الأخبار
الولايات المتحدة تفرض عقوبات على مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية(أكسيوس) يكشف تفاصيل محادثات قطرية أميركية إسرائيلية في البيت الأبيض بشأن غزةجامعة النجاح تبدأ استقبال طلبات الالتحاق لطلبة الثانوية العامة ابتداءً من الخميسالحوثيون: استهدفنا سفينة متجهة إلى ميناء إيلات الإسرائيلي وغرقت بشكل كاملمقررة أممية تطالب ثلاث دول أوروبية بتفسير توفيرها مجالاً جوياً آمناً لنتنياهوالنونو: نبدي مرونة عالية في مفاوضات الدوحة والحديث الآن يدور حول قضيتين أساسيتينالقسام: حاولنا أسر جندي إسرائيلي شرق خانيونسنتنياهو يتحدث عن اتفاق غزة المرتقب وآلية توزيع المساعدات"المالية": ننتظر تحويل عائدات الضرائب خلال هذا الموعد لصرف دفعة من الراتبغزة: 105 شهداء و530 جريحاً وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعةجيش الاحتلال: نفذنا عمليات برية بعدة مناطق في جنوب لبنانصناعة الأبطال: أزمة وعي ومأزق مجتمعالحرب المفتوحة أحدث إستراتيجياً إسرائيلية(حماس): المقاومة هي من ستفرض الشروطلبيد: نتنياهو يعرقل التوصل لاتفاق بغزة ولا فائدة من استمرار الحرب
2025/7/10
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قراءة في رواية نزلاء العتمة للروائي زياد محافظة بقلم:هناء عبيد

تاريخ النشر : 2020-01-15
قراءة في رواية نزلاء العتمة للروائي زياد محافظة  بقلم:هناء عبيد
قراءة في رواية نزلاء العتمة للرّوائي زياد محافظة.

هناء عبيد

إنّه العالم الآخر الّذي نجهله ونخشاه، حيث يقبع الجسد بين جدران ذلك المستطيل الضّيّق، بعد أن تنهال عليه ذرّات التّراب؛ أيّة أسرار يحملها هذا الجسد الشّاحب بين طيّات الأزمنة الّتي عاصرها.
أجساد تجاور بعضها البعض تستقبل جيرانها واحدًا تلو الآخر؛ في جعبة كلّ واحد حكايا وأسرار، إنّها حكاياتهم وحكاياتنا لاحقًا؛ يتطرّق لها الرّوائي زياد محافظة من خلال روايته نزلاء العتمة الصّادرة عن دار فضاءات للنّشر. نتنزّه أو ربّما نبكي بينما نجوب تلك العتمة من خلال ١٩٧ صفحة قبعت تحت دفتيّ هذا الكتاب.

هي لحظة الانعطاف؟! حينما نودّع عالمًا فوق الأرض إلى عالم آخر تحتها؛ نستقبل فيه أناسًا بابتسامات أكثر دفئًا من تلك الّتي تركناها خلفنا.

هل حقًّا الموت هو الكفيل بخلاصنا من الكوابيس والألم والأوجاع؟! ربّما يتحقّق ذلك، لكنّ الذّاكرة تظلّ مشبعة بالحنين إلى أصحاب الحبّ، ومثقلة بقسوة أصحاب الشّر. إذ ما زال مصطفى السّجين القابع بين قضبان الظّلم يبحث عن زوجته أماني، وما زال ذلك الصّوت الخانق يلاحقه في قبره المعتم، يسأله بحنق، كيف لحكيم مثلك أن لا يخبر عن مجموعة قذرة؟!

كم هو مؤلم أن يكون القبر بعتمته وصمته أكثر رأفة من العالم الخارجيّ بفضائه الواسع؛ وكم هي القسوة حينما يحنّ أهل الطّوابق السّفلى على الجسد ويكونوا أكثر رأفة من أناس تنبض بهم الحياة على سطح الأرض.
وما أبشع أن تصبح رائحة الموت رائحة شهيّة نبحث عنها بتلذّذ إلى أن ننالها، هذا ما تمنّاه مصطفى بعد أن نالته سياط جلّادٍ أوغل بالوحشيّة، فالموت أرحم من تلك الوحوش الّتي تجعل من الحياة موتًا وتحيل الموت حياة وابتهاجًا.

هناك في عتمة العالم الآخر يسرد كلّ فرد وجعه وهو محفوف بالحياة فوق الأرض الّتي اشتدّ سقيعها أكثر من القبر، تنتقل شخوص الرّواية من فوق الأرض إلى تحته لتستكمل مسيرتها مع مصطفى؛ الرّجل الّذي وجد العدالة تحت سراديب الموت.

من خلال السّارد العليم نتعرّف إلى هذا العالم الّذي نخشاه دومًا والّذي قد يكون هو فرحنا وخلاصنا من الخوف؛ كيف للمفردات الّتي تجوّلت من خلال عتمة وحفرة ضيّقة أن تتحدث بهذا الإسهاب عن روح أتعبها الألم والقهر والظّلم؛ إنّها براعة السّارد الّتي تستطيع توظيف ما قلّ من أدوات ملموسة إلى فضاءٍ فسيح بأفضل وجه، إذ من تلك العوالم المحدودة استطعنا أن نتجوّل في خبايا النّفس وإرهاصاتها عبر عبارات أدبّية أنيقة ولغة رصينة جعلت من الاستمرار بالتزود من النصّ متعة نود متابعتها دون توقّف. .

وعند تجاهل المكان والزّمان تكون الإسقاطات، لتنجو الكلمات من الجلّاد، حيث لا مكان أو زمان لأحداث الرّواية، فهناك الدّولة الظّالمة، وهناك السّجان، وهناك الانقلاب على الظّلم، وهناك القهر فأيّة بقاع الأرض هي المقصودة بفكر السّارد، ربّما هي أيّة بقعة على الأرض، فالظّلم عمّ جلّ أرجاء المعمورة؛ كذلك القبور ترأف بالقلم أيضًا وتجنّبه مقصّ الرّقيب، فهي أكثر عدالة من الأرض، نصول ونجول فيها، نتحدث بخفايا صدورنا بكلّ أريحيّة دون خوف أو وجل، نحقّق أحلامنا الّتي قتلتها قسوة الجلّاد؛ لكن من يدري قد نتفاجأ بقعر القبور بمن هم على شاكلة ياسين وشهاب الدّين وغيرهم ممّن يحاربون النّور والموسيقا والسّعادة، وكم هي الخيبة حينها، حينما يكون الأشرار في قبور الموت على موعد مع الّذين آثروا الانعزال بعيدًا عن القسوة والظّلم، فيأتون ليقاتلوا الشموع مصدر النّور ، ويفرضوا العتمة؛ إنّهم أصدقاء الظّلام، أعداء التّقدم؛ هؤلاء الّذين أخرسوا همسات الموسيقا، غذاء الروح، هم هناك وهنا، لكنّ الموت بعتمته يظلّ أكثر أمانًا من فوق الأرض؛
فلماذا نخشى الموت إذن؟! أليس هو المكان الوحيد لإقامة العدل؛ فالجميع تحت أجنحته سواسية، حتّى وإن كانت تلك الأجنحة مشلولة شاحبة.

ترى هل سنتمنى الموت يومًا؟
رواية لن تنساها الذّاكرة، فالعنوان عتبة كاشفة لثيمة تغوص في عالم المجهول الّذي نخشاه.
رواية غرائبيّة خياليّة قيّمة، تطرّقت لغير المألوف بلغة أدبيّة سلسة، حازت على أفضل جائزة في مجال الرّواية في معرض الشّارقة للكتاب، وهي قيمة أدبية أضيفت إلى رفوف المكتبة العربيّة.
هناء عبيد
شيكاغو
1/11/2020
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف