الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

اللاكم والملكوم وما بينهما بقلم: عبد الرزاق دحنون

تاريخ النشر : 2020-01-26
يذكر الدكتور حسن محمد وجيه في كتابه القيّم (مقدمة في علم التفاوض الاجتماعي والسياسي) أن المدير الياباني يشجّع على إقامة تمثال من مطاط لشخصه الكريم يوضع في مكان ظاهر في الشركة، ويستطيع كلّ موظف حانق من أوامر المدير وتعليماته توجيه القدر الذي يريده من اللكمات إلى وجه المدير. وبذلك يُنفّس عما في داخله من غضب، فيشعر بالسعادة والمرح.

وفي لقاء مع ذلك المدير الملكوم سألناه: كيف تسمح لموظفيك بلكمك سبع مرات كل يوم؟ قال: ليس هناك ما يمنع من ذلك، وليس هناك أي شيء شخصي بيني وبينهم، فكل ما أريده من العاملين أن ينفذوا تعليماتي، وما داموا ينفذونها فأنا لا أُبالي حتى لو كان ما يريحهم أن يقفوا ليوجهوا عدة لكمات أو حتى رفسات لشخصي المطاطي.

أتساءل: ماذا لو نقلنا هذه التجربة إلى واقعنا العربي، كيف ستكون النتيجة؟ يُجيب أحد المتدربين عند الدكتور حسن محمد رجب قائلاً: نعم، أتصور أن يوافق الكثير من المسؤولين العرب على فعل الشيء ذاته، ولكن الفارق بينهم وبين قرنائهم اليابانيين أن المسؤول العربي سيبثّ الأعين والعسس لرصد كل من يقوم بلَكْمِ تمثال سيادته ليقوم معه (بالواجب اللازم).

هذه طريقة يابانية صادقة ويمكن من خلالها معالجة الاختلافات التي تنشأ بين الناس، فهذا المدير يريد من العاملين في شركته أن يقوموا بواجبهم واحترام قوانين الشركة، ويريد أن يصل معهم إلى حل تفاوضي مريح للجميع لا إلى حرب مستمرة مريرة. وما ينطبق على حالة المدير ينطبق على كل سياقات الحياة. والسؤال المطروح: كيف نصل إلى اتفاق دون حرب أو نزاع مرير؟

نستعرض في هذا السياق الآراء الواردة في واحد من أهم الكتب التي صدرت في هذا الشأن، للكاتبين روجر فيشر ووليام أري تحت عنوان (التفاوض من أجل إبرام الاتفاقيات)، وقد أفادنا الكاتبان أن الصراع والتناحر يبدوان وكأنهما صناعة آخذة في النمو في عالمنا اليوم، فالأطراف المتناحرة ترفض أن تُملى عليها القرارات والخطوات الواجب اتخاذها لفضّ النزاع، ولكن الطرق التقليدية التي اعتاد الناس على انتهاجها وتوظيفها في تفاوضهم في شؤون الحياة عادة ما تؤدي إلى الوصول إلى حالات من عدم الرضا واستنزاف الطاقات بلا طائل.

وفي حالة أي نزاع، سواء كان نزاعاً وخلافاً عائلياً، أو عقد ما، أو على اتفاقية سلام، أو صراعاً اجتماعياً سياسياً، أو حتى حرباً، أهلية أو طائفية، فإنه ليس من الصالح أن يقوم كل طرف بتبرير موقفه واستحضار الحجج والبراهين لإثبات مشروعية موقفه فقط، أي أنه من المتعين على كل طرف أن يتجنب تبني موقف مفاده: أنا المصيب على طول الخط، وهو المخطئ أيضاً على طول الخط، فمثل هذا الأداء التفاوضي لن يؤدي عادة إلى الوصول إلى حل النزاع بل سيزيد من تفاقمه، ومن ثم فلا بد أن تنتقل الأطراف من هذا الوضع إلى معالجة القضايا بقدر من النزاهة والعدالة وحرص على وجود جسور للتفاهم. إذاً، فكلما دافعتَ عن موقفك لمجرد الدفاع عنه، أصبحتَ عرضةً للتورط في الدفاع عن أوضاع خاطئة وغير نزيهة.

وبالعودة إلى كتاب الدكتور حسن محمد وجيه نجد أنه يؤكد أنه من المتعين علينا أن نتعامل فيما بيننا من منطلق مباراة التفاوض الرئيسية، وهي ما تعرف بتعبير (اكسب-اكسب) (win – win approach) وهي التي تجعلنا ندخل عملية التفاوض بعد أن نكون قد تعرفنا تماماً اهتمامات الطرف لآخر الرئيسية، لكي نأخذها بعين الاعتبار، للوصول إلى صيغة يكسب فيها الجميع بصورة واقعية.

وبتبني هذه المباراة علينا أن نتجنب المباراة الصفرية Zero-sum Gameاللاتفاوضية في حقيقتها، وهي التي تصل فيها درجة الصراع إلى تبنّي منطق تعامل مفاده: لا بد أن أجعل الطرف الأخر يخسر كل شيء، وأن أكسب أنا كل شيء، أي أن الأمر ينبغي أن يكون إما رفضاً مطلقاً، أو قبولاً مطلقاً: (إما قاتل أو مقتول).

قرار الدخول في مثل هذه النوعية الصفرية من التفاوض يمثل النقيض التام لأي محاولة إيجابية لإدارة الحوار التفاوضي اجتماعياً وسياسياً، فمفهوم المنافسة والمسابقة طبقاً لهذه النوعية من المباريات لا يكون عادة من خلال الاستعداد والارتفاع بقدرات الأداء التفاعلي ومهاراته، وبذل الجهد المطلوب لتحقيق الهدف بطريقة شرعية وإنسانية، بل إن الفوز عادة ما يتحقق طبقاً لتلك المباراة الصفرية من خلال تدمير الآخر وتشويهه، أي أنها مباريات قد تصل في تصاعدها إلى النقطة التي يتحول فيها الحوار إلى مباريات (ثقافة الإرهاب)، التي تحِلّ فيها عادةً لغةُ العنف والرصاص محلَّ لغة الحوار.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف