الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الراقصة تحت المطر بقلم:رشا رياض المصري

تاريخ النشر : 2020-01-22
في إحدى ليالي كانون قارصة البرودة التي نَبَهَ الاعلاميون من إنخفاض درجة الحرارة إلى ما دون الصفر وهطول الأمطار بغزارة، ابتسمت لمياء للخبر كان من أكثر الأخبار السارة لمسامعها،وما إنّ بدأت السماء تختفي بسُحبٍ كثيفة، وتلفظُ تلك السُّحب ما بداخلها أمطاراً سخية حتى صرخت لمياء وقفزت إلى النافذة المُغلقة جيداً في غُرفة الجلوس وفتحتها لتمتد يديها إلى السماء وتصرُخ كالمجانين، المطر يهطل بشدة والعائلة في الداخل تتسلح من المنخفض القادم الذي يبدو لهُم كجيش مُستعد للهجوم بأي وقت،يتسلحون بالملابس والجوارب الصوفية، الجميع يلتف حول المدفأة هلعاً من صوت الرياح في الخارج، باستثناء لمياء جسدها يرتعش أمام النافذة التي وبختها جدتها للمرة الثالثة لتقوم بإغلاقها، وفجأة تسحُب لمياء معطفها من الدُّرج السُّفلي في غُرفتها وتهرُب إلى الباب لتفتحُه وتخرُج، دقائق قليلة حتى أصبحت لمياء واقفة بالمنتصف تحت زخات المطر ترقُص دون أن تشعُر بنفسها جسدها ينتفض،أطرافها توقفت ولم تعُد تشعُر بها،لمياء لم تعُد لمياء،وقطرات الماء الباردة ما عادت هِيَ، ليست تِلك القطرات التي تدفع الناس لإغلاق الأبواب والتّعلُق بالمدافئ وإعداد الأكواب السّاخنة،أصبحت وكأنها اللحن الموسيقيّ المُفضل للمياء،رائحة العطر الأكثر جاذبية لديها،فقدت لمياء حواسها الخمسة تحته وما زال قلبها ينبض هُناك يُقيم حَفلاً مجنوناً داخل قفصها الصدري،إلى ان أيقظ سمعها بغثةً وبعُنف صوت بُكاء طفل هُناك في أحد الزقاق الباردة، شعرت بنفسها عندها شعرت بالبرد يتسلل إلى عظامها،جسدها أصبح إسفنجة في قاع بئرِ مليء بالماء، أقتربت من الصّوت قليلاً بخطوات دافئة، كالدفئ الذي يمكُث في روحها رغم ارتجاف جسدها، تقترب لتكون معطف منسوج من خيوط الحُب لطِفلٍ افترسهُ ليلٌ بارد بأنيابه الحادة
شدت بقبضتا يديها المبتلتان على يديه الصغيرتان استطاع أن يشعُر بالدفء رغم تجمد يديها، توقف جسدهُ عن الارتجاف،وجفت الدموع على خده مُبتسماً،وقال: أُمي....، ما بها؟(قالت لمياء) رد عليها: لا أعلم أين ذهبت وتركتني هُنا وحدي، جلست معهُ تحت المطر المُنهمر لساعات دون سأم دون أن يفترسها الليل بأنيابه،دون ان تختبئ تحت المظلات لتهرُب من عساكر جيش العدو التي تهطل من السماء -كما يراها البعض- هي تستمع لموسيقاها المُفضلة تنتشي روحها بعطرها الافضل على الاطلاق،تُلقى بمعطفها على جسد الصغير بلُطف وتكتفي بالمدفأة الموقدة في قلبها، مضت ثلاث ساعات ولم يشعر الطفل ببرودة الطقس إلى جانب لمياء إلي جانب مدفأته البشرية،استطاع حرّ روحها أن يصل إلى جسده وينفُث بهِ الطُّمأنينة، مدفأته البشرية التي علمتهُ أن ما بداخلنا ينعكس على هيئة شعور يختلجنا،إما ذاك الدفء أن يُسطر على جسدنا ليجعلُهُ بلا شعور ليهوي بنا إلى الجنون لِلرقص تحت المطر،لترتفع يدانا إلى السماء لندعو ربّ المطر، لنلمس غيمة لتبتل بها ارواحنا حد الارتواء،كما فعلت بأرضٍ جذباء فأحيتها،ليتفاقم الأمل بداخلنا، لتكون تلك الرّوح رداءاً شتويّاً باهض الثمن الذي يتسع أن يكون غطاءً لمئة شخص في آنٍ واحد،أن يُصبح مغناطيساً جادباً قادراً أن يجذب فقيراً إلى دفئك،طفلاً صغيراً إلى كوخٍ آمن صُنِعَ بِحُب بمُحاذاة قلبك، قادر ان يحتوي ما حولهُ بلُطف، وإما ان تسكُن في عُمقك تلك البرودة القاسية، ليصل صوت الرياح إلى أُذنك كوحشٍ بأنياب، وترى الليل سرداب مُعتم وأن ترى أعشاش العنكبوت في قلبك، وترى النوافذ المُغلقة والأبواب المؤصدة زنزانة تحبس روحك الحُرة، ان لا تستمع لجنون افكارك،ولا تشعُل قناديل روحك لتنير لكَ طريق حدسك المُبهم، أن تنعث الشتاء بفصل الخوف ولا تُدرك أن القلق هناااك.. في روحك،ولا تسعى أن تُضيء عتمة طفل،وتُوقد النار لبرد مِسكين، وتُطعم فقيراً حساءاً دافئاً أعددته على مدفئة قلبك، أن تسقيه كُوباً ساخناً من أعشاب الحُب التي سقاها الغيث في روحك....
ثُمَّ يعود الطِّفل إلى أُمه مسروراً دافئاً،وتعود لمياء إلى المنزل لتوبخها والدتها وتقول: ستُصابين بالزكام وسَتمكُثين في فراشك ليالٍ طوال بأفعالك السّخيفة هذه،أفعالي السّخيفة تُنقذ روحي من السقوط في القاع مئات المِترات،تجعلني سعادةً عارمة لأحدهم، فلا بأس ببعض السُّعال في سبيل أنّ أكون أنا هيَ أنا ويراني الجميع كما أنا،ان يرى تفاصيل روحي فيبتسم،أنا أُمارس طقوسي المجنونة كما أشاء ليأتي عابراً فيرى من خلالها حياة....

الشتاء لا يحتاج إلى إلى سترة باهظة الثمن يا أمي،ولا إلى قصرٍ تملئه مظاهر الترف، ولا إلى مظليات ملونة في الطُّرقات تحجب حبات الخير عن رؤوسنا، يحتاج إلى شخص يبتل تحته ويبتل شخص أخر لأجله، تحتاج أن يسكُب الحساء الدافئ في أرواحنا لا في الإناء،كعناق أُم لولدها، كرسالة ورقية بعد شهور إنتظار،كيدٍ تربت على جسد مُتعب، كحُزن غيبته كلمة جميلة، تلك التفاصيل الصغيرة كفيلة بليالي كانون وطولها....
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف