الأخبار
سيناتور أمريكي: المشاركون بمنع وصول المساعدات لغزة ينتهكون القانون الدوليالدفاع المدني بغزة: الاحتلال ينسف منازل سكنية بمحيط مستشفى الشفاء38 شهيداً في عدوان إسرائيلي على حلب بسورياالاحتلال الإسرائيلي يغتال نائب قائد الوحدة الصاروخية في حزب الله17 شهيداً في مجزرتين بحق قوات الشرطة شرق مدينة غزةمدير مستشفى كمال عدوان يحذر من مجاعة واسعة بشمال غزة"الإعلامي الحكومي" ينشر تحديثًا لإحصائيات حرب الإبادة الإسرائيلية على غزةغالانت يتلقى عبارات قاسية في واشنطن تجاه إسرائيلإعلام الاحتلال: خلافات حادة بين الجيش والموساد حول صفقة الأسرىالإمارات تواصل دعمها الإنساني للشعب الفلسطيني وتستقبل الدفعة الـ14 من الأطفال الجرحى ومرضى السرطانسرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

سميحة خريس فى روايتها فستق عبيد بقلم:السيد الهبيان

تاريخ النشر : 2019-11-21
سميحه خريس في روايتها
فستق عبيد
السيد الهبيان
ممممممممممممم

"فستق عبيد"اسما اختارته الكاتبة الأردنية "سميحة خريس"لأحدث إصداراتها الأدبية..الحاصلة على جائزة البوكر والمترجمة إلى إلى الاتجليزية..
قالت أنها كتبتها من منظور اهتمامها بقضايا الإنسان بصفة عامة.. واختارت إسمها ومعناه "الفول السودانى" لأ نه قريبا من الواقع..ويتواءم مع مضمونها..الذى تعرض من خلاله لحياة الرق ومآسيها..بحسبان أن العنوان ليس مجرد عتبة إلى النص..وإنما يلتحم به تماما.. وأنها اختارت"السودان" ..بسبب الظروف التى أحاطت بكتابتها..وأوجبت عليها قراءة التاريخ ..رغم أنها عاشت في السودان فترة من الزمن ..ودرست تاريخه..وتشكل النص عندها أثناء دراستها..كما أن ثمة مجموعة من العوامل تضافرت لاختياره مكانا لروايتها..وأنها تعشق المسميات والأمكنة وتحديد الأزمنة..فى معظم أعمالها.. لاعتقادها أن المكان يعد بطلا في العمل،0 وتحاول رصد الزمن بدقة لأنه يشهد على ماسبقه.. مستشرفا ما يليه..وتستدعى النص الشعرى لتضعه في موضعه..كما تستخدم الجنس..لأنها تتعامل مع الجسد..باعتبار أنه من أهم عناصر الحياة..وتشعر بالقداسة التى تحيط به..ولا تتصور..لكنها تقوم بتوظيفه.. ولا تحب أن يتم تصنيفها ككاتبة غرائز..ولكن كاتبة تحاول فهمها ..لأنها تستخرج ما في أعماق الإنسان وأوجاعه:.وعندما تكتب رواية تعيد قراءة التاريخ وتضع مخططا وتضبط الأحداث..وتستعين بالوسائل المساعدة..وانتهت إلى أنها كتبت"فستق عبيد"على خلفية ظروف كتابتها..واعتمدت فيها على عرض مأساة العبيد بصفة عامة..من حلال خمسة فصول.."كامنقوقة"و"رقمه"و"فاتيما"و"كريولو"و"سانت أوتاى"..بادئة بمشهد يجمع بين "قامونقة"وزوجته "الليمون"وابنه عبد الله" وزوجته "ونسه"..وابنتهما "رحمة"..النى كانت تسمع من جدها حكايته المكررة..وهو في السبعين من عمره..بزيادات ومتغيرات منذ أن ساقوه الى زريبة تاجر العبيد..ويبدو تناقضه وهو يصف مشهد حصوله على حريته..ويفخر بزمن حريته وزمن عبوديته..وبسبب تكراره الدائم وصفه رجال القبيلة "الزول الحكاى"..تعددت أسماؤه.. فى طفولته كان اسمه " سيد".. استعاره ابيه من عسكرى مصرى شارك فى جمع من البرامكة .. وعندما نفقت المواشى..وبارت الأرض..عمل أجيرا لمن يطعمه.. و يسطو على بيوت المزارعين البسطاء في "كردفان"..حتى ضبطوه وجروه إلى زريبة الرقيق..مع الهاربين والنسوة الضائعات..وأسموه "كامنقه".. نسبة إلى قبيلته..فاكتشف وضاعته..بعد أن صار عبدا..وعرضه "النخاس" على منصة البيع وهو عار..فشعر بكبريائه كسيرة منحنية..ابتعد عن أهله..وضاع بين تلال وهضاب "دارفور"..اشتراه "التيجانى"تاجر السمسم ..وحرره من الزريبة..فاشترى امتنانه وولائه.. وعتدما مات بكاه كما لم يبكى أبيه..صنف نفسه حرا برفقته..واعتبر نفسه عبدا محظوظا بمالكه الذى لايقيده بالأغلال ولا يضربه بالسوط..وأثناء مرورهما بمنصات العبيد..استوقفته أمة.. ابتعد المشترون عنها بسبب اصفرارها الباهت..ولأنها طفلة لم تبلغ مبلغ النساء..ووجد هو فيها نصفه الضائع..وتمنى أن يكون لهما بيت واطفال وأرض..لكنه أمانيه اصطدمت عندما تذكر أنه عبد يقف وراء سيده..لكنه أشار لسيده لها على استحياء,, فساوم البائع على سعرها واشتراها له ..وأسمياها "الليمون"..فأضاف إلى أحلامه أن يكون قريبا من أهله في "نيلا" له زوجة مسؤلا عنها ..وأبناء وزرع و بهائم وتكون متفرغة له..فارتضى أن يكون مساعدا له.. وعندما التحق مجاهدا فى الثورة المهدية تحرر واختار لنفسه إسم "معنوق".. بهائم يرعاها وتكون امرأته المسئول عنها ومتفرغة له..لكن أخذوها منه في معسكر الخليفة.. لتعمل مع النساء..وعندما طلب ان ترافقه فانتقلت من عشة النساء الى عشتهما الخاصة .. ثم اختيرت للعناية بمنزل شقيق الخليفة..لكنه فاكتشف ان حاضره هو استمرار لحياة العبودية.. واكثر ضبابية من ماضيه..ثم اعتراه الخوف عليها..بعد أن أخبرته بحملها.. وفطن إلى معاناتها من الجوع..بعد أن بدت هزيلة وشاحبة .. أمسكه البكاء.. وعادت إليه فكرة أنه عبد خنقته الأحاسيس.. وفى خضم المعاناة وضعت طفلا ضعيفا أسمياه "عبد الله"..لكنه فوجىء بسيده "التيجانى"..عندما حضر فجأة بالمؤن التى يحتاجها من شاركو في الحرب المهدية.. ولعلمه من الأعداء بسوء حال المعركة..عرض عليه الرحيل معه.. لكنه لم يجبه لطلبه لأنه لم يشا ان يغدر بقائده "لن أهرب ياسيدى أنا رجل حر والحر يربط من لسانه" ثم طلب منه ان يصطحب معه زوجته ويجعلها كابنته حتى يعود.. واذا سافر او غادر "كردفان" يرسلهما الى قبيلته فى "دافور" او الى اهله في" نيالا" حتى يجدهما بعد ان يعود.. وبعد أن نجا من المعركة التى كان يشنرك فيها..عاد حاملا انكساره وجراحه الى "دارفور" وصار ضمن طرائد العبيد . وصل الى قبيلته عام 1900 مثل شبح طالع من ظلمة قبره..واعتبر نفسه مجنونا لو ترك دياره مرة اخرى.. التقى بزوجته التى اعتنت بتضميد جراحه..وابنه الذى صار صبيا ثم ارتحل معهما إلى "نيالا".. و تمتع بكونه رجلا حرا وعاشا معا بشرفهما احرارا.. وصار له ست ابناء غير عبد الله وعدد من الاحفاد.. "وحاول تحصين اولاده من غواية الفول..الذى يسمونه "فستق عبيد" ويمكن ان يوقعهم فى العبودية.. فقرر زراعته ليشبعهم.. ولا يتعرضون للعبودية..ووجد أنه بذلك قدم للدنيا ما عليه .. وعليها ان تمنحه راحة البال..وعندما انضمت "دارفور" للسودان جاءت حفيدته "رحمة" الى الحياة..التى صارت تصهل بضحكة خلابة عندما يتحدث جدها عن جدتها.. "انتم حولى وانا على وشك الانتقال من الظل الى النور..قال أنه تذكار لهم..قفة عظام نخرة حليل الليمون الذى كان .. فضحكوا فى بهجة جماعية.
*********
"رحمة" حفيدة "قمنقة" صبية في العشرين من عمرها..عندما تمشى تتابعها أعين الرجال الذين عشقتهم وعشقوها..وتسمع من جدها حكايته المكررة..وتضحك عندما يصف جدها لقاءه الأول بجدتها "الليمون"..وترى أنه يهلوس ويتخيل..وعندما وصف جدتها الطاعنة في السن بأنها كومة عظام ..تعبق بعطن الشيخوخة الحامض.. وتفوح منهما رائحة جسد يغازل الموت.. ويعبقان بشيخوخة طالها العفن..فانفجرت في الضحك..فانهالت عليها أمها "ونسة" بالضرب..وصاح جدها بان يتركوها تضحك "الدانيا زائلة ماتسوى "رمقه والدها "عبد الله"بنظرة عتب لانه سبب انفلات ابنته..و اشهر صوته فى وجهها.. فانفلتت تجرى حتى اختفت فى قعر الوادى..فوقعت في أسر ثلاثة رجال..حاصروها وأوثقوها..ثم جروها مع غيرها من المخطوفات عراة ..إلى زرائب جديدة..بعد أن داروا حول "جبل مرة" متفادين الانجليز..وباعوها لتاجر العبيد الجزائرى "ريمون"في صفقة مجزية لم يساوم عليها..ثم قادها إلى رحلة بعيدة..قى مركبة أغنام..اجتازت جبل "العوينات "الى الصحراء..فهمت أن الرجال يريدون مضاجعتها..لكن "ريمون "صدهم موبخا..وأكرمها أحيانا وهم يقطعون الصحراء الليبية..حتى وصلوا "بنى غازى"..ففك قيدها لتلتئم جروحها..ثم ساومه تاجرا برتغاليا عليها..قدر "ريمون" أنه سيكون سخيا ليمتع ذكورته الكهلة قى رحلته البحرية الطويلة..لكنه لم يكن مغرما بالسودويات..ويميل إلى العاهرات الصغيرات البيضاوات..وكان يحافظ على الحد الأدنى ..من اخلاصه المفترض لزوجته.."كارولينا"..ورأى أنها تستطيع خدمتها..وقد تزول الجفوة بينهما.. ابتاع لها تذكرة..تخول لها الصعود إلى سطح السفيينة دون وثاق..أو طوق يجيط بعنقها..لتبد بمظهر الخادمة الحرة..خلافا لباقى العبيد ..الذين أودعو القبو السفلى لها.. فاختلطت بالبيض..لكنهاعندما أرادت قضاء حاجتها..وجدت أن عليها الابتعاد عن الأماكن التى يقضى فيها الأسياد حاجتهم..فعرفت مكانها الجديد..بين السطح الذى يتمشى فوقه الأسياد..والقبو الذى حبس فيه العبيد ..ثم نزلا من السفينة..واستقلا مركبة ..وباتوا ليلة في واحة "جالو"..ثم استأنفا رحلتهما إلى الجزائر..التى كان يعرف زنقاتها.. فقادها وراءه ..وعاملها كابنته..فأمنت له..بعد شهور قضتها معه ..والتى محت سنوات طويلة ..تلاشت خلالها الوحوه القديمة وغام وجه جدها.. تبعته وهى تشغر بالامان ..تماثل لها مبقى من ذاكرة زمانها الهارب ..وتساءلت"هل سيفهمنى جدى لو علم انى بت امراة ناسية"..ثم وصلا الى بيت الحاج "عبد العزيز"..الذى يستضيف سيدها كلما أتى إلى الجزائر..ورحب بهما هو وزوجته"الحاجة فاطمة"..فادعى لهما أنها زوجته..فاستضافوهما فى غرفة مخصصة للغرباء.. بمنزلهما القريب من الكاتدرائية التى أقامها الفرنسيون..فوق الجامع العتيق"كانشاو"الذى احتل قلب القصبة الجزائرية.. كان يخرج لعقد صفقات فى بيع نبيذه..ثم يعود ويغلق باب الحجرة عليهما..و يضاجعها وهو فى كامل ثيابه ودون ان ينزع عنها ردائها الخفيف فتسلمه جسدها ....اعتقدا أنها زوجته..واعتقدت هى أنها امرأته..فأحبت حالها معه.. وانقلب خوفها وكراهيتها له إلى سلام..وظنت أن رحلة ضياعها قد انتهت..وعندما تمر بمنصات بيع العبيد تنظر اليهم.. كانها حرة ولا يعنيها عبودية الاخرين لها..وظنت أن رحلة ضياعها انتهت..ولم تعد تذكر عبوديتها..وعندم ترى العبيد تشعر أنها لاتنتمى إليهم..,لكن حياتها انقلبت..بعد أن عادا إلى السفينة..وجدته يبنعد عنها.. وبدا كانه لايعرفها..ويعاملها كحيوان أليف.. ولم يعد يلعب معها لعبة الزوجين..عادا سيدا وامة..بعد ان ظنته عالمها الذى ركنت إليه..اعتراها الخجل لانها شعرت بالمتعة مع جسده..ورأت أنها لوالتقت بجدها ستساله كيف ظل قادرا على الضحك.. رغم معاناته فى الحياة.. ولماذا لم يمت عندما كان عبدا ..تذكرت مقاومتها عندما وقعت فى الشباك..ورأت أنها لاتستحق حريتها وكرامتها والانتساب الى دم جدها اذا فرطت فى روح المقاومة .. داهمتها مرارة خانقة فى سقف حلقها والباخرة تبتعد عن افريقيا الى اوربا مبحرة من ميناء الجزائر الى جبل طارق.ومخرت السفينة طيات الماء..حول مدينة "أتلانتس" الضائعة قبل آلاف السنين..حتى وصلت إلى البرتغال..وألقت مرساتها في مرفأ "فارو"..ورست فى ميتاء جزيرة :ليلى"..التى يسمونها الأسبن "بقدونس".فى مطلع الف وتسعمائة وتسعه وثلاثين ..فغادرها الجميع..وتفرق حشد النسوة..بعد أن لوح بعضهن لها..ونسيها الأخريات تماما..وتركوها هى وسيدها وجها لوجه.. أدركت أن الرجل الذى استندت عليه سيلغيها..بعد أن بدأ يشيح بوجهه عنها..وعندما أراد أن يحدثها..أصيب بالرعب لجرأتها ..وهى تتعمد التحديق في عينيه..بنظرات غاضبة..ثم قررت أن تحتفظ بالصور التى تعبر ذاكرتها..وتنساها على رصيف الميناء..ربما انزلقت إلى الماء وذابت فيه..سهول الفول السودانى..وصحن "دارفور"..والناس الذين كانو يسمونها "مجنونكى"..وجدها وجدتها العجفاء..وأمها وأبيها..وعشاقها الذين تسابقوا لإرضائها..بعد أن أصبح هذا تاريخ لايعتيها..بعد أن بدالها صعوبة الجمع بين ذاكرتها وعبوديتها..وستنسى أهلها..وتسمح لصوت جدها أن يخاتلها..وقررت أن تصير امرأة بيضاء..واختارت لها اسم "رمقة"..ومضت عليها أشهرا لاتستطيع عدها..وكبرت زمانا لايعد ولا يحصى..وتعلمت إخفاء مشاعرها..رمقها سيدها بريبة.. رغم أنها عبدته الصغيرة.. واستقلا القطارا إلى محطة"ليسبون"..حيث وجد سيدها صهره"سانشو دى كارمو"..الذى افتعل إعجابه بها..واحتضنها بحميمية وهو يردد "أولا. أولا" ثم أفلتها وهو يقول"بيرتو مورا"..(مغربية سوداء*علل له سيدها علاقته بها..بأنها عبده صغيرة ابتاعها لزوجته..تأدب حين تعلق الأمر بشقيقته..ثم غادرا بهما المحطة..إلى الحى الذى يقطنه..برفاهية تتعارض مع بدايته المتعثرة..وهو محام شاب.. لم يتبق له من عز عائلته ونبالتها إلا الإسم..يجيط نفسه بهالة زائفة كشقيقته "كارولينا"زوجته..ولا يعترف بأن البساط سحب من تحت أقدام عائلته..أكل الغيط قلب سيدها..وارتد الى زمن كان فيه ابن مشرف زراعة..حين عاندت "كارولين" الأميرة الأنيقة عائلتها..وتزوجته..بعد أن وقعت في غرامه..وظن أنها جنته..وعندما مات والدها "الكونت"دى كارمو"ومنحه الناس لقب"دوق"بذبحة قلبية..ولم بحضر جنازه احد ممن كانو يبدون كأصدقائه....بعد إلغاء طبقة النبلاء..فتكفل هو بادارة المال الذى تناقص بسرعة.. وتسرب المزارعون والخدم من الإقطاعية..فساواه التاريخ بمن كانوا أسياده..لكن ظنت زوجته أن الظلم الذى حاق بنبالتها ومكانتها..لأنها عميت واختارت زوجا أدنى منها مكانة..فمات الحب بينهمابعد أن صفعها الواقع هى وطبقتها..لكنه استطاع أن يسترجع أملاك زوجته..وبات أكثر الرجال ثراءأ..لكنه مازال لم ينس اسم المشرف ..ووقوفه إلى جانب والده.. يسمع بخجل شتائم الكونت تنهال على رأسه.. فانمحت كلمات الحب التى منحته له ابنة النبلاء..ثم عادت قوية بعد أن تحولت إلى امرأة كريهة..لكنه أحبها وأبغضها بعد أن قرأ في عينيها الندم..وولدت صغيرتهما..التى عطلت انفكاكها عنه..لكنها اختطفتها من أحضانه..مثلما فعلت بشقيقها.. وكلف خادمته بشراء ثيابا كثيرة لها..وعلمتها كيف ترتديها..ثم استقلت معه القطارإلى "فاتيما"..واصطحبها إلى بيته..استقبلته زوجته "كارولينا" بنظرة فاحصة متعالية..ثم طلبت من خادمتها أن تقوم بتنظيف جسدها..لتجعلها تليق بخدمتها..ورغم شعورها بالراحة..لم تنس نظرات الازدراء فى عينيها لها..لذلك كرهتها..وأحبت خادمتها "آوا"السوداء ..التى تشبه رجلا كهلا..وكانت آخر العبيد الذين جاءو من "السنغال" شرحت لها نظام البيت..الذى يرتكز على خدمات السيد والسيدة..فبدا لها أنها عادت لحياة العبودية..أعدت لها "نيتا" العجوز المتهالكة فراشا فى مخزن ملاصق لبيتها..وتوبخها لأنها زنجية ضعيفة مثلها..وتطردها عندما يأتى زوجها سائس الخيل لزيارتها..خشية أن يشم فيها رائحة الأنثى..وتنظر نحوها بشك وازدراء..رغم أنها لاتغادر كرسيها ولا تتكلم..وبعد شهور..عرفت أن العجوز المنفية فى كوخها ..هى أم لسيدها"ساراماغو"وشقيقته "نيتا"..وعاشت الحياة كما هى..منذ جاءت إلى السنغال..اشتراها والد "كارولينا |الإقطاعى..انتزعها من بين أسرتها..عندما وصلوا من السنغال..ومنحته جسدها.. وحين حملت منه أنقذها منظف الزرائب..تزوجته زواجا مسيحيا رغم أنها مسلمة..لكنه تخلص منه ..ونقلها من مرتبة الخادمة ..إلى مديرة المنزل..وعندما وقع طريح الفراش ..شعر بالأسى لهروب ابنته مع عشيقها..ثم توفى أثناء سفر ابنه..وعندما عاد دفن ابنه وهو لايعرف أنه ولده..وعاشت كهله بلا فرح.وانتقلت من خدمته إلى خدمة صهره "سارماغو"..وتعلمت اللغة البرتغالية كأهلها..وعندما رأت "رفمة" فرحت بمجيئها لكونها من "السنغال".. رغم معرفتها بأنها ستكون بديلتها..فعاشت حياتها فى كابوس..تنتقل بهمة بين حجرة منامتها ..وبيت سيدها..لم تخدع نفسها باستئناف علاقة سيدها بها كما كانت فى الجزائر..حتى لاتتعرض لعقوبة "نيتا"أو"كارولينا"..فتدفعه عنها..لكنه مالبثت أن استسلمت له..وعاشرها وهو يخشى أن تعرف زوجته..فتدمر حياته.. وعرفت "آوا"مابينهما .. إلا أنها ظلت صامته..ونصحتها ألا تحمل فى بطنها نطفة رجل ليس زوجها ا حياته..لكن أعراض الحمل داهمتها..فحاولت إسقاطه لكنها لم تستطع....انتشرت فضيحتها في المزرعةبسبب انتفاخ بطنها..و عندماسألتها زوجته عن هوية من زرعها..صمتت ولم تبح لها باسمه..فأودعتها مقيدة داخل حجرة ظلت فيها شهورا..قبل أن يقرر سيدها إرسالها إلى "لسبيون" مع ابنته..عند خالها..وحين مل منها تركها مباحة لعمال المزرعة.... بطنها....وسألتها "..فأودعتها مقيدة داخل حجرة..ظلت فيها شهورا..كما اتهمتها "نينا" بأنها عاشرت زوجها..لكن داهمتها لهفة على الاحتفاظ بجنينها..حتى وضعت بنتا ..أسمتها سيدتها "كارولين""كريولو"..رغم أنها كانت تريد أن تسميها "اللمون" على إسم جدتها....بدت ابنتها كأنها نسخة منها..ولكن لاحظت سيدتها الدم الأبيض في بشرتها..فأمرت بإبعادها عنها.. و بحبسها في حديقة الخنازير..و أصابها مرض الحذام,,وعرفت أنه معديا..فخشيت أن تنقله إلى ابنتها..ثم فقدت نظرها..وتراجع سمعها..و لم يبق في ذهنها إلا مشاهد آتية من الماضى..اعتزمت أن تحكيها لابنتها ..بعد أن تعود إلى"دارفور"وتعيش وسط عائلتها.
************
هذا الايجاز الضئيل لمضمون الرواية..ارتأيت فيه الاهتمام بمأسى العبودية.. أينما حلت..عبر تتبع للشخصايات في أماكن تواجدها..بتركيز على شخصية"كامونقة" وحفيدته..مبديا بصورة عابرة ..شخصية "التيجانى"..وأثره في حياة "كامونقة"..وعابرا أهم الأحداث التاريخية التى بدت في المضمون..الحركة المهدية في السودان ونجاحها وإخفاقتاها أثناء المعارك التى خاضتها..خلال غزواتها للسودان (مابين العامين 1883و1889)..وأخصها الخيانة ممن شارك فيها ثائرا..رغم ذكر التواريخ المحددة لواقعات بعينها..الأمر الذى أبدى المضمون بتراوح بين التاريخ وما عداه..والجمع بينهما إلى هذا الحد أبداه لايحدد هويته..لأن تاريخ الرق وتجارته في السودان تاريخ قديم..فالحملات كان يشنها عسكر مصر في سنوات عصر الممالك..من عام 2900 ق.م ..إلى عام 223ق.م..حنى احتل الإسكندر الأكبر مصر..وتطلب نقل حضارة دول البحر الأبيض المتوسط..وجود رقيق في العديد من الأعمال..وكان النوبيون في عهد البطالمة مصدر الرقيق..من ثم يكون تحديد الرقيق في السودان ..آخر القرن التاسع عشر..متجاوزا ما قبله..لأن مراحل الرق طويلة ومتشعبة..كما بدت في الأبحاث والكتب التاريخية..لكنه بدا كمتلازمة خلفية للمرحلة التى عاشها "كامونقة"..كما بدت أهوال الحرب العالمية الأولى..والمعاناة منها..خلفية لمرحلة حفيدته..كل ذلك بدا من خلال سيل اتسم بالبلاغة فى السرد..لكن تداخلت الأحداث مع بعضها..بتقطع يدفع إلى حتمية لملمة مسار شخصياتها..مما يضعف مسار الرواية ككل..بسبب تفتيت مضمونها بصورة ملحوظة..ولعل السابق من الأحداث التى عرضت لها..يبدى أنها رواية جمعت بين الرق واستغلال النساء اللائى يقعن فيه ..من امتهان أجسادهن..لمتعة الأسياد.. حيث تتعرض نساء العبيد..للخضوع لعلاقات يجبرن عليها..وينجم عنها ولادات لأبناء وأحفاد لايتم الجهر عن هوياتهم..وذكر تواريخ محددة قد يجعل الرواية تحمل شبهة تاريخية..رغم كون هذه التواريخ تبدو بلا أهمية لها لعدم دقتها..فتحديد عودة "كامنقه" بسنة 1900 والمفروض أنها عاد من معارك المهدية التى انتهت عام 1988..هذا على سبيل المثال..وثمة شىء آخر.. بدا في ذكر زوجة "قامونقه"بدلا من حفيدتها في أحد المشاهد..لكن تبقى الرواية كمحاولة لم تلتزم فيها الكاتبة..بما ذكرته عن تجربتها في كتابة الرواية..مثلما وضح من أقوالها في البدية..لكن مهما بدت المثالب على الرواية..فيحسب لها أنها ولجت مضامين عصية على التناول بسهولة.





****************



السيد الهبيان
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف