أنقذني أولًا ثم صورني
بقلم عاهد الخطيب
إنِ اعتبرنا أنَّ تصويرَ معاناةِ الناس في الحوادثِ المؤلمة والكوارث الطبيعية، وانتهاكَ خصوصياتِهم على خلافِ إرادتهم في كثيرٍ من الحالات - أمرٌ سيِّئ، وهو في الواقع عملٌ لا أخلاقي، فإنَّ الأشدَّ سوءًا والجريمةَ الكبرى التي يرتكبها من يقومون بذلك هي انشغالُهم بالتصوير والتوثيق لمصالحَ خاصة بهم، وبرغباتهم الأنانية، وتقاعسهم عن مدِّ يد العون بأنفسهم، أو حتى طلب النجدة لضحايا هم بِأَمَسِّ الحاجة لها في لحظاتٍ حرجة وحااسمة بأسرع ما هو بالإمكان؛ لتخفيفِ آلامهم، وتأمين روعاتهم، وربما إنقاذ حياتهم إن كانوا قادرين على ذلك.
أين ذهبت الشهامةُ والحميَّةُ وحبُّ مساعدة الآخرين في مواقفَ صعبة كهذه؟ وأين هي الفزعة والنجدة التي عرَفناها، وكانت على أشُدِّها في الأجيال التي سبقت عند الأولين؟ وهل أضحى الخوف من عواقبَ محتملة هو من يسيطر على العقول في ظروف المجتمعات المستجدة؟
إن كان حقًّا هذا هو السبب، فهو وجيهٌ في بعض الحالات التي يَخشى فيها المرء على نفسه من تدخُّلٍ ولو بخير في غير مكانه، وقد يعذر صاحبه، أما تركُ هذه المهمة الإنسانية النبيلة والواجب الديني والأخلاقي من أجل التصوير كما نرى أحيانًا، فهذه ظاهرة خطيرة وجديدة على مجمعاتنا العربية والمسلمة، وانحرافٌ ملموس في سلوكيات البعض نحو الاستهتار واللامبالاة بمصائب الآخرين، الذي يؤشِّرُ إلى تصدُّع الروابط والعلاقات الإنسانية، وضعفِها بين الأفراد في المجتمع الواحد.
هل صار من المناسب - والحال على ما هي عليه اليوم من كثرة المصورين في الحوادث والمشكلات، وقلة من يَهُبُّون للعون والإنقاذ وفض الاشتباك - أن نُعَدِّلَ المَثَل القائل: "أنقِذْني أولًا من الغَرَقِ ثم لُمْنِي"، إلى "أنقِذني أولًا ثم صوِّرْني"؟ لتتحرَّك ضمائرُ هؤلاء القوم، ويكفُّوا عن عبثهم بانتهاك حرُمات الآخرين في محنتهم، إن لم يرغبوا في تقديم المساعدة أو لا سبيلَ لهم لذلك، وأن يمتنعوا بالحد الأدنى عن نشر أيِّ صور أو مقاطع فيديو - التقطوها وسجَّلوها - فيها أيُّ نوع من الإساءة لعباد الله، وهتك لسترهم، ويحذفوها فورًا من أجهزتهم.
بقلم عاهد الخطيب
إنِ اعتبرنا أنَّ تصويرَ معاناةِ الناس في الحوادثِ المؤلمة والكوارث الطبيعية، وانتهاكَ خصوصياتِهم على خلافِ إرادتهم في كثيرٍ من الحالات - أمرٌ سيِّئ، وهو في الواقع عملٌ لا أخلاقي، فإنَّ الأشدَّ سوءًا والجريمةَ الكبرى التي يرتكبها من يقومون بذلك هي انشغالُهم بالتصوير والتوثيق لمصالحَ خاصة بهم، وبرغباتهم الأنانية، وتقاعسهم عن مدِّ يد العون بأنفسهم، أو حتى طلب النجدة لضحايا هم بِأَمَسِّ الحاجة لها في لحظاتٍ حرجة وحااسمة بأسرع ما هو بالإمكان؛ لتخفيفِ آلامهم، وتأمين روعاتهم، وربما إنقاذ حياتهم إن كانوا قادرين على ذلك.
أين ذهبت الشهامةُ والحميَّةُ وحبُّ مساعدة الآخرين في مواقفَ صعبة كهذه؟ وأين هي الفزعة والنجدة التي عرَفناها، وكانت على أشُدِّها في الأجيال التي سبقت عند الأولين؟ وهل أضحى الخوف من عواقبَ محتملة هو من يسيطر على العقول في ظروف المجتمعات المستجدة؟
إن كان حقًّا هذا هو السبب، فهو وجيهٌ في بعض الحالات التي يَخشى فيها المرء على نفسه من تدخُّلٍ ولو بخير في غير مكانه، وقد يعذر صاحبه، أما تركُ هذه المهمة الإنسانية النبيلة والواجب الديني والأخلاقي من أجل التصوير كما نرى أحيانًا، فهذه ظاهرة خطيرة وجديدة على مجمعاتنا العربية والمسلمة، وانحرافٌ ملموس في سلوكيات البعض نحو الاستهتار واللامبالاة بمصائب الآخرين، الذي يؤشِّرُ إلى تصدُّع الروابط والعلاقات الإنسانية، وضعفِها بين الأفراد في المجتمع الواحد.
هل صار من المناسب - والحال على ما هي عليه اليوم من كثرة المصورين في الحوادث والمشكلات، وقلة من يَهُبُّون للعون والإنقاذ وفض الاشتباك - أن نُعَدِّلَ المَثَل القائل: "أنقِذْني أولًا من الغَرَقِ ثم لُمْنِي"، إلى "أنقِذني أولًا ثم صوِّرْني"؟ لتتحرَّك ضمائرُ هؤلاء القوم، ويكفُّوا عن عبثهم بانتهاك حرُمات الآخرين في محنتهم، إن لم يرغبوا في تقديم المساعدة أو لا سبيلَ لهم لذلك، وأن يمتنعوا بالحد الأدنى عن نشر أيِّ صور أو مقاطع فيديو - التقطوها وسجَّلوها - فيها أيُّ نوع من الإساءة لعباد الله، وهتك لسترهم، ويحذفوها فورًا من أجهزتهم.