الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

هدير الضمير أزمة السير: أم أزمة الأخلاق؟!بقلم:ياسين عبد الله السعدي

تاريخ النشر : 2020-01-26
هدير الضمير أزمة السير: أم أزمة الأخلاق؟!بقلم:ياسين عبد الله السعدي
هدير الضمير
أزمة السير: أم أزمة الأخلاق؟!
ياسين عبد الله السعدي
أزمة السير قضية عالمية تعاني منها الدول حتى الفقيرة منها لأن المجتمعات كانت تؤسس بنيانها على أساس حاجتها الآنية التي تفرضها الظروف الوقتية. فقد كانت الأبنية متقاربة أو حتى متلاصقة لكي يسهل التواصل بينهم عندما يدهم أحدهم الخطر، سواء حدوث الكوارث الطبيعة أو المشاكل الاجتماعية، فيهب الجار لنجدة جاره ويتجاوب الحي كله مع نداء الاستغاثة.
نلاحظ هذه الظاهرة في المدن القديمة بشكل واضح؛ كما هو الحال في عكا بحيث لا تستطيع سيارة متوسطة الحجم أن تعبر الشارع، وأحيانا لا يتسع الطريق لأكثر من شخصين متجاورين وإنما كل شخص يسير بمفرده. وأذكر أن هذا الوضع يوجد في بلدة أبو سنان إلى الشرق من عكا.
والوضع نفسه يتكرر في المدن والبلدات الفلسطينية الأخرى؛ وخصوصا في الأحياء القديمة، كما نرى ذلك في البلدة القديمة في نابلس وجنين بالإضافة إلى القدس والخليل؛ حيث تكثر الطرق الضيقة.
حتى المدن والبلدات التي تطور فيها العمران فإن الأحياء القديمة تعاني من هذه المشكلة، ولذلك تلجأ البلدية إلى هدم العمارة التي تعرقل فتح شارع لتغيير حركة السير من أجل التخفيف من أزمة السير. أذكر جيدا عندما كنت طالبا صغيرا في جنين في خمسينات القرن الماضي أن الشارع العام في جنين والمار من قلب المدينة عبر دوار الشهداء، كان ضيقاً عند مكتب تكسي إكسبرس، حيث كانت تقوم عمارة قديمة تحتها قنطرة يعمل هناك المرحوم أبو عادل الأطرش ويقوم بإصلاح وتأجير الدراجات الهوائية، وكنا نستأجر الدراجة لمدة محدودة في اليوم أو ليوم كامل لكي نعود إلى القرية بعد الدوام المدرسي.
قامت البلدية بهدم تلك العمارة وبناء عمارة حديثة مكانها بعد التفاهم مع المالكين وتعويضهم؛ وهي التي يقع فيها ستوديو روزان إكسبرس ومحل بيع الزهور ومطعم، مقابل شارع النهضة. وقد قامت بلدية نابلس بالعمل نفسه إذ هدمت عمارة تتكون من أربع طبقات، كما نعلم، لكي يمر الشارع من موقع سكة الحديد القديمة مقابل جامع ومستوصف الرحمة، وتم تحويل الشارع الرئيسي الذي يعبر نابلس من جهة الشرق إلى الغرب وجعلته للدخول بينما صار الشارع الجديد للخروج، ومع ذلك ظلت أزمة السير قائمة في داخل المدينة وذلك لتزايد عدد المركبات، ولا بد أن الشيء نفسه حدث في غير ذلك من المدن.
تتفاقم أزمة السير في كل مكان لأن اقتناء السيارة صار من ضرورات الحياة، وخصوصا لأصحاب المهن من جميع التخصصات والتجار ورجال الأعمال، وحتى المعلمين حيث إذا ذهبت إلى مدرسة في المدينة أو القرية تجد الساحة مكتظة بالسيارات الخاصة لأن الناس تعودوا على استعمال السيارة.
المشكلة وحلها
المشكلة الكبرى التي تعاني منها المجتمعات العربية عامة، وعندنا في الضفة الغربية خاصة، هي (اغتصاب) الشارع نفسه وليس الرصيف فقط من قبل التجار، وهي نشر التجار بضاعتهم في الرصيف وفي الشارع أيضا بحيث يتحول الشارع إلى زقاق من الصعوبة أن تتجاوز فيه سيارة عن غيرها إذا اضطر سائق السيارة الأولى إلى الوقوف المؤقت.
بعض التجار يضع سيارته أمام محله في الشارع ولكن بعد أن يبعدها عن الرصيف مسافة ليضع بضاعته بين السيارة والرصيف وينشر على سقف السيارة بعض معروضاته. وأكثر من ذلك، عندما يكون المحل على مفترق شارعين حين يضع سيارته بعيدة عن الرصيف مسافة تزيد عن متر مما يعيق حركة السير بشكل كبير وقد يضع عائقاً كعربة يد أو سلماً أو كراتين فارغة أو مملوءة أو ما يسمى العبرية (مشتاح) غير ذلك.
في جنين بالذات يحجم كثير من الناس الذهاب إلى المدينة إلا لأسباب ضرورية؛ خصوصاً أيام السبت والأحد لكثرة سيارات الأهل من الداخل وتزايد سيارات المواطنين وازدياد حركة المشاة الذين لا يراعون أصول السير.
في بعض البلدان الأوروبية يطبقون قانون السير حسب الأرقام بحيث يخصص يوم لسيارات الأرقام الزوجية ويوم لسيارات الأرقام الفردية لتخفيف أزمة السير ومعالجة تلوث البيئة بسبب ما تنفثه عوادم السيارات.
الاستهتار أساس البلاء
وهي آفة العرب عموما؛ إذ نلاحظ أن الاستهتار بكل القيم والأخلاق تسود المجتمع حيث كثيرا ما يقوم بعض السائقين بالسير بعكس السير بالرغم من الإشارة التي توضح ذلك. وكثيرا ما يقف البعض في موقف ممنوع الوقوف فيه لدرجة أن ينزل من السيارة لقضاء حاجة في متجر أو صيدلية أو حتى مراجعة طبيب في الطبقات العليا من العمارة المجاورة مما يربك حركة السير ويشعل منبهات الصوت في السيارات (الزامور) وأحينا حدوث مشادات تصل حد الصراخ والسباب والشتائم مما يقود إلى الاشتباك بالأيدي أحياناً.
أذكر جيدا أنه في سبعينات القرن الماضي وقعت حادثة قتل على دوار الشهداء في نابلس، حين توقف سائق سيارة فولكس واجن فأطلق السائق الذي خلفه منبه السيارة فحدث بينهما تلاسن تطور إلى أن تناول السائق عصا غليظة من خلفه وأهوى بها على السائق الآخر فقتله، فكيف بنا اليوم وقد تضاعف عدد السيارات مرات ومرات وكذلك عدد السائقين وزاد عدد النساء السائقات بحيث، كما قيل لي، أن إحدى الفتيات كان من شروط الزوجة تعليم السياقة وشراء السيارة وهي ظاهرة لم تكن موجودة بهذه الكثرة قبل مدة قريبة.
الاستهتار نتيجة حتمية لتساهل المسئولين من البلدية أو الشرطة في ضبط الأوضاع بحزم لكي يحسب كل مخالف حساب العقوبة أو مصادرة البضاعة لمن يغتصب الشارع أو الرصيف وعندها، لن تجد مواطنا يتعدى على الشارع أو سائقاً يستهتر بقوانين السير أو صاحب عمارة لا يترك حيزا للرصيف أمام بنايته الجديدة ولا يلتزم بما تقرره البلدية في قانون البناء.
بصراحة: لو تمت مخالفة أمثال هؤلاء لاستقام الوضع ولكن فوضى الشوارع لا تقتصر على (اغتصاب) الشوارع والأرصفة ولكن الاستهانة بقوانين السير وعدم الاكتراث أيضا؛ لأن الذين يخالفون في السير أو في اغتصاب الشوارع يشعرون بغياب القانون وعدم العقوبات.
أزمة أخلاق بالدرجة الأولى
كان المرحوم محمد العواد، أبو جميل الحصان يعمل سائقاً لباص عمومي، وكان يضع أمامه فوق المرآة يافطة مكتوب عليها شعار: (القيادة فن وذوق وأخلاق)، فأين نحن من هذا الشعار (الجامع المانع)؟
صار فن السياقة عندنا بكثرة حوادث السير، وصار الذوق بالقيادة المعاكسة للسير والسرعة المجنونة، وصارت الأخلاق بقيادة السيارة وفتح المسجل والصوت بأعلى درجة، وأما الانتماء الوطني فصار بالغناء حتى باللغة العبرية، وخرق عادم السيارة (الأكزوسست)، أو تركيب عادم ذي فتحتين، والضغط على دواسة البنزين لإطلاق صوت مزعج في الشارع العام، أو بعد منتصف الليل لإزعاج من في البيوت القريبة من مرضى أو أطفال أو متعبين.
نشر في جريدة القدس يوم الأحد بتاريخ 2612020م؛ صفحة 13
[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف