الشبكة العنكبوتية
خالد صادق
استوقفني تصريح كشف عنه الباحث والمحلل السياسي زيدن القنائي، أمس الثلاثاء عن انتهاء اجتماعات مفاوضات سد النهضة بوزارة الخزانة الأميركية بواشنطن دون التوصل لاتفاق بين مصر واثيوبيا بعد 10 ساعات من مفاوضات جرت بواشنطن. السؤال الذي يطرح نفسه هنا هل بالفعل فشلت امريكا في حل مشكلة سد النهضة, ام ان من مصلحتها ان تبقى هذه المشكلة قائمة, وتضعها كورقة في يدها لاستخدامها عند الحاجة, فمصر قدمت تنازلات كبيرة لإنجاح المفاوضات واثيوبيا تتعنت وترفض ان تتجاوب مع الحلول والطروحات المصرية, وهي تستند على علاقاتها بإسرائيل, واستعداد الكيان الصهيوني لدعمها وحمايتها, بشرط ان تلتزم اثيوبيا بالسياسة الاسرائيلية وطمع الاحتلال في الاستفادة من مياه النيل, ونحن على يقين ان امريكا واسرائيل قادرتان على فرض الحلول على اثيوبيا ان ارادتا ذلك, لكن من مصلحتهما ان تبقى المشكلة قائمة وحالة التوتر مستمرة كي تبقى اوراق الحل بأيديهما, فأجواء التوتر في المنطقة هي المناخ الأنسب للاحتلال الصهيوني والادارة الامريكية للتعايش فيه, وهما يتغذيان ويتضخمان على هذه الخلافات والتوتير .
التوتر لا يجب ان يقتصر على سد النهضة وتباين المواقف بين مصر واثيوبيا, بل يجب ان يشمل مناطق اخرى حسب المخطط الصهيو-امريكي, فما يحدث في العراق واليمن وسوريا وليبيا والحصار الذي تتعرض له قطر وعلاقاتها المتوترة مع السعودية والامارات والبحرين كلها تأتي في اطار الشبكة العنكبوتية التي نسجتها الادارة الامريكية والاحتلال الصهيوني واوقعتهم في شباكها, كي يضمنان تحكمهما في المسار السياسي في المنطقة وخدمة مصالحهما المشتركة التي تم التوافق عليها بينهما, فضعف الحالة العربية يبقي اسرائيل القوة الاكبر في المنطقة والشرطي الذي يديرها ويحكم سياساتها, وحتى تلك الدول التي تعيش استقراراً مع جيرانها تم العبث بساحتها الداخلية وامتدت اليد الصهيو-امريكية لتعيث فساداً وتخريباً وتزرع الشقاق والخلاف في الساحة الداخلية العربية, مستغلة معاناة شعوب المنطقة واوضاعها الاقتصادية غير المستقرة, ووصل الحد بهما لاستخدام النعرة الطائفية لزيادة الفجوات داخل بعض البلاد العربية كالعراق ولبنان وسوريا وغيرها, والهدف زرع التوتر والاستناد دائما الى امريكيا واسرائيل لحل المشكلات وهذا بالطبع له ثمن يجب دفعه.
في الحالة الفلسطينية هناك تركيز اكبر على تغذية الخلافات الفلسطينية بين السلطة وفصائل المقاومة, فإسرائيل والادارة الامريكية افشلتا كل جهود المصالحة الفلسطينية وحرصتا على تغذية الانقسام الداخلي الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس بصفتهما الحركتين الاكبر شعبيا, وهما يسعيان لإبقاء الخلاف السياسي مشتعلا بين السلطة والفصائل وعدم افساح المجال للحلول المطروحة, فأمريكا واسرائيل افشلتا قرار الانتخابات المحلية, وتحاولان فصل قطاع غزة عن بقية اجزاء الوطن جغرافيا, واقناع السلطة لإعلان دولتها في غزة والتخلي عن الضفة والقدس وبقية فلسطين لصالح الاحتلال, وكل هذا لن يتحقق الا بزرع الخلاف وتوتير الاجواء الداخلية الفلسطينية, وزيادة الفرقة بين الفصائل والسلطة, وتصدير الازمات لهما.
امريكا واسرائيل لو أرادتا حل مشكلة سد النهضة لفعلتا, ولو أرادتا رفع الحصار الخليجي عن قطر لفعلتا, ولو ارادتا وقف الحرب في سوريا وليبيا واليمن لفعلتا, ولو ارادتا تهدئة الاوضاع في العراق ولبنان لفعلتا, ولو ارادتا الشروع بالمصالحة الفلسطينية وانهاء الانقسام لفعلتا, لكنهما يدركان جيدا ان مصلحتهما في ابقاء الازمات وزيادة التوتر وخلق الفوضى في المنطقة, وكل هذا ستجدونه في طيات الصفحات لما تسمى «بصفقة العصر» التي يصر ترامب وادارته على فرضها, ويعلمان ان نجاحها مرتبط تماما بإشعال الازمات في المنطقة.
خالد صادق
استوقفني تصريح كشف عنه الباحث والمحلل السياسي زيدن القنائي، أمس الثلاثاء عن انتهاء اجتماعات مفاوضات سد النهضة بوزارة الخزانة الأميركية بواشنطن دون التوصل لاتفاق بين مصر واثيوبيا بعد 10 ساعات من مفاوضات جرت بواشنطن. السؤال الذي يطرح نفسه هنا هل بالفعل فشلت امريكا في حل مشكلة سد النهضة, ام ان من مصلحتها ان تبقى هذه المشكلة قائمة, وتضعها كورقة في يدها لاستخدامها عند الحاجة, فمصر قدمت تنازلات كبيرة لإنجاح المفاوضات واثيوبيا تتعنت وترفض ان تتجاوب مع الحلول والطروحات المصرية, وهي تستند على علاقاتها بإسرائيل, واستعداد الكيان الصهيوني لدعمها وحمايتها, بشرط ان تلتزم اثيوبيا بالسياسة الاسرائيلية وطمع الاحتلال في الاستفادة من مياه النيل, ونحن على يقين ان امريكا واسرائيل قادرتان على فرض الحلول على اثيوبيا ان ارادتا ذلك, لكن من مصلحتهما ان تبقى المشكلة قائمة وحالة التوتر مستمرة كي تبقى اوراق الحل بأيديهما, فأجواء التوتر في المنطقة هي المناخ الأنسب للاحتلال الصهيوني والادارة الامريكية للتعايش فيه, وهما يتغذيان ويتضخمان على هذه الخلافات والتوتير .
التوتر لا يجب ان يقتصر على سد النهضة وتباين المواقف بين مصر واثيوبيا, بل يجب ان يشمل مناطق اخرى حسب المخطط الصهيو-امريكي, فما يحدث في العراق واليمن وسوريا وليبيا والحصار الذي تتعرض له قطر وعلاقاتها المتوترة مع السعودية والامارات والبحرين كلها تأتي في اطار الشبكة العنكبوتية التي نسجتها الادارة الامريكية والاحتلال الصهيوني واوقعتهم في شباكها, كي يضمنان تحكمهما في المسار السياسي في المنطقة وخدمة مصالحهما المشتركة التي تم التوافق عليها بينهما, فضعف الحالة العربية يبقي اسرائيل القوة الاكبر في المنطقة والشرطي الذي يديرها ويحكم سياساتها, وحتى تلك الدول التي تعيش استقراراً مع جيرانها تم العبث بساحتها الداخلية وامتدت اليد الصهيو-امريكية لتعيث فساداً وتخريباً وتزرع الشقاق والخلاف في الساحة الداخلية العربية, مستغلة معاناة شعوب المنطقة واوضاعها الاقتصادية غير المستقرة, ووصل الحد بهما لاستخدام النعرة الطائفية لزيادة الفجوات داخل بعض البلاد العربية كالعراق ولبنان وسوريا وغيرها, والهدف زرع التوتر والاستناد دائما الى امريكيا واسرائيل لحل المشكلات وهذا بالطبع له ثمن يجب دفعه.
في الحالة الفلسطينية هناك تركيز اكبر على تغذية الخلافات الفلسطينية بين السلطة وفصائل المقاومة, فإسرائيل والادارة الامريكية افشلتا كل جهود المصالحة الفلسطينية وحرصتا على تغذية الانقسام الداخلي الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس بصفتهما الحركتين الاكبر شعبيا, وهما يسعيان لإبقاء الخلاف السياسي مشتعلا بين السلطة والفصائل وعدم افساح المجال للحلول المطروحة, فأمريكا واسرائيل افشلتا قرار الانتخابات المحلية, وتحاولان فصل قطاع غزة عن بقية اجزاء الوطن جغرافيا, واقناع السلطة لإعلان دولتها في غزة والتخلي عن الضفة والقدس وبقية فلسطين لصالح الاحتلال, وكل هذا لن يتحقق الا بزرع الخلاف وتوتير الاجواء الداخلية الفلسطينية, وزيادة الفرقة بين الفصائل والسلطة, وتصدير الازمات لهما.
امريكا واسرائيل لو أرادتا حل مشكلة سد النهضة لفعلتا, ولو أرادتا رفع الحصار الخليجي عن قطر لفعلتا, ولو ارادتا وقف الحرب في سوريا وليبيا واليمن لفعلتا, ولو ارادتا تهدئة الاوضاع في العراق ولبنان لفعلتا, ولو ارادتا الشروع بالمصالحة الفلسطينية وانهاء الانقسام لفعلتا, لكنهما يدركان جيدا ان مصلحتهما في ابقاء الازمات وزيادة التوتر وخلق الفوضى في المنطقة, وكل هذا ستجدونه في طيات الصفحات لما تسمى «بصفقة العصر» التي يصر ترامب وادارته على فرضها, ويعلمان ان نجاحها مرتبط تماما بإشعال الازمات في المنطقة.