الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

كيف تنتقم من العالم القبيح؟ بقلم:علي السباعي

تاريخ النشر : 2019-12-04
كيف تنتقم من العالم القبيح؟
علي السباعي

احتفال

ليلةَ إعلان بيان النصر والســلام فــي تلك السنة الثمانينية، أتت سيـــارة "الإيفـــا" العسكريـــــة مجلجلـــةً بسيرهـــا الوئيد، وصاخبــةً، ومطفأة المصابيح، محمّلةً جنوداً يرتدون بزات الحــرب وبكامــل عدّتهــم الحربيــة. جاؤوا إلى رابيةٍ تُتْرَك فيها بغالُ وحدتنا لتسرح وتأكل. كنـــت أرقبهم من مرصدي. اختاروا بَغْلاً صغيراً سمينـاً رماديــــاً وساقوه إلى حوض السيـــارة الخاكي وراحوا يتناوبون على النِزِوِ عليه.

* * *

حظ عاثر

تهدّم منزل صديقي الكائـن خلف الفندق الذي رُسمت على أرض مدخله صورة بوش الأب. نتيجة قصف القوات الجوية الأميركية لهذا الفندق، أصيب صديقي في القصف وطار نصف قحف رأسه. رقد في المستشــفى سنة ونصف السنة. تركته زوجتـه وقد أخذت معها أولاده. هو الآن يشحذ في الشوارع.

* * *

حمار ضائع

رجـــلٌ رثّ الثيــاب يبحث عن شيءٍ مــا في ســـوق المدينة، بيده حبـلٌ متسخٌ، أعترضتــُه قائـلاً: عمّ تبحث؟

بادرني بترقب: عن حماري.

قلتُ له: وما هذا بيدك؟

قال بثقة: حبل حماري.

قلـت جادّاً بعدما أخــذتُ منــــه الحبـل ووضعـته في عنـقي: اسحب. أنا حمارك.

* * *

حياء

كانت جدتي رحمها الله عندمـا يظهر المذيع في التلفــاز تتحجب بعباءتهـا.

* * *

حياة فرس

جلس بقربي "عربنجي" صاحب فرس كميت جميل، رشيق جــداً. سألتُه ونحــن نحتسي الشاي فــي المقهى: كيف تمضي يومك؟ أجاب: أستيقظ فجراً. أُطعِمُ فرسي. أسقيها الماء. أضع عليها "جلالها". اربطها إلى العربة واذهب إلى العمل. ظهراً آخذها إلى نهر الفرات. أفتحُ عنها العربة وأبدأ بغسلها. آخذها إلى المنزل لأعلفها. أتركها تستريح. عصراً أربط عليها العربة وأذهب إلى العمل. مساءً، أؤوب بها إلى المنزل. أفتح عنها العربة. أدلكها. أعلفها. أسقيها الماء. أنتظرها حتى تنام. ساعتذاك أذهب إلى أهلي.

قلت له: هذه حياة الفرس، أين هي حياتك؟

* * *

خيانة

رجــالٌ كُثُر يعملون فـــي مزرعة رجـــل صاحب نفوذ، كانوا يتناوبون علـــى ممارسة الحـــب مع زوجته كل يوم أثناء فترات غيابه. عَلِــمَ الزوجُ، فربط كـــــلّ واحدٍ منهم عاريا علـى جذع نخلة، أمـــــام أنظــار زوجته، فبدأ بتقطيع أعضائهــم الذكـــرية وهـم أحياء. صــــــارت دماؤهم تسيل علــى جذوع النخيــل وأرض البستــــــان، وكل عضو يقطعه يعطيـه لزوجتـه، آمراً إياها بأن تأكله نيئاً. أكلــت الأعضاء. ثمّ قتلها.

* * *

دار للبيع

بائعُ سجائر في حيٍّ راقٍ من العاصمة، أمامه مسكنٌ فخمٌ يملكه طبيبان معروفـان يعملان في مدينة الطب، معروضٌ للبيع. ذلك ما تشير إليه اللافتة المعلقة علــى بابه. شاهد أكثر مــن شخصٍ يأتي بسيارةٍ فاخرةٍ فارهـــة يدخـل الدار ولا يخـــرج منهــا، وسيارته يأخــذها شخــصٌ مــا ويغادر. ارتـاب بائــعُ السجائر واخبــر الشرطـة. بعــد مراقبة الدار اتضــح الآتي: إن منزل الطبيبين المعروض للبيــع، فيــه طابقٌ أرضــيّ جُهِّـز علـى شكلِ صالةٍ للعمليات متطورةٍ جدا ويحتوي على أرقى المعدات الطبية الحديثة، وكذلك ثلاجة لحفظ الأعضاء البشرية.

* * *

شجاعة

ماعزٌ فـي أيام السِفـــــاد، يروم ركوب إحدى المواعز. كلما حـاول امتطاء إحداها منعه ماعزها. حاول أكثر مـــن مرةٍ تمنعه باقي المِعَز القويـــة من سفـــاد إناثهــــا. عضــوهُ منتصــــبٌ، مــدّ رأسه نحـــوه، التقمــــهُ بفمه وعضّهُ عضَّةً قويـةً، قـطعتْه من عروقه، مـــن منبتــه، وراح عضـوه الذكـري المقطـــــوع يقطـــر دماً.

* * *

عقوبة

ضابطُ شرطةِ حدودٍ يمسك بمهّربَين، شيخ وشــاب. يربطه أحدهما إلى الآخر، ظْهراً لِظْهر، يسكب عليهما مـاءً بارداً ويتركهما فـــي العراء في ليلة شتائية قارسة جداً.

صباحـاً، وجدوا الشيخ ميتاً، والشــاب مصاباً بالشلل.

* * *

غاسل الأموات

أنا شخصٌ منحوسٌ ما إن أعمــل في مهنة حتى أُطْرَدُ منها لكوني أجلب النحــس إلى الذي أعمل عنده. حلَّ بي المطاف أن أعمل غاسلاً للموتى في أحـد مغتسلات النجف. ذات تموز، جـاء إلى المُغْتَسَلُ شبانٌ يحملون جنازةَ أبيهم. طلبوا منــا تغسيلها وتكفينها. كان ربّ العمل يومها مريضاً ولم يكن أيٌّ من مساعديه موجوداً، ولا أيٌّ من أبنائه. طلــب مني تغسيل الميت وتكفينه وهو يُشرف على أدائي. مـــا إن سكبتُ دلو الماء علــــى جسده حتى فزَّ الميتُ مستيقظاً. هرب كـلّ أبنائه إلا ربّ عملي وأنا.

طردنيِ صاحب المغتسل من عملي قائلا لي وبغضب: لقد قطعتَ رزقي، حتى الميت أيقظتَه من ميتته.

* * *

قطيع الماعز

بعد عامِ ألفين وثلاثة مرّ قطيعٌ من الماعز الأبيض باستثناء عنزةٍ واحدةٍ كانت بلونٍ اسود في الشارع الرئيس لمدينتنا. ارتبك قطـيع الماعــز مذعــورا وفرّت العنزة السوداء خائفةً من مرور عجــلات الفرقة المجوقلة مئة وواحد، "الفرقة القذرة" التي تحتل مدينتــَنا.

راح راعـــي الماعـــز يجري وراء عنــزته الســوداء حتى امسكها. انهــال يضربهــا بعصاه بقــوةٍ وعنـــف لأنهــا رفضَـت المسير مع باقي القطيــع. تدخــل شابٌ من أهالــي المدينة مفتول العضلات، بإبعـــاد الراعي عــــن العنــزة السـوداء، وحملهــــا بين ذراعيه واحتضنهــا بقــــوةٍ وراح يمطـِـرها بوابلٍ مــــن القبـــل.

كــان جنود "الفرقة القذرة" ينظرون إليه بتعجب وهو يهتف في وجوههم: يقولـــون إن التفــرقة العنصـــرية موجودة في أميركـــا. لا. إنهــا موجـــودة هنا، وهـــو يشيـــر بسبّابتـه إلى راعــي الماعــز.

* * * 

مؤتمن

حـارسٌ فـــي مشرحة الطـــب العدلي، مهووسٌ بمضاجعة النســـوة الميتات فــــوق منضـــدة التشريــح، كانـت تستهويه النســوةُ ذوات شعـــر العانة الكـــث، متعته أن يبحث بأصابعــــه الرفيعة الراجفة بين الشعر عن فرج الميتة. ذاتَ ليلةٍ شتائيةٍ عاصفة صدف أن كشف الغطــــاء في ثلاجة الموتى عن ميتةٍ عارية. كان شعـــر عانتِها أسودَ كثيفــــاً مغريــــا لـــه، راحــت أصــابعه تبحــث عـــن فرجهـــا فـي شعــــر عانتهـا. وجــده، ضاجعَهـا، كانـــت ابنـــة أخيه.

* * *

وصايا امرأة متشحة بالسواد

- ...

دموعُها شاهدٌ حيّ، وهي توصيني بتدوين عذابات الناس الذين يمشون بجانب الحائط في بلدٍ طيب؛ يحرثون أرض خيباته بمرارات الواقع وهباءاته. وكان العراقيون المصلّبون في جذوع نخله المنقعر يسقونها بدماء جراحاتهم. كانت دموعهم النازفة برقيّاتٍ من جحيمه، زامنتْ بكاءَ الأرملة المتّشحة برماد الفجيعة تبكي يومها الدامي في بلاد وادي الرافدين، سألتُها مذهولاً: كيف تبكين؟!

أجابت بشفتينِ راجفتينِ شاحبتين، ودموعها منهمرة من عينيها السومريتين الرافضتين لعراق القهر: العين لا تبكي إلاّ إذا بكى القلب، والقلب لا يبكي إلاّ إذا أشتـدّ وقع الهمّ عليه، كم كان همِّي ثقيلاً يطبق على قلبي.

علّقتُ مهموماً: ليس من السهل نسيان كلِّ ما مرَّ بنا من أحزان.

شاطرتني حزني قائلةً: أقتـنص هذه اللحظات!

بحتُ لها وأنا أمسك رماد فجائعـنا: ليتكِ تدركين كم هو ثقيلٌ هم ُّ الوطن؟

قالتْ بلحظة بوح باذخة الدهشة: دوِّنْ دموعَ الناس بوصفها الخيط الرفيع الذي يربط بين الحياة والحلم.

استفهمتُ: لِمَ؟!

قالتْ ناصحةً: لأنّكَ متى تأخّرتَ عن الإمساك بتلك اللحظات المدهشة من محنتنا ستفقدها إلى الأبد.

......

لِتكُنْ كتابتُكَ في هذا الوقت عن عذاباتنا أجمل انتقامٍ من هذا العالم القبيح الذي نعيشه.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف