الأخبار
بعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكريا بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيينمسؤولون أميركيون:إسرائيل لم تضع خطة لإجلاء المدنيين من رفح..وحماس ستظلّ قوة بغزة بعد الحربنتنياهو: سنزيد الضغط العسكري والسياسي على حماس خلال الأيام المقبلة
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ظمأ فارغ بقلم: مريم محمود العلي

تاريخ النشر : 2019-11-24
ظمأ فارغ بقلم: مريم محمود العلي
ظمأ...فارغ "

قصة قصيرة"

أخذتْ تجوبُ شوارعَ المدينةِ ، تخلعُ سنيَّ قهرِها ، تنطلقُ إلى الساحةِ الرئيسية ، وقفتْ عاريةً في وسطِها بجانبِ تمثالِ الأحلام
الأحلام التي وئدت وهي في أوج تفتحها في الذات المتطلعة إلى أيام تعانق المستقبل الموشح بالفرح والسعادة اجتمعَ الناسُ مشدوهينَ في بادئِ الأمرِ ، ثمّ أخذوا يصيحونَ صيحاتٍ مختلفةٍ :
" جنّتِ المسكينة .. لا .. كانتْ شيطاناً بصورةِ ملاكٍ .. إنّها ماجنة ..
كافرة " .
وصرخَ القسمُ الأعظمُ منَ الرجالِ : إنها مجنونةٌ دعوها وشأنَها .
تمنت لو أنها فعلا مجنونة ... ما أروع الجنون إذا كان يجعلنا لا نفكر ولا ندرك ما يجري حولنا ومعنا لكن حتى هذه النعمة لا نتمتع بها رغم أننا نقف عند حافته ... متأرجحين بحبال
واهية..لا نستطيع أن نهوي إلى بؤرته ولا نقدر على التراجع
نظرتْ إليها النساءُ باشمئزازٍ .. الأطفالُ يرمقونَها بنظراتٍ باهتةٍ لا تفهمُ معنى وقفتِها.. الرجالُ يلتهمونها بنظراتٍ مفترسةٍ ويرسمونَ على شفاههم بسماتٍ ملتوية .
طالَ وقوفُها .. مالتْ الشمسُ إلى الأفولِ واستقرَّ رأيُ الأغلبيةِ على أنها مجنونةٌ فانفضوا عنها راثينَ حالَها وتركوها وحيدةً في الساحة .
ظلامٌ دامسٌ سترَ عريَها .. انزوتْ إلى ركنٍ منْ أركانِ قاعدةِ التمثال ..
جلستْ تحدّقُ بعينٍ ثاقبةٍ إلى ظلامِ الليلِ الذي عانقَ المدينةَ البائسة
..النائمة في أحضان اليأس منذ أن فقد أهلها كرامتهم بعد أن سلموا مفاتيحها إلى السماسرة الذين باعوها في سوق النخاسين .
شعرتْ بأصواتٍ تشبهُ دبيبَ النملِ لكنهُ ليسَ بنمل . ربّما كانَ حفيفَ الأشجارِ ، لكنْ أينَ الأشجارُ في هذهِ المدينةِ المقهورة؟... التي دنست مياهها.. فأبى الزرع أن يشرب منها . وشرب الناس ملء بطونهم فامتلأت ذواتهم بالذل والهوان ..والاستسلام
تسلقتْ القاعدةَ واحتمتْ بالتمثال .. سكنتْ سكونَ المومياءِ .. أحسّتْ ببرودةٍ قاتلةٍ تتغلغلُ في أعماقِها الحارة الصارخة التي أبت أن تشرب من تلك المياه فهب الظمأ ينفض عنها أثواب الخنوع والرياء كانَ رجالُ المدينةِ يتسلّلونَ إلى الساحةِ وفي داخلِ كلٍّ منهم وحشٌ يريدُ افتراسَها قبلَ الآخر ، فجأةً ظهرتِ النسوةُ يحملْنَ قناديلَ أضاءتْ أرضَ الساحةِ فظهرَ رجالهنَّ حفاةً شبهَ عراةٍ .. نظرنَ إليهم نظراتٍ يتطايرُ منها الشرر.. صرخَ أحدُ الرجالِ متداركاً الموقفَ : أينَ الساقطة ؟.. ارتفعَت
أصواتُ الرجال : أينَ الساقطة ؟.
واختلطتْ أصواتُ الرجالِ والنسوةِ : الغانية .. الكافرة .. أحرقوها.
ظمأ يشتعل في فراغ اللحظات القادمة من المجهول الرابض فوق الأحلام البعيدة ...
حيث تسافر الأماني المختنقة في ظل الحاضر المنكسر تحت نزوات الانحطاط والانهزام عانقتِ التمثالَ بكلِّ قوتها .. التصقتْ بهِ حتى أصبحتْ جزءاً منهُ ، لكنَّ القناديلَ ترتفعُ إلى أعلى وتقتربُ منها أكثرَ فأكثر.
من الفراغ الممتد بين البطون المتخمة والعقول العليلة تنتصب مائدة الشعارات المزيفة إنها تراهم .. تسمعُ حواراتِهم ومجادلاتِهم الساخنةَ حولَ الخيانة .. الشرف .. الغضب.
يتجمد الظمأ من صقيع الاحتضار ..وينهار متحطما على صخرة الواقع المر...لكن ..؟
فجأةً أحسّتْ بدفءٍ يسري في الجسدِ الباردِ الذي تلتصقُ بهِ ، ويمتدُّ إلى ذاتِها المتجمدة ، وأنَّ شيئاً ما قدْ توحّدَ بها ومدَّها بطاقةٍ منَ النورِ سترتْها نهائياً وجعلتْ روحَها تسمو إلى الأعلى ، فتلاشتْ الأشياءُ .. الرجالُ .. النساءُ .. الساحةُ .. المدينةُ .. لكنّها سمعتْ بكاءَ الأطفالِ الذينَ استيقظوا ولمْ يجدوا أمهاتِهم وآباءَهم .
*****
مريم محمود العلي ..سوريا ))
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف