مشوار حياتي.. (رسالة قلم فلسطيني)
الجزء الثالث :2003 ـــــ
الحلقة الرابعة غياب محزن وانتخاب مؤسف وانسحاب مفرح!
18/5/2005
هكذا وقد فارقتني اليوم شخصية قريبة مني عزيزة إلى نفسي؛ بالسفر للخارج لمدة محدودة.. فقد حزنت حزناً أليماً، وبكيت بكاءً دفينا مكظوماً.. وجعلت أتساءل: إذا كان كل هذا الحزن والألم على فراقٍ ذي أمدٍ قريب، فكيف إذن بالفراق البعيد؟
25/6/ 2005
قبل حوالي أسبوعين كان قد جرى انتخاب مجلس إدارة اتحاد الكتّاب الفلسطينيين – فرع غزة، وكنت قد اتفقت مع مجموعة من الأعضاء على عدم المشاركة في هذا الانتخاب؛ لأنّ القائمة الانتخابية الوحيدة كانت مجهزة مسبقاً من أعضاء حركة فتح على أنهم الأكثرية! وليس لغيرهم إلا أن ينضم إليهم أو يترشح مستقلاً، ولا تكون له فرصة للفوز! فهل نأتي لنبصم فقط؟ فلنكن في صف المعارضة أفضل من أن نمرّر هكذا انتخابات شكلية!
وفي التاريخ أعلاه التقيت الأخ الروائي عبد الله تايه، وكان يشغل منصب مدير عام بوزارة الإعلام بتل الهوا، وراح يشرح لي مبرراً ما حدث في عملية الانتخاب، حيث ذكر رفض الفصائل – وخصوصاً الجبهة الديمقراطية- تقديم ممثل عنها للتحالف مع حركة فتح، ما عدا جبهة النضال! وهكذا استقلت مجموعة فتح بإدارة الاتحاد، وتكونت الجبهة المعارضة! أذكر بالمناسبة أنّ حركة الجهاد الإسلامي كان يمثلها في الاتحاد هذا الوقت ثلاثة أعضاء فقط: أنا والأستاذ محمد السويركي وأخوه الشاعر سائد! وقلت للسيد عبد الله محدداً موقفي: أنا مع المعارضة لكنني أتعامل كأخ أو زميل مع الجميع.. وغادرت إلى لقاء..
11/9/2005
بدء انسحاب المحتل الإسرائيلي من قطاع غزة راغماً؛ بعد فشل رئيس الحكومة إرئيل شارون في إخماد الانتفاضة الفلسطينية الثانية - انتفاضة الأقصى – التي اشتعلت بعد اتخاذ المذكور سكناً له في القدس الشرقية عام 2000.. وبهذه المناسبة المجيدة صغت نشيداً بعنوان "نشيد تحرير غزة" هذا نصه:
فزتِ يا غزةُ بالنصر المجيدِ وزروع الصبر عادت بالحصيدِ
لكفاحٍ وبلاءٍ وصـمودِ من حماسٍ .. وجهادٍ .. ولـواء
فزت يا غزة بالنصر المجيد
وتحررت وكسّرتِ القيـودْ ودحرت عن روابيك اليهودْ
وفلسطين جميعاًَ ستعـودْ لذويها ويُعلّـون اللـواء !
خافقاًَ يزهو على أرض الجدود
فزت يا غزةُ وانجاب الظلام وتردّى غاصبٌ منكوس هام
فارفعي رأسكِ يعلو للغمام وأطلّي في بهـاءٍ وسنـاء !
مثلما قد كان ماضيك العتيد
حُررتْ غزةُ لن ننساك يافا والقرى من حول عكاءَ وحيفا
لن تسوّى بهنيغِبْ وهتِكفا بل تعود زائلاتٍ ذاتَ هـاء!
ويعـُود الحقُّ خفّاقَ البنود
حررت غزة حيِّ الشهـداء من لها قد بذلوا أزكى الدماء!
حيّ جند الحقّ أبطال الفداء جند قسّامٍ .. سرايا .. واللواء
ناذرين ليس يُبقون اليهود
في فلسطينَ وعهداً أن تعود
***
سبتمبر/إيلول 2005 = 1426ه
لكنهم وإن انسحبوا من البرّ، فقد بقيت زوارقهم قريباً في البحر؛ تهدد الصيادين، أو ترسل حممها على المستجمّين الآمنين؛ فتيتّم الطفلة البريئة "هدى" بقتل أبيها وأمّها وجميع إخوتها اللاعبين اللاهين على الشاطئ! وشاء الله تعالى أن تنجو هي؛ إذ كانت تلهو أكثر بعداً منهم، لتكون الشاهدة الحية على الفاجعة الكبرى! فأقول في هذا:
صبراً هدى .. عزاءً هدى !
يا لوعةَ صوتٍ نادى:
أُمّاه.. أبوياه !!
والأبُ شاخصةٌ عيناه !
لا تسمعُ صوتاً أُذناه
لا تنطق ردّاً شفتاه !
...
يا أبلغَ ناعيةٍ صاحت :
وا أبتاهُ.. وا أُمّاه!
والأبُ مطروحٌ دون جواب
والأمُّ بصمتٍ تنعاه!
كلُّ العالم أدناه وأقصاه ،
بُلِّغ أبلغ نعيٍٍٍ شاهد أبكاهُ مُصاب !
...
يا أعظمَ موجوعة !
يا أحزن محزونة !
يا أفجع مفجوعة !
يا أبلغَ مُبْلِغةٍ مشهدَ وجعٍ.. فاجعةٍ كبرى!
إذ مرَّغت الجسدَ بأرضٍ
والوجه حثَته بثرى !
وهي تقول : أبويَ .. أبوياه!
أُمي.. أمّاه!
وأبوها لا يسمعُ والأم
ليس ترى !
...
يا الفاقدةُ هدى !
يا المفقودُ أبوها والأم
والإخوةُ والأخواتُ بلا استثناء !
ما أقساهُ القاتلُ ما أقساه!
ما أبقى من أسرتها أحدا !!
فعزاءً أختاه عزاء :
إنَّ الآباءَ جميعاً لكِ آباء
وفداءً لك كلُّ الشعبِ فدا !
والقاتل مهما أوغل قتلاً.. لم يرحم!
سنقول له :
إنّ القتلَ بقتلٍ والدمَ بالدم !
وسيأتي يومُ الثأرِ لكلّ المقتولين:
حتى آخر طفلة..
"إيمانُ" وكانت تمسكُ ثديَ الأمّ
جفّ الثديُ وخُضّب صدرُ الأم
...
أيْ قَتَلَة !
لا تعتذروا كذِباً .. لا تعتذروا من لؤم
إن تعتذروا اليوم وتعتذروا
كم كان لكم من أيامٍ وَلَدت مقتولين !
فانتظروا انتظروا
كم سيكون لنا من أيام
هي حبلى بالثأر اليوم
وستلد غداً ًفانتظروا ..
ما القتلُ سوى بالقتل وما الدمُ
إلا بالدم !
يونية/ حزيران 2006م ـــ من مجموعة "قلائد للأقمار" بتصرف
الجزء الثالث :2003 ـــــ
الحلقة الرابعة غياب محزن وانتخاب مؤسف وانسحاب مفرح!
18/5/2005
هكذا وقد فارقتني اليوم شخصية قريبة مني عزيزة إلى نفسي؛ بالسفر للخارج لمدة محدودة.. فقد حزنت حزناً أليماً، وبكيت بكاءً دفينا مكظوماً.. وجعلت أتساءل: إذا كان كل هذا الحزن والألم على فراقٍ ذي أمدٍ قريب، فكيف إذن بالفراق البعيد؟
25/6/ 2005
قبل حوالي أسبوعين كان قد جرى انتخاب مجلس إدارة اتحاد الكتّاب الفلسطينيين – فرع غزة، وكنت قد اتفقت مع مجموعة من الأعضاء على عدم المشاركة في هذا الانتخاب؛ لأنّ القائمة الانتخابية الوحيدة كانت مجهزة مسبقاً من أعضاء حركة فتح على أنهم الأكثرية! وليس لغيرهم إلا أن ينضم إليهم أو يترشح مستقلاً، ولا تكون له فرصة للفوز! فهل نأتي لنبصم فقط؟ فلنكن في صف المعارضة أفضل من أن نمرّر هكذا انتخابات شكلية!
وفي التاريخ أعلاه التقيت الأخ الروائي عبد الله تايه، وكان يشغل منصب مدير عام بوزارة الإعلام بتل الهوا، وراح يشرح لي مبرراً ما حدث في عملية الانتخاب، حيث ذكر رفض الفصائل – وخصوصاً الجبهة الديمقراطية- تقديم ممثل عنها للتحالف مع حركة فتح، ما عدا جبهة النضال! وهكذا استقلت مجموعة فتح بإدارة الاتحاد، وتكونت الجبهة المعارضة! أذكر بالمناسبة أنّ حركة الجهاد الإسلامي كان يمثلها في الاتحاد هذا الوقت ثلاثة أعضاء فقط: أنا والأستاذ محمد السويركي وأخوه الشاعر سائد! وقلت للسيد عبد الله محدداً موقفي: أنا مع المعارضة لكنني أتعامل كأخ أو زميل مع الجميع.. وغادرت إلى لقاء..
11/9/2005
بدء انسحاب المحتل الإسرائيلي من قطاع غزة راغماً؛ بعد فشل رئيس الحكومة إرئيل شارون في إخماد الانتفاضة الفلسطينية الثانية - انتفاضة الأقصى – التي اشتعلت بعد اتخاذ المذكور سكناً له في القدس الشرقية عام 2000.. وبهذه المناسبة المجيدة صغت نشيداً بعنوان "نشيد تحرير غزة" هذا نصه:
فزتِ يا غزةُ بالنصر المجيدِ وزروع الصبر عادت بالحصيدِ
لكفاحٍ وبلاءٍ وصـمودِ من حماسٍ .. وجهادٍ .. ولـواء
فزت يا غزة بالنصر المجيد
وتحررت وكسّرتِ القيـودْ ودحرت عن روابيك اليهودْ
وفلسطين جميعاًَ ستعـودْ لذويها ويُعلّـون اللـواء !
خافقاًَ يزهو على أرض الجدود
فزت يا غزةُ وانجاب الظلام وتردّى غاصبٌ منكوس هام
فارفعي رأسكِ يعلو للغمام وأطلّي في بهـاءٍ وسنـاء !
مثلما قد كان ماضيك العتيد
حُررتْ غزةُ لن ننساك يافا والقرى من حول عكاءَ وحيفا
لن تسوّى بهنيغِبْ وهتِكفا بل تعود زائلاتٍ ذاتَ هـاء!
ويعـُود الحقُّ خفّاقَ البنود
حررت غزة حيِّ الشهـداء من لها قد بذلوا أزكى الدماء!
حيّ جند الحقّ أبطال الفداء جند قسّامٍ .. سرايا .. واللواء
ناذرين ليس يُبقون اليهود
في فلسطينَ وعهداً أن تعود
***
سبتمبر/إيلول 2005 = 1426ه
لكنهم وإن انسحبوا من البرّ، فقد بقيت زوارقهم قريباً في البحر؛ تهدد الصيادين، أو ترسل حممها على المستجمّين الآمنين؛ فتيتّم الطفلة البريئة "هدى" بقتل أبيها وأمّها وجميع إخوتها اللاعبين اللاهين على الشاطئ! وشاء الله تعالى أن تنجو هي؛ إذ كانت تلهو أكثر بعداً منهم، لتكون الشاهدة الحية على الفاجعة الكبرى! فأقول في هذا:
صبراً هدى .. عزاءً هدى !
يا لوعةَ صوتٍ نادى:
أُمّاه.. أبوياه !!
والأبُ شاخصةٌ عيناه !
لا تسمعُ صوتاً أُذناه
لا تنطق ردّاً شفتاه !
...
يا أبلغَ ناعيةٍ صاحت :
وا أبتاهُ.. وا أُمّاه!
والأبُ مطروحٌ دون جواب
والأمُّ بصمتٍ تنعاه!
كلُّ العالم أدناه وأقصاه ،
بُلِّغ أبلغ نعيٍٍٍ شاهد أبكاهُ مُصاب !
...
يا أعظمَ موجوعة !
يا أحزن محزونة !
يا أفجع مفجوعة !
يا أبلغَ مُبْلِغةٍ مشهدَ وجعٍ.. فاجعةٍ كبرى!
إذ مرَّغت الجسدَ بأرضٍ
والوجه حثَته بثرى !
وهي تقول : أبويَ .. أبوياه!
أُمي.. أمّاه!
وأبوها لا يسمعُ والأم
ليس ترى !
...
يا الفاقدةُ هدى !
يا المفقودُ أبوها والأم
والإخوةُ والأخواتُ بلا استثناء !
ما أقساهُ القاتلُ ما أقساه!
ما أبقى من أسرتها أحدا !!
فعزاءً أختاه عزاء :
إنَّ الآباءَ جميعاً لكِ آباء
وفداءً لك كلُّ الشعبِ فدا !
والقاتل مهما أوغل قتلاً.. لم يرحم!
سنقول له :
إنّ القتلَ بقتلٍ والدمَ بالدم !
وسيأتي يومُ الثأرِ لكلّ المقتولين:
حتى آخر طفلة..
"إيمانُ" وكانت تمسكُ ثديَ الأمّ
جفّ الثديُ وخُضّب صدرُ الأم
...
أيْ قَتَلَة !
لا تعتذروا كذِباً .. لا تعتذروا من لؤم
إن تعتذروا اليوم وتعتذروا
كم كان لكم من أيامٍ وَلَدت مقتولين !
فانتظروا انتظروا
كم سيكون لنا من أيام
هي حبلى بالثأر اليوم
وستلد غداً ًفانتظروا ..
ما القتلُ سوى بالقتل وما الدمُ
إلا بالدم !
يونية/ حزيران 2006م ـــ من مجموعة "قلائد للأقمار" بتصرف