الأخبار
بايدن ونتنياهو يجريان أول اتصال هاتفي منذ أكثر من شهرإعلام إسرائيلي: خلافات بين الحكومة والجيش حول صلاحيات وفد التفاوضالاحتلال يفرج عن الصحفي إسماعيل الغول بعد ساعات من اعتقاله داخل مستشفى الشفاءالاحتلال يغتال مدير عمليات الشرطة بغزة خلال اقتحام مستشفى الشفاءاشتية: لا نقبل أي وجود أجنبي بغزة.. ونحذر من مخاطر الممر المائيالقسام: نخوض اشتباكات ضارية بمحيط مستشفى الشفاءالإعلامي الحكومي يدين الانتهاكات الصارخة التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق الطواقم الصحفيةمسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي"إسرائيل حولت غزة لمقبرة مفتوحة"تقرير أممي يتوقع تفشي مجاعة في غزةحماس: حرب الإبادة الجماعية بغزة لن تصنع لنتنياهو وجيشه النازي صورة انتصارفلاديمير بوتين رئيساً لروسيا لدورة رئاسية جديدةما مصير النازحين الذين حاصرهم الاحتلال بمدرستين قرب مستشفى الشفاء؟جيش الاحتلال يعلن عن مقتل جندي في اشتباكات مسلحة بمحيط مستشفى الشفاءتناول الشاي في رمضان.. فوائد ومضار وفئات ممنوعة من تناولهالصحة: الاحتلال ارتكب 8 مجازر راح ضحيتها 81 شهيداً
2024/3/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

وجه البحر بقلم: لين محمد حريدين

تاريخ النشر : 2019-12-09
تجتاحني رغبة عارمة في البكاء...
على رصيفٍ بائس، في مدينةٍ خالية من كلّ شيء إلّا من البشر، أمشي منذ قرابة الساعتين، أفتش عن سرّ السّعادة علني أجده، ولكن أين عساي النّيل منه في مكانٍ لا يعرف منه سوى ابتسامة مزيّفة يطلي بها ثغره، يخدع بها نفسه قبل أن يخدع الآخرين من حوله.
في غمرة شرودي في فنجان قهوتي الّذي ملّ من انتظار شفتاي أن تلحظ وجوده فتأتي على عجلٍ تقبّله، حدث أن تعثرتُ بعينين لم تكفا عن اللحاق بي، توقفتُ لبرهةٍ علّني أتفحصهما، مليئتين بالأمل، مشرّبتان بالخوف حدّ القوّة، نوعٌ من التناقض اللذيذ، يدفعك قسرًا للتحديق فيهما رغبةً ورهبة!.
يكفيك من الصدف أن تكون سببًا في لقاءك مع شخصٍ يستطيع بنظرة واحدة أن يجعلك لا شعوريًا ترغب في الحديث معه عن كلّ ما يختلج داخل روحك.
حييته بابتسامة راودتني بها شفتاي عن نفسي، وما لبث أن ردّ الابتسامة بمثلها وأحسن منها، كانت المرّة الأولى التي أراه فيها هُنا رغم ترددي المستمر إلى هذا المكان، عندها فقط أيقنت أنني هدرتُ الكثير من الساعات والأيام خلف هذه الطاولة في العمل أو القراءة، دون الالتفات لأرى العالم من حولي، لأمعن النظر كيف تجري اللقاءات ومثلها الوداع، لقد فرّطتُ حقًا بلذة النظر إلى عيون العشّاق عند أول لقاء، ودموعهم عند الفراق، كما أنني لاحظتُ وجود هذا الإنسان الّذي لم نتبادل سوى تلك الابتسامة والنظرات، حتى أن عالجني صوته الرّجولي من شرودي المستغرق في العمق فرأيته ماثلًا أمامي يتمتم بكلماتٍ لم أفهمها، أظنني أجبت بنعم، فلم يلبث طويلًا حتى جلس أمامي شابٌ في مقتبل العمر، طويل القامة، أنيق الهندام، كثيف الشعر أشعث اللحية.
بدء الحديث بدون مقدمات: أرى أنّكِ تترددين كثيرًا إلى هُنا، وحيدةً في كلّ مرّة، دائمة الشرود محدّقة في ذات الدفتر، تمسكين القلم كما لو أنّكِ تهمّين بكتابة التاريخ لولا إسراعكِ بحذف تلك الفكرة من خيالك، ثمّ إنني رجلٌ فضوليّ؛ فلم أستطع منع نفسي من المجيء إليكِ وإشباع فضولي بحديثكِ عن قصة هذا الدفتر وما يحتويه، إن لم تُمانعي وأتمنى أن لا تفعلي.
حمدتُ الله أن قلمي لم يخطو فوق السطور بعد؛ لأنني ما كنتُ لأكتبَ إلّا عنه.
تجاذبنا أطراف الحديث بنهم، وكأن أحدنا كان ينتظر الآخر منذ زمن حتى يحكي دون تردد، دون أيّ قيود!.
إلى الآن لا أعلم كيف أخبرته أنني قضيت شهرًا كاملًا أرثي قطتي التي رأيتها على قارعة الطريق ميتة لا روح فيها، حتى أنني تحدثت عن أكثر أيامي سوءًا وأجملها، وأنا التي لا تُجيد الاحتفاظ بعلاقاتها مع الآخرين، أنّى لي تكوين واحدة جديدة، وأصبحتْ كلّ الأيام عندي سبت، أنتظر فجره بفارغ الصبر حتى أذهب لذاك المقهى وألتقي بتلك العينين الساحرتين، ولم أدري ماذا في جعبة الحياة لنا من مفاجآت، ولكنني أُدرك تمامًا أن كلانا أحس بشعورٍ غريب قد تملّك قلبه، شعورٌ فيه من اللذة قدر ما فيه من الألم.
مرّت أيامٌ طوال خالية منه ومن هيبة حضوره في قلبي، وبعد يأسي من عودته بتُّ أُحاول بشتى الطرق معالجة ذاكرتي من وجوده، ولكن دائمًا ما تأتي الأقدار بعكس ما تشتهي الأنفس، فيعود في ذاكرتي سيرته الأولى.
وعلى غير العادة في ليلةٍ ربيعيّةٍ صافية السّماء، وصلني على بريديّ الإلكتروني رسالة من شخصٍ لطالما رابني أمر غيابه، يقول فيها:
بعد أن باءت جميع محاولاتي في الابتعاد عنكِ بالفشل، أُعلن الاستسلام وها أنا أُذعن لقلبي خاضعًا، وإنني يا وجه البحر في صفاءه ونقاءه أطلبُ لقاءكِ، لا ألوي على شيء سوى أنني لم يعد باستطاعتي كتمان سرٍّ أُخفيه بين أضلعي لطالما أرهقني؛ فأُلقيه أمامكِ لعلّ قلبكِ إذا سمع حنّ وطبطب وقدّر فأرفق لحالي، وإن أبى واستكبر واستنكر، فإنّ قلبي جنديٌ شجاع لا يهمه إن قُتل دفاعًا عمّا يعتقد أنّه الحق والصواب.
بلغتُ حينها من توتري كلّ مبلغ، موعدٌ مفاجئ في ذات المقهى الّذي كتبنا على لقاءاتنا السابقة فيه اسم الصُّدف، لا بد أن أمرًا جللًا سيحدث.
صلّيتُ ألف مرّة من أجل قلبي ومن أجله، فأنا كما لا أقوى على الخيبات، لا أتمناها لأحباب قلبي.
شاب النّهار وأقبل شباب الليل، وحان موعد تلاقي القلوب حسب التوقيت المتعارف لدى العشّاق.
دخلتُ ألتفت يمنة ويسرى بحثًا عنه، بادرني ملوحًا وكأنّه يقول أنسيت مقعدنا الذي ما أبدلناه يومًا!؟.
كان كلّ شيء مختلفًا، المقاعد ذاتها الوجوه ذاتها والموسيقى ذاتها، ولكن كان كلّ شيء مختلفًا على الأقل بالنسبةِ لنا، وعندما وصلتُ إليه قال:
تبدين وكأنّكِ أميرة تمشي على مهل، بفستانها الأزرق الّذي يعطي هيبةً لحضورها، وشعرها المسدول على كتفيها يتمايل حول خصرها بغرور، وبياض البشرة العنيد، يكوّن النور بين وجنتيها، جمالكِ اليوم قد طغى على كلّ الثريا في السّماء، وكأنّك أبدع ما خطته يد القدرة الإلهية على صفحات الدهر.
أذكر أنني وبعد تلك الكلمات تفوّهت بسذاجة أن هذا من لطفك، ولكن أيعقل أن آتي إلى موعدي الأول معك وكأنني سأراك مصادفة؟.
ضحكنا على جملتي تلك وضحك معنا المقهى بمن فيه، أو أنّه شُبّه لي ذلك.
ثمّ علّق قائلًا:
سلمى لقد نظمتُ في ذهني قصائد شتى، وروايات، وجمعتُ من أشعار امرئ القيس حتى نزار ما جمعت، وألفُ أسلوبٍ قد أستخدمه إذا تحدثتُ إليكِ، ولكن سرعان ما تلاشت كلّ تلك الأمور عندما رأيتُ كحل عينيكِ، لذا اعذريني على جملي الركيكة وأسلوبي الضعيف، فأنا طبيبٌ جيد لكنني كاتبٌ سيء بامتياز.
ولم يكن يسرّني أكثر من بقاءه على سجيته وهذا ما أخبرته به.
ثم أردف، إذًا أنا من منبري هذا أقول: بأنّكِ فتاة مختلفة كفاية حتى جعلتني آتيكِ بملء إرادتي دون أن تفعلي أي شيء سوى أنني أحببتكِ، وأحبكِ بكامل قواي العقلية هذا إن تركتي لي منها شيء.
هممتُ بالحديث لولا تخلّف قاموسي اللغويّ عن الحضور، فأسعفتني دموعي تجري على خدي بتتابع.
وجد من صمتي فرصةً حتى يكمل ما بدء به فقال: أنا أحبكِ، وأرغب في قضاء بقيّة عمري إلى جانبكِ، فما فائدة الحبّ إذا لم نعمل بتعاليمه على أكمل وجه؛ فيصبح حلالًا تعاطيه رغم أنف الجميع، وأنا أُريدكِ لي كما أنتِ، سلمى ذات العيون الجميلة والقلب النقيّ.
فهل تقبلين بي عكازًا تتكئين عليها في ضعفكِ، وتهشّي بها على أحزانكِ؟!
هل تقبلين بي ملكًا يُعلنكِ ملكة قلبه ومملكته؟
هل تقبلين بي زوجًا وحبيبًا وصديقًا وأخًا؟
لا أذكر كيف هززت رأسي علامة الإيجاب، ومن بين دموعي المتناثرة خرج صوتي يترنح وكأنّه شرب من دموعي حتى ثمل "أقبل، أقبل، أقبل"
وعمّ الفرح قلبينا، فقد وجد كلانا ضالة قلبه، وعشنا سعيدين يفهم أحدنا الآخر قبل أن يحبه، وعرفنا أن الحياة لا تخلو من المشاكل، ولكن ليس علينا أن نرمي ما يُكسر من مشارعنا بل الإصلاح واجب.
كما أن لكلّ شيء في الحياة أساس، وأساس الحبّ هو التفاهم والاحترام والاهتمام، إذًا الحبّ ليس حكرًا على أحد، هو فقط يبقى صامدًا مستمرًا في وجه التحديات بقدر قوّة ومتانة أساسه والعكس صحيح، فلا تقل قد غدر بي حبيب أو خانني الحبّ، بل اعد النظر وتذكر هل كان حبًّا من البداية أم مجرّد وهم؟
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف