاء من رجال الإصلاح.

8.          تنظيم زيارة للأردن للاستفادة من التجربة الأردنية فيما يخص القضاء العشائري و(الجلوة).

9.          كتابة رسائل ماجستير حول القضاء العشائري.

10.     تشكيل لجنة وطنية تضم في عضويتها المحافظين، الشرطة ، قضاة ومحامون وخبراء في العرف والقضاء العشائري لوضع مسودة تحتوي مجموعة من القواعد والأحكام العشائرية، وإصدارها بشكل نظام أو قانون يوزع على رجال الإصلاح والقضاء العشائري للعمل بموجبه في حل النزاعات والقضايا التي تحصل بين الناس وذلك من اجل الحرص على تحقيق العدالة وإرجاع الحقوق إلى أصحابها .

11.     ضرورة تحديد المرجعيات العشائرية في المحافظات.

الخاتمة على الرغم من الشوط الذي قطعته فلسطين على طريق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ، والجهود الرسمية الفلسطينية في تقوية وتعزيز مؤسسات قطاع العدالة وسيادة القانون وفي مقدمتها السلطة القضائية ، والحضور القوي لمؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية ، وعلى الرغم من حديث المسؤولين الفلسطينيين أن فلسطين دولة قانون ومؤسسات ، وإنها ماضية في التوقيع للانضمام على مزيد من الاتفاقيات والمعاهدات والمنظمات الدولية المتخصصة ، ومنها معاهدات حقوق الإنسان . إلا أن هناك حضوراً لافتاً للأعراف العشائرية في المجتمع خصوصاً في محافظات جنوب الضفة ، وقطاع غزة ، هذا الحضور يرسم مزيداً من علامات الاستفهام حول الجهود الرسمية في إقامة وتعزيز مزيد من المؤسسات التي تجعل من فلسطين دولة قانون ومؤسسات .

في فلسطين وجهات نظر مختلفة حول المطالبة بإلغاء أو تفعيل الأعراف العشائرية، يقابل ذلك الدعوة على تفعيل القضاء النظامي وتفعيل القوانين المدنية، فالبعض يرى أن العرف (القانون) العشائري هو اسبق من القانون، وانه فعّال وسريع، وغير مكلف من الناحية المادية، وان رجال الإصلاح والقضاء العشائري مستمعون جيدون للمتخاصمين وأصحاب القضايا، كما أنهم يعملون في كل الأوقات والظروف ، كما أنهم مستجيبون بشكل سريع للنداءات أو للمشاركة في حل القضايا .

كما باتت هناك حاجة ماسة إلى التعامل مع (الجلوة) العشائرية بطريقة لا تسبّب الأذى أو تلحق الضرر بالأبرياء . فالمطلوب اليوم أن تقتصر الجلوة على الشخص المعني أو أقاربه من الدرجة الأولى ، وأن تحدد فترة الجلوة بفترة التحقيق في القضية ، على أن يعود هؤلاء الأشخاص إلى مكان سكنهم الأصلي فور صدور حكم قضائي في القضية.

ويرى "الجلوة" أنها ما زالت ضرورية وخاصة في المجتمع الفلسطيني ، حيث أن المجتمع ما زال عشائرياً ، وهذه العادة تؤدي إلى تهدئة النفوس ، لدى أهل المجني عليه ، وتحول دون وقوع المشاكل بين عائلة الجاني والمجني عليه ، كما تتيح الفرصة لأهل المجني عليه ليقدموا التسامح أمام العائلات الأخرى ، ويثبتوا أنهم أهلاً للعفو عند المقدرة.

 (الجلوة) العشائرية كانت في السابق جزءاً مهماً من القضاء العشائري وكانت عاملاً مهما في حقن الدماء ، ولكنها اليوم أصبحت تشكل عبئاً ثقيلاً غير محتمل على الناس ، وبحاجة إلى تعديلات جذرية لاختلاف الظروف الحياتية كلياً ، فقد كانت سابقاً غير مكلفة لا معنوياً ولا مادياً لمن تقع عليهم .

علينا كفلسطينيين أن نكون حذرين أمام المنظمات الدولية وأمام دولة الاحتلال ، بأن لا يتم استخدام (الجلوة) من قبل الاحتلال ، كمبرر للاحتلال في عملية ترحيل ذوي الأشخاص الذين يقومون بعمليات فدائية ، كما يمكن أن يستخدم من قبل المنظمات الدولية المتخصصة أو إحدى لجانها ، وذلك أثناء عملية الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان بفلسطين.

والسؤال ماذا يضير أولياء الدم أو من هم في حكمهم من تفعيل شخصنة العقوبة بإيقاعها على الجاني وحده ، وعدم امتدادها إلى عائلته وأقاربه الذين يكون بعضهم أحياناً على خلاف معه فتكون العلاقات بينهما إما مقطوعة أو شبه مقطوعة . فهل نجد من يستمع إلى صوت العقل والمنطق والحق ، فيدعو إلى المؤتمر العتيد لإدخال تعديلات جذرية على عملية (الجلوة) حفاظاً على حقوق الناس وعدم الإثقال عليهم، وعدم تعريض حياتهم للخطر.

خلاصة القول بصرف النظر عما إذا كان تطبيق (الجلوة) يتم حتى الجد الخامس أو الجد الثالث،... الخ، فهي على ما يبدو إجراء احترازي في ظل الظروف التي يعيشها الفلسطينيين، الغاية منه تجنب المواجهة بين أهل الجاني والمجني عليه . على الرغم من تناقضه مع حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية ، ويحول دون تطور المجتمعات وتقدمها ، ولا يراعي الظروف والأحوال المعيشية التي تمليها تطورات العصر الراهن وبالتالي لابد من وقف العمل به ، وإفساح المجال للقانون ومنطق الحق والعدل أن يأخذ مجراه . وإذا كان هناك إصرار على استمرار العمل به فلا بد من التنادي لعقد مؤتمر وطني بمشاركة رجال القانون وعلماء الشريعة وشيوخ ووجهاء العشائر ومؤسسات حقوق الإنسان، والأحزاب، والمؤسسات النسوية والشبابية لبحث هذا الموضوع بحثاً تراعي فيه مصلحة المواطن، والتطابق ما بين تطور المجتمعات والأعراف والعادات التي يقود بعضها – شأن (الجلوة) – إلى أعباء اقتصادية ونفسية ومجتمعة هي القتل بعينه. بل هي ضربة قتلة موجهة للسلم الأهلي والتماسك الاجتماعي في فلسطين.


المراجع القران الكريم

المواثيق الدولية

1.           الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

2.           العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

3.           العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

4.           اتفاقية حقوق الطفل.

القوانين

1.           القانون الأساسي الفلسطيني المعدل للعام 2003.

2.           قانون العمل الفلسطيني رقم (7) لسنة 2000.

3.           قرار بقانون لسنة 2018 بشان التعليم العالي في فلسطين.

4.           قانون الطفل الفلسطيني رقم (7) لسنة 2004، وتعديلاته للعام بقرار بقانون رقم (19) لسنة 2012.

5.           قانون انتخاب مجالس الهيئات المحلية رقم (10) لسنة 2005.

6.           القرار بقانون رقم (1) لسنة 2007م بشأن الانتخابات العامة.

المقابلات الشخصية

1.           المختار رجل الإصلاح، موسى كعابنة، أريحا، مقابلة شخصية 4/1/2019.

2.           رجل الإصلاح الحاج محمد فهد الأعرج، قرية السواحرة، محافظة القدس،مستشار الرئيس ياسر عرفات لشؤون العشائر، مقابلة شخصية، بتاريخ 8/1/2019.

3.           الشيخ سالم ذويب، رجل إصلاح محافظة بيت لحم، مقابلة شخصية، 9/1/2019.

4.           المحامية صباح سلامة، ناشطة حقوقية ونسوية، رام الله، مقابلة شخصية،10/1/2019.

5.           آمال خريشة، مدير عام جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية، مقابلة شخصية، 14/1/2019.

6.           عليان الشافعي "أبو الرائد" رئيس لجنة إصلاح المركزية، طولكرم، وعضو مجلس عشائري فلسطين، مقابلة شخصية، 14/1/2019

7.           رجل الإصلاح، أحمد محمد نجوم وعضو مجلس عشائري فلسطين، أريحا،مقابلة شخصية، 12/1/2019.

8.           فريد إعمر، يطا – محافظة الخليل، محكم عدلي، مساعد محافظ الخليل للسلم الأهلي سابقاً، مقابلة شخصية، 15/1/2019.

9.           أمين حمدان، مستشار المحافظ ومدير عام السلم الأهلي والعشائر في محافظة رام الله والبيرة، مقابلة شخصية، 15/1/2019.

10.      الأستاذ فخري التركمان "أبو لؤي، عضو المجلس التشريعي السابق ورئيس لجان الإصلاح العشائري في محافظة جنين، مقابلة شخصية 16/1/2019.

11.      هاني سميرات، مدير مؤسسة تعاون لحل الصراع، مقابلة شخصية، 17/1/2019.

12.      الدكتور عبد الرحمن ريحان، أستاذ القانون الخاص في الكلية العصرية – رام الله، مقابلة شخصية،17/1/2019

13.      الحاج إبراهيم فواغرة (أبو عيسى)، رجل إصلاح، و رئيس مجلس قروي جورة الشمعة – محافظة بيت لحم، مقابلة شخصية، 24/1/2019.

الكتب

1.           الدكتور، إدريس جرادات الصلح العشائري وحل النزاعات في فلسطين. (نابلس: جامعة النجاح الوطنية، 2014).

2.           الإنسان وحقوقه في القانون الدولي، (الإمارات العربية المتحدة: مركز زايد للتنسيق والمتابعة، 2000).

3.           الدكتور، الشافعي محمد بشير، قانون حقوق الإنسان،(المنصورة: مكتبة الجلاء الجديدة، 1992).

4.           الدكتور، هاني الطعيمات، حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، (عمان: دار الشروق، ط1،2001).

5.           الدكتورة، هلغى باومغتن، من التحرير إلى الدولة: تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية 1948-1988، (ترجمة محمد أبو زيد)، (رام الله: مواطن: المؤسسة الفلسطينية لدراسات الديمقراطية 2006).

6.           الدكتور عبد الكريم علوان، حقوق الإنسان،(عمان: مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع، ط1، 1997).

7.           الدكتور، غازي صباريني، الوجيز في حقوق الإنسان، وحرياته الأساسية، (عمان: مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع، ط1، 1995).

8.           محمد سالم ثابت، القضاء العشائري عند قبائل بئر السبع، (عزة: موقع أم الكتاب للأبحاث والدراسات الإلكترونية، بدون سنة نشر).

9.           رجل الإصلاح محمد فهد الأعرج، الموجز في القضاء العشائري، 2002. بدون مكان نشر.

10.     مي عليمات ومحمد الخصاونة، الجلوة العشائرية وما يرافقها من انتهاكات لحقوق الإنسان في الأردن، (عمان: مركز الحياة لتنمية المجتمع المدني).

11.     ممدوح نوفل، البحث عن الدولة، (رام الله: مواطن المؤسسة الفلسطينية لدارسة الديمقراطية، ط 1، 2000).

12.     الدكتور، محمد علوان، والدكتور محمد الموسى، القانون الدولي لحقوق الإنسان، الحقوق المحمية، ج2، (عمان: دار الثقافة للنشر والتوزيع،2014).

13.     نادرة شلهوب والدكتور، مصطفى عبد الباقي، القضاء والصلح العشائري وأثرهما على القضاء النظامي في فلسطين، (بيروت: جامعة بيرزيت - معهد الحقوق، 2003).

14.     نبيل الصالح، ما هي المواطنة، (رام الله: المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية، 1994).

15.     وحيد جبران، وآخرين، حقوق المواطن، (رام الله: مؤسسة مفتاح، ط2، 2013).


الصحف
1.           جريدة القدس الأحد 2/12/2018.

2.           صحيفة القدس الأحد 9/12/2018

3.           صحيفة القدس، الثلاثاء 11/12/ 2018.

4.           صحيفة القدس، الأربعاء 19/12/2018.

5.           صحيفة القدس، الخميس 20/12/2018.

6.           صحيفة القدس، الخميس 26/12/2018.

7.           صحيفة برندة، تقرير حول الجلوة (انتهاك للحقوق الدستورية والمواثيق الدولية تحيل المواطنين إلى لاجئين في وطنهم الجلوة العشائرية... عقاب جماعي)، العدد السابع، 30/10/2013.

ورش عمل

1.           مداخلة من قبل رجل الإصلاح، نواف زغارنة حول (دور رجال العشائر في السلم الأهلي والمحافظة على النسيج الاجتماعي)، في ورشة عمل نظمها مركز إعلام حقوق الإنسان ولديمقراطية "شمس". رام الله، 12/8/2015

2.           الملتقى الفكري العربي، ورشة عمل حول (الدور الذي تلعبه القيادات العشائرية في تسوية النزاعات) رام الله، 17/9/2008.

3.           الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، جلسة حول (سيادة القانون والنظام العشائري)، 2/10/2016.

المواقع الإلكترونية

1.           مركز المعلومات الوطني الفلسطيني.

2.           تقرير للمحامية نادين نمري، بعد أربعين عاماً على إلغائه، لا يزال القانون العشائري حاضراً بقوة في الأردن، مقابلة مع هديل عبد العزيز، المديرة التنفيذية لمركز العدل للمساعدة القانونية، مجلة رصيف 22

3.           وكالة جراسا الإخبارية

4.           المختار رجل الإصلاح، موسى كعابنة، مقابلة شخصية 4/1/2019.

5.           دانة جبريل، حين يعلو العرف العشائري على القانون.

6.           وكالة جراسا الإخبارية


7.           الشيخ، محمود نهار سويلم المهداوي، الدستور تعاود فتح ملف الجلوة العشائرية وانعكاساتها على المجتمع، الأحد 12/7/2009


8.           المحامي، سمير دويكات، الموجز في شرح أحكام قانون العمل الفلسطيني رقم (7) لسنة 2000. الحوار المتمدن

9.           المحامية نادين نمري، الجلوة العشائرية في الأردن عندما يكون ذنبك أسم عائلتك. مجلة رصيف 22.


10.      . نجاح السباتين، (الجلوة العشائرية)

11.      المحامي صلاح عبد العاطي، دور التربية في تعزيز السلم الأهلي، الحوار المتمدن


12.      المحامي صلاح عبد العاطي، السلم الأهلي ونبذ العنف في القانون الأساسي والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، الحوار المتمدن العدد 1469، 22/2/2006.

13.      التقرير السنوي للشرطة 2018.

14.      الموقع الرسمي للدكتور حسام الدين عفانة، أستاذ الشريعة في جامعة القدس.

15.      وكالة معاً الإخبارية.

16.      قاسم محمد داوود، العرف العشائري بدل القانون في العراق.1/8/2018.


17.      ريتا عيد، نشر وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان، من اجل السلم الأهلي، وكالة معاً الإخبارية.


18.      الدكتورة، وجدان الكري الجوانب النفسية المترتبة على الجلوة العشائرية، موقع عمون.

19.      مجدلين علان، الجلوة العشائرية "عقاب جماعي" برعاية رسمية.

20.      تعريف الدولة المدنية.

· تنويه. أينما ورد في الدراسة كلمة الجاني أو المجني عليه، أو ذوي الجاني والمجني عليه، هو أيضاً يعني الجانية أو المجني عليها، أو ذوي الجانية أو المجني عليها. وهذا ينسحب على كل ما ورد في الدراسة فيما يخص النوع الاجتماعي، إنما قصد به أينما ورد الرجل والمرأة على حد سواء.

[1]. للتفصيل أكثر أنظر/ي الدكتور،إدريس جرادات الصلح العشائري وحل النزاعات في فلسطين.(نابلس:جامعة النجاح الوطنية، 2014). ص 15 وما بعدها،وأيضاً. مركز المعلومات الوطني الفلسطيني. 
 
[2]. مركز المعلومات الوطني الفلسطيني. 

[3].رجل الإصلاح الحاج محمد فهد الأعرج، قرية السواحرة، محافظة القدس،مستشار الرئيس ياسر عرفات لشؤون العشائر، مقابلة شخصية، بتاريخ 9/1/2019

[4]. رجل الإصلاح، نواف زغارنة، ورشة عمل مركز إعلام حقوق الإنسان ولديمقراطية "شمس" حول (دور رجال العشائر في السلم الأهلي والمحافظة على النسيج الاجتماعي)، رام الله، 12/8/2015

[5]. للتفصيل أكثر انظر/ي نادرة شلهوب والدكتور، مصطفى عبد الباقي، القضاء والصلح العشائري وأثرهما على القضاء النظامي في فلسطين،(بيروت: جامعة بيرزيت - معهد الحقوق، 2003).

[6].الملتقى الفكري العربي،ورشة عمل حول (الدور الذي تلعبه القيادات العشائرية في تسوية النزاعات)رام الله، 17/9/2008.

[7]. تقرير للمحامية نادين نمري، بعد أربعين عاماً على إلغائه، لا يزال القانون العشائري حاضراً بقوة في الأردن، مقابلة مع هديل عبد العزيز، المديرة التنفيذية لمركز العدل للمساعدة القانونية، مجلة رصيف 22 

[8]. للتفصيل أكثر، أنظر/ ي، رجل الإصلاح محمد فهد الأعرج، الموجز في القضاء العشائري، 2002. بدون مكان نشر.

[9]. وكالة جراسا الإخبارية
[10]. محمد سالم ثابت، القضاء العشائري عند قبائل بئر السبع،(عزة: موقع أم الكتاب للأبحاث والدراسات الإلكترونية، بدون سنة نشر)، ص 140-141.

[11]. محمد سالم ثابت، مرجع سبق ذكره. ص 142.

[12]. المختار رجل الإصلاح، موسى كعابنة، مقابلة شخصية 4/1/2019.

[13].عليان الشافعي "أبو الرائد"رئيس لجنة إصلاح المركزية، طولكرم، وعضو مجلس عشائري فلسطين، مقابلة شخصية، 14/1/2019

[14]. وكالة جراسا الإخبارية
[15]. محمد سالم ثابت، مرجع سبق ذكره. ص 61.

[16]. الشيخ سالم ذويب، رجل إصلاح محافظة بيت لحم، مقابلة شخصية، 8/1/2019.

[17]. محمد سالم ثابت، مرجع سبق ذكره ، ص 140-142.

[18]. مناشدة من آل عوينة من قرية بيتر- محافظة بيت لحم إلى الفريق الحاج إسماعيل جبر مساعد القائد الأعلى للأمن ومساعدة الرئيس لشؤون المحافظات، جريدة القدس الأحد 9/12/2018، ص 2.

[19].الشيخ، محمود نهار سويلم المهداوي، الدستور تعاود فتح ملف الجلوة العشائرية وانعكاساتها على المجتمع، الأحد 12/7/2009


[20]. المحامي صالح كنيعان الفايز، الدستور تعاود فتح ملف الجلوة العشائرية وانعكاساتها على المجتمع، مرجع سبق ذكره.

 

[21]. عليان الشافعي "أبو الرائد"، مقابلة شخصية، مرجع سبق ذكره.

[22]. المحامي صالح كنيعان الفايز، الدستور تعاود فتح ملف الجلوة العشائرية وانعكاساتها على المجتمع، مرجع سبق ذكره.

[23] مناشدة من آل عوينة من قرية بيتر، مرجع سبق ذكره.

[24]. للتفصيل أكثر انظر/ي الدكتور، إدريس جرادات الصلح العشائري وحل النزاعات في فلسطين. (فلسطين: مركز وئام الفلسطيني لحل النزاعات، ومركز السنابل للدراسات والتراث الشعبي.ط1، 2000.

[25]. مناشدة، موجه من آل الشيخ فخذ آل عوينة من قرية بتير – محافظة بيت لحم، موجه للسيد الرئيس محمود عباس، من أجل العمل على عودتهم لقريتهم بعد أن أجلوا عنها، أثر اتهامهم بقتل مواطن من نفس القرية، حيث رُحل أكثر من (80) شخصاً من عائلة المتهم بالقتل. صحيفة القدس الأحد 2/12/2018. ص 1.

[26].الشيخ سالم ذويب، مقابلة شخصية، مرجع سبق ذكره.

[27]. الدكتور، إدريس جرادات، مرجع سبق ذكره.

[28].ممدوح نوفل،البحث عن الدولة،(رام الله:مواطن المؤسسة الفلسطينية لدارسة الديمقراطية، ط 1، 2000)، ص19.

[29].الدكتورة، هلغى باومغتن، من التحرير إلى الدولة: تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية 1948-1988،(ترجمة محمد أبو زيد)،(رام الله: مواطن: المؤسسة الفلسطينية لدراسات الديمقراطية 2006)، ص 57-58.

[30].دانة جبريل، حين يعلو العرف العشائري على القانون، 

[31]. المحامية صباح سلامة، ناشطة حقوقية ونسوية، رام الله، مقابلة شخصية،10/1/2019.

[32].المحامية زهرة الشرباتي، الدستور تعاود فتح ملف الجلوة العشائرية وانعكاساتها، مرجع سبق ذكره.

[33]. رجل الإصلاح الحاج محمد فهد الأعرج، قرية السواحرة، مقابلة شخصية، مرجع سبق ذكره.

[34]. المحامي صالح كنيعان الفايز الدستور تعاود فتح ملف الجلوة العشائرية وانعكاساتها، مرجع سبق ذكره. وأيضاً المختار رجل الإصلاح، موسى كعابنة، مقابلة شخصية، مرجع سبق ذكره.

[35]. عليان الشافعي "أبو الرائد"، مقابلة شخصية، مرجع سبق ذكره.

[36]. المحامي صالح كنيعان الفايز الدستور تعاود فتح ملف الجلوة العشائرية وانعكاساتها، مرجع سبق ذكره.

[37]. عليان الشافعي "أبو الرائد"، مقابلة شخصية، مرجع سبق ذكره.

[38]. صباح سلامة، مقابلة شخصية، مرجع سبق ذكره.

[39]. عليان الشافعي "أبو الرائد"، مقابلة شخصية، مرجع سبق ذكره.

[40]. للتفصيل أكثر أنظر/ي الدكتور،إدريس جرادات الصلح العشائري وحل النزاعات في فلسطين.(نابلس:جامعة النجاح الوطنية، 2014). ص 35 وما بعدها

[41]. نبيل الصالح، ما هي المواطنة،(رام الله: المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية، 1994)، ص 4-5.

[42]..قاسم محمد داوود، العرف العشائري بدل القانون في العراق.1/8/2018

[43]. تعريف الدولة المدنية، 

[44]. قاسم محمد داوود، مرجع سبق ذكره.

[45].آمال خريشة، مدير عام جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية، مقابلة شخصية، 14/1/2019.

[46].فريد إعمر، يطا– محافظة الخليل، محكم عدلي،مساعد محافظ الخليل للسلم الأهلي سابقاً، مقابلة شخصية، 15/1/2019.

[47]. آمال خريشة، مقابلة شخصية، مرجع سبق ذكره.

[48].أمين حمدان،مستشار المحافظ ومدير عام السلم الأهلي والعشائر في محافظة رام الله والبيرة،مقابلة شخصية، 15/1/2019.

[49]. هاني سميرات، مدير مؤسسة تعاون لحل الصراع، مقابلة شخصية، 17/1/2019.

[50]. فريد إعمر، مقابلة شخصية، مرجع سبق ذكره.

[51]. الدكتور عبد الرحمن ريحان، أستاذ القانون الخاص في الكلية العصرية – رام الله، مقابلة شخصية،17/1/2019

[52]. صحيفة القدس، الثلاثاء 11/12/ 2018. ص 4.

[53]. صحيفة القدس، الأربعاء 19/12/2018. ص 5

[54]. صحيفة القدس، الخميس 20/12/2018. ص 4

[55]. صحيفة القدس، الخميس 26/12/2018. ص 4

[56]. الموقع الرسمي للدكتور حسام الدين عفانة،أستاذ الشريعة في جامعة القدس.

[57]. رجل الإصلاح، أحمد محمد نجوم، أريحا، مقابلة شخصية، 20/1/2019.

[58]. نجاح السباتين، (الجلوة العشائرية)

[59]. عقد بمدينة الخليل مؤتمر بتاريخ 23/9/2017 بمبادرة من رجال الإصلاح والخير في المحافظة، مؤتمر عشائري جُرم فيه ما يسمى (بفورة الدم) عبر توقيع ميثاق في نهاية المؤتمر، وقد حضر المؤتمر حشد من وجهاء وممثلي العشائر في القدس والخليل وبيت لحم ووفد من مدينة نابلس. وقد جاء المؤتمر على إثر تكرار الاعتداءات على الممتلكات الخاصة لأبرياء تربطهم علاقة قرابة بالقاتل عقب عمليات القتل المتعمد أو غيره فيما يسمى (بفورة الدم). وكالة معاً الإخبارية



[60].مجدلين علان، الجلوة العشائرية "عقاب جماعي" برعاية رسمية. 
[61]. المحامية صباح سلامة، مقابلة شخصية مرجع سبق ذكره.

[62]. الحاج إبراهيم فواغرة (أبو عيسى)، رجل إصلاح، و رئيس مجلس قروي جورة الشمعة – محافظة بيت لحم، مقابلة شخصية، 24/1/2019

[63]. الدكتور، غازي صباريني،الوجيز في حقوق الإنسان، وحرياته الأساسية، (عمان: مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع، ط1، 1995)214 - 217.

[64].الدكتورة،وجدان الكري الجوانب النفسية المترتبة على الجلوة العشائرية،موقع عمون.  

[65]. المحامي صلاح عبد العاطي، دور التربية في تعزيز السلم الأهلي، الحوار المتمدن

[66]. المحامي صلاح عبد العاطي، السلم الأهلي ونبذ العنف في القانون الأساسي والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، الحوار المتمدن العدد 1469،  

[67].للتفصيل أكثر، أنظر/ي التقرير السنوي للشرطة 2018.

[68]. ريتا عيد، نشر وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان، من اجل السلم الأهلي، وكالة معاً الإخبارية.

[69]. وحيد جبران، وآخرين، حقوق المواطن،(رام الله: مؤسسة مفتاح، ط2، 2013)، ص 10-14.

[70].المحامية نادين نمري،الجلوة العشائرية في الأردن عندما يكون ذنبك أسم عائلتك.مجلة رصيف

[71]. تقرير حول الجلوة(انتهاك للحقوق الدستورية والمواثيق الدولية تحيل المواطنين إلى لاجئين في وطنهم الجلوة العشائرية..عقاب جماعي)، جريدة برندة، العدد السابع، 30/10/2013 ص 6.

 

[72].مي عليمات ومحمد الخصاونة، الجلوة العشائرية وما يرافقها من انتهاكات لحقوق الإنسان في الأردن،(عمان: مركز الحياة لتنمية المجتمع المدني)، ص 31-38.

[73].الدكتور عبد الكريم علوان، حقوق الإنسان،(عمان: مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع، ط1، 1997)، ص 69-70.

[74].__الإنسان وحقوقه في القانون الدولي،(الإمارات العربية المتحدة:مركز زايد للتنسيق والمتابعة، 2000)،ص 25 وما بعدها.

[75].الدكتور، الشافعي محمد بشير، قانون حقوق الإنسان،(المنصورة: مكتبة الجلاء الجديدة، 1992)، 228-229.

[76].الدكتور، هاني الطعيمات، حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، (عمان: دار الشروق، ط1، 2001)، 272 وما بعدها. وأيضاً الدكتور، غازي صباريني، مرجع سبق ذكره، 166 - 170.

[77].المحامي، سمير دويكات، الموجز في شرح أحكام قانون العمل الفلسطيني رقم (7) لسنة 2000. الحوار المتمدن  

[78]. الدكتور، محمد علوان، والدكتور محمد الموسى، القانون الدولي لحقوق الإنسان، الحقوق المحمية،ج2، (عمان: دار الثقافة للنشر والتوزيع،2014)، 266-268.

[79].الملتقى الفكري العربي، الدور الذي تلعبه القيادات العشائرية في تسوية النزاعات، مرجع سبق ذكره.

[80]. الأستاذ، فخري التركمان "أبو لؤي، عضو المجلس التشريعي السابق ورئيس لجان الإصلاح العشائري في محافظة جنين، مقابلة شخصية، 16/1/2019.

[81]. الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، جلسة حول (سيادة القانون والنظام العشائري)، 2/10/2016.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف