الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

التوازن عند محمد العياف العموش بقلم: رائد الحواري

تاريخ النشر : 2019-11-22
التوازن عند محمد العياف العموش  بقلم: رائد الحواري
التوازن عند محمد العياف العموش
كثيرة هي المراثي الشعرية، وهي بالـتأكيد تحمل الحزن، لكن لماذا نقرأها ما دامت تزيدنا (غم) وحزن؟، وهل هناك داعي لمزيد من الهموم والآلام؟،إلا يكفي ما حل بنا من ألم وقهر؟ أسئلة مشروعة يثيرها المواطن العربي بعفوية و(موضوعية).
تكمن أهمية الأدب/الشعر في تقديم موضوع قاسي ومؤلم بألفاظ وشكل وطريقة سهلة وسلسة، توصل فكرة الألم/الحزن/القسوة بأقل الأضرار النفسية على المتلقي، وهنا يكمن أبداع الأديب/الشاعر، الحديث عن القسوة بنعومة وخفة، كالطبيب الذي يعطي الحقنة دون ألم، من يتابع ما يكتبه الشاعر "محمد العياف العموش" يجده شاعر له أدواته اللغوية واسلوبه المتميز في تقديم القصيدة، فهو والقصيد كيان واحد، يتماهي معها وذوب به، لنتقدم من القصيدة (الحزينة) ونرى كيف قدمت لنا:
"نُسَلِّمُ بالذي شاءَ القديرُ
وإنْ ضاقتْ - بمن نُعيَ - الصُّدورُ"
الفاتحة مهمة لأي عمل، فهي من تجعل المتلقي/القارئ يتقدم او يتراجع، الشاعر يعمل على تقديم فكرة عامة "التسليم بقدر الله" مستخدما فاتحة ناعمة بيضاء "نسلم" وهذا اللفظ بشكله/بمعناه المجرد يشير إلى (تحرر) الشاعر من الحزن، والتعبير عن مشاعره بموضوعية، وهو يشرك القارئ بهذا الفعل "نسلم" وهو حقيقة موضوعية مسلم بها، هذا يعطي القارئ دفعة ليتقدم أكثر من طريقة تناول هذا الفقيد/الحزن، والجميل في هذا البيت حالة التوازن بين فعل "نُسلم، وضاق"، فالفعل المضارع يقابله فعل ماضي، وغالبا ما يأتي الفعل الماضي ليشير إلى حالة (غير سوية) بينما الفعل المضارع يشير إلى الأمل.
"نعم ، ضاقتْ بفقدِ أبي المُثنّی
كذلك يُوجِعُ الفقدُ الكبيرُ"
أيضا فاتحة البيت الثاني جاءت بلفظ ناعم "نعم" التي يتوقف عندها الشاعر، ليبدأ الحديث عن الحزن، فيستخدم الفاظ حزينة "ضاقت، بفقد، يوجع، الفقيد" وإذا ما توقفنا عند آخر كلمة في البيت "الكبير" نستطيع أن نجد فيها (تبرير/تفسير) لهذا الحزن/الألم الكامن في المعنى وفي الألفاظ، فعندما عرف "الكبير" بأل التعريف، أرادنا أن نتقدم من معرفة هذا الفقيد، فهو ليس بشخص عادي، نمر على رحيله مرورا عابرا.
"يَعِزُّ عليَّ أنْ أنعاكَ لكنْ
هي الدُّنيا بهارجُها غُرورُ"
العقل الباطن يدفع بالشاعر ليتحرر من حالة الحزن، لهذا يتحدث بمضمون وألفاظ الألم والحزن: "أنعاك، غرور"، لكنه أيضا يستخدم ألفاظ ناعمة وبيضاء: "يعز، الدنيا، بهارجها" وكأن ثقل البيت الثاني جعل الشاعر يشعر بأنه إذا ما استمر بتلك الحالة من الحزن سيهلك، لهذا (تدخل) العقل الباطن ليُحدث توازنا يحافظ على مسار القصيدة، من خلال استخدام ألفاظ بيضاء.
"حبيبَ القلبِ وَجهكَ أردنيٌّ
لهُ في " المفرقِ " الغالي جُذورُ"
يتقدم الشاعر أكثر من "أبي المثنى" فيبدو وكأنه حي، لهذا جاءت مجمل ألفاظ البيت بيضاء: "حبيب، القلب، وجهك، أردني، المفرق، الغالي، جذور" واعتقد أن حضور المكان "المفرق" ساهم في إحداث المزيد من الانفراج عند الشاعر، لهذا جاءت البيت مطلق البياض، يجتمع في المضمون واللفظ في تقديم فكرة ناصعة.
"وقلبُكُ يعرُبيُّ العشقِ فخمٌ
بهِ مِنْ كلِّ فاجعةٍ كُسورُ"
التوازن بين صدر البيت الأبيض "قلبك، يعربي، العشق، فخم" وعجزه الحزين "فاجعة، كسور" يعيد الشاعر إلى الواقع، وجود فقيد، لكنه كأي إنسان يرغب في الحياة السوية، لهذا يدفعه العقل الباطن إلى عدم الانجرار وراء حالة (قاتلة/متطرفة) من الحزن، من خلال التوازن بين الحزن والعادي، إن كان من خلال الأفكار أو من خلال الألفاظ.
"أتدري مَنْ يكونُ أبو المُثنّی
وأيُّ فتَیً تُضيءُ بهِ القُبورُ ؟"
يقدم الشاعر أكثر من البياض، فذكرى الطيبة "أبو المثنى" جعلته يتماهى أكثر، بحيث ينسى (مؤقتا) أنه رحل، فستخدم "فتى، تضيء" ولولا وجود "القبور" لكن البيت مطلق البياض، لكن (الواقع) ما زال فعالا ومؤثرا على الشاعر.
" لهُ عنْ كُلِّ مَنقصَةٍ غيابٌ
لهُ في كُلِّ مَكرُمةٍ حُضور"
الاستمرار في التوازن بين الحزن: "منقصة، غياب" والعادي: "مكرمة، حضور" يغلب على القصيدة، وهو ما يجعل الشاعر، قادر على الاستمرار في الكتبة، فلو توغل في حزنه أكثر لفقدت القصيدة بريقها وسلاستها وتوازنها، ومن ثم سيعزف عنها القارئ.
"لهُ سَعيٌ إلى وطنٍ جميلٍ
وعن مَدحِ القصورِ بهِ قُصورُ"
الغلبة للجمال والبياض فهناك "سعى، وطن، جميل، مدح، القصور" بينما نجد القسوة في "قصور" وإذا ما أخذنا البيت الرابع، الذي حضر في المكان "أردني/ المفرق" والبياض المطلق الذي جاء به، يمكننا أن نتأكد بأن للمكان أثر إيجابي على الشاعر، بحيث يتحرر (كليا) من الألم/القسوة ويقدم ما هو أبيض وناصع، "أبو المثنى والوطن" عملا على خلق وإيجاد حالة الفرح عند الشاعر، متجاهلا الواقع، الفقيد.
"وَداعاً أيُّها الصّقرُ المُعلّی
ستبكي فقدَ أشجعِها الصّقورُ"
التقدم من التوازن فهناك فرح: "الصقر، المعالي، الصقور" وحزن: "وداعا، ستبكي" واللافت أن الشاعر استخدم لفظ قاسي في بداية البيت: "وداعا" وهذا أول استخدام له ابيات القصيدة، وهذا ما يجعلنا نتوقف عند لفظ ومعنى "وداعا" الذي يغادر به الفقيد (نهائيا) بحيث يسلم الشاعر برحيله وعدم وجوده، وهذا ما جعله متوترا ومنفعلا فجاء البيت الأخير يعكس هذا التوتر والانفعال:
"وَتَبّاً للحياةِ تَطولُ عُمْراً
سَلاحفُها ، ويُختَطَفُ الهَصورُ"
لكن يبقى الحافظ على التوازن حاضرا بين "للحياة، تطول، عمرا" وبين "تبا، سلاحفها، تختطف" بهذا التوازن حافظ الشاعر على استمراره كشاعر متألق، يحسن تقديم حزن، مراعيا ـ في عقله الباطن ـ على مشاعره ومشاعر المتلقي، بحيث يقدم الحزن بأقل الأضرار عليه وعلى القارئ.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر على الفيس
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف