الأخبار
ارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزة
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

التصوف في ألمانيا مولوي الهوى و شاذلي المنهج بقلم:محمد زيطان

تاريخ النشر : 2019-12-04
محمد زيطان متخصص في الادب والتصوف التركي.
التصوف في ألمانيا مولوي الهوى و شاذلي المنهج
مدخل:
يقول الشيخ أحمد بن عجيبة نقلاً عن الشيخ زروق أنه عرِّف التصوف بتعريفات تبلغ نحو ألفين ومن هذه التعريفات: "الدخول في كلِّ خُلُقٍ سَنٍّي والخروج من كلّ خُلُقٍ دَنِيٍّ، وقيل : هو أخلاق كريمة ظهرت في زمان كريم مع قوم كرام . والصوفي هو الذي يطهّر القلب من شوائب النفس على الدوام، ولا يكون ذلك إلاّ بدوام افتقاره إلى مولاه .تعددت تعاريف التصوف إذًا، وتراكمت إلى حد التضارب والتناقض أحيانًا؛ وخاصة إذا اعتبرنا تعريف التصوّف الصادر من منتقدي الصوفية ومعارضيهم .أمّا تعدّد التعريفات الصادرة من الصوفية فلا يمنع من ردّها إلى معنى واحدٍ: وهو-التصوف صدق التوجه إلى الله تعالى، فيقتضي ذلك أن: "كل من له نصيب من صدق التوجه له نصيب من التصوّف، وأن تصوف كل أحدٍ صدق توجهه فموضوع التصوف هو الإنسان من حيث تحقيقه العبودية لله تعالى، ولكي يتم ذلك، فلا بد من الاجتهاد في مقاومة هوى النفس، والصمود أمام غرور الدنيا، والحصانة ضد غارات الشيطان ومراوغاته، أمّا الوسائل الناجعة في نجاح هذه الاجتهادات فتكمن في العلم والعمل، ويتفرع منهما جميع القيم والمبادئ الصوفية. ولا شك أن الإنسان مخلوق مكوّن من خمس عناصر: الروح، والجسد، والعقل، و القلب، والوجدان، فلكي يستقيم الإنسان على الصراط المستقيم لا بد من تغذية كل عنصر من هذه العناصر الخمسة بما يلائمه من المواد الغذائية الخاصة به، فالروح غذاؤه السمو إلى مدارج النفحة الرحمانية، وغذاء الجسد الطعام، وغذاء العقل العلم، وغذاء القلب الإيمان، وغذاء الوجدان الرفق والعطف والرحمة، فالتصوف إطعام الروح بالأغذية المناسبة له من خلال تزكية النفس وتربيتها بوسائل ذكر الله، والتوبة، والإنابة، والاجتهاد، والتوكّل، والتواضع، والكرم، والمحبة، والعفو، والسماحة، والعدل، والإنصاف، وغير ذلك كثيرًا، وأثناء السعي إلى تحقيق التربية الروحية يستلزم التلاقي والتساند بين عنصر الروح وبقية العناصر الأربعة؛ (كما هو بديهي ).
جذور التصوف:لقد امتدّ الاختلاف حول التصوف إلى أصل نشأته وجذوره الأوّلية. فمعظم الباحثين في التصوّف يرون أنه تطورٌ طبيعي وصِحِّي، من قراءة للمنهج القرآني في ترتيب سلوك البشر على ما يؤول عليهم بالفائدة والخير، ومن ذلك قول الشيخ محمد بن الصِّدِّيق : "إن أول من أسس التصوّف هو الوحي السماوي إذ هو بلا شك مقام الإحسان الذي هو أحد أركان الدّين الثلاثة".وهناك من يرجع نشأة التصوف إلى القرن الثاني للهجرة، منهم ابن خلدون الذي نقل عن علماء نفوا وجود التصوف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، إلاّ أن هذا الفريق لا ينفي اتصال التصوف بسلف الأمة ومن المفكرين من يرجع نشأة التصوف إلى محاولة الهروب من فتن الحياة بسبب جنوح الناس إلى المادة، وتفكك الحياة الروحية، فوجود التصوف عند هؤلاء نتيجة للصدمة الحضارية، وردود فعل لانغماس الخاصة والعامة في حطام الدنيا، فلجأ بعض الناس إلى الزهد والخلوة فرارً من الفتن والقلاقل ويقول البعض إن أصل الصوفية يرجع إلى رجل زاهد متعبد في الجاهلية يقال له صوفة، واسمه غوث بن مرّ بن أدِّ. ويرى بعض المستشرقين أن أصل الصوفية يرجع إلى صوفيا اليونانية وهي كلمة تعني الحكمة وغيرها .
التصوف في ألمانيا :
تحتضن ألمانيا ما يقارب 83 مليون شخص تتعدد معتقداتهم، يتجه خمسة ملايين منهم إلى اعتناق الإسلام كديانة ويبرز من بينهم تيار شديد التجذر والارتباطية بتعاليم الصوفية ومناهجها.وهذا يقودنا إلى صفة أساسية يتسم بها التيار الصوفي في ألمانيا، وهي التعلق بالإسلام كثابت لا يتزعزع، فكثيرًا ما تتجه الكتابات الغربية عن التصوف إلى إلصاقه بمفهوم الغنوصية، أي وصفه كأنه تعاليم أسمى من الدين، ولكن أقطاب ألمانيا لا تعتمد في الغالب هذا المنهج بل ترى أن الصوفية جزء لا يمكن فصله عن الإسلام. وبدوره يرتبط ذلك بسمة أخرى تشير إليها الدراسات التي اهتمت في البحث حول طبيعة هذا المجتمع اللافت في ألمانيا، ومنها الدراسة التي قدمها مركز الدراسات الأمريكية «PEW» والتي أشارت إلى أن بوابة التصوف قد قادت بعضًا من مسيحيي النشأة إلى التحول إلى الإسلام والشاهد على ذلك هو وجود نماذج مثل الشيخ حسن دايك، شيخ الزاوية العثمانية، وشيخ التكية المولوية عبدالله هاليس وشيخ ذو النون المصري الشاذلي .

صبغة عثمانية:
وغالبية المتصوفة الموجودين في المراكز والقاعات الصوفية المنتشرة بأحياء ألمانيا المختلفة، يتبعون الطريقة النقشبندية (نسبة إلى محمد بهاءالدين شاه نقشبند المولود في أوزباكستان عام 1317)، ويعود ذلك الاعتناق إلى عدد من الأسباب، يتمحور أبرزها في ارتفاع نسبة أصحاب الأصول التركية بين طائفة المسلمين بألمانيا، حيث أشارت إحصائية حديثة صدرت في منتصف عام 2018 عن وحدة رصد اللغة الألمانية بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف إلى أن عدد مسلمي ألمانيا من ذوي الجذور التركية يبلغ نحو 2 مليون ونصف المليون شخص، أي ما يعادل نصف تعداد المسلمين هناك.ونظرًا للانتشار التاريخي الذي شهدته الطريقة النقشبندية في السنوات المتعاقبة للخلافة العثمانية التي توارت منذ 1923، تسعى الأكثرية المتصوفة نحو إعادة إحياء هذا التراث في منحى مختلف يُعزيه الألمان إلى تغذية روحية متجردة يستلهم منها البعض إشباعًا وجوديًا يمنحه تواصلًا بين ماضيه وحاضره.
ولا تقتصر السيطرة التركية على نشر النقشبندية فقط بل تضم إليها الطريقة المولوية أيضًا والتي ترجع إلى جلال الدين الرومي (الأفغاني الملقب وسط مريديه بمولانا والذي عاش بين 1207 إلى 1273، وعليه يتضح بعض من معالم التصوف.

مراكز متعددة
في بقاع مختلفة وطرقات متعددة ينتشر عدد من المواقع يرتفع بداخلها أصوات الموسيقى التي يتمايل عليها المريدون في حلقات ذكر متتالية اعتاد الألمان انعقادها دوريًا، فواقعيًا تتعدد المراكز لكنها غالبًا تحمل نفس الطقوس الصوفية في الأمسيات الشعرية والندوات الثقافية إلى جانب حفلات العشاء والعروض المسرحية التي تجسد الماضي العثماني.فيما تشترك أغلب البقاع المتصوفة في العرفان المنهجي والتأسيسي لـ«محمد ناظم عادل الحقاني» (1922- 2014 )، والمعروف بالشيخ ناظم القبرصي، نسبة إلى مكان ولادته، وهو صاحب النسب المزدوج لشيوخ الطريقة فتعلم من جده لأمه الطريقة المولوية، ومن جده لأبيه الطريقة القادرية، ثم انتهج لنفسه النقشبندية، وحرص على نشرها بأوروبا بمساعدة نجله «محمد محمد الحقاني»، الذي لا يزال يشرف على بعض المراكز بألمانيا.
 المركز الرباني للتصوف:
يعتبر المركز الرباني أو «Sufi Centre Rabbaniyya» من أشهر المواقع النقشبندية بألمانيا، كما أنه يمتلك فروعًا أخرى في عدد من العواصم الأوروبية ويديره حاليًا الشيخ أشرف أفندي (تلميذ ناظم القبرصي)، والذي تعود أصوله إلى تركيا.وأسس «أفندي»، المركز بعد عودته من حرب البوسنة (وهي حرب اندلعت من 1992 إلى 1995 بغية الانفصال عن يوغسلافيا)، ويعتمد في تمويله على أموال التبرعات.

الزاوية العثمانية:
من اسمها يبدو التأثر بالماضي، فالزاوية العثمانية أو «osmanische herberge» تُعنى بالروحانيات السامية والزهد، ولكن لا تطلبه بالمحاضرات والحلقات الدعوية، وإنما تنشر الطريقة النقشبندية بالرقص والموسيقى والفرح.
هذا الفرح الذي يتجاذبه الجميع سواء كانوا من رواد المركز أو القائمين عليه، فمن المعتاد أن تتضمن الذكريات المصورة لفعاليات المركز عددًا من اللقطات للشيخ حسن دايك (مدير المركز والذي تتلمذ أيضًا على يد ناظم الحقاني) وهو يشارك في حلقات الرقص طالبًا للمدد الإلهي.

مركز برلين للتصوف:
يُعد أحد الحلقات المهمة في السلسلة النقشبندية، إضافة إلى اشتراكه في التأثر التركي والمدد الحقاني، فالمركز ينبثق عن «الجمعية العثمانية» التي تعد الممثل الأول لتغلغل الثقافة التركية في ألمانيا.وكسابقيه يعتمد المركز المسمى بـ «ottoman Sufi center berlin» على الأنغام والترانيم الموسيقية لنشر تعاليم التصوف وسط أصحاب الأيديولوجيات الغربية.

الشيخ عبدالله هاليس
التكية المولوية:
الموسيقى هي القوة الروحية التي يعتمد عليها أتباع الطريقة المولوية، التي يقود طائفتها حاليًا في ألمانيا الشيخ عبدالله هاليس «Abdullah Halis Efendi».
 وفي الوقت الذي تتعدد فيه التكايا المولوية (المستوحاة أيضًا من الماضي العثماني) في البلاد فإن أشهرها تلك التي تقبع في جنوب العاصمة برلين، حيث يديرها الشيخ عبدالله هاليس بنفسه.

مدرسة الصوفية الإسلامية
تتسم تلك الواجهة الصوفية باختلاف منهجها بعض الشيء فهي تعتمد الطريقة «الأويسية شاه مقصودية» نسبة إلى أويس بن عامر القرني (594- 658)، والذي عاش في زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتوفي في معركة صفين (وهي المعركة التي نشبت بين جيش معاوية بن أبي سفيان وعلي بن أبي طالب) وكان أويس من أتباع علي.وتستكمل المدرسة التي تعرف بـ«Maktab Tarighat Oveyssi Shahmaghsoudi» أو «M.T.O» اختلافها في المداخل التي ترتكز عليها لنشر التصوف فهي لا تعتمد فقط على حلقات الذكر إنما تهتم أيضًا بالأنشطة الاجتماعية والتعليمية وإنشاء حضانات ومدارس للأطفال.
الشاذلية في ألمانيا: يقع المقر الرئيس للطريقة البرهانية الشاذلية الدسوقية برلين وسط المدينة ، ويحوي المقر العديد من المواقع التابعة للطريقة البرهانية، فمن الناحية الغربية للمبنى يقع المسجد الكبير للطريقة، وهو مكون من ثلاثة طوابق، وشماله دار الطريقة وفيها قبر منشئ الطريقة محمد عثمان عبده البرهاني الشاذلي ويظهر من الجانب الاخر مريدو الطريقة بثياب بيضاء، لكن الأكثرية ترتدي الزي الأخضر مع ربطه من الوسط بحزام فاخر مصنوع من الجلد، بينما يحبّذ الأجانب خاصة من الدول الغربية لبس الجبّة المرقعة، وفي حلقات الذكر والاحتفالات السنوية يوجد عادة أتباع للطريقة من جنسيات مختلفة لكن الوجود المصري والألماني والهولندي هو الأكبر حجما.
الباحث محمد زيطان
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف