الأخبار
ما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيلإسرائيل ترفض طلباً لتركيا وقطر لتنفيذ إنزالات جوية للمساعدات بغزةشاهد: المقاومة اللبنانية تقصف مستوطنتي (شتولا) و(كريات شمونة)الصحة: حصيلة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة 32 ألفا و490 شهيداًبن غافير يهاجم بايدن ويتهمه بـ"الاصطفاف مع أعداء إسرائيل"الصحة: خمسة شهداء بمدن الضفة الغربيةخالد مشعل: ندير معركة شرسة في الميدان وفي المفاوضاتمفوض عام (أونروا): أموالنا تكفي لشهرين فقط
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قراءة نقدية في أجندة السياسات الوطنية "المواطن أولا" بقلم: فائد عواشره

تاريخ النشر : 2019-12-16
قراءة نقدية في أجندة السياسات الوطنية "المواطن أولا" بقلم: فائد عواشره
قراءة نقدية في أجندة السياسات الوطنية "المواطن أولا"

بقلم: فائد عواشره

عمدت الحكومات الفلسطينية المتعاقبة الى وضع الخطط الوطنية والسياسات التنموية ابتداءً من الخطة الأولى للتنمية للسنوات 1994-2000 واستراتيجية التنمية الاقتصادية عبر الاستثمار للسنوات 1996-1997، تبعتها خطة التنمية الخمسية وخطة تجسيد السيادة الفلسطينية. اما في مرحلة ما بعد الانقسام الفلسطيني، فقد اعتمدت الحكومات الفلسطينية مجموعة من السياسات والخطط، كخطة الإصلاح والتنمية للسنوات من 2008-2010 والتي جاءت بعد انقطاع المساعدات الدولية لمدة عامين ثم تبعتها الخطة الوطنية للسنوات من 2011-2013 وخطة بناء الدولة من 2014-2016. وأخيرا وفي 22/02/2017 أصدر رئيس الوزراء الفلسطيني في حينه اجندة السياسات الوطنية للأعوام 2017-2022 والتي اتخذت من شعار "المواطن أولا" عنواناً لها. وقد جاءت اجندة السياسات هذه مرتكزة على ثلاثة محاور رئيسية: الطريق نحو الاستقلال ويتضمن تجسيد الدولة والفلسطينية وانهاء الاحتلال وتحقيق الوحدة الوطنية وتعزيز المكانة الدولية لفلسطين. أما المحور الثاني فقد جاء تحت عنوان "الإصلاح وتحسين الخدمات العامة" ويتضمن رفع مستوى فعالية واستجابة الحكومة للمواطن. في حين جاء المحور الأخير مخصصاً للتنمية المستدامة وتتضمن الاستقلال الاقتصادي والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون والتعليم والرعاية الصحية الشاملة وتمكين المجتمع.

لقد جاءت صياغة الخطة بلغة سهلة بسيطة، خالية من التعقيد، الا انه غلب عليها الاسترسال في النصوص والحشو أحيانا. أما من حيث بنية الاجندة، فقد جاءت اقسامها متتابعة مترابطة وان خلت من مخطط (رسم توضيحي) يلخص كل المحاور ومجالاتها، ويوضح الأولويات والتدخلات السياساتية وارتباطها بالمسببات الرئيسية Root Causes للمشاكل العامة والتي تسعى الحكومة لحلها من خلال اجندة السياسات العامة. كما وتجدر الإشارة الى خلو الوثيقة من منهجية اعدادها وتحديد الأدوار التي لعبتها الجهات المختلفة في تحضير المسودات ومراجعتها. أما من حيث الإطار الزمني لأجندة السياسات الوطنية للأعوام 2017-2022 فقد جاء متناسبا مع مفهوم التخطيط متوسط وبعيد المدى، ومتناسقا مع آليات وضع الخطط وتنفيذها ومراجعتها وتقييمها، فبعد ان كانت الخطط في الفترات السابقة تمتد لثلاث سنوات فقط، بشكل لا تتاح فيه للحكومات وصانعي السياسات والجهات المعنية بتنفيذ الخطط، الحصول على تغذية راجعة. ذلك ان العمل الحكومي بيروقراطي بطبيعته ويتطلب تحضيرات وعملية "تكييف" لأجهزة وعمليات الدولة لتمكينها من تنفيذ الخطط. كما وقد تمتد فترة اعداد الخطة اللاحقة الى ما يزيد على العام لتحضير. وهذا معناه ان الحكومات السابقة قد باشرت في التخطيط للمرحلة التالية دون معرفة نتائج تنفيذ الخطة الآنية. في حين يترك إطار الست سنوات وقتا كافيا ما بين اعداد الخطة والبدء في تنفيذها، وبين البدء في التخطيط للمرحلة التالية، ويسمح في الوقت نفسه بمشاركة أوسع للجهات المختلفة من المؤسسات العامة ومؤسسات المجتمع المدني في اعداد الخطة.  كما ان إطار السنوات الست قد جاء متناغما مع الأطر الزمنية السابقة لتيسير هذا التغيير، فهو عبارة عن مثلي فترة التخطيط السابقة. على سبيل المثال، لن يكون من السهل على المانحين تكييف عملياتهم لفترة لا تكون من مضاعفات العدد (3) وهي فترات التخطيط المعتمدة سابقاً لديهم.

من حيث مضمون الخطة، فقد عالجت الخطة المشاكل العامة من خلال تصنيفها -بحسب طبيعتها- الى محاور ثلاثة: الاستقلال وما يجب ان يسبقه من وحدة وطنية وانهاء الاحتلال. الإصلاح وتحسين الخدمات العامة، والتنمية الاقتصادية. في المحور الأول، يتضح البعد السياسي للمحور وتتجلى فيه اللاواقعية، ذلك ان كافة الأولويات الوطنية في هذا المحور-على أهميتها المطلقة- كان ينبغي التعامل معها كظروف قائمة لا تستطيع الحكومة الفلسطينية فعل الكثير بشأنها. كما خلط واضعو اجندة السياسات -او لعلهم قصدوا ذلك- بين دور منظمة التحرير الفلسطينية ودور الحكومة الفلسطينية. فقضايا التحرر وانهاء الاحتلال والوحدة الوطنية هي من صميم عمل منظمة التحرير، في حين تقتصر مهام ومسؤوليات السطلة الوطنية على تقديم الخدمات العامة والاساسية في أراض محتلة. وبالتالي، كان من الاجدر ان تترك الحكومة هذا المحور كليا لمنظمة التحرير الفلسطينية وحركات المقاومة الوطنية والاسلامية، وان تقتصر تدخلاتها السياساتية على الجزء الاجرائي مما تقره منظمة التحرير والمرتبط بمهام الجهاز التنفيذي للسلطة الوطنية الفلسطينية، مع ضرورة الانتباه الى ان حصول فلسطين على صفة "دولة مراقب" لا يغير من واقع الحال شيئا. وكنتيجة لهذا الخلط، فان هذا المحور وبعد ان كان هدفا، أصبح عبارة عن مجموعة من الفرضيات والمحددات التي فرضت قيودا على المحورين الثاني والثالث.

اما المحور الثاني فقد جاء ليعالج قضايا المواطن وهمومه، اي ما يحتاجه من خدمات أساسية، وقد أحسن واضعو هذه الاجندة صنعا عندما ربطوا بين حصول المواطن على الخدمات الأساسية وكفاءة إدارة المال العام من خلال تبني الحكومة لمفاهيم المساءلة والشفافية. الا ان الحكومة قد عملت على اتباع نهج سابقاتها في معالجة مواضيع الخدمات الأساسية وأولويات المواطن. على سبيل المثال، لم تكن أجندة السياسات الوطنية موزونة بين التدخلات التي تراها الهيئات المحلية ضرورية لتحقيق أهدافها وبين ما تريده الحكومة المركزية من هذه الهيئات، ويبدو ذلك جليا عند التطرق الى مواضيع تحصيل الضرائب وحل مشكلة صافي الإقراض وآليات معالجة ديون المياه والكهرباء المترتبة على الهيئات المحلية، فالحكومة تعرف ماذا تريد ان تفعل تحديدا في هذه الشؤون، فهي تنوي "وضع حد لعدم التزام بعض هيئات الحكم المحلي بتسديد رسوم خدمات الكهرباء والمياه" ولكن الحكومة لم تكن بهذا الوضوح في تصميمها للتدخلات المتعلقة بإصلاح الهيئات المحلية والتي ستشكل التزاما على الحكومة، بل جاءت هذه التدخلات في معظمها غامضة ومبهمة مثل "ستعمل على بذل كل جهد ممكن لضمان عدم المساس بجودة الخدمات". كما وتجدر الإشارة الى ان كثيرا من مقومات المحورين الثاني والثالث تبدو وكأنها اشتراطات "البنك الدولي" لتشابهها الواضح مع التدخلات المعتادة و"الوصفة الموحدة" التي اعتمدها البنك الدولي في الدول النامية.

لقد انعكست لا واقعية المحور الأول (الاستقلال) لأجندة السياسات الوطنية بشكل كبير على المحور الثالث (التنمية الاقتصادية)، فجاء "تحقيق الاستقلال الاقتصادي" أولى اولوياته في تناسٍ واضح ومتعمد لديناميكية العلاقة الاقتصادية بين "إسرائيل" وفلسطين ودون تشخيص كافٍ للعوامل المؤثرة في هذه العلاقة. فلم يكن للحكومة ان تتصور اتخاذ قرار بالانفكاك عن الاقتصاد الإسرائيلي دون ان تتوقع فعل مضاد من الجانب الإسرائيلي. كما ان الاستقلال الاقتصادي لن يتحقق بالسياسات الوطنية التي رسمها واضعو الخطة، فالفرق كبير بين الاستقلال الاقتصادي وتحسين الأوضاع الاقتصادية للسكان. فهل توفير فرص عمل لائقة وبيئة استثمارية وتعزيز الصناعة الفلسطينية كافية لتحقيق الاستقلال الاقتصادي؟ وكيف سيتم بناء مقومات الاقتصاد الفلسطيني في ظل عدم القدرة على انشاء البنية التحتية اللازمة لهذا الاستقلال من مطارات وموانئ وسكك حديد؟ ثم كيف يمكن حماية المنتح الفلسطيني في ظل اقتصاد "مفتوح على الاقتصادات الأخرى في ارجاء العالم كافة" كما جاء في الرؤية الوطنية للوثيقة؟ الا تتطلب التنمية الاقتصادية تبني سياسات تتعارض مع سياسة الأسواق المفتوحة التي تتبناها اجندة السياسات الحكومية؟ مثلا، ماذا ستفعل الحكومة بِشأن الانهيار الوشيك لصناعات السيراميك والخزف والزجاج نتيجة الاستيراد؟

في النهاية، تشكل اجندة السياسات العامة 2017-2022 نقلة نوعية في التخطيط على المستوى الوطني في فلسطين، ولاطار زمني معقول. الا ان التخطيط للمستقبل يتطلب اشراك عدد أكبر من الجهات ذات العلاقة تتولى وضع سيناريوهات مختلفة، يعتمد كل منها على فرضيات واقعية، لتشكل هذه السيناريوهات بدائل لبعضها البعض، فإذا ما تغيرت الظروف، يتحول منفذو الخطط الى الخطط البديلة دون المساس بالأهداف، بشرط ان تكون الأهداف واقعية وفي متناول اليد. كما ويجب ان تكون الخطط متضمنة لآليات الرقابة عليها وتصويبها. وعلى الحكومة، في الخطط القادمة، دراسة مدى "واقعية" التدخل في مسائل التحرر والاستقلال، لسببين رئيسين هما عدم الاختصاص وخصوصية الفكر المقاوم ذو الطابع السري.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف