الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

في سياق تجربة التشكيلية هدى رجب: مهارات فنية و ابداعية في جسد العمل الفني

تاريخ النشر : 2019-11-28
في سياق تجربة التشكيلية هدى رجب: مهارات فنية و ابداعية في جسد العمل الفني
في سياق تجربة الفنانة التشكيلية التونسية هدى رجب :
مهارات فنية و ابداعية في جسد العمل الفني المنسوج توقا للحداثة الفنية..

mé-tissage »"  ... و فكرة الاقلاع  بفن  النسيج كرافد فني من الفنون الدارجة منذ القدم..

شمس الدين العوني

الفن هذا السفر الدفين المحلى بالشجن حيث لا ملاذ غير نشيد ينبت مثل أعشاب قديمة تجددها الأغاني و الأماني ..هي فكرة القدم اذ يبتكر هذا الكائن الجميل الذي هو الانسان في عنفوان فطنته ما به ينشد يوما جديدا يتزين بممكنات الفن لينحت من الخيوط لباسا و كساء و تلوينات لفشاءات حياته ...قولا بالآدمية و تأصيلا لفكرة الجمال الممكن و المبثوث على قارعة الحياة كل صباح..

من فكرة القدم و عبر الزمان بتجاويفه و منعطفاته لمعت ذات الحكاية التي كان لها في تربتنا على مدى التواريخ حضور و مجد لنشهد مع تطو ملحمة الانسان و الآلة ممكنات جديدة متجددة هي بمثابة المبتكرات ...بل هو الابداع في تجلياته الثقافية و الحضارية..

النسيج ...هذا العنوان اللافت صار من علامات الحاضر فينا بالنظر للحالة بما هي ابداع و جمال حيث النسوة يشغلن الأنامل و السواعد في ضرب من المواويل و الشجن و الوجد تقصدا لحالة فيها الابتكار المفعم بالحكايا ...و هكذا لنقف على مخزون و موروث هام من المنسوجات التي هي بالنهاية ابداع ..

الفن التشكيلي و الفنانون التونسيون لمعوا بالفعل في هكذا عطاء تجاه حالات النسج و تفاصيلها نشدانا للابداعي الكامن في هذا الضرب الفني المخصوص الذي يتطلب الدقة و المهارات منذ التخطيط الأولي المرسوم على الورق الى تخير الأشكال و الخطوط و العلامات لتعبث اثر ذلك جماليا و فنيا و تقنيا أنامل الحرفيين انتهاء الى اللوحة المنسوجة بمختلف أحجامها و أشكالها و تخريجاتها..

فن النسيج من الفنون الدارجة منذ القدم و يشهد في عديد الجهات التونسية و من زمان الحضور و المجد الدال على عراقة العائلة و أصالة فعلها ليتطور بتلك اللمسات التي هي رؤية فنان أمهر يذهب بالنسيج الى قصوى حالاته الابداعية قتلا للنمطي و الزائد الممل العالق بهذه الممارسة الفنية من زمان..أيضا..

اليوم و من خلال الذاكرة الفنية التونسية في هذا الفن نلمس تلك الجماليات التي أضفيت على هذا الفعل الفني لترتقي به الى ماتب عالية من رفعة المبتكرات الفنية..نذكر ابداعات فرحات و دقدوق و الصامت ...

هكذا و من بوابة هذا الفن الانساني النبيل نلج عوالم الفنانة التشكيلية النساجة التي تخيرت هذا التمشي الجمالي نهجا و عنوان ابداع و عطاء بكل مافي المسألة من دقة و عناء و لكن لا مناص من العناء في خانة الابداع..الفنان المبدع جبل على ذلك ..الفن عناء جميل...و غناء خافت زمن الذبول..الذهول..

نعم هكذا نلج عوالم الفنانة هذى رجب التي حرصت على هذا الشغف الجمالي و هي تحيك شيئا من حكاياتنا الشتى بمبتكرها الجمالي لترسمنا في حقل النسيج أصواتا و ذواتا أخرى تلهج بالمجد الملون الذي هو الفن...كان ذلك هو فعلها في الحياة الفنية و من خلال تجربتها منذ حوالي عقدين في العلاقة مع الخيط الرفيع ..هذا الخيط الصوفي  الذي ينتهي الى تأليف العمل الفني لتشكيل سمفونية طافحة الوجد و الذكرى و الحال في تعدد ألوانها  و الأصوات..ورد الرماد مثلا و الالوان و الأشكال التي ترتسم بعد جهد و عناء جميلين ..انها الذات الفنانة اذ تدعو طفولتها لتمنح  منسوجاتها شيئا من اعتمالات اللحظة بكل هواجسها الثقافية بكثير من الخبرة الجديدة و المهارات ..تلك المهارات البينة في مختلف الأعمال التي أنجزتها..

تعددت معارض الفنانة التشكيلية هدى رجب و في كل الأعمال المعروضة فكرة بينة لا تبتعد كثيرا عن حكاية يسردها خيط أنارت له طريقا يسلكها لتبرز المنجزات الفنية في حالات من التجريدة التعبيرية التي تقول و لا تقول و تكشف كما أنها تحجب..و هنا عين الابداع الفني في سياقات الحداثة ..تماما كالشعر..كالقصائد الممهورة بما تتركه من ارباك و حيرة و دهشة..

أعمال هدى رجب فيها حرص تعبيري باتجاه صدمة الوعي نشدانا للكامن فينا حسيا و وجدانيا..في منسوجاتها أشكال و انسيابات هندسية و خطوط في مساحات لونية مختلفة متناسقة و متحاورة تجعلنا نتعاطى مع العمل وفق خيط جامع و نظرة شملة لنقول بخصائص جمالية صارت من مميزات العمل الفني المنجز في سياق التجربةعند هذى رجب..هي فسحة أخرى ترنو الى الاضافة و الاختلاف في طريق الفن الشاقة و الطويلة..انها السفر الحديد في دروب قديمة وصولا الى التجدد و الابتكار..

المنسوجة في أعمال هدى رجب ذهاب الى غير الرتابة و ما ألفته العين و هي تحاور عملا فنيا يقف جسدها قدامه..هو الحوار في تجلياته بين الفنان و منجزه قبل العمل حيث الانتهاء متخيل يترك للأنامل و أهل الحرفة الصدى..هذا هو عملها ..الفنانة رجب أخذت مسألة فن النسيج بقوة و مأخذ جد لتذهب بما هو تقليدي الى مراتب الابداع الفني التشكيلي..هذا هو ديدنها فنانة تصبو الى ما به الفن يكمن في العلامة و السؤال بخيط الجمال الرفيع..ان صدق الفنان و هو يواجه احتياجات عمله من نظر و جدية و مواد و تخطيط و ممكنات نفسية و ذهنية و سوسيوثقافية هو بمثابة الخلفية الذالة على عمق العمل و المنجز..و الفنانة هدى تعي ذلك و هي تقدم لنا من خلال معارضها في السنوات الأخيرة تجربة مضافة للتجارب المهمة التي ذكرنا بعض أصحابها و دورهم في فن النسيج التونسي المعاصر كمجال للابداع و الابتكار و التعبير الحداثي شأنه شأن بقية الأجناس الفنية التشكيلية الأخرى...

نحن اذن ازاء سيرة أخرى للنسيج التونسي و لكن بروح تواقة للكونية غير قانعة بالآفاق المعهودة الضيقة و السريعة..و قد برز ذلك أكثر في تجربة العلاقة المفتوحة على المتلقي المتذوق من خلال المعرض المتنقل بجهات تونسية و مناطق مختلفة ضمن عنوان لافت هو  mé-tissage  لنلمس فكرة التشكيل في الحالة المنسوجة بل هي لعبة هدى رجب  للقول بالابداع التشكيلي و مهاراته المطلوبة  في عوالم المنسوجات وفق وعي و حالة رووحانية فيها الكثير من الحميمية..انها حميمية الفن و هو يبتكر أصواته و ألوانه و نهجه و أسماءه..

أعمال رجب بمثابة السمفونيات الضاجة بالهدوء و الحكمة و الكلمات..انها تكتب القصائد و هي تحلم بعملها..لوحاتها قصائد تعددت خيوطها و ألوانها..المجد للأنامل و للفكرة العالية..هذا فن يطلب الحكمة و كذلك الشجاعة..هذه الشجاعة التي تنجز الفن..و التي نتطلبها كفنانين مبدعين.مثلما قال لي صديقي الكاتب الكبير باولو كويلهو و نحن نتحاور ذات يوم تونسي مشمس "..عند كل صباح علينا أن تسلح بالشجاعة.." .. نعم نمدحك أيتها الشجاعة في الأثر من قدم الانسان الى الآن..انظروا آثار الفنانين الكبار في هذا التاريخ الانساني..انها الأعمال المسافرة في أمكنة من العالم و جهاته.


 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف