الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

المسلسلات التركية المدبلجة والمغالطات التاريخية بقلم:شيماء جناتي

تاريخ النشر : 2020-01-23
شيماء جناتي باحثة متخصصة في التصوف والثقافة جامعة عبد المالك السعدي كلية أصول الدين المغرب- تطوان
المسلسلات التركية المدبلجة والمغالطات التاريخية
تمهيد:
شهدت الساحة الفنية بالمغرب في السنوات الأخيرة اقبال كبير على مشاهدة المسلسلات التركية المدبلجة ، مما جل المشاهد العربي والمغربي على وجه الخصوص يصدق كل ما يبث على هذه القنوات التلفزيونية. و كثير من الدارسين يرون أن المسلسلات التركية المدبلجة بالدارجة المغربية تهدد الترابط الاسري، وليس فيها ضوابط شرعية في التعامل بين الجنسين، وفيها ميوعة واباحية، وبسببها تقع مشاكل عويصة بين الزوجين يمكن أن ينتج عنها عدة طلاقات في المجتمع المغربي، والممثلين في المسلسلات المدبلجة أغنياء ماديا فقراء معنويا في الاخلاق، وأغلبهم يعاني من الانفصام الشخصي وهذا اتضح جليا في مسلسل نور ومهند حيث نجد في مناطق نائية كان سببا في تفكيك بعض الاسر, والاتراك الجادين من مفكرين في تركيا يقولون أن هؤلاء الممثلين يجسدون واقعا على هامش المجتمع التركي وليس الواقع الفعلي، رغم أن الدراما التركية المدبلجة لها فاعلية كبيرة في ايصال رسائلها، وتمريرها بطريقة سهلة وهي تؤثر على قيمنا، وهويتنا الثقافية والدينية كنا نجد أيضا في بعض المسلسلات مغالطات تاريخية كبيرة مثال مسلسل قيامة ارطوغل .ويبدو أن قنواتنا التلفازية المغربية تصر على عرضها على المشاهدين، متحدين دفاتر التحملات، وتحذير الهيئة العليا للسمعي البصري غير ما مرة، ترى متى تعي هاته القنوات أن عرض المسلسلات المدبلجة بالدارجة المغربية يهدد منظومة الاخلاق عندنا كمغاربة هذا من جانب والجانب الاخر تمرير رسائل مضمرة تبين عنصرية الاتراك ومدى تزيف المخرج للحقائق التاريخية كما حصل في مسلسل قيامة ارطوغل وهو موضوع دراستنا .وقبل البدء لبد ان نشير ونحدد الجهاز لمفاهيمي الاجرائي ، الدي سأشتغل عليه في الموضوع المدروس ومن هنا لبد من فهم وتفسير العناصر المكونة لبنية البحث وهذا الامر يؤدي الى طرح مجموعة من الإشكاليات من قبيل:
_ تأثير المسلسلات التركية المدبلجة على المشاهد المغربي؟
_ بعض نماذج من المسلسلات المدبلجة التي مررت مغالطات تاريخية للمشاهد قيامة ارطوغل أنموذجا؟
أولا: تأثير المسلسلات التركية المدبلجة على المشاهد المغربي.
كثير من الدارسات ترى ان المسلسلات والأفلام التركية المدبلجة بالدارجة المغربية ،تهدد الترابط الاسري ، وفيها ميوعة واباحية وبسببها تقع مشاكل كبيرة بين الزوجين مما تؤدي الى الطلاق دخل المجتمع المغربي .وبصفتي باحث في الثقافة والادب التركي أرى انا هؤلاء الممثلين من خلال عرض هذه الأفلام يجسدون الواقع المضمر او الهامشي لتركيا وليس الواقع الحقيقي حيث نرى في عرض لجل الأفلام انا الشعب التركي لا يعرف مشاكل وهو شعب رومانسي بامتياز، حيث نجد قصص الحب والغرام والعشق حاضرة بقوة في المسلسلات المدبلجة مثلا نجد أول مسلسل عرض مدبلجا على قناة دوزيم مسلسل اكليل الورد سنة2008والذي حاول من خلاله المخرج ان يرسم قصة عشق بين فتاة فقيرة تنتمي الى اسرة ضعيفة الحال وشاب وسيم يمتلك أموال طائلة وشركات وغيرها من الممتلكات. فالقصة في هذا المسلسل لواردنا الحديث عن اثرها السلبي على المشاهد المغربي سأستند الى المنهج الثقافي باعتبار هذا المنهج يبحث عن المضمر بدلا عن سؤال الدال وسؤال الاستهلاك الجماهيري بدلا عن سؤال النخبة المبدعة، وسؤال التأثير الذي ينصب على ثنائية المركز والمهمش، او ثنائية المؤسسة والمهمل، أو سؤال العمومي والخصوصي وبعبارة أخرى طرح أسئلة مركزية ودقيقة. او الاهتمام بالمضمر الثقافي ، بدلا عن الاهتمام بالدوال اللغوية ذات الطبيعية الحرفية او التضمينية، ولكن المضمر في المسلسلات التركية لا يعرفه كل المشاهدين حيث مثلا المشاهد العادي يضن ان الشعب التركي من خلال عرض المسلسلات التركية المدبلجة انه شعب رومانسي عاشق الامرأة ولكن المتفحص والباحث الذي يعمق النظر سيجد ان المسلسلات التركية في النهاية او الحصيلة ، هي استهداف مباشر للقيم الأصيلة التي تربينا علبيها منذ الصغار هذه المسلسلات ماهي الا محاولة مقصودة لترجمة الفحش الى الدارجة لكي يستطيع كل افراد المجتمع.
 يقول ذ. عبد الرحمان الداكي وهو طالب باحث في الماستر شعبة العلوم السياسية بسطات : المسلسلات المذبلجة استهداف صريح ومباشر للقيم الاصيلة التي تربينا عليها مند الصغر المسلسلات المذبلجة محاولة مقصودة لترجمة الفحش والقيم الهجينة الى الدارجة لكي يستطيع كل افراد المجتمع ابتلاعها بسهولة اعلامنا أصبح يشارك في عملية تخريبية وحرب هدفها تحرير المواطن المغربي من الاخلاق والدين وتشبعه بالمادية التي تنبني على تركيبة الانسان الحيوانية فقط عملية ممنهجة غايتها سحق انسانية المواطن، وجعله الة تستهلك الرذيلة كي تنتج مجتمعا شهوانيا، ماديا لا يعترف بالعقل والقيم،م جتمع ميت لا يخضع لرقابة الهاجس الاخلاقي، وقواعد النظام العام. ويضيف: قمت بدراسة حديثة حددت فيها وقلت المسؤول الاول عن تردي الإعلام الوطني يدين بالأساس الى المعهد العالي للاعلام حيث تعتبرالفرنكفونية (استراد المواد الغربية من افلام ومسلسلات و اغاني)التي يتبناها في تكوين الاعلامين سبب في تدني مستوى الإعلام وتنحيه عن المسار الذي أنشئ من أجله الا وهو ترسيخ قيم الحداثة وحرية الاختلاف ومساءلة الحقيقة في أحداث وشؤون ساخنة تهم واقع الشعب اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا ليواكب المواطن مستجداتها وتورطه في تحمل المسؤولية كمواطن فاعل ومسؤول عن مواطنته. فالثقافة الاعلامية الممزوجة بالاستفزاز االمقصود للقيم التي تربينا عليها من خلال تنظيم السهرات الليلية التي تستفحل فيها مظاهر المجون والفساد (الخمر وممارسة الجنس داخل قاعات الدرس المعدة للتكوين) يعكس الاستهداف الذي يتربص بالمجتمع المغربي من خلال نشر القيم الفاسدة داخله وضرب القيم الاصيلة من خلال ترسيخ ثقافة الانفتاح الغير مرغوب فيه الإعلامي الغد وثوريتهم مظاهر الانحلال الاخلاقي لينشروها في المجتمع وهذا امر شكل خطرة على واقع المشهد الإعلامي المغربي.
ثانيا : بعض نماذج من المسلسلات المدبلجة التي مررت مغالطات تاريخية للمشاهد قيامة ارطوغل أنموذجا؟
كما اتضح جليا من خلال مشاهدة مسلسل قيامة لأرطغل في معظم الحلقات، على إظهار التفوق المستمر من جانب الأتراك، على أعدائهم من الفرسان الصليبيين، وعلى الأخص فرسان الهيكل، ففي كل حلقة يقوم ارطوغل ومعه أصدقاؤه الثلاثة بالانتصار على مجموعات متتالية من الفرسان الصليبيين، الذين يفوقونهم عدداً وعدة. هذا الخط الدرامي، المتكرر في المسلسل، يطرح سؤالاً تاريخياً هاماً، وهو هل حقاً كان فرسان الهيكل بهذا الضعف أمام أقرانهم من الأتراك؟ في الحقيقة، فإن المصادر التاريخية الإسلامية والصليبية، تكاد تجمع على التأكيد على قوة وحنكة فرسان الهيكل، فقد لعب هؤلاء الفرسان دوراً رئيساً في الانتصارات التي حققها الصليبيون في الحملات الصليبية الأولى، وكانوا يشكلون رأس حربة الجيوش الأوروبية في ذلك الوقت، إلى الدرجة التي جعلت الجميع ينظر إليهم على كونهم يمثلون القوة الفدائية والانتحارية القادرة على إلحاق أكبر الهزائم والخسائر بالأعداء. ومن بين الأمور التي صعبت من قتالهم، أن عقائدهم الدينية كانت تحرم عليهم الانسحاب أو التراجع، وبالتالي لم يُعرف عنهم الاستسلام في الحروب مهما كانت الظروف المحيطة بهم. في كتابه المهم (فرسان الهيكل)، وصف المؤرخ البريطاني ستيفن هوارث، قوة وشجاعة فرسان الهيكل، واستعدادهم الدائم لقتال من اعتبروهم أعداء للمسيح، بقوله "كان فرسان الهيكل مستعدين ومسلحين في أي وقت من النهار أو الليل قد يُطلبون فيه، سواء للقتال أو لمصاحبة المسافرين، وحين يطاردون العدو، لا يسألون كم عددهم، ولكن فقط يسألون أين هم". التأكيد على شجاعة هؤلاء الفرسان، لم يقتصر على المؤرخين الغربيين، بل إن أحد الأمراء المسلمين الذين شاركوا مراراً في قتال الصليبيين، قد اعترف أكثر من مرة بقوة وبسالة أعدائه، ففي كتابه الاعتبار، اعترف الأمير المسلم أسامة بن منقذ (ت. 584هـ)، بتفوق الفرسان الصليبيين عليه في بعض المرات، وكيف أن شجاعتهم ومهاراتهم القتالية كانت مضرباً للأمثال وسط الجنود المسلمين. ولكن رغم نجد اقصاء بطولتهم وشجاعتهم من المسلسل وإعطاء الشرعية الى العنصر التركي مما يؤكد عنصريتهم .
ففترة الحروب الصليبية التي شارك فيها الأتراك والعرب والأكراد والفرس، تقدم في قيامة ارطوغل على أنها شأن تركي فقط وهذا خطا كما تأكد ذالك المصادر التاريخية فقيامة ارطوغل محاولة لإضفاء الشرعية الدينية والروحية على ارطوغل، ومنه على بداية العثمانيين, من خلال المسلسل تبينت النزعة العرقية التركية وذلك بالتركيز على الأتراك، و تجاهل المغول وتهميش الأكراد والعرب واقصاء ادوارهم التاريخية المشهود لها في المصادر التاريخية .
من الأمور التي ينبغي الالتفات إليها في المسلسل قيامة ارطوغل ، تركيز صانعيه على تمجيد العرق التركي، ومحاولة تهميش بقية الأعراق التي كانت متواجدة على مسرح الأحداث حينذاك. المسلسل الذي استهدف في المقام الأول، سرد البدايات والإرهاصات التاريخية لظهور وتأسيس الدولة العثمانية، ابتدأ قصته بالتعرض لقبيلة قابي التركية، وهي القبيلة التي تزعمها ارطوغل بن سليمان شاه، وانحدر من نسله بعد ذلك باقي سلاطين الدولة العثمانية. بحسب المصادر التاريخية، فإن قبيلة قايي كانت واحدة من ضمن أربع وعشرين قبيلة تركية أخرى، شكلت فيما بينهما ما عُرف تاريخياً باسم شعب الأوغوز، وهو بدوره شعب تركي العرق. المسلسل حاول بقدر الإمكان، التأكيد على الدور الذي لعبته الشعوب التركية في المنطقة، ولذلك جعل من قبيلة قايي، محور الاهتمام الأكبر في المسلسل، كما أنه وفي الوقت نفسه، قد حرص على إظهار العلاقات الممتازة التي ربطت ما بين تلك القبيلة الصغيرة من جهة والإمبراطورية السلجوقية من جهة أخرى، والسبب في ذلك أن السلاجقة، هم في حقيقة الأمر من الشعوب التركية، التي ترتبط بصلات الدم والعرق بقبيلة أرطغل. من هنا، نستطيع أن نفهم السبب الذي جعل صانعي المسلسل، يتجهون لتزويج أرطغل، من حليمة خاتون، والتي أظهرها المسلسل في صورة أميرة سلجوقية عالية المقام، ترتبط بقرابة مباشرة بالسلطان علاء الدين كيقباد، وهو الأمر الذي لم تذكره المصادر التاريخية من قريب أو بعيد. تلك القرابة المزعومة التي اختلقها مؤلفو المسلسل، سوف تكون فيما بعد أحد مصادر التأكيد على شرعية الدولة العثمانية، لأن عثمان الذي كان ابن كلّ من أرطغل وحليمة، سوف يُصور على كونه الوريث الشرعي للدولة السلجوقية المتداعية، وفي نفس الوقت على كونه القائد الذي اختلطت في عروقه دماء النبل السلجوقي الملكي مع دماء الفتوة التركية القبلية. في السياق نفسه، فإن المسلسل قد حاول بشتى الطرق، اجتناب الحديث عن المغول، وذلك رغم أن السبب الرئيس في تهجير قبيلة قايي، ومغادرتها لوطنها الرئيس في أسيا الوسطى، وتوجهها للبحث عن وطن جديد في أسيا الصغرى، كان بسبب الغزوات المغولية الكبرى التي وقعت في أوقات مختلفة ما بين القرنين الحادي عشر والثالث عشر الميلاديين. السبب في تجاهل الدور المغولي في أحداث المسلسل، يكمن في العلاقات التاريخية والعرقية الوطيدة التي تجمع ما بين الأتراك والمغول، حيث تذهب الأدبيات التاريخية، إلى اعتبار أن الفريقين ينحدران في الأساس من عرق واحد، حتى قيل إن الترك لم يسموا بذلك الاسم، إلا لكونهم قد تركوا قبائل يأجوج ومأجوج المغولية وحدها وذهبوا للصيد، في الوقت الذي قام فيه ذو القرنين ببناء سور حولهم، وذلك بحسب ما يذكر ابن إياس الحنفي في كتابه بدائع الزهور في وقائع الدهور. من النقاط التي ينبغي الإشارة إليها أيضاً، أن المسلسل قد اختار –عن عمد-أن يتجاهل دور ورثة صلاح الدين الأيوبي في بلاد الشام، فلم يتطرق إلى دورهم في الأحداث، واكتفى المسلسل بالحديث عن دور حلب وحدها، لأن حاكمها في تلك الفترة التاريخية كان من التركمان. تجاهل المسلسل للأيوبيين الذين ينحدرون من أصول عرقية كردية، يمكن تفسيره بالعداء القائم حالياً ما بين السلطة التركية من جهة والأحزاب والجماعات السياسية الكردية من جهة أخرى، وهو العداء الذي استتبعه محاولة لتقزيم دور الأيوبيين التاريخي في الحروب الصليبية، وتوجيه دفة السردية الدرامية لتتركز على الأتراك وحدهم. وكما حاول المسلسل تهميش الأكراد، فإن صانعيه قد عملوا أيضاً على تهميش العنصر العربي بشكل شبه كامل، فلم يُظهروا المكون السكاني العربي في المدن التي ظهرت في المسلسل، وابتعدوا عن تبيان أي دور للعرب في الصراع السياسي الذي دار في المنطقة.قيامة ارطوغل" يحيّد دور جميع العرقيات المسلمة، ليقدم العنصر التركي في دور المدافع الحقيقي عن الإسلام ضد الصليبيين ويقصي دور العرب وذلك من اجل تمجيد العنصر التركي.وهكذا حاول المسلسل، تحييد دور جميع العرقيات المسلمة التي تواجدت في المنطقة في تلك الفترة التاريخية العصيبة، وتم التركيز على العنصر التركي، وقبيلة قايي تحديداً، بهدف إظهارها على كونها المدافعة الحقيقية عن الإسلام القويم، وأنها هي التي حملت راية الجهاد ضد الصليبيين، وذلك رغم أن أغلبية المصادر التاريخية تكاد تجتمع على أن تلك القبيلة لم تدخل في الدين الإسلامي إلا بعد وصولها لأسيا الصغرى، وأنها كانت في موطنها الأصلي في أسيا الوسطى، تعتنق مجموعة من العقائد والأديان الوثنية المنتشرة ما بين الشعوب التركية في ذلك الوقت.هل وقع اللقاء ما بين أرطغل وابن عربي؟
واحدة من أهم وأكبر المغالطات التاريخية التي ظهرت في مسلسل قيامة أرطغل، كانت قصة لقاء القائد التركي بشيخ الصوفية الأكبر محي الدين بن عربي. المسلسل أكد على وقوع اللقاء ما بين الرجلين في بلاد الشام، وذلك أثناء ترحال أرطغل للبحث عن موطن جديد لقبيلته، ولم يتم الاكتفاء بذلك، بل ظهر ابن عربي وكأنه المرشد الروحي لأرطغل، بحيث رجع إليه الأخير قبل كل تصرف مهم، واستشاره كذلك في العديد من المواقف والصراعات، كما أن الشيخ الصوفي قد ظهر دائماً في صف الأتراك ضد أعدائهم. تؤكد المصادر التاريخية الكثيرة التي ترجمت للشيخ الأكبر، على أن ابن عربي قد ترك الأندلس في نهاية القرن السادس الهجري، راحلاً إلى المشرق، ابتغاء للحج وزيارة البقاع المقدسة، وأنه استمر في رحلته تلك لمدة تزيد عن العشرين عاماً، زار فيها بلاد الشام والحجاز ومصر وبلاد المغرب وأجزاء من الأناضول. في عام 606هـ/ 1210م تحديداً، تحدثنا المصادر التاريخية، بأن ابن عربي قد توغل في منطقة الأناضول، وذهب إلى مدينة قونية، حيث التقى فيها بالصوفي الشهير جلال الدين الرومي، وعاش هناك في ضيافة السلاجقة الذين رحبوا به وأكرموا وفادته، ثم ما لبث أن قفل راجعاً إل بلاد الشام مرة أخرى، بعد أن مر بأرمينيا وبغداد وبلاد الحجاز، ثم زار حلب لبعض الوقت، قبل أن يستقر في مدينة دمشق حيث قضى بها ما يقرب سبعة عشر عاماً، وتوفى بها في عام 637هـ/ 1240م. السؤال هنا، ما هو المكان الذي يمكن أن يتصادف فيه وقوع اللقاء ما بين الرجلين، خصوصاً أن المصادر التاريخية التي تناولت سيرة كل منهما، لم تذكر قصة ذلك اللقاء على الإطلاق. المسلسل أظهر أن اللقاء وقع في حلب، في بداية رحلة أرطغل للبحث عن مأوى، وهو ما تذكر المصادر التركية حدوثه، في الأعوام الأولى من ثلاثينيات القرن الثالث عشر الميلادي، ولكن إذ ما رجعنا لسيرة ابن عربي لتأكدنا أنه في تلك الفترة تحديداً، قد كان مستقراً في دمشق وليس حلب، وأنه لم يخرج منها بعد أن دخلها للمرة الأخيرة، فإذا ما أضفنا لذلك أن أرطغل لم يصل إلى دمشق نفسها، فيتأكد لنا استحالة حدوث مثل هذا اللقاء ما بين القائد التركي والشيخ الأندلسي. وقد يثار سؤال هنا، عن السبب الذي حدا بصانعي المسلسل لاختلاق قصة ذلك اللقاء، وحشرها حشراً داخل السياق الدرامي للمسلسل، طالما أنه لا يوجد تأكيد على وقوعها؟ الإجابة على ذلك السؤال، تستلزم مراجعة الأنماط الدينية المنتشرة في تركيا، فالباحث في تاريخ الأتراك، سيجد أنهم قد تأثروا كثيراً بالأفكار الصوفية التي طرأت عليهم من الشرق والغرب الإسلاميين، ومن ثم فقد كانت محاولة صانعي المسلسل لربط خُطى أرطغل الأولى بتوجيهات ابن عربي، هي في حقيقة الأمر محاولة لإضفاء الشرعية الدينية والروحية على تاريخ أرطغل، وتاريخ خلفائه من السلاطين العثمانيين، وهو ما يصب في النهاية لتمجيد الخلافة العثمانية ورفع مقام.ما أريد أن أقوله أن مسلسل قيامة أرطغرل ومسلسل السلطان كوسيم ليسا سوى محاولة لاستدعاء التاريخ لمعركة الحاضر من قبل الفرقاء السياسيين سواء المحافظين أو العلمانيين المتطرفين
تركيا، حيث يدعم التيار المحافظ الحاكم مسلسل عودة أرطغرل، لدرجة زيارة رئيس الجمهورية موقع التصوير، وتحيته للفنانيين، وذلك في حين يدعم المعارضون العلمانيون سلسلة القرن العظيم، والتي منها مسلسل السلطانة كوسيم؛ لم لا، وصاحب شركة الإنتاج هو راعيهم أضن دوغان إمبراطور الإعلام التركي وأعدى أعداء حكومة العدالة و التنمية المحافظة؟!
وفعلا، كان الأمر كما توقعت في مسلسل عودة ارطوغل، سواء بجزئه الأول، أو ما تم عرضه من الجزء الثاني، حيث كان محتوى المسلسل محافظا جدا، ركز على القبيلة التركية المهاجرة في بلاد الشام والتي تريد الاستيطان شمال سوريا وتصطدم بما تبقى من قلاع للصليبيين في القرن السابع الهجري، وركز المسلسل على إضفاء الطابع الديني للصراع مع الصليبيين الذين أسروا مسلما تركمانيا من قبيلة كيالي (قبيلة ارطوغل بطل المسلسل ووالد عثمان الذي أسس الدولة العثمانية) اسمه تورغوت، ثم ضغطوا عليه ليتنصر، وعندما رفض، سحروه ونصروه. وكذلك ركز المسلسل على إبراز التسامح الإسلامي متجسدا في ابن عربي الحاتمي الذي يعفو عن جندي صليبي حاول قتله وسرقته مما يجعله يدخل الإسلام، بل إنه يستشهد ويكون سببا في فتح المسلمين لقلعة الصليبيين الحصينة، وذلك لأنه يراسل المسلمين الأتراك بالحمام الزاجل ويعلمهم عورات الصليبيين.
بالغ المسلسل في إظهار الطابع الصوفي للأتراك، فلا توجد حلقة إلا وفيها تذكرة أو موعظة من ابن عربي تدعو إلى المحبة و التسامح، بينما كان الصليبيون يستميتون في قتل وتعذيب الأسرى المسلمين ومحاولة تنصريهم. وركز المسلسل بشكل عام على إبراز القبيلة التركية كحامية لحمى الإسلام والمسلمين وحائط ضد الصليبيين الذين كانوا يتآمرون أملا في احتلال مدينة حلب وضمها للإمارات الصليبية كأنطاكية وعكا وطرابلس.
نتائج الدراسة :
_ المغالطات التاريخية في المسلسلات التركية والانحياز الى العنصر التركي مما يولد ثقافة العنصرية في الشعب التركي .
تميز المسلسلات التركية بإخراج جيد ومناظر طبيعية خلابة، ويجري تصويرها في إنشاءات فارهة وجميلة وبأزياء وموسيقى جذاب وذلك من اجل التأثير ذوون النظر في الحقائق المضمرة .
وتستعرض علاقات اجتماعية وأحداثا مثيرة تمتد بين الوفاء والخيانة والأمانة والغدر والإيثار والأنانية والقناعة والنهم، وغيرها من المتناقضات السلوكية التي تشد انتباه المشاهد وتقدح غرائزه ليحب شخصية ويكره الأخرى، ما يدفعه لمتابعة حلقات المسلسل وانتظار النتائج للتحقق من صحة توقعاته لما سيحدث في الحلقات القادمة وهذا ما تجلى بوضح في مسلسل قيامة ارطوغل .
وكل ذلك عوامل مساعدة على شهرة هذا النوع من المسلسلات، إضافة إلى ما يتمتع به أبطال تلك المسلسلات من مواصفات الوسامة والجمال والرومانسية والوفاء، جعلت منهم نماذج للعشاق، وأشبعت ما هو مفقود في العلاقات العاطفية للكثير من المشاهدين في المغرب
الكشف عن حقائق المسلسلات التركية وبيان المضمر فيها .

بقلم الباحثة شيماء جناتي
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف