الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الفلوس .. حملة تسويقيَّة سُمِّيتْ فيلمًا بقلم:عبد المنعم أديب

تاريخ النشر : 2020-01-16
الفلوس .. حملة تسويقيَّة سُمِّيتْ فيلمًا بقلم:عبد المنعم أديب
الفلوس .. حملة تسويقيَّة سُمِّيتْ فيلمًا
عبد المنعم أديب

إذا ذهبت إلى السينما ستجد حملة تسويقيَّة ضخمة سُمِّيتْ فيلمًا سينمائيًّا، وكتب عليها اسم "الفلوس". قد يجد البعض في هذا التوصيف بعض القسوة؛ لكنَّ الحقيقة دومًا قاسية في عين المُتجمِّلين. وكي لا يرى الآخرون في هذا ظلمًا لفيلم من الأفلام تعالوا نُلقِ معًا نظرة على هذا الفيلم لنرى أهو فيلم حقًّا أم هو كل شيء آخر تحت اسم الفيلم السينمائيّ؟

فيلم "الفلوس" يدور عن نصَّابَيْن هما "سيف" (تامر حسني) و"سليم" (خالد الصاوي) يقومان بعمليات نصب متعددة؛ منها النصب على النساء. ولكنَّ الأخير "سليم" يتورّط مع عصابة من "المجر" ستقتله إنْ لمْ يوفِّ لها حقّها البالغ عشرين مليون دولار. وهنا يقع النصاب الكبير في ورطة حقيقيَّة، ويبدأ يسوق "سيف" معه ويورطه هو الآخر ليجمع مبلغ العصابة. في الوقت الذي ينشغل فيه "سيف" بعملية نصب على إحدى السيدات "حلا" (زينة)، نرى فيه براعته في عمليات النصب. هذا ما يمكن قوله دون إفساد لمشاهدة الفيلم؛ فهل سينجح النصَّابان؟ وهل لعملية النصب الجزئيَّة علاقة بالإطار الكُليّ؟

مكتوب على شارة البداية أنّ الفيلم قصة "تامر حسني" والحق أن قصة الفيلم امتازت بالكثير من العيوب. منها:

1- عدم الأصالة: حيث الفيلم مجموعة من الاستنساخات المباشرة والصريحة من عدة أفلام أجنبيَّة، لا فيلم واحد. وهذا كان الأسوأ من النقل من فيلم واحد يمتلك وحدة في بنائه. من هذه الأفلام سلسلة "أوشن"، ومنها بعض أعمال النصب في المُقامرة منقولة بالنصّ من فيلمَيْ "كازينو" و"الأصدقاء الطيبون". وبالعموم تعمدت القصة اللجوء إلى ثيمة "الخداع المستمرّ" طوال أحداث الفيلم. ومما يعمِّق عدم أصالة الفيلم هو أنَّه لمْ يكلِّف نفسه بتحويل أيّ شيء لمُقابله في السياق العربيّ؛ بل نقل وحسب. وكثير من الأفلام العربيَّة الحديثة تستغلّ عدم اطلاع المشاهد العربيّ على الأعمال الأجنبيَّة لتقدم له إنتاجها على أنَّها قصص وأفلام أصيلة وما أبعدها عن الأصالة!

2- تفكك البناء في القصة أو انعدام التماسك سبَّبه تعدُّدُ النقل من أفلام عديدة. فلو أنه نقل عن فيلم واحد لأصبح البناء أكثر توحيدًا ومتماسكًا بعض الشيء. ومما عمَّق هذا التفكك صنع الكثير من الأحداث لإبراز أشياء لا دخل لها ببناء القصة ولا تطورها؛ مثل: عضلات بطل الفيلم! وكثير من وسائل الإضحاك الرخيصة للغاية، وبالقطع الفقرة المُحبَّبة لصُنَّاع السينما من هذا النوع وهي فقرة "الراقصة". مما يُعزِّز أننا في "عرض تسويقيّ" لأشياء عدَّة، لا فيلم سينمائيّ.

3- محاولة تزيين أو صنع "مكياج" للفيلم بإلصاق معنًى به وهو تلك الفلوس التي نجري وراءها لاهثين دون أن نشعر ماذا نفعل للوصول لها، وكذلك مسألة هل الإنسان مُسيَّر أم مُخيَّر في اقترافه الشرّ.

4- وقد جاء الحوار على أسوأ حال من عبارات مُعلَّبة، وأخرى مبتذلة وسوقيَّة، وتوقُّع لكل ما يأتي واستسهال في أقرب الألفاظ لأقرب المعاني.

وقد جاء الإخراج من الأستاذ "سعيد الماروق" على حال أفضل من القصة والتأليف. لا يعني هذا أنَّه ناجح، بل يعني أنَّه كان متفوِّقًا على جانب الفيلم التأليفيّ. ولنبدأ بما نجح فيه وهو نجاحه في تقديم "عرض تسويقيّ". فالفيلم -حسب اختيار المخرج- أشبه بالمُتحف أو "الجاليري" الضخم. كل ما في الفيلم استعراض مُوسَّع يطلق عليه فيلم. نجح في عرض أثاث فاخر، وماركات سيارات فارهة، وبيوت واسعة مُتألِّقة، وغرفات مكتب رفيعة المستوى. وعلى جانب الشخوص فقد نجح في استعراض أنماط كثيرة من اللباس والمأكولات والساعات وتصفيفات الشعر. والغريب أنَّه منذ اللحظة الأولى حتى الأخيرة فعل هذا؛ مما اقتضى عليه أن يختار أحجامًا كبيرة للقطات الفيلم -في الغالب- فلا يصلح معه إلا أن ترى مع الشخصيات أثاثها، أو ما بجانبها من لوحات وقطع أثريَّة، أو أماكن خلابة -من وجهة نظره-. هذا ما نجح فيه المخرج.

أمَّا ما أخفق فيه فكان أشياء كثيرة. منها:

1- توجيه المُمثلين في أدائهم؛ حيث اتسم الأداء كله بالتهريج التمثيليّ، لا الأداء التمثيليّ.

2- النقل المباشر من الأساليب الإخراجيَّة الحديثة. وهذا ليس العيب، بل العيب في الفشل في تنفيذ النقل.

3- انسحاب أو اقتصار الرؤية الإخراجيَّة على غرض واحد وهو "الاستعراض"، وسمة واحدة هي "الاستعراضيَّة". حتى من الصعب أن نُطلق على ما حدث إخراج سينمائيّ، بل دعائيّ.

4- السمة السابقة ألزمتْه باستخدام ما يُسمَّى بـ"اللقطات البانوراميَّة" (وهي لقطات شديدة الاتساع في التقاط المكان الذي تصوِّره) وهذا ليظهر المباني الكثيرة التي صوَّر فيها الفيلم، والأماكن التي اختارها.

5- السعي لتصوير الأشياء الجميلة لا خلق الجمال من أدوات المشهد. ويظنّ بهذا كثيرٌ من مُخريجنا أنَّه قد نجح إخراجيًّا بإخراجه شيء جميل. لكنَّ الحقيقة أنّ الامتياز الإخراجيّ هو صُنع الجمال في المشهد، لا تصوير الأشياء الجميلة أصلا.

ولعلّ السمة الأخيرة هي التي يلجأ لها مُخرجونا ليعوِّضوا الضعف الشديد في القصة والبناء الدراميّ. من خلال حشد كبير من الجماليَّات في الصورة؛ التي بدورها تبهر عيون المشاهدين ليخرجوا وهم في وهم الجمال، أو تحت تأثير الجمال الزائف لكل شيء في الذي رأوه ما عدا الفيلم (وهو الأساس الذي كان سيبهرهم لو كان منتجًا حقيقيًّا). في ظاهرة قد تُذكِّر القارئ الكريم بتلك الكُتيِّبات الصغيرة التي تُباع على الأرصفة تحت اسم "تعلم الإنجليزيَّة دون مُعلِّم" أو "تعلِّم التطريز في عشرة أيام". وهنا ممكن أن نقول إن هؤلاء المُخرجين -الذين يفعلون هذا فقط لا الجميع بالقطع- قد قرأوا جميعا كتاب "تعلِّمْ الإخراج في عشرة خطوات".

وهنا لا يمكن أن نغفل السوء الشديد للهندسة الصوتيَّة في الفيلم. فمنذ دقائق الفيلم الأولى نلحظ سوءًا شديدًا في أبسط مفردات الهندسة الصوتيَّة. ألا وهو تعدد مستوى الصوت في الجمل الحواريَّة قوَّةً وموقعًا من لاقط الصوت. وهذا لا يحدث إلا في أعمال الهواة وحسب الذين لمْ يسجّلوا صوتًا في حياتهم. لقد كانت هذه السمة ملازمة لكل لحظات الفيلم حتى نهايته إلا في الأغنية الوحيدة فيه؛ بسبب تسجيلها وحدها وإسقاطها في الشريط الصوتيّ للفيلم.

ولا يمكن تفسير هذه الظاهرة أو هذه المأساة الصوتيَّة إلا في احتمالَيْن: إمَّا أن يكون الخطأ في مرحلة تسجيل الصوت (أيْ أثناء تصوير الفيلم) وهذا في الغالب هو الأمر الصحيح، وهنا نرى أن مرحلة "مزج الصوت" (وهي المرحلة الأخيرة في الإخراج الصوتيّ للفيلم) قد حاولت محاولات بائسة استدراك الأخطاء البشعة التي وقعت أثناء التسجيل. وإمَّا أن يكون الخطأ في مرحلة "مزج الصوت" هي صاحبة الخطأ. وهذا ما لا أرجِّحه لسبب بسيط هو أنها نجحت في غير الحوار من مفردات الإخراج الصوتيّ للفيلم؛ مما يؤيد أن الخطأ الجسيم من عملية تسجيل الصوت نفسها. كما أنّ المشاهد قد يلحظ أن هناك لقطة أو أكثر قد تمَّت دبلجتها (أيْ إعادة تركيب صوت جديد على الصورة الموجودة). مما يرجّح أن الخطأ في التسجيل.

وأنجح ما في الفيلم هو الديكور وتصميم أماكن التصوير على حسب ما أراد المخرج. وهذا أنجح عناصر الفيلم كلِّها، أقصد الحملة التسويقيَّة التي سُمِّيتْ فيلمًا تحت عنوان "الفلوس".
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف