الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الأسير جمال أبو شرخ: قتلوه ثم قالوا انتحر بقلم:عبد الناصر عوني فروانة

تاريخ النشر : 2019-12-05
الأسير جمال أبو شرخ: قتلوه ثم قالوا انتحر بقلم:عبد الناصر عوني فروانة
السادس والعشرون من أيلول/ سبتمبر عام 1989، يوم لا يمكن أن يُمحى من ذاكرتي، فهو اليوم الذي شهدت فيه ليلته اعتقالي للمرة الرابعة على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي، والزج بي في زنازين ضيقة وقذرة لا تدخلها أشعة الشمس، وفي قسم التحقيق في سجن غزة المركزي والذي كان يُعرف بـ "المسلخ"، كناية عن قسوته وشدة التحقيق و التعذيب فيه.

تجربة اعتقالية كانت هي الأقسى من بين أربعة تجارب مررت بها في حياتي، حيث مكثت قرابة مائة يوم متواصلة ما بين "المسلخ" والزنازين الضيقة والمعتمة، تعرضت خلالها لصنوف مختلفة من التعذيب الجسدي والنفسي، ومكثت في ما يُطلق عليها الأسرى بـ "الثلاجة" أيام وليالي طوال، ولا زالت صور المحقق وهو يستمتع بتعذيبنا ماثلة أمامي، كما ولا زالت أحداث استشهاد الأسيرين خالد الشيخ علي وجمال أبو شرخ في تلك الفترة جراء التعذيب عالقة في ذهني.

صراحة لا يمكن وصف تلك الفترة المؤلمة ومعاناتها القاسية، فالأسير منا كان يتمنى الموت، ويفضل أن يموت مرة واحدة، على ألا يموت ببطء مرات ومرات عدة. فنجونا بأعجوبة وبقينا نتألم.

ولا يمكن الحديث أو الكتابة عن التعذيب وتاثيراته دون الاستحضار الاضطراري للتجربة الشخصية والتي تتشابك مع التجربة الجماعية لمئات الآلاف من المعتقلين الفلسطينيين، وهنا يتجدد الألم، ويتفاقم الحزن لوجود آلاف من الأسرى لا يزالون يُعذبون في سجون الاحتلال الإسرائيلي مما يدفعني للعمل أكثر فأكثر لنصرتهم ومساندتهم.

في تلك الفترة التي أتحدث عنها والتي استمرت مئة يوم من التحقيق والتعذيب وبالتحديد في الرابع من كانون أول/ ديسمبر عام 1989 كنت في زنزانة صغيرة تحمل الرقم (14) ، وإذا بأحد "العملاء" العاملين في الزنازين يفتح طاقة الزنزانة رقم (12) والمقابلة لزنزانتي، وبعد أن تمتم بضع كلمات لم نسمعها جيداً، أخذ يصرخ بأعلى صوته من هول الحدث، ويردد بالعربية "ميت"، وكررها مراراً وأخذ يركض، ونحن نتابعه من داخل الزنزانة عبر ثقب صغير في باب مُحكم الإقفال.

وخلال لحظات معدودة جاءت مجموعة من شرطة السجن وعدد من المحققين وأحدثوا ضجيجاً في ممر الزنازين وفتحوا باب الزنزانة ونقلوه جثة هامدة، بعدما كان قد تعرض من قَبِل إلى تعذيب قاتل ومميت في ما عُرف بـ "المسلخ".

انه الشهيد الأسير "جمال محمد عبد العاطي أبو شرخ" (23 عاماً) من سكان مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، وكبر وترعرع بين أزقة المخيم وتلقى دراسته الابتدائية والإعدادية في مدارس المخيم ، فيما الثانوية درسها في مدرسة "فلسطين"، ودرس في ألمانيا هندسة ميكانيكية ولكن الإمكانيات المادية الصعبة لعائلته لم تساعده في إكمال دراسته.

اعتقل "جمال" مصاباً منتصف أكتوبر عام 1989 بعدما تمكن بسيارته من نوع "بيجو" من دهس عدد من الجنود الإسرائيليين في شارع النصر بغزة فقتل وأصاب عدداً منهم ، ومن ثم نقل الى مستشفى سجن الرملة وتلقى العلاج هناك وزارته أسرته بعد قرابة ثلاثة أسابيع في السجن المذكور وأخبرها انه تعافى من جراحه وانتهى التحقيق معه وان فترة توقيفه مددت لثلاثة شهور، ومن ثم نقل الى سجن غزة المركزي ووضع في قسم التحقيق.

وفي الرابع من كانون أول/ ديسمبر عام 1989 أبلغت سلطات الاحتلال الإسرائيلي عائلة الشهيد بأن ابنها الأسير "جمال" انتحر شنقاً في زنزانته. مع أن الوقائع تؤكد بأنهم إنما قتلوه عمداً، انتقاماً لمن قتل من الجنود، وادعوا ظلماً وبهتاناً أنه "انتحر" في زنزانته، حسبي الله ونعم الوكيل على كل ظالم.

لم يكن أسلوب الدهس جديداً على المقاومة، كما لم يكن قتل الداهسين في التحقيق هو المرة الأولى أو الأخيرة في سجل الإجرام الإسرائيلي.

تنويه: المقال سبق ونشر، ونعيد نشره اليوم في الذكرى الـ30 لاستشهاده

 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف