" أبجديات الذات الحالمة و الروح الإنسانية "
من خلال قراءة في ديوان " سيمفونيات " للشاعرة حياة نخلي
بقلم ذ: محمد الصفى
يقول الكاتب و القاص الحبيب الدائم ربي في تقديمه المجموعة الشعرية " سيمفونيات ": ( ... من تم فإن ما يعنينا " أي الشاعرة " هو أن تعزف " سيمفونيات" على وتر الجرح الساكن طي الحنايا، لهذا أتت قصائدها حزينة اسيانة، تشكو الزمن " الغدار" و خذلان الأقارب و الأباعد، و تساءل الحياة و الوجود، لكنها ما تنفك تمجد الحب كقيمة إنسانية مرجأة في حياتنا.)
المجموعة الشعرية " سيمفونيات" التي صدر جزءها الأول سنة 2017 هي التجربة الثانية للشاعرة حياة نخلي بعد ديوانها " ترانيم الروح " الصادر سنة 2011 و يقع ديوانها " سيمفونيات " في مائة و إثنان و أربعين صفحة، من الحجم المتوسط، و يحتوي على إثنان و ستون قصيدة موزعة على ثلاث سيمفونيات و هي سيمفونية عشق و سيمفونية شجن و سيمفونية الآهات .
و عندما نتصفح ديوان الشاعرة حياة نخلي " سيمفونيات" الذي يمكن اعتباره الإصدار الذي كان له الأثر الواضح في رسم معالم طريق الشاعرة و انطلاقتها الفعلية في الساحة الشعرية، فإننا نسبح من خلال معزوفات حرفية ساحرة، صيغت نوتاتها بكل دقة و حساسية، لتجعلك تهيم في يم دافق من المشاعر الإنسانية التي تراود أي محب للحياة بصفة عامة و للذات بصفة خاصة، فهي شاعرة مرتبطة بالعشق لدرجة الغليان الروحي كونها ترى الكون فرح يفتح أبوابه للسفر فيه رغم الجراح،و البعد، و الخيانة و الفراق، مؤججة فيها نار الحنين و الشوق لتتحول لآهات متدفقة من بين ضلوعها كألسنة اللهب، آهات حالمة بلقاء قصير يكحل أهدابها، متخطيا كل الحواجز ليلملم رحيق الحب في غفلة من الزمن. فكل قصيدة بالديوان لها نبرتها، و دلالتها في التنوع من حيث المكان و الزمان و كذا الشخوص و الذوات، لكننا نجدها تلتحم و تتجمع حول سياق واحد و محاكاة واحدة تتجلى في الذات الأنثوية و محاكاتها للذات المكسورة و التقلبات التي تواجهها، من خلال تموجات شاعرية يغلب عليها الأسلوب المرهف و الأحاسيس الجيافة، كما هو في قصيدة " عاصفة القلب "
أسيرة هي لواعجي
ثائرة حائرة
تسبح في يم مجهول
و هدير موج بلا ماء
صخب فلاة
و مجذاف يائس
يقاوم كتبانا من سراب
.....
لا وطن لي سوى دموع
تقطنني
ترهقني تمدني بجرعة من
أمل
إنها بكل بساطة سمفونيات تخالط هوس الايمان بالفرج و الشعور بقرب الأمل و الفرح و العشق و الخيال المجسد لتناغم الذات باستخدام الرموز، باسلوب بلاغي رفيع طغى فيه استخدام محسنات البديع و البيان من تشبيهات و استعارات و انزياحات و سجع و تضاد، و أحيانا تكرار لبعض العبارات الدالة و القوية، لتأكيد الحضور و تيمة الديوان العاكسة للقيم الانسانية و تمجيد الحب رغم الشكوى و مساءلتها للحياة و الوجود، تقول في " سمفونية عشق "
ما بين الصمت و الألم
فسحة أمل
تملأ شفقا
و تضيء عتمات السرى
فالشمس لم تترك يوما السماء
و لم تخن الأحلام الضياء .
لقد أغرقت حياة نخلي جل قصائدها تقريبا في حزن و شجن، شجن غير جارح، يتأرجح بين الذات الشاعرة الحزينة و المنهكة و الذات الانسانة كأنثى التي تطلب إنصافها من خلال احاسيس وهاجة ترسم بموجبها خارطة مستقبل حالم يتغنى بالحب المباح بدون حدود، حب للذات نفسها و حب للذات الجماعية، كما تقول في قصيدتها " سأعود "
سأعود
و في أحضاني ألف قصيدة
و أشكل على أديم السماء
ابتسامة
لأفتن العالم بملامح الشفق
و بأناملي سأنسج عباءة الفرح
لتلبسها بردة الليل
و تعزف على نبراتها
قطرات المطر.
إن من يقرا شعر حياة نخلي يجد فيه سحر و جمالية الكلمة الذي وظفته من خلال اختيارها ألفاظا منتقاة بعناية بالغة، فضلا عن استثمارها للمعجم الشعري و الساليب الفنية، محولة بذلك قصيدتها للوحة تتراقص حروفها مهما كانت دلالة تعبيرها، سواء كانت عن المعاناة و الهموم التي تتخبط فيها الذات، كما في قصيدتها " بلايا "
سحابة تجول
لتحط الرحال
في سماء الورى
عبثت بالشمس
و حجبت الضوء
عبثت باليم و الثرى
أمطرن ألما
و دما .
أو كانت عن قضايا عربية بدلالات جد عميقة، يجتمع فيها النسق اللغوي و التعبير الوجداني المشحون بالعشق الدفين، كما تعبر عن ذلك في قصيدتها " هل ستعودين يا أمتي "
نهبوك يا أمتي
قتلوك
خضبوا ثراك بالدماء
رقصوا على جثت الشهداء
قتلوك يا فرحتي
نشبوا مخالبهم في أحضانك
و مزقوا أوصالك
شردوا أطفالك
وقتلوك
الفاظ مختزلة و قوية الدلالات تبرز تشبث الشاعرة بعروبتها و قوميتها التي هي جزء لا يتجزأ من وطنيتها، دلالات يمكن اعتبارها وصف للحالة و نداء للاستجابة للضمير العربي الذي أضحى شبه غائب عما يجري في أوطانه.
لتبقى مرتكزة الحب لديها ضمن باقي المرتكزات التي تمت الإشارة إليهما " المعاناة و العروبة " محور ديوانها حيث نج الحب لديها متجسد في كل ما هو رائع و جميل " زوج ، ابناء، الخير للإنسانية جمعاء، التضامن، التكافل، ..." و ذلك بلغة سيميائية خاصة يستطيع معها القارئ أن يسقط معانيها على واقعية ذاته، و انفعالاتها، تقول في قصيدتها " لست أنا "
و أخبروني أن الهوى مجنوني
و أنني العطر و الشعر
الجنة و الوجود
أنني حبا بلا حدود .
هذا الحب الذي تتغنى به الشاعرة بدواخلها، تارة مصرحة به و أخرى ملمحة به نتيجة انكسارات و تضاربات داخلية تجعله بلا طعم و لا رائحة، يصارع آهاتها التي لا تنته، و تظل ترقص كطائر جريح لم يتبق له سوى حلم بات من عدم، تقول حياة نخلي في قصيدتها " أحلام زئبقية"
أحلام رئبقية
ساورني أنسامها
تحاصرني ألغامها
جرعة في فلاة ظامئة
كيف أغدو وجودا
و أنا مجرد طيف
و بعبارة أدق يمكن القول أن الذات الشاعرة للشاعرة حياة نخلي من خلا ل ديوانها " سيمفونيات" تجس بكل ما هو جميل في هذه الحياة رغم ما يعتريها من أزمات و صراعات و خيانة و نكران للجميل و المعروف و الغي و ... لنها ذات تحس بالحب و الجمال في احلك الظروف بل هو سلاحها من أجل البققاء و الاستمرارية، كجندي على قمة جبل، أعزل لكنه يقاوم بكل ما أوتي من جهد و نبل قيم، دفاعا عن ذاته أولا لتبقة صيرورتها، ثم عن باقي من حوله و عن الوطن و المتجسد فيمن تعزهم أو تشفق من حالهم، و هو ما يتحلى في قصيدتها التي كانت بوابة ديوانها " سيمفونية عشق "
ما بين الصمت و الألم
فسحة أمل
تملا الأفق شفقا
و تضيء عتمات السرى
فالشمس لم تترك يوما السماء
و لم تخن الأحلام الضياء
...........
أرجوك لا توقظني
دعني احلم بعبير المساء
أحلق
بجناحيك في كنف السماء
لأشكل لوحة عشق
على جبين الليل .
من خلال قراءة في ديوان " سيمفونيات " للشاعرة حياة نخلي
بقلم ذ: محمد الصفى
يقول الكاتب و القاص الحبيب الدائم ربي في تقديمه المجموعة الشعرية " سيمفونيات ": ( ... من تم فإن ما يعنينا " أي الشاعرة " هو أن تعزف " سيمفونيات" على وتر الجرح الساكن طي الحنايا، لهذا أتت قصائدها حزينة اسيانة، تشكو الزمن " الغدار" و خذلان الأقارب و الأباعد، و تساءل الحياة و الوجود، لكنها ما تنفك تمجد الحب كقيمة إنسانية مرجأة في حياتنا.)
المجموعة الشعرية " سيمفونيات" التي صدر جزءها الأول سنة 2017 هي التجربة الثانية للشاعرة حياة نخلي بعد ديوانها " ترانيم الروح " الصادر سنة 2011 و يقع ديوانها " سيمفونيات " في مائة و إثنان و أربعين صفحة، من الحجم المتوسط، و يحتوي على إثنان و ستون قصيدة موزعة على ثلاث سيمفونيات و هي سيمفونية عشق و سيمفونية شجن و سيمفونية الآهات .
و عندما نتصفح ديوان الشاعرة حياة نخلي " سيمفونيات" الذي يمكن اعتباره الإصدار الذي كان له الأثر الواضح في رسم معالم طريق الشاعرة و انطلاقتها الفعلية في الساحة الشعرية، فإننا نسبح من خلال معزوفات حرفية ساحرة، صيغت نوتاتها بكل دقة و حساسية، لتجعلك تهيم في يم دافق من المشاعر الإنسانية التي تراود أي محب للحياة بصفة عامة و للذات بصفة خاصة، فهي شاعرة مرتبطة بالعشق لدرجة الغليان الروحي كونها ترى الكون فرح يفتح أبوابه للسفر فيه رغم الجراح،و البعد، و الخيانة و الفراق، مؤججة فيها نار الحنين و الشوق لتتحول لآهات متدفقة من بين ضلوعها كألسنة اللهب، آهات حالمة بلقاء قصير يكحل أهدابها، متخطيا كل الحواجز ليلملم رحيق الحب في غفلة من الزمن. فكل قصيدة بالديوان لها نبرتها، و دلالتها في التنوع من حيث المكان و الزمان و كذا الشخوص و الذوات، لكننا نجدها تلتحم و تتجمع حول سياق واحد و محاكاة واحدة تتجلى في الذات الأنثوية و محاكاتها للذات المكسورة و التقلبات التي تواجهها، من خلال تموجات شاعرية يغلب عليها الأسلوب المرهف و الأحاسيس الجيافة، كما هو في قصيدة " عاصفة القلب "
أسيرة هي لواعجي
ثائرة حائرة
تسبح في يم مجهول
و هدير موج بلا ماء
صخب فلاة
و مجذاف يائس
يقاوم كتبانا من سراب
.....
لا وطن لي سوى دموع
تقطنني
ترهقني تمدني بجرعة من
أمل
إنها بكل بساطة سمفونيات تخالط هوس الايمان بالفرج و الشعور بقرب الأمل و الفرح و العشق و الخيال المجسد لتناغم الذات باستخدام الرموز، باسلوب بلاغي رفيع طغى فيه استخدام محسنات البديع و البيان من تشبيهات و استعارات و انزياحات و سجع و تضاد، و أحيانا تكرار لبعض العبارات الدالة و القوية، لتأكيد الحضور و تيمة الديوان العاكسة للقيم الانسانية و تمجيد الحب رغم الشكوى و مساءلتها للحياة و الوجود، تقول في " سمفونية عشق "
ما بين الصمت و الألم
فسحة أمل
تملأ شفقا
و تضيء عتمات السرى
فالشمس لم تترك يوما السماء
و لم تخن الأحلام الضياء .
لقد أغرقت حياة نخلي جل قصائدها تقريبا في حزن و شجن، شجن غير جارح، يتأرجح بين الذات الشاعرة الحزينة و المنهكة و الذات الانسانة كأنثى التي تطلب إنصافها من خلال احاسيس وهاجة ترسم بموجبها خارطة مستقبل حالم يتغنى بالحب المباح بدون حدود، حب للذات نفسها و حب للذات الجماعية، كما تقول في قصيدتها " سأعود "
سأعود
و في أحضاني ألف قصيدة
و أشكل على أديم السماء
ابتسامة
لأفتن العالم بملامح الشفق
و بأناملي سأنسج عباءة الفرح
لتلبسها بردة الليل
و تعزف على نبراتها
قطرات المطر.
إن من يقرا شعر حياة نخلي يجد فيه سحر و جمالية الكلمة الذي وظفته من خلال اختيارها ألفاظا منتقاة بعناية بالغة، فضلا عن استثمارها للمعجم الشعري و الساليب الفنية، محولة بذلك قصيدتها للوحة تتراقص حروفها مهما كانت دلالة تعبيرها، سواء كانت عن المعاناة و الهموم التي تتخبط فيها الذات، كما في قصيدتها " بلايا "
سحابة تجول
لتحط الرحال
في سماء الورى
عبثت بالشمس
و حجبت الضوء
عبثت باليم و الثرى
أمطرن ألما
و دما .
أو كانت عن قضايا عربية بدلالات جد عميقة، يجتمع فيها النسق اللغوي و التعبير الوجداني المشحون بالعشق الدفين، كما تعبر عن ذلك في قصيدتها " هل ستعودين يا أمتي "
نهبوك يا أمتي
قتلوك
خضبوا ثراك بالدماء
رقصوا على جثت الشهداء
قتلوك يا فرحتي
نشبوا مخالبهم في أحضانك
و مزقوا أوصالك
شردوا أطفالك
وقتلوك
الفاظ مختزلة و قوية الدلالات تبرز تشبث الشاعرة بعروبتها و قوميتها التي هي جزء لا يتجزأ من وطنيتها، دلالات يمكن اعتبارها وصف للحالة و نداء للاستجابة للضمير العربي الذي أضحى شبه غائب عما يجري في أوطانه.
لتبقى مرتكزة الحب لديها ضمن باقي المرتكزات التي تمت الإشارة إليهما " المعاناة و العروبة " محور ديوانها حيث نج الحب لديها متجسد في كل ما هو رائع و جميل " زوج ، ابناء، الخير للإنسانية جمعاء، التضامن، التكافل، ..." و ذلك بلغة سيميائية خاصة يستطيع معها القارئ أن يسقط معانيها على واقعية ذاته، و انفعالاتها، تقول في قصيدتها " لست أنا "
و أخبروني أن الهوى مجنوني
و أنني العطر و الشعر
الجنة و الوجود
أنني حبا بلا حدود .
هذا الحب الذي تتغنى به الشاعرة بدواخلها، تارة مصرحة به و أخرى ملمحة به نتيجة انكسارات و تضاربات داخلية تجعله بلا طعم و لا رائحة، يصارع آهاتها التي لا تنته، و تظل ترقص كطائر جريح لم يتبق له سوى حلم بات من عدم، تقول حياة نخلي في قصيدتها " أحلام زئبقية"
أحلام رئبقية
ساورني أنسامها
تحاصرني ألغامها
جرعة في فلاة ظامئة
كيف أغدو وجودا
و أنا مجرد طيف
و بعبارة أدق يمكن القول أن الذات الشاعرة للشاعرة حياة نخلي من خلا ل ديوانها " سيمفونيات" تجس بكل ما هو جميل في هذه الحياة رغم ما يعتريها من أزمات و صراعات و خيانة و نكران للجميل و المعروف و الغي و ... لنها ذات تحس بالحب و الجمال في احلك الظروف بل هو سلاحها من أجل البققاء و الاستمرارية، كجندي على قمة جبل، أعزل لكنه يقاوم بكل ما أوتي من جهد و نبل قيم، دفاعا عن ذاته أولا لتبقة صيرورتها، ثم عن باقي من حوله و عن الوطن و المتجسد فيمن تعزهم أو تشفق من حالهم، و هو ما يتحلى في قصيدتها التي كانت بوابة ديوانها " سيمفونية عشق "
ما بين الصمت و الألم
فسحة أمل
تملا الأفق شفقا
و تضيء عتمات السرى
فالشمس لم تترك يوما السماء
و لم تخن الأحلام الضياء
...........
أرجوك لا توقظني
دعني احلم بعبير المساء
أحلق
بجناحيك في كنف السماء
لأشكل لوحة عشق
على جبين الليل .