الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

المتعة والتشويق في قصة "سر يعلمه الرجال فقط!"

تاريخ النشر : 2019-12-01
دراسة نقدیة لکتاب ”سر یعلمه الرجال فقط للادیبة خیرة جلیل الذی صدر مٶخرا عن جامعة المبدعین
اً في جريدة "طريق الشعب" الصفحة الثقافية:

الاستهلال في القصة بداية محفزة للقارئ وعلامة اصطلاحية يستعان بها في القصّ، لتوصيل دلالات توضيحية لما يريده القاص في مساعدة القارئ لرسم صورة بيّنة وواضحة لموضوع القصة. ولعلّه من أهم الأشياء التي يمكن أن تجذب القارئ بعد العنوان، للاستمرار في القراءة. كذلك يعتبر الاستهلال البوابة للدخول إلى عالم القصة، وفي الوقت ذاته هو إبداع لنصوص موازية لجسد القصّة. وقد صورت لنا المقدمة او الاستهلال الذي ابتدأت به الكاتبة خيرة جليل لقصتها "سر يعلمه الرجال فقط..!" مدخلا لطيفاً ومحفزاً لينفذ من خلاله القارئ إلى ثيمة القصة، وكانت إشارة جميلة تعبر عن قدراتها الإبداعية ومهاراتها اللغوية، لتحثه على قراءة القصة والتفاعل معها بواقعية؛ من خلال استخدامها لمفردات بيئية يستذوقها القارئ؛ فالطفولة التي تكلمت الكاتبة عنها، تذكر الجميع بأجمل سنوات العمر وأصدقها. وقد أجادت في استهلالها ليكون دافعاً حقيقياً للقارئ للولوج الى عالم القصة والتفاعل معها، وبالفعل كانت الاحداث مثل توقعات القارئ، والصور التي رسمها هذا الاستهلال اللطيف.
وقد اتخذت الكاتبة من وظيفة الراوي - المشاهد الذي ينقل أحداث الروي عن طريق شخص آخر يعيش تفاصيل الحدث - من خلال صديقتها المهندسة فرح- التي وصفت لنا رائحة التراب عند سقوط المطر الذي بقي حتى هذه اللحظة في ذاكرتها يثير فيها شوقا لأيام الطفولة الجميلة واهتمام والدها بشقاوتها الطفولية التي كانت لا ترضي السيدة والدتها وهو اللعب مع إخوتها الذكور، وأن مكانها هو البيت، ليأتي والدها وينقذها من "الفلقة" التي تريد أن تعاقبها والدتها بها، وإصراره بالقول لوالدتها: "ومن قال لك أنها بنت أصلا ؟ هيا اتركيها بسلام" ثم يأمرها بان تمارس ما تهواه هي، لتلعب مع من تشاء. "وأنا أوصيك يا ابنتي أن لا تلعبين ولا تتعاملين إلا مع الذكور، لتتعلمين كيف تتعاملين مع الآخر، الذي سيكون أخاك وصديقك وزوجك وابنك"!!
يتوضح لنا من خلال سرد الكاتبة انها استخدمت وسيلة "الراوي" وهي أداة تقنية لتكشف بها عالم قصتها، بينما تقف هي خلف الراوي – صديقتها المهندسة فرح، وحتى تحيّد نفسها، وتكون مجرد ناقل للمروي، ومن هذا تسقط المسؤولية عنها، وتنتقل إلى موقع اللامسؤولية. فتحدّد في كونها "شاهدة" على زمن وواقع الرواية فحسب: "هكذا تخبرني صديقتي المهندسة فرح والتي غادرت مدينة طفولتها "فاس" في اتجاه مدينة الدار البيضاء لتتزوج وتنجب أطفالها.. اليوم ونحن نحتسي قهوتنا قررت أن تخبرني عن أول سر احتفظت به لنفسها" ثم تركت صديقتها تتكلم عن السر الذي اكتشفته بعد ذلك عن فقيه الدرب الذي كانوا يسمعون عنه من خلال نساء قريتها ان جنية تسكنه!!
وهذا ما يثير الشك فكيف تسكن الجنية رجلاً مؤمناً! لكن نساء القرية ما يدعنه يدحض الشك ويصل حد القناعة: "سمعناه يتحدث اليها عدة مرات طول الليل، كيف تسكنه جنية ويتزوج بها وهو يقرأ القرآن صباحا ومساء"! فيتفقون الأولاد ان يراقبوا هذا الرجل ويشاهدوا بأم عيونهم قدوم تلك الجنية التي شغلت نساء القرية، وتكون هي الصبية الوحيدة ضمن الصبية الذين يتلصصون على الشيخ الورع! " تعودنا أن نتلصص عليه من فوق السطوح ..فكانت مهمتي أن أراقب الدرج حتى لا تضبطنا الجدة في فعلتنا هذه الشنيعة . كان همنا الوحيد هو أن نراه جالسا مع زوجته الجنية حين يكون في جلساته الحميمية التي تتحدث عنها النساء في جلسات الشاي".
وهكذا تتصاعد أحداث القصة، حتى يحصل لهم في إحدى ليال المراقبة ما ليس بالحسبان، فقد رأوا الجنية وهي آتية للقاء محبوبها الأنس، رجل الدين الذي يقضي الليل يتعبد ويقرأ القرآن. ومن شدة هول المفاجأة معرفتهم للمرأة التي جاءت ولم تكن جنية، بل كانت واحدة من نساء القرية اللواتي يتصفن بالأخلاق والسمعة الطيبة، وبسبب خطأ ترتكبه الصبية وسقوطها من الدرج الذي كانت تقف عليه، يكتشف رجل الدين ان هناك من كان يراقبهما. وبعد كشف السر الذي حرص عليه رجل الدين لمدة ست سنوات، تنتهي الليلة بالاتفاق معه على ترك البلد مقابل عدم فضحه وفضح المرأة.
إن "سر يعلمه الرجال فقط..!" هي حكاية تجمع بين الحقيقة والخيال، فشخوصها موجودون بيننا، وعلى الأغلب أننا عايشناهم او سمعنا عنهم في حياتنا، وثيمتها يمكن ان تكون قد حصلت فعلا أو حصولها من الممكن حدوثه في الواقع. وهي على جانب من التشويق والإمتاع، زاخرة بالأفكار والآراء التي تجعلك تفكر كثيرا بعد قراءتها.. وقادرة على إثارة الشعور بالمتعة والرضى.

* خيرة جليل تشكيلية وناشطة مغربية لها العديد من الاهتمامات الثقافية والأدبية.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف