الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

غلالة - الجزء الثاني من لهاة مكتوم بقلم : محمد الدرقاوي

تاريخ النشر : 2020-01-19
غلالة - الجزء الثاني من لهاة مكتوم بقلم : محمد الدرقاوي
تدرك أن الزمان شرع يطويها ببطء ، سلحفاة يدب ،وكأنه يعاند ما بلغته من عمر ..كل رجل هو لديها لسعة عقرب ، عضة ثعبان ، مراوغة ثعلب ، ومتابعة ذئب ،قد تبادله النظرات اذا ما رفعت البصر ، لكن نظرتها نظرة خوف ، رهبة ،انعدام ثقة وسوء ظن ...
الرجل عذابها بالليل والنهار ، يتكوم في عينيها كمزبلة
جدير ة باضرام النار فيها ، فهو سبب عذابها ، هو من جعلها محط تساؤل وشفقة تكرهها من كل من يحيط بها ..
في عملها تجاهد ألا تثير حديث الرجال ، بل هي تتجاهل كل الرجال في موقع عملها ،لا تحاول أن تعرف لهم اسما ، أو ترد عليهم سلاما اذا مرت بأحدهم، وتنسحب أو تصمت إذا ما إحدى النساء تكلمت عن رجل ولو كان أباها ، تحس بالقرف والاحتقار ، وبالخوف من ان يجرها لفلتة لسان تكشف سرها ،حقدها الدفين ، جثمان عمرها المركون داخل جسدها ،كأن الصمت هو حقيقتها التي تواجه بها كل المواقف التي قد تجعلها تكشف ولو جزيئة من دواخلها ..
تذكر وهي لازالت طالبة جامعية أن إحدى البنات همست لها بأن أستاذ مادة الكيمياء الحيوية معجب بها ويتطلع اليها بشوق ،
صمتت بلا رد ، وقد تأكدت من ذلك من محيط اسرتها ..لكنه كان جبانا أو ثعلبا كاي رجل آخر .. يطلق الخبر اغراء ليتصيد المغرورات ...
ذات شتاء ،وهي خارجة من عملها ،لاحقها برق ورعد، ومطر يتهدل على كتفيها ،اقترب منها أحد المارة محاولا أن يجعلها معه تحت مظلة ،اتقاء من الجو الماطر ، دفعته بمرفقها دفعة اسقطته على الأرض ، ساعده بعض المارة على الوقوف ، انتصب وهو محنط بوحول الشارع الذي شرعت السيول تجرف كل ما صادفته في طريقها من قوة التساقطات ..
انزوت في ركن تحت سقيفة متجر وشرعت تبكي ..لماذا تصرفت بعدوانية مع رجل لايعرفها ولا تعرفه ،ذنبه أنه حاول ان يساعدها على عبور الشارع الى الطوار الآخر بقليل من البلل ، هي حقا قد اغتصب آخرون طفولتها ،منعوها ان تحمل لقب بهجة الطفولة سعيدة كما حمله غيرها ..لكن ما ذنب الغير فيما وقع لها ؟ ليس هم من اسقطوا طفولتها من مرايا الحياة ، ليس هم من منعوها الطيران فراشة بين الزهور ..لا ..إنهم عود من نفس الغصن ، نفس تربية الاستعلاء ، التفضيل ونفخ عقدة الذكورة ...
تذكر أنها كلما اشترت لها أمها دمية حرقت للدمية مكان عضوها التناسلي قبل أن ترميها في صندوقة قمامة ..تمتنع أن تحضر كل عقيقة المولود فيها ذكر ، هو عندها مغتصب جديد آت ليخلف من مات ..حين تزوج اخوها اختلقت نزلة برد قد حلت بها وظلت حبيسة الفراش
حتى لا تحضر ليلة زفافه ، فلم تكن العروس غير أخت استاذها الذي أطلق دعاية الاهتمام بها ...
كان ما يملأ فكرها.. كم من طفلة قد اغتصب أخوها قبل ليلته هذه ؟ ،وهي اليوم مثلها لا تملك وجها تسير به بين الناس .. هل حقا ان زوجة أخيها عذراء ، أم ان أخاها سيكون الرجل المخدوع من قبل انثى عرفت كيف تتغلب على نفسها وتقاليدها وبطش أهلها وحرصهم على العادات والطقوس ؟ في حين فشلت هي في ما أفلح فيه غيرها ..بئس تربية لا تعلمنا غير الخوف والخضوع وتقديس التقاليد ..ترسخ في عقولنا الشك حتى في اقرب الناس الينا ....
صحت في الصباح على زغردات النساء و نغمات الطبالين والغياطين ، تتقدمهم نكافة تضع على راسها صينية ،يتوسطها سروال زوجة أخيها كبراءة دليلها من اغتصاب قبلي بقطرة دم ؛ربما لم تجد زوجة أخيها من يترصد لها فيغتصبها بلا رحمة كما هي قد تم اغتصابها ..أم أن زوجة أخيها عرفت كيف ترتق مشكلها ..
بكت ، واهتز صدرها أسى وغبنا حتى كادت أن تفقد وعيها..
هكذا تطويها الأيام بوسواس خناس وبلا ثقة في نفسها ولا في غيرها ..عود الربيع فيها قد ذوى ويسارع للجفاف والتفتت ..
بدات تدخل المنتديات العربية ، تقرأ ما ينشر .. لم تكن مقتنعة بما يكتبه الأعضاء خصوصا من رجال يستعطون الحب بعبارات تافهة ، يبالغون كذبا في إعلاء المرأة .. ذئاب .. لو ظفروا بها وحيدة أو طفلة صغيرة لمزقوا جسدها .. اقترح عليها أحد الأعضاء المساهمة في نشاط ثقافي .. توجست من اقتراحه ، ربما هو استدراج لها ، لكن أسلوبه وطريقة تعامله تدل على أنه كبير السن يتصرف برزانة ، وكل من في المنتدى يمتدح تعامله مع الجميع ..فكرت طويلا قبل ان تستجيب محاولة للتخفيف من ثقل حمولاتها بنسيان وقتي ،.. لا حظت أنه يحاول التقرب منها .. بدات تحتاط ، هي لا تصادق رجلا ،ولا تريد ان يتعرف عليها أحد ، لكن ما يكتبه هذا العضو يثيرها ،يحسسها بصدقه ،حين راسلها كان ردها التواء هو تناقض ما في نفسها .قالت : لا تحاول معي، فرغم سنك الكبير على ما أظن فانا أكبر منك بكثير ولا أملك شيئا اقدمه لك مما تبحث عنه ، أرجو أن تحترم نفسك ..
كم كان يؤلمها وضعها ، أنثى لا تثق برجل لكن هذا العضو يحسسها دوما بقربه ،يقرأ كل ما تكتبه اليه بمنطق العقل والموضوعية ، انجذابه اليها ليس بكلمات غزل وانما بالتعمق فيما تتبادله معه من كلمات واقتراحات لتنشيط ما تقدمه الى أن فاجأها ذات يوم : حسناء هل سبق ان تحرش بك احد الى درجة الاغتصاب ؟من يكون ؟ وفي اية مرحلة من عمرك ؟
الخبيث ، كيف استطاع أن يفجر اللغم في صدرها ، ان يستعيد لحظة صباها الموءودة .. ربما سنه وثقافته الواسعة قد جعلته يكتشفها .. بكت ..ليلة بكاملها وهي تبكي ... كيف ترد ؟ ماذا تقول له ؟ ربما خير لها أن تنسحب من المنتدى او على الأقل من النشاط .. لكن الى متى ؟ وكانها بدأت تضيق بحالها ، بثقل سرها ... لماذا لا تجرب وتبوح له بسرها وتنتظر ردة الفعل .. هو عضو ليس من قبيلتها ، و لا وطنها قد تخشى أن يفجر سرها بين الناس ، وربما اذا كان لئيما قد يتكلم بين أعضاء المنتدى ،ولن يكلفها ذلك غير انسحاب ... ووجدت نفسها تصارحه ، تحكي قصتها ، ترمي كل همها بين الحروف في صدره .. تدرك أنه اول شخص استطاع أن يجعلها ترتدي جلباب جرأة ورغبة في أن تحكي له ما يؤرقها منذ أكثر من ربع قرن ..
ادخلته في نطاق واقعتها ، يشاركها لحظة الوأد .. قالت له : حقير، جبان لم يرحم صباي ، خجلي ، ثقتي رغبتي في قطعة شوكولاطة ... سلمني شهادة وأد أبدي ورحل ..رحل بلاعودة ..
توهمت أن هذا العضو كاي رجل تسلم منها الخبر ، عرف سرها لكن لن يلبث أن يتجاهلها في المنتدى ، أن يحتقرها ، يبتعد عنها ..
وخانها سوء الظن ، خانتها النفس وما توهمت ، خانها العقل وما خطط ..وجاءها رده :
سيدتي العزيزة
كل كلمة منك هي قوة تسكنك لكن تجاهدين على إخفائها
اغتصبك رجل . افقدك غلالة هي لافتة الشرف التقليدية ،كثير ممن خلق الله ادرك انها صارت خرقة بالية قد مزقها الزمن ، تلاشت فتلاعبت بها الرياح بلا أثر بعدي ..
تربيتك ، نشأتك ، خوفك ، هذه كلها عناصر مؤامرة اصعب بكثير وأخطر مما ألحقه بك قريبك ابن القرية ..
قفي أمام مرآة .. انظري الى خلق الله فيك ..هل ضاع منك شيء ؟
ماضاع منك غير بسمة رضا أنت من تعمد ت قتلها ، وبريق عينين غادرهما كحل ، يداك من تقاعستا عن الإمساك بمرود امتثالا لعقلك الضابط ، الذي تحكمت فيه طقوس البلد وعاداتها وما بنته من مدمالك للخوف في نفسك ،ما ضاع منك هو نظرة إيجابية لنفسك وقناعتك بها ، وقد أحللت بدلها نظرة سلبية تحولت مع الزمن الى شبح مرعب يسكنك ، وبدل أن يسكنك الحب سكنتك الكراهية ككارثة تعوضين بها ما تحسينه وتسمينه ضياع شرف ..
قرات كلماته مرة ومرتين وثلاثة ، استغربت !!كيف غاب عنها أن في الحياة بار وضال ، خلوق وحقير ، بشر يخطئون ويصيبون ..
ها هوذا شيخها لم يتخل عنها ، لم يتركها ، لم يبتعد عنها ، أحست ان قربه منها صار التصاقا ذاتا بذات .. لا يتوانى عن السؤال عنها كلما غابت ..احست انه كلما تقدمت الأيام صار يتقرب منها اكثر ، في صدق حديثه ، في محاولة شدها اليه ..طلب منها ايميلها .. ترددت في البداية لكنها أصرت ان تسير معه الى النهاية فربما قد تكشف حقيقته كما كشفها ..
كانت مع الايام تبهرها ثقافته ،اتساع افقه المعرفي ، كلما واجهته بسؤال فتح أمامها اكثر من باب مما كان منغلقا لديها
قدم لها وجهات نظر متعددة حول الدين والحياة بأمثلة وحقائق
ليست هي ما يكتبه المتشددون ويدعيه القوالون ممن يرتدون الأقنعة عند الظهور ،واكتشفت أكثر أنه من اسرة عريقة لا يتعدى العقد الثالث من عمره ضربه القدر بمصاب ، ماتت زوجته بعد أول وضع لها ، تركت له صبية تتربى في رعاية أمه ،غادر وظيفته ، وغير توجهه المهني بعد شلل نصفي من صدمة ما أصابه وقد شفي بقوة منه وإصرار على الحياة ،وتفاؤل بغد أحسن ..
ووجدت نفسها تثق بما يقول ، تجرب ما يقترحه ، تتخلى عن كثير من عادات تعودتها .. وجدت نفسها تضحك وتشارك الآخرين بسماتهم ، تحضر حفلات دعيت اليها ، .. تقف أمام المرآة تحرك خصرها برقص ، تمرر يدها على جسدها، فتجد نفسها ـ وكما قال لها ـ : أنثى بكامل الانوثة، لم يسرق منها الاغتصاب الا ماتوهمته قد ضاع وهو باق،حي فيها يحتاج فقط للمسة من يدها ..
تحرك راحة يديها على ثديها فتحس بخفقة في صدرها ، رغبة تسري في جسدها ، كل ما توهمته قد ذوى لازال ينتظر استجابة منها ، إرادة تحركها ، نسيانا مطلقا بان عثرة طريق لا يمكن ان تغير العالم الا وهما في عقل من يتوهم ذلك
وبدأت تتعلق بصديقها ، تراسله ، تقضي معه الساعات تقرا وتصغى لما يكتب ويقول ، وله تحكي استجاباتها الجديدة ، نظرتها الى الحياة من حولها بعد أن تعرفت عليه ، استغراب أهلها من تغيرها ،
قناعتها بان الشمعة التي أشعلها الصديق في نفسها بتوجيهاته وشروحه ،بالحرية التي فتح لها نوافذ في ذاتها ،بقربه منها قد اشعرها بقوة وفخر وانتصار على نفسها وما واجهته خلال أزيد من ربع قرن .. حتى خلايا جسمها صارت أكثر نشاطا وحيوية ،
وقد آمنت أكثر ان كل إحساس بالقهر والغبن يلزمه صديق بشخصية جذابة ، بعواطف إيجابية ونظرة تفاؤل تركز على اعماقك قبل مظهرك وتتماشى مع الإحساس بحاجاتك النفسية
وليس أي شخص قادر على منحك هذا الشعور.وكما قالت له في احدى رسائلها اليه : أحس اني اتغير بسرعة لا لاني نسيت ولكن لانك استطعت ان تفتح أكثر من بوابة للتواصل والعطاء وتضع أمامي أكثر من فكرة ورأي كلما تعمقت فيها وجدتها هي بوابة نجاتي ،لهذا أعدك اني تركت الماضي بغير رجعة واليه لن أعود
لكن لا تتركني ......
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف