الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قراءة في ديوان "همسات ليل قصير" للشاعرة خديجة بلوش بقلم:محمد الصفى

تاريخ النشر : 2019-12-13
قراءة في ديوان "همسات ليل قصير" للشاعرة خديجة بلوش بقلم:محمد الصفى
ديوان "همسات ليل قصير" للشاعرة خديجة بلوش

أبجديات حين تولد لذة العشق  من رحم المعاناة

بقلم : محمد الصفى * :

في علاقة حميمة بالمكونات الكونية من أرض وسماء وأشجار و أزهار و ليل و نجومه و فراشات و طيور، كإيحاءات و وسوم سرعان ما تنذمل عبر البوح و أجنحة الخيال في أجمل صورة و أكملها، تأتينا الشاعرة الأمازيغية الرقيقة خديجة بلوش سفيرة جسور المحبة و التحرر من مدينة بويزكارن إقليم كلميم  بديوانها الجديد " همسات ليل قصير "  فالشاعرة خديجة مسكونة بلوعة الحرف و جماليته، حين تبوح بإنسانيتها من رحم العشق ووجودها كأنثى في خضم هذا الوجود، متحدية كل الظروف، هي كتلة مشاعر، محولة إياها لسمفونية حالمة مليئة بالصور والرؤى والأفراح والأتراح والأحلام والأشواق والحنين، " إنها الشاعرة الحزينة الثائرة التي تأسرها الوحدة " كما لقبها الكاتب و الإعلامي محمد ارجدال .

قصائدها عبارة عن عقد أرجواني لا مرئي يجمع بين القصيدة و القصيدة، في تناغم يوقظ فينا الإحساس بقيم الحب النبيل و المحبة مع نبذ العنف و الكراهية، رسائل شاعرية تعيد ولادتنا من جديد و تحيي فينا القدرة على ربط المسافات و تكسير لغة الصمت القابع فينا، بنفحات الفراق و التمرد على الذات كعاشقة للأحلام و الحرف و الخطاب المفتون بالرمزية و الدلالة، و التعرج في متون القصيدة، تقول في قصيدتها التي جعلتها عنوان ديوانها " همسات ليل قصير"

أنين يزمجر حين تجود الخطى بالصهيل
لكل الجراحات نزف سخي
ولون يهدئ روع الطريق
ويأخذني لمتاهات عشق جديد
أرتب نبضي لنمضي

فهي بكل بساطة قصائد أثثت أبجديات لذة العشق الذي يولد من رحم المعاناة، منتشية بقلب يتوق للفرح و الغد الأفضل، لقد حلت بيننا بديوانها الذي زينت غلافه لوحة الفنان التشكيلي محمد العروصي صاحب الحس الرهيف و الخيال الشاعري، لوحة متناغمة بقدر كبير مع محتويات الديوان، الذي يضم كما من العناوين التي قدمت بها الشاعرة من أضيق أبواب الشعر، قصائد متوسطة و أخرى قصيرة جدا، معتمدة فيها نوعا من البياض الموزع بين سطورها، و أحيانا بين الكلمات نفسها مما قد يصعب على المتلقي إدراك عمق المعنى الذي تختزله القصيدة، حيث تبدو لك من خلالها الأحرف و الكلمات تتراقص و تذوب في خضم البياض كلوحة ذات بعد تشكيلي" كاليغرام" قصائد " همسة، خطيئة، رؤى، تسلل، مطر، اسماء ..." و ذلك على شاكلة الشاعر الفرنسي " أندريه دوبوشيه" رائد قصيدة البياض و الذي غرق في هاوية اللغة بحثا عن الجوهر، هكذا جاءت أغلب قصائد الشاعرة خديجة بلوش، حين تقول :

النافذة لوحة شاردة
اللون غيم يوشك ان يسافر بي لعوالم التمرد
الجدائل ليل أبثه حزن الورود
والتفاصيل .. فواصل بين فرح ووجع

كلمات متداخلة متكررة غير محددة للزمان و لا المكان، فهي قصائد تخدم كل زمان و كل مكان،  إذ لا يمكن استخلاص أي ملمح لعصر أو قضاياه، قصائد اللحظة ذات حضور آني،تعتمد على الفكرة بقدر ما تعتمد على الإبداع الشعري، كأنما تحاول التأكيد على حالة أو موقف بعيدا عن الانسيابية و أمام التكثيف اللغوي المستعمل، لدرجة أنك كلما قرأت قصيدة إلا و تزاحمت في ذهنك عناصر قصيدة سبق أن قرأتها، قصائد في قصيدة واحدة لتبقى العناوين فواصل.

تخاطب الشاعرة خديجة بلوش ثارة ذاتها، و أخرى الآخر، و قد يكون هذا الآخر ذاتها في نفس الوقت، كما في قصيدة " فصام "

ترتدي وحدتي
وأنتعل حزنها
تقيم بين ضلوع المساء
أركض في ليل الحبر
كلتانا نضج بالأسرار

هي مجموعة قصائد " كنت هناك، أكتبني، سؤال، هي، الليل، ترانيم، همسات ليل قصير، الغربة، لوحة ، ظلال، احتضار، وعد، ندوب... " اختزلت فيها الشاعرة تفاصيل روحية للأنا و الذات كامرأة تفاصيل الحب و العذاباته من حنين و شوق و لوعة و كذا هجر و عتاب، في محاولة لاستعادة تشكيلها من جديد، جرأة عاشقة لكل ما يعيد لها الثقة أنها كائنة، تقول في قصيدة " الشاعر ":

أنت عاشق يسلب الشمس وقار الدفء

يسلك مسار الوهج صعود

يقلب موازين بوحي
ينسج من خوفي مزامير الجمال
ويرتل للحب لحن البنفسج

هي الجراة التي تتسم بها المرأة و هي في قمة العشق و البوح، لحظة الوقوع في شراك الحب، لحظة إحساس داخلي و تراجيدي في نفس الوقت لعدم بلوغها هدفها المنشود ولو بترتيلة أو نظرة، لتتحول لـ " صرخة " قصيدة يمكننا ملامسة عمق قلب امرأة أحبت بدون عنوان، عتاب ولوم و مناجاة .

هل كان يجب أن أموت

كي أستطيع التسلل

لحب لا تسكنه تقاليد الفجيعة

لأولد من رحم الثلج

إن المرأة أو الأنثى لدى خديجة بلوش هي تلك الضحية كانت محبة كونها تحب بكل الجوارج أو عندما تنبذ و تنهزم فتتحطم كل خوالجها، و مع ذلك فهي تحاول المحافظة على كرامتها و عنفوانها رغم الاحتضار:

قالت,,
أما أنا الآن .. فإني أحتضر
قال ..
فلتخبريني بموعد موتك
كي أجهز باقة ورد تليق بالرحيل

 لو تمعنا في جل قصائد الديوان حتماً سيقف بنا القطار بفواصل من عبق البوح وجماله ومن طوق الأحاسيس التي تولد ربيعا يانعا، " حصاد " و " اعتذار " من أجمل القصائد التي قرأتها في الديوان، حيث كان التشبيه و الرمزية غاية في الروعة، فهي تودد بنبرات عاشق ورغبة مقرونة بالمستحيل، صورة سنبلة بعد اكتمالها و فرحها بدفء الشمس التي انتظرتها لشهور و هي بين مخالب المنجل دون رحمة و لا شفقة،

قالت سنبلة الحقل

لا وقت للموت

والمنجل قاب قوسين من جسدي

يا شمس ها حناجرنا صدحت بعشقك

فانهلي من رضاب الندى ما شئت

و مع التودد فالتفاؤل و الأمل شكلا لخديجة بلوش بوصلة استشراقية نحو غد أفضل رغم المعاناة و الزحمة النفسية، بدون كلل ولا ملل بحس مرهف راق، من خلال قصيدة " ندوب " وهي ترسم لوحة تعبيرية أتقنت فيها جمالية الحرف و توظيفه  في لغة سهلة ممتنعة، ليكتسي عبق الروح لدرجة النشوة.

لا تشاكس واقعك الرديء..
دع الحياة تأخذك حيثما تريد..
و امنح لنفسك فرصة
تعلم ان لا بخيفك الغرق

إنها خديجة بلوش شاعرة لا حدود لها بين الشعر و النثر، تحاول محاربة صدأ الذاكرة و استعادة البهاء للحياة، و صيرورتها، عبر مسرى الإيقاعات الشعرية و مقاطعها متلمسة صدق العبارة و حرارة الأبجدية التي قد تعيد الحب حبا و الكره حبا و الغدر حبا، في مملكة لا حزن فيها و لا ألم.

* كاتب و إعلامي 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف