من يوقظ المثقف الداعم للتظاهرات بلا شروط وينبهه الى الجريمة التي يرتكبها؟
صائب خليل
هذا "القيادي" في هذا الفيديو، سيكون لرأيه في الحكومة المقبلة، وشكل النظام، وحتى ما يجب ان يتغير في الدستور، وزن أكبر بكثير من مئات اساتذة الجامعات وآلاف من خريجي الكليات وربما مئات الآلاف من الناس..
هذا لا يقلق من يدعم التظاهرات بحماس جنوني لم يسبق لي ان رأيت مثله في حياتي.. حيث لا يسمح لأي معلومات ان تدخل لذهنه إلا لكي تبحث عن طريقة لردها.. حالة "جرأة" وحماسة فاقت كل تهور رأيناه في الماضي..
الآن تنشغل النخبة الداعمة بطريقة لتفسير وتلميع هؤلاء وتبحث عن طريقة لتضع بها الحقائق بشكل "مناسب" لحلمها، حتى لو وضعتها على راسها.
قبل قليل رأيت منشوراً لأحد مثقفي التظاهرات يلقي باللوم على من وضع صورة المهندس في الشارع، وليس على من قام بتمزيقها، ويتهمه بأنه كان يقصد ان يستفز المتظاهرين ليحدث فتنة!
لكن ليس من الغريب ان نرى مثل هذا المنطق المخجل بعد ان شارك جميع من اعرفهم من مثقفي الجانب الآخر بسخافة اتهام إيران بحرق قنصليتها لخلق الفتنة! حتى صار استعمال هذه الفرضية السخيفة الاحتمال، وكأنها حقيقة ثابتة يتم الانطلاق منها لتحليل بقية الأمور! إنها أكثر امثلة القاء اللوم على الضحية سخريةً رأيتها في حياتي!
والآن جاء الدور لتقديم صورة الطفل الجاهل المتخلف غير المتعلم والمنتفخ خيلاءاً بـ "وعيه"، على انه ايقونة!
"الوسخ" لم تطلق على شخص توسخ جسمه.. انما على حالة من التخلف المؤلم لطفل القت به الظروف - ظروف سفلة الحكومة التي طالما كتبنا ضدها - ليكون في هذه الحالة..
ولا تكتفي فرق المدافعين عن هذه الحالة بتقليل اهمية ذلك التخلف، بل تؤكد الفخر بكلمة "الوسخ"، بعد ان جعلتها مساوية لـ "فقير" فتضعها إلى جانب الفاسدين من الحكومة لكي تبدو بيضاء.. وذهب البعض الى التذكير بـ "البروليتاريا".. وبعد شوية يصيرون رمز يسعى اليه الجميع ويفخر اي عراقي ان يسمى "الوسخ"، بل لا استبعد أننا سنرى قريباً في هذا المجتمع المريض من سوف يخجل ان لا يكون وسخاً!
إنها ذات الحالة الجنونية التي اصابت ذات النخبة لتكتب الأشعار للتغزل والتعظيم لـ "الوعي" الذي اصاب جيل البوبجي... وعي لا يمكن لأي مثقف ان يصل اليه، بل لا يستطيع حتى ان يفهمه! وعي نقلته اليه التظاهرات خلال بضعة اسابيع من شخص لا يعرف كيف يكتب اسمه ولم يقرأ كتاباً او ربما مجلة في حياته، إلى منظر سياسي يقارن بين الانظمة والدساتير ويحدد لنا ما يناسبنا منها!!
ما حاجتنا إذن الى المدارس؟ لننظم تظاهرات من هذا النوع كل خمسين عاماً ونحول كل الأميين الى عباقرة نسبق بهم البشرية!
إن ما يقوم به من يدافع عن هذه الحالة هو عمل ببساطة: "لا اخلاقي"! إنه يشبه وضع طفل في مكان لا يناسبه أبداً لمجرد ان هذا "المثقف" سعيد بما يحدث ويراه كتحقيق لأحلام طال انتظارها. إنها انانية غير مشرفة وليس تضحية.. انه هجوم على هؤلاء الاطفال وليس دفاع عنهم.. إن تجاهل الحقائق والاستمرار بلا تريث او تفكير امر يثير الأسف والدهشة في نفس الوقت.
هل يمكن لمن برر تمزيق صورة المهندس، ان يتساءل من ادخل في رأس المتظاهر ان المهندس ضده؟ هل له ان يتساءل ما الذي ادخلوه ايضا في هذه الرؤوس الخاوية إلا من العنف؟ إن كان يستطيع بثقافته أن يوجه هذا الهيجان بالشكل الذي يحقق حلمه أو حتى ان لا يكون كارثة على البلد؟
هل له ان يفكر حتى بمصلحة هذا الطفل، وما الذي ينتظر من طفل وضع في هذا الموضع وما هو المستقبل الذي ينتظره في هذا البلد، ان بقي هناك بلد بعد هذا؟ هل يستطيع أحد ان يقنعه ان يعود لصفه في المدرسة وان يطيع استاذه وان يحل واجبه البيتي المتعب، وهو "القيادي" العبقري عظيم الوعي؟
إني لا ارى مستقبلا لهؤلاء الضحايا، سوى عصابات اطفال للقتل والسرقة تنتشر في البلاد بعد ان تمتلئ السجون والاصلاحيات بهم كما هو الحال في العديد من بلدان اميركا الجنوبية، فأية جريمة يقوم هؤلاء "المثقفون" بحق هؤلاء الصبية، دع عنك جريمة ائتمان مستقبل الوطن وكل الشعب بأيديهم، وهم يعلمون تماما أنهم خارج سيطرة أية جهة، إلا اللهم ما لا نعرفه ولا يعرفونه! من لي بمن يلقي بسطل ماء بارد على رؤوس هؤلاء ليصحوا من هذا الكابوس الأحمق؟
صائب خليل
هذا "القيادي" في هذا الفيديو، سيكون لرأيه في الحكومة المقبلة، وشكل النظام، وحتى ما يجب ان يتغير في الدستور، وزن أكبر بكثير من مئات اساتذة الجامعات وآلاف من خريجي الكليات وربما مئات الآلاف من الناس..
هذا لا يقلق من يدعم التظاهرات بحماس جنوني لم يسبق لي ان رأيت مثله في حياتي.. حيث لا يسمح لأي معلومات ان تدخل لذهنه إلا لكي تبحث عن طريقة لردها.. حالة "جرأة" وحماسة فاقت كل تهور رأيناه في الماضي..
الآن تنشغل النخبة الداعمة بطريقة لتفسير وتلميع هؤلاء وتبحث عن طريقة لتضع بها الحقائق بشكل "مناسب" لحلمها، حتى لو وضعتها على راسها.
قبل قليل رأيت منشوراً لأحد مثقفي التظاهرات يلقي باللوم على من وضع صورة المهندس في الشارع، وليس على من قام بتمزيقها، ويتهمه بأنه كان يقصد ان يستفز المتظاهرين ليحدث فتنة!
لكن ليس من الغريب ان نرى مثل هذا المنطق المخجل بعد ان شارك جميع من اعرفهم من مثقفي الجانب الآخر بسخافة اتهام إيران بحرق قنصليتها لخلق الفتنة! حتى صار استعمال هذه الفرضية السخيفة الاحتمال، وكأنها حقيقة ثابتة يتم الانطلاق منها لتحليل بقية الأمور! إنها أكثر امثلة القاء اللوم على الضحية سخريةً رأيتها في حياتي!
والآن جاء الدور لتقديم صورة الطفل الجاهل المتخلف غير المتعلم والمنتفخ خيلاءاً بـ "وعيه"، على انه ايقونة!
"الوسخ" لم تطلق على شخص توسخ جسمه.. انما على حالة من التخلف المؤلم لطفل القت به الظروف - ظروف سفلة الحكومة التي طالما كتبنا ضدها - ليكون في هذه الحالة..
ولا تكتفي فرق المدافعين عن هذه الحالة بتقليل اهمية ذلك التخلف، بل تؤكد الفخر بكلمة "الوسخ"، بعد ان جعلتها مساوية لـ "فقير" فتضعها إلى جانب الفاسدين من الحكومة لكي تبدو بيضاء.. وذهب البعض الى التذكير بـ "البروليتاريا".. وبعد شوية يصيرون رمز يسعى اليه الجميع ويفخر اي عراقي ان يسمى "الوسخ"، بل لا استبعد أننا سنرى قريباً في هذا المجتمع المريض من سوف يخجل ان لا يكون وسخاً!
إنها ذات الحالة الجنونية التي اصابت ذات النخبة لتكتب الأشعار للتغزل والتعظيم لـ "الوعي" الذي اصاب جيل البوبجي... وعي لا يمكن لأي مثقف ان يصل اليه، بل لا يستطيع حتى ان يفهمه! وعي نقلته اليه التظاهرات خلال بضعة اسابيع من شخص لا يعرف كيف يكتب اسمه ولم يقرأ كتاباً او ربما مجلة في حياته، إلى منظر سياسي يقارن بين الانظمة والدساتير ويحدد لنا ما يناسبنا منها!!
ما حاجتنا إذن الى المدارس؟ لننظم تظاهرات من هذا النوع كل خمسين عاماً ونحول كل الأميين الى عباقرة نسبق بهم البشرية!
إن ما يقوم به من يدافع عن هذه الحالة هو عمل ببساطة: "لا اخلاقي"! إنه يشبه وضع طفل في مكان لا يناسبه أبداً لمجرد ان هذا "المثقف" سعيد بما يحدث ويراه كتحقيق لأحلام طال انتظارها. إنها انانية غير مشرفة وليس تضحية.. انه هجوم على هؤلاء الاطفال وليس دفاع عنهم.. إن تجاهل الحقائق والاستمرار بلا تريث او تفكير امر يثير الأسف والدهشة في نفس الوقت.
هل يمكن لمن برر تمزيق صورة المهندس، ان يتساءل من ادخل في رأس المتظاهر ان المهندس ضده؟ هل له ان يتساءل ما الذي ادخلوه ايضا في هذه الرؤوس الخاوية إلا من العنف؟ إن كان يستطيع بثقافته أن يوجه هذا الهيجان بالشكل الذي يحقق حلمه أو حتى ان لا يكون كارثة على البلد؟
هل له ان يفكر حتى بمصلحة هذا الطفل، وما الذي ينتظر من طفل وضع في هذا الموضع وما هو المستقبل الذي ينتظره في هذا البلد، ان بقي هناك بلد بعد هذا؟ هل يستطيع أحد ان يقنعه ان يعود لصفه في المدرسة وان يطيع استاذه وان يحل واجبه البيتي المتعب، وهو "القيادي" العبقري عظيم الوعي؟
إني لا ارى مستقبلا لهؤلاء الضحايا، سوى عصابات اطفال للقتل والسرقة تنتشر في البلاد بعد ان تمتلئ السجون والاصلاحيات بهم كما هو الحال في العديد من بلدان اميركا الجنوبية، فأية جريمة يقوم هؤلاء "المثقفون" بحق هؤلاء الصبية، دع عنك جريمة ائتمان مستقبل الوطن وكل الشعب بأيديهم، وهم يعلمون تماما أنهم خارج سيطرة أية جهة، إلا اللهم ما لا نعرفه ولا يعرفونه! من لي بمن يلقي بسطل ماء بارد على رؤوس هؤلاء ليصحوا من هذا الكابوس الأحمق؟