الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قرار المحكمة الجنائية الدولية .. الأبعاد والاحتمالات بقلم:المقداد جميل مقداد

تاريخ النشر : 2020-01-15
قرار المحكمة الجنائية الدولية .. الأبعاد والاحتمالات بقلم:المقداد جميل مقداد
قرار المحكمة الجنائية الدولية .. الأبعاد والاحتمالات
المقداد جميل مقداد

تأتي هذه الورقة ضمن إنتاج أعضاء "منتدى الشباب الفلسطيني للسياسات والتفكير الإستراتيجي" الذي يشرف عليه مركز مسارات.

مقدمة

أعلنت فاتو بنسودا، المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، بتاريخ 20/12/2019، أنها تعتزم فتح تحقيقٍ شامل في احتمال ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، بعد إنهاء الدراسة الأولية التي بدأت قبل أربعة أعوامٍ، وتضمّن الإعلان الطلب من الدائرة التمهيدية التأكد من ولاية المحكمة على الأراضي الفلسطينيّة، وتحديد المناطق التي سيشملها التحقيق.[1]

رحّبت القيادة الفلسطينية والفصائل بالقرار، وأكدت ضرورة العمل عليه ومساندة المحكمة في التحقيق[2]، بينما هاجمت إسرائيل المحكمة، واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الإعلان "يومًا أسودًا في تاريخ العدالة والحقيقة".[3]

يطرح القرار تساؤلات حول الإجراءات اللاحقة له، وما يُمكن أن يطرأ على إجراءات التحقيق المزمع بدءه، إضافةً إلى أن الأنظار تتجه إلى القيادة الفلسطينية التي يُلقي الإعلان عليها دورًا مهمًا في كيفية البناء عليه في المستوى الدولي.

فلسطين في الجنائية الدولية

في كانون الثاني/يناير 2009، عقب العدوان الإسرائيلي الأول على قطاع غزة، أودع علي خشان، وزير العدل السابق، إعلانًا رسميًا بموجب المادة 12 (3) من نظام روما الأساسي، لدى مكتب المدعي العام لويس مورينو أوكامبو[4]، والذي بموجبه يقبل بولاية المحكمة على الأراضي الفلسطينية، وقام المدعي العام آنذاك بالمماطلة بدعوى البحث بمسألة وضع فلسطين كدولة في القانون الدولي، وبعد ثلاث سنوات في 2012[5]، امتنع المدعي العام عن اتخاذ قرار، حيث طلب تسوية الأمر في الأمم المتحدة رغم التأكيد على وضع فلسطين كدولة في تشرين الأول/أكتوبر 2011، عندما صوتت غالبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لصالح عضويتها في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو).

انضمت فلسطين إلى (اليونسكو) في العام 2011، في الطريق إلى الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، وصادقت أو انضمت إلى 44 معاهدة واتفاقية، بما فيها ثماني اتفاقيات منبثقة عن اليونسكو في العام 2012، بالإضافة إلى 20 معاهدة أخرى، بما فيها مواثيق حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني الرئيسية، في العام 2014[6]، وأصبحت حتى العام 2018 منضمة إلى 87 اتفاقية دولية[7]، بينما منحت الجمعية العامة للأمم المتحدة فلسطين صفة دولة مراقب غير عضو في العام 2012.

انضمت فلسطين إلى نظام روما الأساسي في كانون الثاني/يناير 2015، وفي الشهر نفسه أودعت إعلانًا قبلت من خلاله باختصاص المحكمة لتحديد وملاحقة مرتكبي جرائم الحرب في الأراضي الفلسطينية منذ 13/6/2014.[8] وبتاريخ 16/1/2015، أعلنت المدعية العامة أنها شَرعت في دراسة أولية للوضع في فلسطين.[9]

أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرسومًا، بتاريخ 7/2/2015، يقضي بتشكيل اللجنة الوطنية العليا المسؤولة عن المتابعة مع المحكمة الجنائية الدولية، التي تتولى إعداد وتحضير الوثائق والملفات التي ستقدم إلى المحكمة.[10]

بعد المجزرة الإسرائيلية بحق المتظاهرين في مسيرات العودة وكسر الحصار في قطاع غزّة، بتاريخ 15/5/2018، قدمت فلسطين رسميًا طلب إحالة إلى المحكمة الدولية لملف الجرائم الإسرائيلية[11]، وتضمنت ملفات عدة، منها الاستيطان، والعدوان على غزة، والأسرى.

بعد الدراسة الأولية

أنشئت المحكمة الجنائية بموجب نظامها الأساسي الذي دخل حيز التنفيذ في 1/7/2002، وهي هيئة دولية لها السلطة لممارسة اختصاصها على الأشخاص، وتختص بالجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية، وجرائم الحرب وجرائم العدوان، وهو ما يُسمى الاختصاص الموضوعي للمحكمة.[12]

تختص المحكمة زمانيًا، وفق المادتين (11، 42/1) في الجرائم التي تُرتكب منذ بدء سريان نظامها، وبذلك لا تختص في أي جرائم قبل 1/7/2002، وفيما يتعلق بالدول التي تنضم إلى النظام، فإن اختصاص المحكمة فقط يسري على الجرائم التي ترتكب بعد انضمام الدولة، لكن يُمكن للدولة تقديم إعلان يتضمن قبولها باختصاص المحكمة على أراضيها قبل انضمامها، وفق المادة (12/3)، وهذا ما قامت به فلسطين قبل انضمامها إلى النظام، في المرّة الأولى في عام 2009، وفي المرة الثانية في العام 2014، قبل انضمامها إلى المحكمة.[13]

يسمح النظام للمدعية العامة بفتح تحقيق بشكل مباشر دون إذن من الدائرة التمهيدية في الحالة الأولى، وهي إحالة ملفات من دولة عضو، ولا تستطيع الدائرة في هذه الحالة وقف التحقيق، أمّا الحالة الثانية التي تتمثل بإعلان من دولة ما أن النظام يسري على أراضيها، فيتوجب على المدعية العامة أخذ الإذن من الدائرة التمهيدية قبل فتح التحقيق.

قالت بنسودا في قرارها "نظرًا لوجود إحالة من دولة فلسطين، فلا يُشترط استئذان الدائرة التمهيدية قبل الشروع في التحقيق، ولن أسعى إلى ذلك"، ويعني ذلك أن المدعية العام ستفتح تحقيقًا بناءً على إحالة فلسطين، وليس بناءً على الإعلان الصادر عنها لاحقًا.[14]

مكانيًا، تختص المحكمة بالجرائم التي تقع في إقليم إحدى الدول الأطراف، سواء أكان المعتدي تابعًا للدولة طرفًا أم لدولة ثالثة، وهذه الأخيرة غير ملزمة بالتعاون مع دولة الإقليم أو مع المحكمة، إلا بتوافر التزام دولي كاتفاقيات التسليم أو المعاهدات المتعددة الأطراف.[15]

في الحالة الفلسطينية، طلبت المدعية العامة من الدائرة التمهيدية قرارًا بمدى انطباق حالة فلسطين على نظام روما الأساسي، أي مدى إمكانية بدء التحقيق وتحديد الأراضي التابعة لدولة فلسطين في ظل الاستيطان والاحتلال.

يتدرج العمل في المحكمة يمراحل عدة: الأولى، بدء الدراسة والفحص الأولي، للتأكد من وجود أدلة أو ظروف تُفيد بوقوع جرائم تختص بها المحكمة، وهي التي بدأت في حالة فلسطين منذ العام 2015، وانتهت بإعلان المدعية العامة الأخير. فيما تكون المرحلة الثانية ببدء التحقيق، وهذا يتعلق بشكل أساسي – في الحالة الفلسطينية - برأي الدائرة التمهيدية الذي طلبته المدعية العامة.[16]

لا يتوقع أن يشوب تحديد ولاية المحكمة على إقليم فلسطين أية مشاكل، فيما يتعلق برأي الدائرة التمهيدية، إذ إن انضمام فلسطين إلى اليونسكو، وقبولها كدولة مراقب في الأمم المتحدة، والعديد من الخطوات التي اتخذتها سابقًا في الهيئات الدولية، تشير إلى قبولها كدولة أمام هذه الهيئات، ومنها المحكمة الجنائية، لكنّ الأمر يبقى فيما يتعلّق بتحديد المناطق التي تقع عليها هذه الولاية، في ظل سلطة الاحتلال على مناطق من الضفة الغربية والقدس الشرقية. ومن المتوقع أن ترد الدائرة التمهيدية على طلب المدعية في غضون 120 يومًا، ويُمكن أن يتم قبل الموعد أو بعده.[17]

كما أن الدائرة التمهيدية قرّرت في العام 2017، إنشاء نظام خاص بالمعلومات يتعلق بالحالة الفلسطينية وأوضاع الضحايا والمتضررين من الجرائم فيها، ويتضمن ذلك إنشاء صفحة معلومات خاصة بفلسطين على موقع المحكمة (تضم الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية)، ما يعني إقرار الدائرة ضمنيًا بولاية المحكمة على الأراضي الفلسطينية[18]، ما سيصعّب عليها التراجع عن هذا الموقف، ويرجّح نحو الموافقة والإقرار بولاية المحكمة لبدء التحقيق، التي لا تبدو أيضًا مؤكدة.

 لكن تبقى بعض الاحتمالات واردة، مثل تعرّض قضاة الدائرة التمهيدية للضغوطات السياسية من حلفاء إسرائيل، ولجوئهم إلى إعطاء رأي آخر، وإثارة ملفات قد تكون عقبة أمام البدء في التحقيق، من قبيل التشكيك في اعتبار فلسطين دولة، أو في صعوبة تحديد أراضيها، واعتبار أن الحدود متنازع عليها، وهذا ما أشار إليه خبيرٌ قانوني إسرائيلي بصراحة[19]، أو يمكن للدائرة أن تدّعي عدم تلقيها المعلومات الكافية للإقرار بولاية المحكمة على هذه الأراضي، وهو ما يُلقي بالمسؤولية على المستوى الرسمي الفلسطيني، للعمل على هذا الجانب.

المواقف من القرار

أدى إعلان المدعية العامة للمحكمة إلى ردود فعل كبيرة، فعلى المستوى الفلسطيني، قال الرئيس محمود عباس "هذا اليوم عظيم لأننا حققنا فيه ما نريد، واعتبارًا من اليوم ستبدأ ماكينة المحكمة الجنائية الدولية بتقبل القضايا التي قدمناها"[20]، ورحبت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بالإعلان، وأبدت الاستعداد لتسهيل مهام أي لجان والتعاون معها[21]، كما رحبت غالبية الفصائل والمؤسسات الفلسطينية بالإعلان الذي اعتبرته "تاريخيًا بالنسبة للشعب الفلسطيني".[22]

أعلنت ثلاث مؤسسات حقوقية فلسطينية أعضاء في اللجنة الوطنية للمتابعة مع الجنائية الدولية، دعم عمل المحكمة[23]، لكنها تساءلت عن سبب تأخر مكتب المدعي العام لسنوات عديدة في معالجة مسألة الولاية الإقليمية.

على المستوى الإسرائيلي، وصف نتنياهو الإعلان بأنه "يوم أسود"، وقال إنه "ليس للمحكمة ولاية قضائية في الأمر"، بينما قال بيني غانتس، رئيس حزب "أزرق أبيض": "إن الجيش الإسرائيلي ودولة إسرائيل لا يرتكبان جرائم حرب"، في الوقت الذي اعتبره أفيخاي مندلبليت، المستشار القضائي للحكومة، "غير معقول ومتسرع"، وقال إن إسرائيل "ملزمة وملتزمة باحترام القانون الدولي والقيم الإنسانية ... ولا يوجد مكان للتدخل القضائي الدولي في هذه الحالة".[24]

أما عربيًا، فقد أشادت الجامعة العربية بالقرار، الذي اعتبرته خطوة نوعية مهمة تعبر عن إرادة المجتمع الدولي.[25] في المقابل، عارض مايك بومبيو، وزير الخارجية الأميركي، فتح التحقيق، واعتبر أن "الفلسطينيين غير مؤهلين كدولة ذات سيادة، للمشاركة في المنظات الدولية".[26]

لم تصدر الكثير من المواقف الدولية حول القرار رغم أهميته، ما يدُل ربما على تغيّر في نظرة المجتمع الدولي إلى إسرائيل، الذي أصبح يُقر بارتكابها الجرائم ويراها طرفًا لا يحترم قرارات الشرعية الدولية، خصوصًا مع تمدُد الاستيطان والقرارات المتلاحقة ومنها المتعلقة بالقدس وضم الجولان، رغم عدم اتخاذ خطوات عملية رادعة لتحمل مسؤولياتها والتراجع عن انتهاكاتها.

أبعاد القرار

يجعل قرار المدعية العامة الفلسطينيين أمام احتمالات عدة، تتطلب جميعها العمل الجادّ للمرحلة اللاحقة والبناء على القرار. يُمكن أن تنجح المحكمة في البدء بالتحقيق، ما يُتجه إلى مساعي الإدانة، ويتطلب هذا استغلال القرار في حشد الدعم الدولي للشعب الفلسطيني، على أساس ارتكاب إسرائيل لجرائم حرب بحق مواطني دولة فلسطين.

من شأن القرار تشجيع لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على إصدار "القائمة السوداء" للشركات العاملة في المستوطنات، فقد قالت صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية، إن اللجنة تنوي الإعلان عن القائمة، ووصفته أنه "تصاعد للحملة الديبلوماسية التي تهدف إلى محاربة الاستيطان المخالف لقرارات الجمعية العامة".[27]

قالت بنسودا إنها مقتنعة بوجود جرائم حرب قد ارتُكبت وتُرتكب في الضفة والقطاع، وإنها ستسمح للمجني عليهم والدول المعنية والأطراف الأخرى بالمشاركة في إجراءات إصدار قرار الدائرة التمهيدية، ما يعني إمكانية مشاركة فلسطين في المتابعة مع الدائرة، من خلال إمدادها بالآراء القانونية والملفات.

قد تحاول إسرائيل سحب البساط من تحت المحكمة الدولية، من خلال اللجوء إلى محاكمات صورية تدّعي خلالها البدء بمحاكمة قادتها وضباط جيشها، إذ يعتبر قضاء المحكمة "تكميليًا" للقضاء الوطني، حيث لا يمكن للجنائية الدولية محاكمة أي أشخاص يحاكمون أو حُوكموا في بلادهم، وبذلك تُجرد إسرائيل المحكمة من ولايتها، لكن الأمر يبدو مستبعدًا في الوقت الحالي، إذ أثبتت العديد من المواقف صعوبة قبول إسرائيل لصورة المُدان أمام المجتمع الدولي؛ كما يصعب تطبيق هذا القرار في بعض الجوانب من قبيل محاكمة قادة المستوطنين الذين أقاموا بؤرًا استيطانيّة، أو محاكمة المسؤولين الذين صادقوا على بنائها، ما يجعل غالبية القادة الإسرائيليين في محط الاستهداف.

يمكن أيضًا تعطيل عمل المحكمة من خلال الضغوط السياسية أو مجلس الأمن، حيث خول نظام روما مجلس الأمن دورًا سلبيًا يستطيع من خلاله أن يشل عمل المحكمة ويُقرر تأجيل التحقيق أو المحاكمة، لمدة 12 شهرًا قابلة للتمديد[28]، إذا ما تدخلت الاعتبارات السياسية في الأمر، وهذا ما يُمكن لإسرائيل والولايات المتحدة العمل عليه.

من المهم الإشارة إلى أن الولايات المتحدة، هدّدت المحكمة، بتاريخ 10/9/2018، في حال مست التحقيقات مواطنين أميركيين، أو مواطني دول حليفة لواشنطن.[29]

رغم أهمية القرار، إلا أنه ليس من المستبعد لجوء القيادة الفلسطينية إلى المناورة من خلاله، واستغلاله كخطوة للضغط على إسرائيل، حال بدء المحكمة إجراءات التحقيق، أو تعرضها إلى ضغوطاتٍ من قبل الدول الحليفة لإسرائيل، على غرار ما حصل في تقرير القاضي غولدستون بشأن الحرب على غزة، الذي سُحِبَ من مجلس حقوق الإنسان، بضغوطٍ أميركية، ما يضع احتمالية لجوء السلطة إلى سحب الإحالة المقدمة إلى المحكمة.

خاتمة

يتوجب على الفلسطينيين العمل على جانبيْن: الأول، التعاون مع الدائرة التمهيدية في المحكمة، من أجل إصدار قرار سريع يضمن عدم إهمال ملف التحقيق. والثاني، استثمار القرار في تشكيل وسائل ضغط على إسرائيل لوقف جرائمها وحشد التضامن مع الشعب الفلسطيني، ففي السابق أخذت فلسطين العديد من القرارات التي لم تُستثمر بالشكل المناسب.[30]

يتطلب ذلك حشد كل الأدوات القانونية والديبلوماسية على اعتبار أن المحكمة أقرّت بوجود جرائم ارتكبتها إسرائيل بحق الفلسطينيين، والذهاب نحو إقرار الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، التي طالبت بها فلسطين مرارًا.

لا يجب إغفال انتخاب فلسطين كعضو في المكتب التنفيذي لجمعية الدول الأعضاء في الجنائية الدولية، بتاريخ 2/12/2019[31]، الذي يُشرف على عمل الجمعية، والذي يتضمن اتخاذ ما يلزم لضمان قيام المحكمة بمهامها، فهذه إحدى الأدوات التي يجب على فلسطين العمل من خلالها في إسناد الدائرة التمهيدية.

يدُل القرار على نظرة أخرى بدأ المجتمع الدولي يتخذها نحو إسرائيل، يجب الاستناد إليها؛ إلّا أن ذلك لا ينفي احتمالية لجوء القيادة الفلسطينية إلى سحب إحالتها المقدمة إلى المحكمة، في إطار المناورة، إذا ما تعرّضت إلى ضغوطاتٍ أو أخذت تنازلاتٍ إسرائيلية أو أميركية، فقرار اللجوء إلى المحكمة كان وما زال خطوة سياسية بمضمونٍ قانوني.

الهوامش

[1] Statement of ICC Prosecutor, Fatou Bensouda, on the conclusion of the preliminary examination of the Situation in Palestine, ICC, 20/12/2019. 

[2] الخارجية: المحكمة الجنائية الدولية تأخذ خطوات نحو فتح التحقيق، وزارة الخارجية الفلسطينية، 20/12/2019. 

[3] نتنياهو يهاجم قرار الجنائية الدولية التحقيق بجرائم حرب في فلسطين، وكالة الأناضول، 20/12/2019. 

[4] المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، تفتح دراسة أوّلية للحالة في فلسطين، المحكمة الجنائية الدولية، 16/1/2015. 

[5] المصدر السابق.

[6] فلسطين تنضم رسميًا إلى اتفاقيات جنيف، ميدل إيست أونلاين، 11/4/2014. 

[7] الاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها دولة فلسطين، وزارة الخارجية الفلسطينية، 17/6/2019. 

[8] رسميًا .. فلسطين عضو في "الجنايات الدولية"، وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا)، 1/4/2015. 3

[9] المدعية العامة للمحكمة الجنائية، مصدر سابق.

[10] مرسوم رقم (3) لسنة 2015م بشأن تشكيل اللجنة الوطنية العليا للمتابعة مع المحكمة الجنائية الدولية 

[11] فلسطين تطرق باب العدالة الدولية، وكالة وفا، 22/5/2018. 

[12] فدوى الذويب، المحكمة الجنائية الدولية، رسالة ماجستير، جامعة بيرزيت، 2014.

[13] المصدر السابق.

[14] المدعية العامة للمحكمة الجنائية، مصدر سابق.  

[15] محمد إسماعيل حكيمي، اختصاصات المحكمة الجنائية الدولية، الحوار المتمدن، 22/2/2013. 

[16] مقابلة مع عصام يونس، مفوض عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، دنيا الوطن، 24/12/2019.

[17] مقابلة صحفية مع المدعية العامة للمحكمة لجنائية الدولية، صحيفة "معاريف"، 29/12/2019. 

[18] صفحة فلسطين في موقع المحكمة الجنائية الدولية

[19] قد تكون اتفاقيات أوسلو أفضل دفاع ضد تحقيق المحكمة الجنائية الدولية، صحيفة "يديعوت أحرنوت"، 24/12/2019. 

[20] الرئيس يرحب بإعلان الجنائية الدولية، وكالة وفا، 20/12/2019. 

[21] تصريح صحفي ترحيبًا بقرار الجنائية الدولية، موقع حركة حماس، 20/12/2019. cutt.ly/Oru43Y6

[22] ترحيب فلسطيني بقرار الجنائية الدولية .. ونتنياهو غاضب، بوابة الهدف، 20/12/2019. 

[23] المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية تقرر التقدم في التحقيق في الوضع في فلسطين، المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، 22/12/2019. 

[24] إسرائيل تخشى إصدار الجنائية الدولية أوامر اعتقال دولية بحق كبار المسؤولين، تايمز أوف إسرائيل، 22/12/2019. 

[25] الجامعة العربية ترحب بتحقيق "الجنائية الدولية" في جرائم حرب بفلسطين، وكالة الأناضول، 21/12/2019. 

[26] بومبيو: واشنطن تعارض تحقيق الجنائية الدولية في ادعاءات بـ"جرائم حرب" بالأراضي الفلسطينية، فرانس 24، 21/12/2019. 

[27] الأمم المتحدة تنشر قائمة سوداء بالشركات العاملة في المستوطنات الشهر المقبل، صحيفة "يديعوت أرجونوت"، 22/12/2019. 

[28] المادة (16) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

[29] الولايات المتحدة تهدد "المحكمة الجنائية الدولية"، هيومن رايتس ووتش، 16/3/2019. 

[30] أوريان 21: ما الذي تغيره عضوية فلسطين في المحكمة الجنائية الدولية؟، الجزيرة نت، 22/12/2019. 

[31] انتخاب دولة فلسطين عضوًا في المكتب التنفيذي لجمعية الدول الأطراف، وزارة الخارجية الفسطينية، 6/12/2019. 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف