الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

مشروعان الأول لهتزل والآخر لإقبال، مدرستان واجهتان الاستبداد، الأولى نجحت والثانية تعثرت

تاريخ النشر : 2019-12-12
مشروعان الأول لهتزل والآخر لإقبال، مدرستان واجهتان الاستبداد، الأولى نجحت والثانية تعثرت
مشروعان الأول لهتزل والآخر لإقبال ، مدرستان واجهتان الاستبداد ، الأولى نجحت والثانية تعثرت ...

مروان صباح / يبصر المراقب إلى جانب لافت وإلى طراز فريد ، وبالتالي المبصر إليه كأنه أوقع نفسه في قاعة يتناظر فيها شخصين حرصا على تشكيل حصانة فكرية من الصدأ أو الإقامة في زجاجة خل ، لهذا كانت المناظرة حامية وقرنية ، شهد عام 1947م إعلانان داخل قاعة الأمم المتحدة ، الأول الاعتراف بدولة باكستان والأخر إصدار خطة تقسيم أرض فلسطين ، وبالفعل مع نهاية الحرب العالمية الثانية بدأت السياسة الخارجية للولايات المتحدة تأخذ طابع التفرد بالقرار الدولي والذي مهد لليهود في فلسطين اعلان عن دولتهم بعد عام واحد من إصدار قرار التقسيم ، بالفعل ، لاعبتا شخصيتان دوراً أساسياً في إقامة الدولتين الحديثتين ، الاول تيودور هتزل 1860- 1904م الملقب بأبو رؤية الدولة ووالد الصهيونية والآخر محمد إقبال 1887-1938م المفكر والمؤسس للهوية الدينية للدولة الحديثة ، الشخصيتين حاولتا تبني مهمة الأنبياء من أجل تغير البشرية لكن تحت مسمى الفلاسفة ، فهتزل الذي يعرف بأنه الاب الروحي للدولة اليهودية كان قد طرح مبكراً فكرة التحرر من أوروبا وضرورة الانسحاب من القارة الباردة لأن لا يمكن في أي وقت التغلب على معاداة السامية أو الشفاء منها بل من الممكن تجنبها فقط عندما يبتعد اليهودي عنها وبالتالي لا يمكن تجنبها سوى بإقامة دولة يهودية وهنا ركز في طرحه حول قضيتين ، الأولى رحيل اليهود إلى دولتهم التاريخية والأخرى التخلص من معاداة السامية والذي سيسمح الوطن الخاص بهم التعبير بحرية عن ثقافتهم وممارسة عقائدهم الدينية دون اشكاليات أو ترهيب ، وقد أشار في كتابه الدولة الهيودية عن المستقبل الواعد ، يقول بالحرف وهنا يقصد المواطن اليهودي ، ( سوف نعيش اخيراً كرجال أحراراً في ارضنا وسنموت بسلام في بيوتنا ) ، وبالتالي مقاصد الانفكاك اليهودي بالأصل عن أوروبا تتشابه لمقاصد الانفكاك لأقلية مسلمو الهند عن الأغلبية الهندية في الجانب الباكستاني .

في المقابل اعتمد محمد إقبال على قاعدة أساسية وفاصلة بين النبوة وما بعد النبوة ، فالرجل أدرك بعد وعي كافي بأن مع انقطاع الوحي وانتهاء زمن الأنبياء ، ليست سوى إشارة واضحة من الله عزوجل بضرورة انتقال الإنسان العاقل من الاعتماد على الأنبياء إلى الاعتماد على الذات وبالتالي الانقطاع أحدث تكليف جديد للفرد ليشق طريقه من أجل معرفة الحقيقة وطالما كانت الرسالة الربانية صريحة في حفظ رسالته الأخيرة من التغير أو الاندثار ، إذن المهمة أصبحت تقع على عاتق الفرد ، وبالرغم من جسارة الفكرتين إلا أن حققتا الخطوة الأولى ، فإسرائيل قامت بين جغرافية عربية واسعة وشاسعة وتحمل في بواطنها كما خوارجها ثقافات هائلة وكبيرة وعميقة ويرتفع فيها صوت العقيدة وبالتالي كانت الفكرة مجازفة كبيرة وغير متوقعة بل أشبه بالمباغتة ، تماماً في الجانب الآخر من العالم ، ولدت باكستان بين محيط شائك وصعب وثقيل التحريك ليس من السهل تمرير دولة نووية بين دول عملاقة كالهند والصين ، لكن المفكر إقبال وضع أمامه قاعدة أخرى التى كما يبدو مكنته من الانطلاق بخطوته، وبالتالي قدم للبشرية مدرستين ، الأولى اعتمدت تاريخياً على المنابر أو الحلقات المسجدية ، خاضت في المسائل المعيشية وأسلوب الحياة والتحرك في المجتمع ، وأخرى انخرطت في فكر الإسلام وبالتالي حاول بكل جهد التوضيح في كتاباته للاختلاف بين بناء مجتمع مفكر واخر سياسي ، أي مدرسة فكرية تُلوح بالأفكار وأخرى أستاذية تُلوح بالعصى .

هنا يتبين لمراجع الفكرتين بأن الفارق بين المشروعين ، الهتزلي والإقبالي ، الأول تغلبت الحقيقة التوراتية على الصيغ الذواتية ، فكانت الديمقراطية والكفاءة والمحاسبة أسس في استكمال المشرع الصهيوني وبالتالي تطور وتحدث وانتقل من مراحله الأولية إلى مرحلة التوسع والانخراط بطرق شتىء بين البشرية ، أما الآخر ، تغلبت الصيغة القمعية على الصوابية الدينية ، رغم طرح محمد إقبال مشروع حادثي الذي جاء كعلاج لإعادة الديمقراطية ( الشورى ) والكف لصعود أفراد سياسيين غير متفقهين بالبنيويات والشريعة ، وبالتالي سرعان ما طغت عليه الجماعات السياسية التى جاءت احياناً عبر الثورات ومرات بصيغ الانقلابات العسكرية ، وبالتالي تحولت المعركة داخلية بين من يرغب بترسيخ نظام استبدادي تناسى الغاية الأسمى للمشروع الأصلي ، ومفكرين واجهوا مربعين ، الانظمة الاستبدادية وايضاً المربع الذي تولد من الاستبداد .

للتذكير البسيط ، كما تعمل الحركة الصهيونية في منطقة ملتهبة ومعادية لوجودها ، ايضاً مشروع باكستان المتمثل بإرساخ هوية الدولة الدينية مازال على قيد الحياة ويعمل هو الآخر في منطقة أكثر التهاباً ومعادية لوجوده كصين والهند وإيران وتعتبر مناطق ككشمير وأفغانستان والايغور نقاط توتر داخلي وإقليمي ودولي ، وإذ ما أخذ المرء كشمير عينة من بينهم ، سيجد المراقب تخوفاً هندياً من استقلال كشمير لأنه بالتأكيد سينعكس ذلك على الأقليات الأخرى التى تطالب ايضاً بالانفصال ، لهذا حولت الهند جزء من الجانب الكشميري التى تسيطر عليه إلى إقامة جبرية لساكنيه تماماً كما هو الحال مع الايغورين الذين ينحدرون من تركيا ، فاصولهم تعود للأتراك وقد عاشوا لمدة عشرة قرون داخل دولة مستقلة قبل ظهور الشيوعية الصينية ، لكن في كشمير يختلف الوضع ، لأن التدخل الامريكي الذي جاء بعد ثلاثة حروب بين باكستان والهند ، قسم إقليم كشمير بين الصين وباكستان والهند ، ثلثي الإقليم مع الهند وجزء صغير مع الصين وأغلب الأراض مع باكستان ، لكن كما تتخوف كل من الصين والهند من أن يجر انفصال كشمير لانفصالات اخرى ، ايضاً باكستان تعتبر كشمير أمنها المائي ، وبالتالي سيطرة الهند أو الصين على الإقليم يعتبر لباكستان مسألة حياة أو موت .

ولعل الفارق الأول بين مشروعان هتزل وإقبال ، لقد إمتازت اسرائيل في بناء دولة حيوية ، يعلو فيها القانون وينعم الشعب بالمشاركة في بناء السياسات الدولة ويرتفع مستوى التعليم الذي يجد طريق للمنافسة في سوق العمل وبالتالي ينعكس على نوع الحياة وتطورها ، ايضاً يرتفع فيها حقوق الإنسان والطفل والمرأة مع ارتفاع المبادرات التى تستطيع على الدوام مواجهة الأزمات من خلال الكادر البشري المؤهل ، بالطبع الدولة الناجحة يعم فيها النزاهة والشفافية ويُمكن المواطن بشكل تعاقبي وبالتالي هذه الدولة لا سواها يطلق عليها حكم الرشيد ، أما مشرع محمد إقبال للأسف انتهى الأمر به بعكس ما أسلفنا تماماً ، فباكستان تعيش حالة من الاضطراب الأمني لأن الفقر يجتاحها من كل الجوانب وبالتالي السبب الأساسي الذي أوصلها إلى هذا المستوى الانحداري ، باختصار الفساد .

الفارق الأخير هو كبير ورهيب وبه أغلق مقالي هذا ، تمكن اليهودي بعد محرق الهيولوكوست ابتكر خصوصية خاصة به ، ( الضحية ) ، فاليهودي قدم نفسه للبشرية على أنه الضحية الوحيدة بين البشرية وبالتالي أصبحت علامة مسجلة به لا ينازعه بها أحد حتى لو كانت معاناة الآخرين مضاعفة في الكم والنوع على محروقين المحرقة الشهيرة ، أما إذا أخذنا على سبيل المثل الجزائر ، لقد دفع الجزائريون أكثر من مليون ونصف إنسان ، لكن الجزائري قدم نفسه على أنه مضحي وليس ضحية ، أي ضمن التضحية التى يسعى من خلالها لنيل حريته واستقلال تراب بلاده ، وهذا الطرح يفسر بأن اليهودي لم يأتي من فراغ بفكرته بل تحمل الفكرة مقاصد كبرى لأنها مبنية على استنزاف مقصود للبشرية وقابلة لتجدد على الدوام ، وهنا يكمن الفارق بين من أسس مدرسة فكرية توالى عليها المفكرين ، مفكر يسلم الآخر ومن أساس مدرسة يُدرس فيها كل شيء باستثناء الفكر والتفكير ، واخيراً هناك إقرار لا بد للعقل البسيط كما هو العقل الحصيف أن يقراه معاً ، بأن هذه الزراعتين هنا وهناك ، قد أسستا لمواجهة قادمة لا محالة . والسلام
كاتب عربي
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف