الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

رجل منظمة جيميناي كيف تفسد فكرة فيلم بقلم:عبد المنعم أديب

تاريخ النشر : 2020-01-21
رجل منظمة جيميناي كيف تفسد فكرة فيلم بقلم:عبد المنعم أديب
رجل منظمة جيميناي كيف تفسد فكرة فيلم

عبد المنعم أديب

هناك أشخاص يخطئون دومًا في عرض أفكارهم، إلى الحد الذي يفسد فكرتهم حتى إنْ كانت فكرة جيَّدة وطريفة. هؤلاء وغيرهم عليهم مشاهدة هذا الفيلم "Gemini Man" حتى يتعلموا من أخطاء صُنَّاعه؛ فقد تفنَّنَ هؤلاء الصُناع في إفساد فيلمهم وكأنَّهم أرادوا الإيقاع به قصدًا. فبالرغم من أنَّ الفيلم من بطولة نجم كبير "ويل سميث" إلا أن هذه التجربة تثبت أن الاعتماد على وجود نجم لن ينقذ الفيلم إنْ لمْ يكنْ حائزًا على أوليَّات النجاح.

الفيلم من إنتاج شركة "سكاي دانس" شهر أكتوبر، عام 2019م. من تصنيف الحركة والإثارة والخيال العلميّ. مؤلِّفاه هما "ديفيد بينيوف"، "بيلي راي". ومن إخراج "إنج لي" (صاحب الفيلم الشهير حياة باي). ومن بطولة "ويل سميث" و"ماري وينستد"، و"كليف أوين"، "بندكت وونج" وغيرهم. وقد حقق الفيلم خسائر في شباك التذاكر ففي الحين الذي أنتج بما يقارب مائة وأربعين مليون دولار، لمْ يحقق إلا ستين مليون دولا في السينمات.

الفيلم يحكي عن "هنري بروجين" (ويل سميث) الذي يعمل قنَّاصًا لدى الجهات الأمنيَّة السياديَّة في "الولايات المتحدة الأمريكيَّة". لكنَّه ليس قناصًا عاديًّا، بل هو أقرب للأسطورة في مهارته وقدراته المتعددة في استعمال الأسلحة، ودقَّته المتناهية في استخدامه السلاح. نعيش مع هذا القناص رحلته العصيبة التي مرَّ بها بدءًا من آخر عمليَّة قتل قام بها لأحد "الإرهابيين"، وشعوره الداخليّ بأنَّه لم يعد قادرًا على مواصلة عمله، لذا يقرر الاعتزال. ثم يكتشف بأن "الإرهابيّ" الذي ابتعثته الحكومة لقتله ليس إرهابيًّا، بل عالم إحياء يخدم حكومة "الولايات المتحدة" نفسها. ولكنَّ الحكومة قررت التخلص منه لأسباب مغايرة غير "الإرهاب". وعندها تقرر الجهة الأمنيَّة إرسال قاتل محترف آخر لإنهاء حياة "هنري". ثم تبدأ المطاردات التي يكتشف فيها أن القاتل الذي يلاحقه ما هو إلا نسخة "هنري" نفسه الصغيرة. وقد استنسخته منظمة داخل الجهة السياديَّة تُدعى "جيميناي". فهل ستنجح مهمة القاتل الصغير في استهداف القاتل الأكبر؟

كان ما سبق هو ما أراد صانعو الفيلم أن يعرضوه وأن يسيِّروا فيلمهم على قضيبَيْه. فهل نجحوا في صنع فيلم جيد، بل قُلْ لا بأس به؟ .. لا بكل أسف. ولكي يكون الكلام علميًّا ومنضبطًا بحدود النقد الصحيح سأعرض أوجه وأسباب فشل الفيلم في نقاط على محاور.

أولاً: محور التأليف:

امتاز التأليف في الفيلم بالكثير من العيوب. ذلك بالرغم من أن للمؤلفَيْن أفلامًا بعضها جيد جدًّا. وهذا ما يرجح أنهما قد تعجَّلا كثيرًا في هذه التجربة، وكأنَّهما أرادا التخلُّص من همّ التأليف. تمثَّلتْ أهمُّ أخطاء التأليف في:

1-   الاعتماد على الرواية الشفهيَّة في ثنايا الحوارات. حيث اعتمد الفيلم على رواية الأحداث بدلاً عن رؤيتها في مشاهد بصريَّة. مما أفقر الفيلم من حيث الثراء البصريّ من جهة، ومن حيث التفاعل الذي يحدث بين المُشاهد والعمل من جهة أخرى. وبالعموم هذه التقنية تعدُّ أمرًا رخيصًا إذا لمْ توظّف جيدًا، وبمقدارٍ مناسب. والغريب هو الاعتماد عليها في ظل ميزانيَّة لمْ تكن ضئيلة على أي مقياس. وهذا يعزز أيضًا الشعور بالعجلة والتسرُّع من قبل صانعي الفيلم.

2-   النقص الشديد في التعريف بالشخصيَّات. ويشمل هذا التعريف بالشخصية الرئيسية، وكذلك الشخصيَّة المُستنسخة منه. هذا النقص تمثَّل في عدم وجود مشاهد مُؤسِّسة للشخصية، والتعريف بالشخصيات في مشاهد محكيَّة لا مُشاهَدَة. فالشخصية المستنسخة نعرف عنها القليل من خلال مشهدَيْ حوار!! لم يقتصر الأمر على الشخصيات فكذلك "جيميناي" وهي المنظمة التي قامت بالاستنساخ لا تعرف عنها شيئًا إلا من خلال الحوار المسطّح، ومشهد أو مشهدين.

3-   النمطيَّة في صنع عناصر الفيلم. وأبرز مثال على هذا هو الاعتماد على ثيمة نمطيَّة وهي "صديق البطل المرح" الذي يكون دوره الرئيس هو خلق الكوميديا مقحمةً في بناء الفيلم. وهو الدور الذي قام به الممثل "بندكت وونج".

4-   استخدام الكوميديا في غير موضعها؛ مما أضعف العمل بدلاً عن أن تكون عنصر إثراء وتقوية.

5-   الحوار الذي قد يتوهَّم القارئ أنه قوي؛ بسبب لجوء المؤلفين له استغناءً عن رؤية الأحداث لمْ يكنْ قويًّا ابتداءً، بل بدا ضعيفًا ومهترئًا في لحظات كثيرة.

ثانيًا: محور الإخراج:

بالرغم من بعض الأفلام الجيدة من المخرج -سابقًا- إلا أنه قد وقع في أخطاء سمتها الأساسية هي الغرابة. وكأنه ترك كتاب الإخراج قبل دخوله مواقع التصوير. وكان منها:

1-   الشكل السيِّء الذي بدت به مشاهد استخدام تقنية "الشاشة الخضراء". فقد كانت مشاهد بيَّنة الفساد، والأخطاء تكاد تنطق أمام عين المشاهد. وغالب هذا كان في نصف الفيلم الأول. ومنه مشهد اللقاء الأول بين البطل وصديقه المرح المضحك.

2-   اعتماد المخرج على استخدام التصوير ضيِّق النطاق، وزوايا الكاميرا الضيِّقة كي لا تظهر أخطاء التقنية السابقة. للدرجة التي خرجت فيها المَشاهد غريبة بعض الشيء. وكذلك استخدام زوايا رؤية غير مريحة في مشاهد الالتحام البشريّ والتشابك بالأيدي استسهالاً.

3-   التقاط "ردود الفعل" على أمور استصعب المخرج تصويرها. فمثلاً المشهد سابق الذِّكر وفي الوقت الذي كان لنا أن نرى هبوط الطائرة على سطح البحر نجد أن "ويل سميث" يطالعنا بابتسامة لطيفة للصديق المرح. ثم يعبر الأمر وكأن شيئًا لم يحدث!

4-   خروج مشاهد بشكل مؤسف به الكثير من التعجل والاستسهال. ومنها مشهد القتال بين الشخصية الكبيرة والصغيرة في موقع داخليّ، الذي بدا ساذجًا تمامًا، وكذلك مشهد إطلاق القذيفة على السيارة وفيه الكثير من الأخطاء.

5-   تجاهل المخرج للسياق المحيط بالحدث. وقد جاء هذا في خطأ فادح حيث أصابت الرصاصة النسخة المستنسخة من البطل، ثم نراه في المشهد التالي مباشرةً دون أي أثر يذكر سليمًا مُعافى.

وهنا نجد ملمحًا إخراجيًّا لا بأس بتنفيذه وهو تقنية تصغير الممثل "ويل سميث" في الشخصية المستنسخة عنه. فقد خرجت بشكل ملائم. ولا بد من التنويه أن هذه التقنية استخدمت قريبًا جدًّا في فيلم "كابتن مارفل" مع الممثل الكبير "صامويل آل جاكسون".

ثالثًا: محور الفيلم عامةً:

الفيلم قد اعتمد على بعض المرتكزات ذات الشعبيَّة عند الجمهور الأمريكيّ. وقد جاء هذا لتعويض النقص البادي على الفيلم في صورة لا تخفى. ومن هذه المرتكزات:

1-   الاعتماد على موضوع دخل حيَّز الاهتراء والابتذال وهو "الإرهاب". والغريب أن الفيلم كان صراعًا بين الأبطال في إيجاد أكثر الوسائل فاعليَّة في "قتل" الإرهابيين، وتصفيتهم دون أيَّة مساءلة أو محاكمة!!

2-   المحاولة الدائمة للنيل من العدو القديم "الاتحاد السوفيتي" في التراث السينمائيّ الأمريكيّ، والذي تابع جهوده -حتى هذه اللحظة- في الاستهداف الدائم للدولة الروسيَّة. وهذا المحور ذكر كثيرًا في الفيلم.

وبعد فهذا الفيلم مثَّل طلقة طائشة لمْ تصبْ الهدف -وهو إمتاع الجمهور- بل أصابت الفيلم نفسه. فقد ضيَّع الفيلم فرصة الاستفادة من الفكرة التي تبدو جيدة -وإنْ لم تكن جديدة- وهي مواجهة الإنسان لنفسه في عمليَّة استنساخ؛ فلا هي تناولت فلسفة ما يبدو في هذا العمل، ولا هي أجادت الإثارة والحركة الاعتياديَّة في الأفلام.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف