الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

انفجار بقلم: صلاح بوزيّان

تاريخ النشر : 2019-12-21
انفجار بقلم: صلاح بوزيّان
انفجار

لا شيء يدفع إلى النّسيان .. خلل حدث في ينابيع القرية .. دويّ الانفجار مازال عالقًا بأذهان أهل القرية .. توارت التّفاصيل في أذهان النساء و الأطفال ، ولكنّ الرّجال متشبّثون بالسّؤال المحيّر : من وضع الألغام ؟ من اغتال السيّد ولد عربيّة ؟ و لماذا تهاطلت علينا قوافل الأغراب و المنبوذين ؟ ، نعم خربتْ القرية بين عشيّة و ضحاها .. تهدّمت البيوت و الأسواق والدّكاكين و المقبرة .. وتناثرت القبور ورفات الأموات .. و احترقت الصّحف و ضاعت الأقلام .. القرية تتوشّح السّواد و أكوام من الحيرة الصّلبة .. الأوحال تملأ الطّرقات .. الفوانيس مكسّرة .. الحنفيات معطّبة .. أعمدة الكهرباء محطّمة على الأرض تساوت مع التّراب و الحجارة .. و بين ذلك كلّه نجا برج الحاج صالح من التّفجير .. بناية شامخة واسعة .. لها باب خشبيٌّ كبير .. و سور حجريٌ عريض و عال لا تُدركه أقدام المتسّلقين و لا أبصار اللّصوص .. و على يمين الباب شجرة زيتون كبيرة و عريضة .. أغصانها ممتدّة ، معانقة للسّور .. حبّات الزّيتون غليظة و شديدة السّواد .. الأغصان مملوءة بحبّات الزّيتون .. و لكن من يجنيها .. تعجّب خليفة العتروسي و ردّد السّؤال مرّات ومرّات : من فجّر القرية ؟ و كيف نجت بناية الحاج صالح ؟ الحاج صالح عاد من ليبيا لمّا سقط إدريس السنوسي .. و بنى البرج ، وسكنه ، وكان يُنفقُ على المحتاجين والفقراء والأيتام .. صرخ المؤدّب قدّور: { اتّقوا الله الحاج صالح بنى البرج من عرق جبينه ، و ساعد أهل القرية في كثير من المحن والشّدائد ، فلا غرابة من نجاة البرج ، لقد نجّاه الله وأهلكنا و ابتلانا بالانفجار الغريب ، و لكن كيف سنعيد بناء بيوتنا و أسواقنا ، و إيّاكم ثمّ إيّاكم أن تقولوا لي نقترض من التّجار اليهود } .. كان الطّقس باردا .. القلوب محترقة حزينة .. الوجوه سوداء .. بكاء أطفال ينبعث من بين الأشجار .. تنهّد ولد فطيمة و قال : { ضاع أولادنا و ضاعت مدرستهم و المعهد الثّانوي ، كلّ المقاعد و السّبورات  أكلتها ألسنة النّار ، من فعل بنا هذا ؟ }

أضاف الشاذلي ولد الحاج العجمي  : { فعلتموه بأيديكم ، بغفلتكم بقلّة حمد الله على نعمة الستر ، كم مرّة كنت تمتعضون من القرية وحال القرية ، وكنتم كلّما زرتم قرى أخرى تأتون بسيول النّقمة على القرية وعلى العُمدة .. شبعتم و امتلأت قلوبكم غيضا على العمدة ، وهاهي العاقبة أتت من بعيد } أردف ولد فطيمة :{ لم نكره العمدة بل كرهنا عائلته الفاسدة ، ابنه الذي يشاركنا  موسم الحصاد ، ويقتسم معنا المحصول كيسًا كيسًا و يقاسمنا جني الزيتون ، ويذهبُ إلى المعصرة بالدّنان ، فيملأ الزّيت ويبيعه بالثّمن الذي يحلو له و كأنّه رزقه .. إنّه الظلم .. صهر العمدة يملك الشاحنات .. وافتكّ مقطع الحجارة و أقام عليه مصنعا للاسمنت ، أخت العمدة التي تجلب السّلع إلى القرية و تبيعُها لنا بأثمان مضاعفة } صاح صوت :{ كفى ، كلّ شيء انتهى العمدة هرب ، والانفجار وقع ، و نحن رمّمنا ما استطعنا إليه سبيلا ، ولكن من فعل ذلك ؟ و ماذا جنينا ؟  علينا أن نبحث عن مخرج من هذه الحرب .. و نحذر هذه القوافل التي جاءت بعد وقوع الانفجار } خيّم صمتٌ على الأهالي .. هم قعودٌ حذوى برج الحاج صالح .. نفر منهم يلعبون الخربقة و يتهامسون .. و طائفة  في سبات عميق .. أتت ثلاث نساء و على رؤوسهنّ جفنات يتصاعد منها بخار .. انتشرت رائحة الكسكس و اللّحم و الزّبيب في المكان .. و ضعن الغداء وانصرفن من الميعاد .. تتبادل الرّجال النّظرات .. و امتدّت الأعناق و جحظت الأعين .. وتحرّك الجوع .. و لم يغادروا أماكنهم حتّى جاءت أربع فتيات .. كلّ اثنتين تحملان جفنة .. و بلطف وضعن الجفنتين و الملاعق الخشبية .. و أتى رجال القوافل أفشوا السّلام و ثمّ وزّعوا على أهل القرية العنبر و المسك و البرانيس و كثيرا من الفاكهة ، و شاركوهم  الطّعام .. انقطع الكلام فلا تسمعُ إلاّ تأوّهات التلذّذ .. انطفأ الهلع والخوف .. و بدأت الدردشات و أحاديث الإعمار و البيع والشّراء .. همس كبير القرية : { الآن فهمتُ كلّ شيء ، ولن أبوح بالسّر } غمغم ثمّ ترك الطّعام .. عاد إلى خيمته قرب برج الحاج صالح .. جمع متاعه و ركب الجواد .. وكتب بعود محترق على جدار الحاج صالح : { مصيبتكم من رجال القوافل } ثمّ اختفى بين الفيافي .   
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف