الأخبار
قطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّاتإعلام الاحتلال: نتنياهو أرجأ موعداً كان محدداً لاجتياح رفحإصابة مطار عسكري إسرائيلي بالهجوم الصاروخي الإيراني
2024/4/18
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

رواية الأزهري والجماعة (8)بقلم:سيد سليم

تاريخ النشر : 2019-12-05
رواية الأزهري والجماعة (8)بقلم:سيد سليم
ـ الاعتداء بالطمس على كتب النادي الثقافي

النادي الثقافي من أهم أنشطة الجمعية الخيرية بدأ نشاطه بالمكتبة الثقافية الضخمة التي تحوي شتى فروع وفنون المعرفة وهم يعرفون أن الكتب الدينية هي الأكثر وجودا ًوعدداً فيها. والأمير وجماعته هم أكثر الرواد انتفاعاً، بها وكنت أتردد على النادي كثيراً لأني المشرف على النادي ولأطلع على بعض الكتب، وفى أحد تردداتي فاجأني أمين المكتبة بكتاب مكتوب عليه بخط كبير واضح: (هذا الكتاب مخالف للشريعة الإسلامية، أحذروا هذا الكتاب فإنه مخالف للشريعة الإسلامية) وكان بعضهم موجوداً فطلبت من الموجودين النظر في الكتب التي بأيدهم ثم تسليمها فوراً واستأذنتهم بغيظ في جمع الكتب، لأننا سنبحث ونجرد بعض الكتب التي نظن أنهم قاموا بتشويهها وفعلاً وجدنا مجموعة من الكتب بالصورة المشوهة تلك، وقد حاولت ومجموعة من الإخوة أن نعرف من الذي ارتكب تلك الفعلة الشنعاء من الحاضرين منهم أو غيرهم وانحصر شكنا في اثنين وسألناهما عن ذلك فأنكرا. ومما قلته موبخاً لهم في هذا المجال: إن هذه الكتب بذل فيها مؤلفوها الكثير من الجهد والوقت ومرت بأكثر من قارئ وناقد وجهة رقابية ثم إن وجد في الكتب التي شوهتموها مخالفات للشريعة فمن الواجب عليكم الاستفسار عنها فربما تكون ليست مخالفات عند غيركم ثم إنكم لم تصلوا إلى درجة فكر مؤلفيها حتى تعتدوا عليها هذا الاعتداء، إن هناك أكثر من وسيلة للرد والاعتراض كما أنه من الواجب على المسلم أن يطلع على جميع الثقافات مستفيداً وناقداً. أ لم يصل الإمام الغزالي إلى درجة الفيلسوف ليرد على الفلاسفة رغم أنه عالم دين! لقد قرأ الكفر والإلحاد والزندقة واطلع على مكنون هذه المذاهب وما ورائها من الأسرار وكتب في الرد على الفلاسفة كتاب: (تهافت الفلاسفة) ورد عليه العالم والفيلسوف الاجتماعي ابن خلدون بكتاب: (تهافت التهافت) فالكبار كانوا أهل فكر وعلم في أكثر من فن ومجال، وكانت بينهم حوارات عميقة وعنيفة أحيانا، ولم نعلم بمثل هذا التشويه إلا من أهل الإفلاس الفكري، كما رد الغزالي أيضا على الزنادقة والباطنيين بكتاب: (فضائح الباطنية) وألف كتابه: (المنقذ من الضلال) عما وجده في بحثه ومعاناته واطلاعه على ما عند الناس من فكر ووصوله إلى الحقيقة بعد طول عناء، وفي عصرنا نري عملاق الأدب الأستاذ العقاد يقول عبارة فحواها: "يقول البعض اقرأ ما ينفعك وأنا أقول أقرأ الجميع فإنك لن تعرف ما ينفعك مما يضرك إلا من خلال قراءتك للجميع". وهو الذي درس جميع علوم عصره وقد أدار معارك فكرية ورد على الطاعنتين في الإسلام بأكثر من كتاب منها: (عقائد المفكرين في القرن العشرين) ثم قلت لهم: إن حكمكم بإعدام بعض الكتب تحت أي حجة لن يقبله عاقل أبداً.

وقد سبق أن اعترضوا على بعض الكتب في حوارنا الشهير بأحد مساجدهم بحضور ضيفين عزيزين عليهم من القاهرة، واتفقنا على أن يحددوا أسماء تلك الكتب، ويكتبوا ملاحظاتهم لي؛ لنتناقش حولها ولم يحدث، إنما نقضوا هذا العهد فهم يرون تغيير المنكر الذي في الكتب باليد لا بالحوار والرد!.

27

ـ تحريف التكبير!

دخلت على مجموعة من المنتسبين للجماعة الإسلامية وهم يصلون في مسكنهم الطلابي فإذا بي أسمع الإمام في تكبيراته ينطق التكبيرات هكذا: (الله أكبار) هكذا نطقها مع ترقيق الباء والراء ومد الباء مدا مبالغا فيه إلى أن سمعت حرف الألف بعدها فقلت: لا حول ولا قوة إلا بالله، ربما زلة لسان فإذا بالإمام يكررها أكثر من مرة؛ فازداد غيظي وقلت بصوت مسموع: أعوذ بالله من التحريف. وبعد صلاتهم خاطبت الإمام وهم يسمعون قائلاً: لماذا هذا التحريف للتكبير، وما المسوغ له، وهل وصل بكم التقليد الأعمى لأمرائكم إلى هذه الدرجة؟!! وقلت: إنني سمعت هذا التكبير المحرف من أكثر من شخص تابع لهؤلاء الذين انحرفوا في السلوك الدعوي؛ حتى انحرفت ألسنتهم في التكبير وقلت متسائلاً باستنكار نفترض أن أحد أمرائكم كان ذا لسان أعرج أو أنعرج لسانه مرة فهل تقلدونه في هذا العيب اللساني دون تفكير أو حتى مجرد تساؤل عن مصدر تحويل أكبر إلى أكبار؟! وقلت: إن القرآن الكريم الذي جاء بلسان عربي مبين قد دعانا إلى التكبير وعلمنا كيف نكبر وقال لخير خلقه في بداية سورة المدثر {وربك فكبر} وقال في آخر سورة الإسراء: {وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا} وسيدنا رسول الله ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ هو المنفذ وهو القدوة لنا جميعاً لم يروِ عنه أحد نُطق أي تكبير في القراءة أو في الصلاة هكذا (أكبار) بزيادة الألف بين الياء والراء، ولم نسمع ذلك من أي إمام من الأئمة الكبار الذين صلينا خلفهم. إنه الالتزام الأعمى في تقليد الأمراء حتى وإن وصل ذلك إلى التحريف في التكبير داخل أهم ركن وأعظم فريضة (الصلاة) وقلت سبحان الله! هل وصلتم إلى هذا الحد من عمى البصيرة واعوجاج اللسان، وهأنذا أتذكر قول أمير الشعراء أحمد شوقي . رحمه الله:

بلابل الروض لم تخرس وما خُلقت خُرسا ولكن شؤم البوم رباها

ويذكرني هذا الموقف وسرعة التأثر والتقليد الأعمى بسرعة نشرهم وتداولهم لما يقوله الناس عنهم فقد تكلمت ذات مرة أمام مندوب إمارة المركزين ففوجئت بأمير المركزين يرتكز على كلمتي كفتوى أعجبته رغم أنه لم يكن حاضراً معنا، وهكذا تكون السرعة عندهم في التقليد ونشر ما يرون وترويج الاتهامات؛ نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق لما يحبه ويرضاه.

28

ـ محاولة إحراجي في عرس بسبب اللحية

كثيراً ما كنت أجلس إلى المتنطعين مناقشاً لهم محاولاً تصحيح بعض ما عندهم من مفاهيم خاطئة وكان الحوار يطول بيننا ويأخذ طابع الهدوء تارة والحدة تارة أخرى، وموضوع ترك لحيتي لم يشغلني ولم أفكر فيه، وفي عرس من أعراس قريتنا أراد أحد أمرائهم إحراجي ـ مع أن العرس لأحد أقربائه وكنا جلوسا في جمع معظمهم من أحبابنا المثقفين ـ وكان يكرر ذلك السؤال في أكثر من موقع لإحراجي بسبب عدم إعفائي لحيتي. يا أخ سيد لماذا لا تترك لحيتك فقلت: لأن أمثالكم تركوا لحاهم؛ إنكم نفرتم الناس من اللحية كانت تسمي قبلكم بالكريمة فجعلتموها بسلوككم ذميمة وكان الملتحي قبلكم يحترم وصار الآن بسببكم مشتبها فيه. وسألوا: أنت أزهري وتؤم الناس في صلاتهم وأنت حليق، فقلت ليست اللحية كل الدين وحلق اللحية لا يقدح في عدالة المسلم وأعجب ما فيكم أنكم تتركون لحاكم وتخالفون أعظم الملتحين سيدنا محمد ـ صلي الله عليه وآله وسلم. فإنه كان رؤوفا رحيماً هيناً ليناً لم يعنف أحدا في نصيحة، إنما دعوته رحمة وحكمة وموعظة حسنة.

وقلت: ورد في اللحية حكمان: سنة أو واجبة. فالقائلون بأنها سنة استفادوا ذلك من حديث مسلم عن أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ "عشرٌ من الفطرة: قص الشارب وإعفاء اللحية والسواك واستنشاق الماء وقص الأظافر وغسل البراجم ونتف الإبط وحلق العانة وانتقاص الماء". قال الراوي نسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة. فاللحية في الحديث لا تخرج عن حكم ما قبلها أو بعدها ومن هذا الحديث استدل الإمام الشافعي على أن اللحية سنة؛ لأنها وردت ضمن سنن الفطرة الواردة في الحديث وورودها ضمن السنن دليل على أنها سنة وليست واجبة. وقيل أيضاً: إنها سنة عادة وليست سنة عبادة، ووجهت إليهم حديثي قائلاً: كيف تجعلون اللحية كل شيء في الدين وهي سنة من سنن الفطرة؟! أ ليست اللحية والثياب والسواك وتقديس المظاهر أهم ما في الدين عندكم؟! إنني لا أنكر اللحية والسواك وكل مظهر إسلامي جميل إنما أنكر عليكم أن جعلتم هذه السنن كل الدين والمولى سبحانه وتعالى زين الإيمان في قلوبنا والشكليات لا تنقص الإيمان وفى الحديث الصحيح قوله: صلي الله عليه وسلم: إن الله لا ينظر إلى صوركم وأجسامكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم. التقوى ها هنا التقوى ها هنا. وأشار إلى صدره". فالدين والتقوى والإيمان منبعها القلب، وليس الدين مظهراً فقط، أيها المشوهون لجمال اللحية المتسببون في حربها. فمن قال إنها سنة على صواب والذين قالوا بوجوبها استدلوا بما ورد من أحاديث شريفة منها قوله ـ صلي الله عليه وآله وسلم: "قصوا الشوارب وأعفوا اللحى". وحملوا الأمر على الوجوب وما دام الأمر يتراوح بين الوجوب والسنة وفقاً لاجتهادات العلماء فإن من اعتبر اللحية سنة على صواب ومن اعتقد وجوبها على صواب وللمسلم أن يأخذ بأي الرأيين شاء والكل إلى الحق والكل على صواب، ومن المعلوم أن السنة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها، ونظراً للسلوك المتطرف عن سماحة الدين ويسره من بعض الملتحين؛ فقد وقع المعتدلون منهم في حيرة بين ترك اللحية وحلقها خاصة بعد ظهور حالات من العنف والشغب ضد الناس والحكومات وبالمقابل المقاومة الأمنية للسلوك الشاذ الغريب عن ديننا. ولهذه الأحوال قد أفتى العلماء بما أراح الشباب المعتدلين وأغضب وأثار المتنطعين ومن ذلك ما ذكره الدكتور عبد المنعم النمر . وزير الأوقاف الأسبق . في مبحثه الهام: (حديث إلى الشباب) والذي أبان فيه أن اللحية ليست من ضروريات الدين وأنها من سنن العادة لا العبادة ووجه بعض الشباب سؤالاً إلى الشيخ عبد الله المشد . رئيس لجنة الفتوى بالأزهر ـ مفاده: إن والديه يطلبان منه حلق لحيته وطلب رأي الدين في ذلك؛ فأجاب رئيس لجنة الفتوى بأن اللحية سنة، وطاعة الوالدين واجبة؛ فيقدم الواجب على السنة. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل نعم المولي ونعم النصير.

أقتنع معظم الحضور بما قلت ووجهوا للأمير وأتباعه أكثر من سؤال من باب اللوم والتوبيخ وقالوا: إننا نقتنع بما سمعنا من الشيخ سيد لأنكم بأفعالكم الشنعاء جعلتم الحكومة والشرطة تشتبه في كل ملتحٍ حتى وإن لم يكن منكم وكم قد رأينا من إنسان قد أحتجز في كمين أو أنزل من وسيلة مواصلات بسبب اللحية! فقلت: إذن هم جعلوا اللحية من وسائل الاشتباه بعد أن كانت من وسائل التكريم وقلت لهم وللناس نفترض أن اللحية واجبة أخذاً بالرأي الثاني القائل بوجوبها فإن واجب الحفاظ على النفس وصون كرامتها يقدم على الواجب الشكلي المتمثل في المظهر الجسمي. ولولا أفعال هؤلاء المتنطعين واصطدامهم بالحكومة وبالناس ما كان لأحد أن يتعرض لملتح أبداً. وقلت: إن الذين اتهموا الناس بالكفر ملتحون والذين حملوا السلاح وهددوا أمن المجتمع ملتحون إذن العيب ليس في اللحية وإنما العيب في الملتحين الذين شوهوا بأفعالهم هذه جمال اللحية ونعوذ بالله أن نعترض على سنة سيدنا رسول الله ـ صلي الله عليه وعلي آله وصحبه وسلم ـ وأنتهي الحوار الذي تم في أحد الأفراح باقتناع الجميع ما عدا المتنطعين، وقلت عن لحية مصطفى هذا شعرا:

كرهت اللِحى من أجل مثلك مصطفى = ألا ليتها نبتت إليك من القفا

ولو أن لي لحية لكنت نتفتها = ويعلم ربي ما بدا مني أو خفى

لأن اللحى صارت بمثلك شبهةً = تقابل من بعد المودة بالجفا

ولما ضحك الناس لهذه الأبيات، قالوا المتنطعون: أ تسخر من اللحية، قلت: بل أسخر من أفعال الملتحين أمثالكم وفي شعري هذا قلت: (ويعلم ربي ما بدا مني أو خفى) أي علمي أنها سنة كريمة، ولكنكم شوهتموها وجعلتموها وبعض المظاهر كل الدين.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف