الأخبار
قطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّاتإعلام الاحتلال: نتنياهو أرجأ موعداً كان محدداً لاجتياح رفحإصابة مطار عسكري إسرائيلي بالهجوم الصاروخي الإيراني
2024/4/18
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ثورة العقول بقلم:فتحي العابد

تاريخ النشر : 2020-01-19
بسم الله الرحمان الرحيم
ثروة العقول
بقلم:فتحي العابد
ثروة الدول ليس بما تمتلكه من موارد طبيعية، بقدر ما تمتلكه من موارد بشرية، فالمال والموارد الطبيعية ليس لهما قيمة دون العنصر البشرى المبدع الذى يعتبر شرطا أساسيا لتحقيق النهضة، وإلا بدّدت تلك الثروة كما هو الحال في بعض الدول الإفريقية والخليجية.
الإستثمار في العقل البشري يأتي بإتاحة الفرصة له، وتهيئة الظروف له للإبداع، لأن ذلك هو الطريق الوحيد والمضمون نحو تقدم حضارى ونهضوى لأي بلد..
والثروة تسبقها أو ترافقها ثورة (ثورة في التفكير، ثورة في التعامل مع جنسه، ثورة على كل المستويات..). كما لا يمكن أن تنجح ثورة الثروة كما أسمّيها إذا لم يكن المجتمع تآزري خلاّق يقترح شبابه حلولا عملية للإنسداد سواء السياسي أو الإجتماعي أو الإقتصادي، تجمع بين النجاعة والمعاملات الإنسانية.
مثال: لو شخصنا الوضع التونسي سأقول لك: ثروة تونس هي الشباب.. وأنا شخصيا متافئل جدا بهم، لأن نسبة التخرج الجامعي في تونس عالية مقارنة مع دول عربية وإفريقية أخرى في وضعها المعيشي.
ما وقع في الإنتخابات الرئاسية التونسية الأخيرة ملفت وذا قيمة، بل ثورة ثقافية بكل أبعادها، إذ المترشح قيس سعيد الذي لم يكن معروف، في إجابته الدائمة والوحيدة عندما يسأله صحافي عن برنامجه، يقول: البرنامج عند الشباب.
كان يعي ويعرف مايقول، فأحس الشباب بالمسوولية، بل تحملها، لذلك ربح بالشباب وخسروا خصومه بارونات المال الفاسد.
لقد تغيرت أشكال فرض الوجود، ورفع الصوت لدى الشّباب التونسي اليوم، فقدم اقتراحات، بل هناك بعض الأدمغة وأصحاب الإختراعات في الخارج من أبدى استعداده للرجوع لخدمة تونس.
صحيح أن كثيرا من الشباب التونسي يهرب من البلاد، ويموت غرقا قبل وصول أيطاليا، لكن ما أعرفه أن الدولة بدأت تحاول تطبيق التجربة الإيرلندية، عندما واجهت هجرة العقول في الثمانينات، واستطاعت أن تتغلب عليها، وبدأ الإيرلنديون في العودة إلى البلاد.
منهم من دعا لإحداث صندوق "الشعب" يتبرع فيه كل شخص بدينار أو دينارين كل شهر.. منهم من عمل على حملة توعية لتنظيف المدن والقرى، ولاقت صدى كبير.. منهم من قرر تزيين الشوارع وطلاء الأرصفة فوجد النساء والرجال بجنبه.. إبداعات في تزيين الشوارع والطرقات رغم مطبّاتها، تغطت بألوان زاهية وكأنها فرشت بالزرابي كرمز للصناعات التقليدية.. الجدران وكأنها حدائق ورد.. أرغمت بعض البلديات للإستجابة لمطالب الشباب في التهيئة العمرانية رغم عجزها الإقتصادي..
بدا الشباب في تقديم الخدمات، وأحدث صفحات للاقتراحات كيف نستطيع خدمة بلادنا! وكثرت الأفكار وعمت روح المبادرة وكل واحد عنده فكرة، بل برنامج لتونس.. برامج تتقدم به البلاد.. أفكار عظيمة لاتطلب إمكانيات كبيرة، وقادرة أن تتحقق على أرض الواقع..
أحس المواطن التونسي اليوم أن الفرصة أتيحت له لقياس أداء الحكومات، فانتقل من عصر الوصول إلى المعارف، إلى محاولة إدارة تلك المعارف.
لذلك أي ثروة باطنية، تأتي في مراتب متأخرة إذا لم يحس مواطنوها بقيمتهم وينفذون طموحهم في بلادهم.. وتتشابك أيديهم ليقفوا كلهم كرجل واحد لبلدهم..
لا توجد ثروة في أي بلد وأهله مشحونين بالجهل والعروشية، وهذا لا بدّ وأن يمرّ أولاّ من بوابة الإعلام، الذي لا بدّ وأن يتحلّى ولو بالقدر الأدنى من المسؤولية، وعدم بثّ خطابات العنف، والفرقة، والتنابز، والإقصاء والعنصرية، والسجالات الأيديولوجية الحاقدة المدمّرة.
نيجيريا من أكثر الدول غنى بالثروات والمعادن ومن أكبر دول العالم المصدرة للبترول ولكنه يؤسف لحالها ووضعها، فيما سنغافورة الذي بكى رئيسها ذات يوم لأنه رئيس بلد لا توجد فيه مياه للشرب.. اليوم يتقدم بلده على اليابان في مستوى دخل الفرد..!
اليابان نفسها ليس لديها سوى القليل بل النادر من الموارد الطبيعية، ولكنها في قائمة أغنى الدول، حالها حال سويسرا.
في عصرنا الحالي يجب أن ننظر أكثر إلى مافوق الأرض (الشباب) على مافي باطنها.. ما الذي ستخرجه كي تعيش، إذا لم يكن لها عقل مبدع مبتكر في مجتمع متآزر اجتماعيا، متقارب تفكيريا...!؟
الدول الواقعية المقدرة للمصلحة الوطنية يجب أن يكون الإنسان بحد ذاته هو الإستثمار الناجح والأكثر ربحا.
هل فكرت وأنت تشتري جوال جالاكسي أو أيفون كم يحتاج هذا الهاتف من الثروات الطبيعية؟
ستجده لا يكلف إلا القليل من الثروات الطبيعية، بعض جرامات بسيطة من الألمنيوم وقطعة زجاج صغيرة وقليل من البلاستيك ولكنك تشتريه بمئات الأورووات تتجاوز قيمته عشرات البراميل من النفط والغاز، والسبب أن ذلك البلد المصنع لهاتفك يحتوي على ثروة فكرية تقنية أنتجها أبنائها..!
ماذا تملك اليابان وسويسرا وسنغافورة مقارنة مع دولنا العربية أو الإفريقية سوى النزر من الموارد الطبيعية..؟ هم لا يملكون سوى العقول، يبيعون الفكرة والإبداع.
هل تعلم أن أثرياء العالم ليسوا أصحاب ثروات طبيعية، وإنما أصحاب تطبيقات بسيطة على هاتفك الجوال.!
هل تعلم أن أرباح شركة سامسونج، في عام واحد 327 مليار دولار، بينما تحتاج أغنى دولة عربية لمائة سنة لتجمع مثل هذا المبلغ من الناتج المحلي..!
أيها العربي البدوي والإفريقي الواهم بأن لديك ثروة ستجعلك دون الحاجة إلى عقلك، دع عنك أوهامك فلا ثروة مع عقلية الثور.
هم استثمروا فى "الإنسان" فأنتج لهم أفكارا متطورة، وأبدع تقنيات عصرية أعطت لهم الفرصة للتقدم ودفعتهم لنهضة اقتصادية كبيرة، فالعقل والفكرة والإبداع، هو رأس مال المجتمعات والدول، وصناعة المستقبل تعتمد على "الأفكار" أكثر من اعتمادها على ما تخرجه الأرض من موارد طبيعية، والإبداع هو السبيل لدعم التنمية والتقدم فى المجتمعات والدول، فرأس المال البشرى لا يقدر بثمن، والأفكار الخلاقة تؤدى إلى ربح المليارات، كما أن العقول تصنع المال والنجاحات، والتفوق العلمي يصنع من الأفكار الرائدة كيانات عملاقة تفوق ميزانياتها وأرباحها دول يسكنها الملايين.
لو جمعنا دول أوروبا ودول أمريكا ودول آسيا لا يملكون نصف ما تمتلكه دول القارة السمراء من موارد طبيعية، ولكنهم يمتلكون العقول والأفكار التى قادتهم إلى التقدم والرقي والحضارة.
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف