الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

رواية الأزهري والجماعة (10)بقلم:سيد سليم

تاريخ النشر : 2019-12-08
رواية الأزهري والجماعة (10)بقلم:سيد سليم
33

ـ أسيوط والصراع على مناطق النفوذ

محافظة أسيوط أهم معاقل ومعامل تفريخ (الجماعة الإسلامية) كما أن بها كثرة من أقدم وأكبر القيادات في جماعة (الإخوان المسلمون) والصراع بين الجماعتين واضح ولا يمكن إنكاره، إنه صراع خارج عن أدب الإسلام وصحيح السلوك الإنساني، ولكنه يحدث في زي ديني.

حدث في المدينة عاصمة المحافظة أكثر من صراع بين أعضاء الجماعتين؛ فكل جماعة تريد السيطرة على مناطق نفوذ أكثر من الأخرى، ووصل الأمر إلى تعدد الاشتباكات والضرب بالجنازير واقتحام المساجد والطرد من مناطق السيطرة؛ فجماعة الإخوان ترى أنها الأقدم والأحق، بينما ترى الجماعة الإسلامية أنها الأكثر عددا وشبابا وقد حدث الاحتكاك الفعلي بينهما.

ففي منطقة شهيرة بالرقي والهدوء (شركة فريال) يوجد مقر لجماعة الإخوان هو ملتقى درسهم الأسبوعي كل ثلاثاء مسجد (أبو الجود) بينما مقر الجماعة الإسلامية وملتقاهم الاثنين من كل أسبوع في (مسجد الجمعية الشرعية).

ـ حدث أن قام أعضاء من جماعة الإخوان بتجمع إفطار غير رمضاني في مسجد البدري في المنطقة نفسها؛ فاقتحم عليهم أعضاء الجماعة الإسلامية المسجد وطردوهم وقت الإفطار في منظرٍ قبيح، لا يمت للدين بأي صلة.

ـ في منطقة غرب البلد أقام الإخوان درسا في مسجد شلنب؛ فاقتحمت الجماعة الإسلامية المسجد وحدث بعض التخريب؛ لأنهم اقتحموه من أعلى بسبب إغلاقه بعد الشعور بمحاولة الاعتداء وحدث تبادل ضرب وإصابات.

ـ أمام المطعم المركزي لجامعة أسيوط تم تبادل الضرب بالجنازير بين الجماعتين.

ما أقبح هذا التدين الذي يصنع الصراع المنهي عنه ويقوم بتبريره!.

34

ـ وقالوا: أنت من علماء الحكومة

قالوا أكثر من مرة وفى أكثر من مناسبة: أنت تبع السلطة أنت من علماء الحكومة ويقصدون بهذا إنني أحاورهم وأحاربهم بإيحاء من الحكومة أو عن طريق تعليمات من أجهزة الأمن، وهذا شأنهم واتهامهم الجاهز؛ فالعلماء الذين ينكرون أسلوبهم أو يرفضون سلوكهم إما مرتشون من الدولة بالمناصب أو الأموال أو من الطامعين في ذلك، وإما يفعلون ذلك بتعليمات أمنية! وكنت أقول لهم ولغيرهم ممن ظن ظنهم مقولة شهرت عني ويعلم صدقها زملائي وأحبابي المقربون وهي: "إنني كنت أحاربكم قبل أن تحاربكم الدولة وكنت أرفض سلوككم في الوقت الذي كانت تدعمكم فيه الدولة، وأبغض أفكاركم ومؤتمراتكم في الوقت الذي كانت تحرسكم فيه الشرطة". وهذا ما حدث بالفعل ففي الوقت الذي كانت تصدر فيه كتيبات في جامعة القاهرة باسم الجامعة واتحاد طلابها ورعاية شبابها مدعومة مالياً وتحمل اسمهم في سلسلة أشرت إليها في الفصل الأول عنوانها: (صوت الحق ـ الجماعة الإسلامية) في هذا الوقت كنت أرفضهم شكلاً ومضموناً وهم يعلمون ذلك، فمقاومتي لهم أسبق من مقاومة الحكومة وكل هذا الظن جعلني أقسم ولازلت أقسم بالله الذي خلقني وهداني إلي سبيل المؤمنين أنني أحارب سلوكهم عن يقين داخلي وعن قناعة تامة بأنهم على باطل ولم أتلقَ أي تعليمات ولا أقبل ذلك من أحد مهما كان شأنه أو علت رتبته، كما لم يناقشني في هذا الموضوع مجرد نقاش أي مسئول كان، وإن فكري مما علمني ربي واستقرت عليه عقيدتي واستراح له ضميري والله المستعان على ما يصفون، وليس من السهل أن يبيع الإنسان دينه بعرَض من الدنيا اللهم إلا قلة شاذة عن أهل العلم والورع، وإذا تمكن العلم من قلب امرئ؛ جعله يستحقر الدنيا وما فيها من منصب أو مال أو جاه، إذا كان ذلك يضر بدينه أو يمس عقيدته أو يقدح في مروءته. وللمرء أن يسأل هل كل العلماء الذين قاوموا تلك الحركات الشاذة وكشفوا مصادر فكرها وأبانوا الصحيح من الزائف بالبرهان والدليل القاطع هل كل هؤلاء علماء سلطة؟! وهل المطلوب من العلماء أن يكونوا على النقيض من السلطة دائماً؛ ليكونوا مرضيين عند الجماعاتيين؟! وهل دائماً ما تكون السلطة على خطأ أو في ضلال مبين؟! إنني أقول لهم، أيها الجماعاتيون أفيقوا من غفلتكم وارجعوا عن غيبكم ويكفي أننا قد اختلفنا معكم قبل أن تختلف معكم السلطة.

35

ـ وجه الوزير على جسم كلب

في عام 1987م توقعت ما حدث من التيارات المتطرفة (الجماعة الإسلامية) وما تُحدثه ويحدث لها وللبلاد عامة وفي عاصمة الصعيد أسيوط خاصة ـ التي كانت مجمع التيارات وقتها ـ وكنت أذكر ذلك للزملاء والمهتمين بتلك التيارات التي أطلق البعض على سرعة انتشارها محليا وعالميا وصف (الصحوة الإسلامية) بل رأينا كتابا بهذا المسمى (الصحوة الإسلامية بين الجحود والتطرف) وكنت أرد عليهم أحيانا من خلال بعض نصوصه، وكم كنت أتمنى رعاة عقلاء من بينهم أو من قادتهم على بصيرة ورشد وفقه للواقع والمآلات يُرَشِّدون خطابها وسلوكها ولكن للأسف قد أغترت الجماعة بقوتها وسرعة انتشارها إلى أن مارست سلوكيا دور الخوارج؛ تكفيريا وتشريكيا وتبديعيا.

كانت أسيوط على أهبة الاستعداد لمؤتمر هام وحاشد وهو من أهم مؤتمراتها التي كان الإعداد لها والإعلان عنها مكثفا؛ لأهمية الضيف الأمير الأكبر في أهم معاقلها مسجد (الجمعية الشرعية) وقلت لأحد الأحباب الذين يشاركونني كراهية ومقت أسلوبهم: لا بد أن نحضر هذا اللقاء، لنرى ما يمكن أن يسفر عنه من نتائج وحضرنا بالفعل وسمعنا هتافاتهم المزلزلة، وخرجنا من المسجد لنرى على جدرانه ملصقات منها صورة مركبة: الجسم جسم كلب، والوجه وجه وزير الداخلية؛ فحزنت أن يصل الأمر إلى هذا الحال فضلا عن الهتافات غير اللائقة بجماعة تصف نفسها بالإسلامية، وأقسمت لصديقي في طريق عودتنا أنه لو أُريقت قطرة دمٍ فسيكون الأمير الأكبر ـ وكان كفيفا ـ مشاركا فيها؛ لأنه سكت ولم بنصحهم أو يردعهم عن مثل تلك الهتافات المعادية لكبار المسؤولين والتي تزيد الأزمات اشتعالا بين الحكومة وبينهم.

36

ـ مواجهة خطيب الجيزة المفكراتي وأشياعه

يبدو أن حظي في المواجهة بيني وبينهم لا يرتبط بزمان ولا مكان، ففي يوم جمعة من صيف عام 87 كنا ضيوفا على الغداء عند أحد المحبين في قرية الشوربجي غرب الجيزة، ووصلنا قبل صلاة ظهر الجمعة واقترب وقت الصلاة وتجهز الجمع للنزول للصلاة في مسجد قريب، ولأني أخطب الجمعة، تمنيت الاستمتاع بخطبة عالية ومفيدة من غيري، فطلبت من مضيفنا أن يصف لي مسجدا خطيبه مشبع وممتاز، فقال لي: هذا تجده في المسجد الكبير على الطريق الرئيس ـ وهو مسجد يخطب فيه كل أسبوع خطيب يأتيه خصيصا من الجمعية الشرعية ـ وذهبت كما وصف لي واستمعت للخطيب وأنا في حالة غضب وثورة داخلية مما أسمع؛ فقد سرد الخطيب قصة رجل ذهب لوداع شيخهم المسافر للحج، محملا شيخهم أمانة عبارة عن مصحف شريف طالبا من الشيخ أن يسلم له على سيدنا رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ويضع هذا المصحف في المسجد النبوي الشريف، وأن شيخهم أخبرهم بأن هذا من البدع والشرك وظل يفسر كلام شيخهم واستغرق ذلك كل الخطبة، وكنت أتململ وأنا أسمع وكدت أن أرد عليه وهو يخطب، ولكني آثرت الانتظار إلى انتهاء الخطبة والصلاة؛ حتى لا نشوش على المصلين وانتهت الخطبة التكفيرية التشريكية التبديعية الحمقاء بامتياز.

وبعد انتهاء الخطيب المكفراتي من الخطبة والصلاة وضعوا له كرسيا لإلقاء الدرس المتمم لموضوعه ويبدو أن هذا الخطيب كان مهما لدى رواد المسجد ممن هم علي نهجه من المكفراتية الذين كانوا يبدون بالغ اهتمامهم به وقبل البدء في درسه طلبت مناقشته إلا أنه رفض إلا بعد الدرس وأشار حواريوه إليّ بالجلوس والسكوت إلي ما بعد الدرس فكظمت غيظي وقبلت الجلوس علي مضض من أجل الرد علي ما أثاره من تشريك وتكفير وتبديع للمؤمنين والمسلمين. وانتهى الخطيب المشركاتى من درسه الطويل الذي جعلني أنسى وأتنازل عن (العزومة) وانتظار الناس لي وبدأت في مناقشه بسؤال هو: كيف ساغ لإمامكم الذي تتحدث عنه في خطبة جمعة أن يتهم رجلاً محباً لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو أنه طلب من شيخكم أن يسلم له على سيد الخلق وأن يضع في المسجد النبوي مصحفاً أهداه الرجل لهذا المسجد المبارك تبركا وطلباً للثواب من الله تبارك وتعالى؟! وكيف ساغ لك أن تنقل هذا الموضوع الذي لا يحمل في طياته ـ من خلال روايتك له ـ أي نوع من الشرك؟! وهل تشريك وتكفير عوام المؤمنين أمر سهل إلى هذا الحد؟! أ ليس من الأجدر بك أيها الشيخ أن تبين للناس أنواع الشرك حتى لا تلبس عليهم الأمر أو تشككهم في عقيدتهم؟! كان من الواجب عليك أن تبين للناس أن شرك العمل هو الرياء وهو أن يعمل الإنسان عملاً يقصد به الله والناس فهنا يكون قد أشرك في عمله لأنة أدخل الناس مع الله فأشركهم معه سبحانه وتعالى، وكان ينبغي أن يكون العمل خالصا لله وحده وقد أشار القرآن الكريم إلي هذا النوع من شرك العمل فقال عز وجل: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا} 110 الكهف، وفي الحديث القدسي: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك فمن عمل عملا أشرك فيه غيري تركته وشركه". أي أن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا له وحده ـ سبحانه وتعالى ـ وكان من الواجب عليك أن تبين للناس أن شرك العقيدة ـ أعاذنا الله منه ـ أن تعتقد أن لله شريكا معه في ملكه سبحانه وتعالي عما يشركون، والحمد لله رب العالمين إن أمة رسول الله قد عافاها الله على لسان رسول من هذا الشرك فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم كما روت كتب السيرة والسنة في حجة الوادع للمسلمين جمعيا: "لا أخاف عليكم الشرك بعدى أما إني أقول إنكم لن تعبدوا شجرا ولا وثنا ولكن أعمالا لغير الله وشهوة خفية". والأعمال لغير الله هي الرياء والشهوة الخفية هي الإعجاب بالعمل وحب الثناء والسمعة فالرسول نفى أن نشرك شرك العقيدة وهو الشرك الأكبر وتخوف علينا من شرك الأعمال أي الرياء وحب الصيت والسمعة من وراء العمل وهو الشرك الأصغر، إن التلبيس على الناس بهده الصورة يعتبر نوعا من الغش الديني والتطرف الفكري الممقوت الذي لا يرضي ربا ولا دينا ولا عقلاً.

37

ـ ثورة الاتباع ضدي وضد المسبحة

انتهيت من حديثي الموجه إلي الخطيب المكفراتي الذي جعله يتجهم أحيانا ويتبسم أخرى وسط محاولات من أتباعه لمقاطعتي وبعد أن أفحمته بالأدلة الدامغة والحجج القوية ثار أتباعه وأعوانه ضدي وواجهني أكثر من فرد منهم بالأسئلة التي هي في الحقيقة للتوبيخ وكنت أرد عليهم بحسم وأعلمتهم أنني طالب للعلم في جامعة الأزهر الشريف؛ فسخروا وقالوا وهم يتغامزون إنه أزهري ـ ومغزى هذا عندهم أن الأزهريين عقيدتهم فاسدة، وهم علماء سلطة لا يؤخذ عنهم ـ وارتفعت حدة الحوار وصارت أصواتنا تسمع من خارج المسجد وكأننا في معركة وتم إطفاء الميكروفون واستمر النقاش عنيفاً فطلبت منهم أن نرتب الحوار واحدا بعد واحد وإلا فلا حوار، أو أن يحدثني كبيرهم علما أو أميرهم وكانوا قد ودعوا خطيبهم الذي هو ضيف الجمعة. وفعلا اتفقنا علي تهدئة الحوار وواجهني كبيرهم المشرف علي المسجد بأنني أمسك سبحة في يدي والسبحة بدعة؛ فغضبت وقلت له هل تعرف معنى البدعة وأنواعها؟ فسكت لحظة؛ فبادرته معنفا: إن البدعة عندكم وفى مفهومكم وحدكم هي كل جديد فقال: بل هي كل محدث واستدل بقول سيد الخلق: "إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار". فقلت صدق رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ويجب أن تفهموا كلام النبي؛ فالمحدث والبدعة في الحديث مالا أصل له في الدين أو كل مالا يتفق مع الشرع الحنيف ولذلك قال العلماء ليس كل جديد بدعة ضلالة، إنما يوجد ما هو بدعة حسنة وبدعة سيئة وهنا ثاروا أيضا وقالوا لا يوجد شيء اسمه بدعة حسنة قلت إذن هو سنة حسنة ألم تسمعوا بقول المعصوم صلى الله عليه وآله وسلم: "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلي يوم القيامة دون أن ينقص من أجورهم شيء ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعلية وزرها ووزر من عمل بها إلي يوم القيامة دون أن ينقص من أوزارهم شيء".؟!

فسيدنا رسول الله يحذر من أن نحدث أو نضيف إلي الدين شيئا ليس له أصل في الدين. ثم ما الذي يضر الدين بسبب السبحة؟! ألم تسمعوا عن فتوى الإمام محمد عبده في شأن المسبحة من أنها من البدع الحسنة التي لها أصل في الدين واستدلاله بما ورد من أن بعض أمهات المؤمنين والصحابة رضي الله عن الجميع كانوا يستعملون النوى وغيره في العد والتسبيح؟! فالمسبحة من هذا القبيل المطور عصرياً. فلما وجدت جدلاً ولحاجة قلت لكبيرهم أنت نفسك بمفهومكم للبدعة بدعة واستعمالكم للمكبرات الصوتية هذه بدعة واستعمالكم للمراوح في المسجد بدعه وكل تطور عصري تستعملونه بدعة وكل ما لم يكن موجودا أيام سيدنا رسول بدعة.

فسكتوا جميعا وهممت من ناحيتي بالانصراف إلا أنهم أصروا علي التعرف بي فعرفتهم بنفسي بأني ضيف من أسيوط وأدرس في جامعة الأزهر الشريف والحمد لله مثقف دينيا درست الفقه والعقيدة وعلوم اللغة التي يجب أن يحيط بقدر منها كل من يريد الدعوة إلي الله وإلا كان فتنة للناس يبلبل أفكارهم ويشككهم في ما هم عليه من عقيدة صحيحة.

وقلت لهم يجب علينا جميعا أن نبصِّرَ الناس ونذكَّرهم بكل نافع يفيدهم في واقعهم الحياتي وسلوكهم الاجتماعي لا أن نتهمهم في عقيدتهم ولنعلم جميعا أن أقوال وأفعال العوام ـ وإن أوهم ظاهرها الشرك ـ تعد جهلا لا شركا وانصرفت وبقيت معي ذكرى تلك المعركة الشربجية الجيزاوية التي كنت أرويها للأحباب.

38

ـ مفتي مصر ومفتي الوهابية

العلماء في مصر عندهم هم علماء سلطة فحسب، وهم غير مؤتمنين على الدين والفتوى، وعلماء الوهابية: ابن باز وابن عثيمين وأشباههما هم العلماء المعتمدون لديهم، ومعروف عن هؤلاء مدى تطرفهم وتخليهم عن آثار فتاواهم عند اللزوم.

حدث أن جاء لمحاضرة في أسيوط فضيلة الشيخ محمد سيد طنطاوي مفتي الجمهورية ـ قبل توليه مشيخة الأزهر ـ وفي الإستاد الكبير والجمع الحاشد وجهوا إليه بعض الأسئلة وأجابهم، فردوا عليه بقولهم: يقول ابن باز، وهنا غضب المفتي وقال بلهجته: (بلا ابن باز ولا ابن غراب أنا مفتي جمهورية مصر) وحدث منهم لغط كبير ومحاولة تشويش على المفتي طبعا.

واستعرت الفتنة بينهم وبين مؤسسات الدولة وكانت الدولة ترى عدم الاستجابة لمطالب فئة إلا من خلال المسار الديموقراطي والدخول في مجالس التشريع، وبالفعل دخل أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين، وفاز وقتها الدكتور محمد سيد حبيب بمقعد عن أسيوط، وقد حاربوا جهدهم لأجل عدم ترشحه ولم يفلحوا، فما كان منهم إلا الرد برأي ابن باز وأشباهه من علماء الوهابية تلك الآراء التي تقول بكفر الديموقراطية ومجالس التشريع وقاموا بطبع فتاواهم في صورة منشورات وكتيبات أحيانا وهي كتابات ترى أن البرلمانات والديمقراطية مجالس كفر؛ لأنها تشرِع غير ما أنزل الله كما تتحدث عن حكم الطواغيت وتحرض تحريضا مباشرا على الجميع؛ تكفيرا وتشريكا وتبديعا، بل وزعوا منشورا أن المجالس النيابية مقبرة للشريعة.

وكنت أقول: حسبنا الله ونعم الوكيل، وأقسمت وقتها لزملائي أنه سيأتي الوقت الذي تعاني فيه بلاد الحرمين من تيارات متطرفة كهذه ويذوقون من الكأس نفسه الذي أذاقوه مصر بفتاوى علمائهم الشاذة.

وتدخل كبار العلماء من الأزهر وغيره لتهدئة تلك الحرب المستعرة وكان نصيب العلماء سبابا صريحا واتهامات يكررونها دائما (العمالة للحكومة) وسبحان الله عما يصفون!.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف